س/ج | ماذا نعرف حتى اللحظة عن خطة ترامب لاحتلال  قطاع غزة؟

في تصريح صادم كان بمثابة إعلان خروج عن السياسة الأمريكية المتبعة طوال العقود الماضية، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الثلاثاء، أن الولايات المتحدة ستسيطر على قطاع غزة وتحوله إلى “ريفييرا الشرق الأوسط” بعد إعادة توطين الفلسطينيين في أماكن أخرى، ما أثار انتقادات دولية وعربية وفلسطينية واسعة، وسط تأكيد على أن ذلك بمثابة تطهير عرقي.

– ما هي خطة ترامب ومن سيعيش في غزة؟

طرح ترامب احتمال سيطرة واشنطن على قطاع غزة في مؤتمر صحافي أمس الثلاثاء في البيت الأبيض مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وقال إنه يتصور بناء منتجع تعيش فيه مختلف الجنسيات في وئام.

وأضاف ترامب “سنحول ذلك إلى مكان عالمي مدهش. أظن أن الإمكانات وقطاع غزة رائعان… وأعتقد أن العالم بأسره.. وممثلين من كل أنحاء العالم سيكونون هناك وسيعيشون هناك. الفلسطينيون أيضا، سيعيش فلسطينيون هناك. سيعيش كثيرون هناك”.

– إلى أين سيُنقل أهالي قطاع غزة؟

صاغ ترامب فكرته باعتبارها ضرورة إنسانية وفرصة للتنمية. وقال “لقد عاشوا في الجحيم… غزة ليست مكانًا يمكن للناس أن يعيشوا فيه.. ليس لديهم بديل”. وعلى الرغم من أنه لم يحدد بشكل واضح أين يوجد هذا المكان الجديد، إلا أنه كان قد طرح طيلة الأيام الأخيرة خمس مرات على الأقل فكرة نقل الفلسطينيين من غزة إلى مصر والأردن. كما اقترح أن تموّل الدول في المنطقة إعادة توطين سكان غزة في أماكن جديدة وصفها بأنها “ربما تكون قطعة أرض جيدة وجديدة وجميلة”.

وبدا ترامب خلال تصريحاته واثقًا من قبول الفلسطينيين فكرته، إذ سئل مرارا عما إذا كان سيجبرهم على الرحيل حتى إن لم يرغبوا في ذلك، ليرد قائلا “لا أعتقد أنهم سيقولون لي لا”.

– من أين جاءت الفكرة؟

خلال فترة ولايته الأولى، قدم ترامب فكرة مماثلة لزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، على أمل أن تشجع جاذبية الفنادق والتطوير على طول سواحل البلاد كيم على تفكيك ترسانته النووية، ويبدو أن ترامب يفكر في حل ما فشلت به السياسيات الأميركية خلال عقود من خلال الاستناد إلى تاريخه الطويل بوصفه رجل أعمال ومطور عقارات.

أما بالنسبة إلى غزة، فلا يوجد ما يشير إلى تاريخ معين للفكرة التي طرحها خلال مؤتمره مع نتنياهو، إلا أن صحيفة وول ستريت جورنال قالت إن الفكرة تشكلت أخيرًا وعرضها الرئيس على مساعديه وحلفائه في الأيام الأخيرة. كما قالت إن رجل الأعمال ومطور العقارات دونالد ترامب سبق وأن أخبر نتنياهو في مكالمة هاتفية في أواخر الصيف بأن قطاع غزة قطعة عقارية جيدة وطلب منه التفكير في أنواع الفنادق التي يمكن بناؤها هناك، وقبل ذلك وصف صهر ترامب ومستشاره السابق جاريد كوشنير قطاع غزة بأنه واجهة بحرية عقارية “قيمة”. كما قال في العشرين من يناير/كانون الثاني للصحافيين بعد أدائه اليمين إن موقع غزة مثير للاهتمام، معتبراً إياها منطقة ذات موقع مميز على البحر، وتتمتع بمناخ رائع.

ويبدو أن الفكرة تعززت بعد جولة مبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، في غزة، إذ وصفها للرئيس بأنها غير صالحة للسكن بفعل الدمار الواسع، وتساءل عما إذا كان من الإنساني السماح للناس بالعيش هناك قبل إعادة بنائها.

– هل يمكن تطبيق الفكرة؟

تبدو الفكرة غير منطقية رغم أن مسؤولين أميركيين قالوا لصحيفة وول ستريت جورنال إنها متماسكة، إذ عبّرت الدول العربية بما في ذلك مصر والأردن الواجهتان المحتملتان لاستقبال الفلسطنيين وفقًا ما صرح ترامب مرارا، عن رفضهما تهجير الفلسطينيين، وأكدتا أكثر من مرة رفضهما لتصريحات ترامب وتأكيدهما على حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة. كما كان لافتًا كذلك تعبير السعودية التي يطمح ترامب لتطبيع العلاقات بينها وبين إسرائيل، عن دعمها “الثابت والذي لا يتزعزع بشأن إقامة دولة فلسطينية”، بعد وقت قصير من كلمة ترامب.

عدا عن موقف الدول العربية، فإنه لا يوجد أي سلطة قانونية تمنح أي أحد الحق في الاستيلاء على قطاع غزة، كما أن خطة ترامب تنطوي بالضرورة على ترحيل قسري للسكان وهو ما يشكل انتهاكا للقانون الدولي، إذ اعتبر المدير التنفيذي لمنظمة العفو الدولية في الولايات المتحدة، بول أوبراين أن “إبعاد جميع الفلسطينيين عن غزة يعادل تدميرهم بصفتهم شعباً”. عدا عن ذلك فإن ما يقدمه ترامب يمثل خروجًا عن إجماع السياسة الخارجية الأميركية في كلا الحزبين، والتي ترى أن الضفة الغربية وقطاع غزة أرض فلسطينية بموجب الأمم المتحدة والقانون الدولي.

– كيف ردت الفصائل الفلسطينية؟

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس “إننا لن نسمح بالمساس بحقوق شعبنا التي ناضلنا من أجلها عقوداً طويلة وقدمنا التضحيات الجسام لإنجازها”، في حين قالت حركة حماس أن تصريحات ترامب “عدائية لشعبنا ولقضيتنا ولن تخدم الاستقرار في المنطقة وستصب الزيت على النار”. أما الجهاد الإسلامي فأكدت أن الشعب الفلسطيني يمتلك دوما خيار المقاومة.

وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، حسين الشيخ، إن “القيادة الفلسطينية تؤكد رفضها لكل دعوات التهجير للشعب الفلسطيني من أرض وطنه، هنا ولدنا وهنا عشنا وهنا سنبقى، ونثمن الموقف العربي الملتزم بهذه الثوابت”. وأضاف الشيخ أن “القيادة الفلسطينية تؤكد على موقفها الثابت بأن حل الدولتين وفق الشرعية الدولية والقانون الدولي هو الضمان للأمن والاستقرار والسلام”.

قد يعجبك ايضا