سيناريو اليوم التالي في سوريا
تقرير ـ جميل الحاج
سوريا تسقط في أيدي جماعات المعارضة المسلحة خلال أيام معدودة دون مواجهة مع الجيش السوري في مختلف المدن والمحافظات السورية ودون إطلاق طلقة واحدة، الجميع يستغرب ويدرك، أن هناك أمرا دبر على مستوى دولي، فأفضى الى ذلك.. هل تقدم دول الإقليمية والغربية خدمات مجانية ؟ أو يخدم احد غير نفسه و”إسرائيل” بمشروعها المعلن مؤخرا ” إسرائيل الكبرى”.
إذا ما انطلقنا في هذا التحليل من هذه الزاوية.. يمكن ان نصل إلى توقع السيناريو الأكثر احتمال لسوريا في يومها الثاني أي على المدى القريب وليس البعيد.
ما قبل الهجوم وما بعدة
ومن خلال الرصد للوضع السوري قبل الهجوم وبعد سنجد أن الحكومة السورية قد تم إبلاغها قبل أشهر بأن المعارضة المسلحة تجهز لشن هجوم على حلب، وهو ما صرح به المرشد الأعلى الأمام الخامنئي بأن الأجهزة الاستخبارات الإيرانية أبلغت مسؤولي سوريا مما يحاك من مخططات الأمريكي والإسرائيلي مع دول مجاورة لسوريا بالتنسيق مع الجماعات المسلحة.
وفي اليوم الثاني من اتفاق وقف إطلاق النار بين العدو الإسرائيلي وحزب الله في لبنان، بدأ الهجوم، وما هي إلإ أحد عشر يوما حتى سقطت حلب وحماه وحمص ودمشق وكل سوريا تقريبا بيد المعارضة، بدون مواجهة تذكر من الجيش السوري الذي كان ينسحب قبل وصول المعارضة السورية لتسيطر عليها.
اغتيالات وهجمات برية وجوية إسرائيلية
وبعد وصول المعارضة السورية الى دمشق وبالتزامن مع الاحتفالات بسقوط النظام، يجتاح جيش العدو الإسرائيلي مساحات شاسعة من سوريا ويصل الى مشارف العاصمة دمشق وينفذ مئات الغارات الجوية، مستهدفا القدرات الاستراتيجية العسكرية، للقوات المسلحة السورية، ويقول انه قضى على حوالي 90% منها.
وما هي الا أيام بعد دخول المعارضة دمشق حتي تم اغتيال عدد من علماء سوريين دوليين بارزين واكاديميين ومختصين في الذرة وشؤون علمية تقنية متطورة .
وفي العموم، يفهم انه تم القضاء على القدرات العسكرية الأساسية من مصانع أسلحة وطائرات وصواريخ بالستية ومعامل تصنيع الأسلحة الكيمائية بالإضافة إلى الاسطول البحري السوري، بهدف نزع انياب سوريا، وتم وضع العاصمة تحت الاشراف الإسرائيلي المباشر للتدخل والسيطرة عند الحاجة، وتم ضرب الادمغة التي قد تشكل خطرا علميا وعمليا على الإسرائيلي.
سيناريو اليوم التالي في سوريا
وقد تم تقديم ما سبق، كتمهيد للسيناريو الاكثر ترجيحا ووضوحا وهو، انه قد تم اتخاذ قرار دولي بانها الجماعات المسلحة الموصوفة “ارهابية” في سوريا.. وذلك على غرار ما حصل مع القاعدة بعد انتهاء مهمتها في افغانستان، ومع داعش بعد انتهاء مهمتها في سوريا والعراق.. وكلا الجماعتين، عمل المخططون الدوليون على اخراجهما من مكان تجمعهما، ونشرهما في حيز جغرافي واسع جدا، فتت من خلاله جمعهما، وسهل عملية القضاء عليهما..
الجدير بالذكر انه كان السؤال دوما عن مصير الجماعات المسلحة الاجنبية في سوريا، وكان الجواب دوما، انه لا يوجد حل له، فلا دولهم تقبل بعودتهم باعتبارهم “ارهابيين” يشكلون خطرا على امن دولهم، ولا الدول التي هم فيها، تقبل ببقائهم للسب ذاته، ولا حتى دول اخرى يمكن ان تستقبلهم.. فلذلك “المحرقة” هي افضل إخراج لمصيرهم.
بحسب المصادر فان المعارضة المسلحة السورية، تضم عشرات الفصائل، تختلف مشاربها ومآكلها الفكرية والعقدية والسياسية، من الاسلامية المتنوعة الى العلمانية. لم يوحدها الا هدف اسقاط النظام. لكن بعد اسقاط النظام، ما هو هدفها؟ بالتأكيد ليست موحدة على هدف، وهذا ما سيشعل الاقتتال بينها.
ما صدر عن هذه الجماعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، عبر عن التناقض، فبعضها داس علم “الثورة” وبعض اخر تهجم على الجولاني، وطالبه بأطلاق سراح سجناء القاعدة، وبعض ثالث توعد بتحرير الكعبة والمدينة وغيرها..
مخططات وتعارض في الأهداف
ثم جاء الاعلان من الادارة الانتقالية للجماعات المسلحة في سوريا، بانه سيكون هناك جمع للسلاح من كل الفصائل، للانضواء تحت راية وزارة الدفاع والقوات المسلحة.. من اتخذ القرار هي هيئة تحرير الشام، حيث بدأ الحديث بين الجماعات عن تفردها بالقرار دون التشاور مع الجماعات الاخرى، فالجولاني عين رئيس حكومة انتقالي ووضع علم الهيئة في جلسة حكومية، وبدأ يتفرد بالقرار الاستراتيجية للبلاد.
لم تعلن الجماعات المسلحة المنضوية في المعارضة عن موقفها من قرار تسليم السلاح بعد، ولكن خبراء يوكدون ان بعضها لن يقبل، وهذا ما قد يؤدي الى حدوث اشتباكات ومعارك، قد تتحول الى حرب اهلية، يتقاتل فيها الموحَدون اليوم على اسقاط النظام. وهذا يعني ان التدمير والتآكل، سيضعف هذه الجماعات، وتظهر امام المجتمع الدولي وامام مشغليها اللوجستيين، انها غير قادرة على الامساك بالحكم والسيطرة على الامن في البلد.
حينها سيتولى المخَططُ الدولي تقديم فريقه للحكم، فريق يتأنق ربطات الاعناق والبدلات الحديثة ويدخن السيجار، باعتباره “المنقذ الديمقراطي” المدعم من الغرب المحافظ على الحقوق والحريات. في ذلك الوقت، لن تجد الجماعات المسلحة حاضنة اجتماعية كما حصل عند دخولها الى دمشق بالامس، بل ستكون الحاضنة تحولت الى الفريق الغربي الذي سيوفر لهاما عجزت عنه هي. وستقدم المعونات للفريق ليثبت قدرته على تحقيق “المعجزات” بمعاونة الغرب وحلفائه.. والنماذج موجودة في دول عربية اخرى، ضربها “ربيع التغيير”
الفريق الحاكم المحسوب على الغرب، ستكون مهمته، تأمين مصالح الغرب و”اسرائيل” اولا ، ولا يعني ان الحكام الجدد الان لا يؤمنون)، بل تامين عن تأمين يفرق، خصوصا وان حكام اليوم “الاسلاميين”، سيكونون محرجين في توقيع اتفاقيات تطبيع مع الاسرائيلي.
اشارة اخرى.. ان الكل يعلم ان الدعم العربي لحكام ” الاسلام السياسي” الجدد في سوريا، غير مريح بالمطلق، لبعض الدول العربية التي يوجد فيه اسلام سياسي ويشكل مخاطر على انظمتها، مثل الجارة الاردن والجارة الابعد قليلا مصر والامارات وغيرها.. ووجود هؤلاء الحكام في السلطة لا يتماشى مع مصالح هذه الدول، فلذلك، هذه الدول لن توفر الدعم المطلوب، لا ماديا ولا معنويا لهم، خشية ان يستقووا عليها، ويشكلوا خطرا على انظمتها كون فيها من الاسلام السياسي ما فيها. ولهم في مصر وتونس عبرة.