“سيف القدس” يشطر عنجهية وجبروت الجيش الاسرائيلي
سعد حمية
دخل العدوان الصهيوني على قطاع غزة أسبوعه الثاني من دون أن تتوقف صواريخ المقاومة الفلسطينية عن دك المستوطنات على كامل خريطة فلسطين المحتلة فيما يبدو الجيش الإسرائيلي بجبروته وعنجيته عاجزًا ومربكًا لا يلوي إلا على سحق وتهشيم عظام الأطفال والنساء وكبار السن في منازلهم!
عشرة أيام من الغارات الوحشية بالطائرات الأميركية الصنع المحشوة بمختلف أنواع صواريخ الفتك والدمار فوق الأرض وتحتها، لم تمنع المقاومة من مراكمة الإنجازات ورسم معادلات جديدة ربما تحدث انقلابًا في موازين القوى على صعيد المنطقة ويقود إلى تغييرات استراتيجية ليست في مصلحة “اسرائيل” والولايات المتحدة الأميركية وأذنابها من دول التطبيع والانبطاح العربية والخليجية.
وبما أن المعركة ما زلت مستمرة، فإنه من المبكر الجزم بنتائجها، إلا أن الواضح من مجريات الأيام السابقة، أن المقاومة بكافة فصائلها تسير بخطى ثابتة وراسخة نحو تحقيق إنجازات سياسية وميدانية يحاول جيش الاحتلال أن يُدفّع الفلسطينيين المدنيين ثمنًا باهظًا من الأرواح والممتلكات والأرزاق، ويمكن ايجاز الانجازات بالآتي:
ـ بدء معركة “سيف القدس” وفق توقيت المقاومة خلافًا لكل الحروب السابقة التي كان الاحتلال الإسرائيلي مبادراً فيها وفقاً لحسباته ومصالحه، لا بل إن المقاومة أثبتت قدرة على التحكم بتحركات المستوطين سواء عند تحديدها هدنًا مؤقتة أو انتظار المستوطنين تصريحات الناطقين باسمها للنزول إلى غرفهم المحصنة قبل دوي صافرات الإنذار التي تعلن وصول الصواريخ إلى أحيائهم وشوارعهم.
ـ صواريخ المقاومة باتت ذراعا طويلة لحماية مصلي المسجد الأقصى من تنكيل الجنود الاسرائيليين ودرعاً لحماية سكان حي الشيخ جراح من التهجير ومظلة لحماية سكان غزة عبر معادلة قصف المدن الكبرى مقابل قصف الأحياء الغزاوية.
ـ توحيد جهود الشعب الفلسطيني وتكامل فعاليات ثورته ضد الاحتلال، بدءاً من الإصرار على إقامة الصلاة في المسجد الأقصى وثبات سكان حي الجراح في بيوتهم ومواجهة جنود الاحتلال بالحجارة في الأراضي المحتلة عام 48 مروراً بالمواجهة بالحجارة واستخدام السلاح والاشتباك مع جنود الاحتلال في أراضي الضفة الغربية ووصولاً إلى استخدام البنادق والصواريخ والقذائف المختلفة على تخوم قطاع غزة بمواجهة مواقع وثكنات الجيش الاسرائيلي.
ـ توجيه البوصلة باتجاه القضية الأساس وهي تحرير فلسطين وحماية المقدسات الاسلامية والمسيحية فيها، وإعادة تفعيل الجهود الذاتية فلسطينياً لتعزيز مختلف أشكال المقاومة كل حسب مكانه وامكانياته وقدراته.
ـ تحريك الشعوب العربية والتفاعل مع الاحداث في فلسطين المحتلة واندفاعها باتجاه الحدود في لبنان والاردن لكسر الحدود المصطنعة، وإعادة تأجيج شعلة القضية الفلسطينية في وجدان شعوب الأمة العربية والاسلامية التي باتت تعتقد أن القدس اقرب مما كان يصور الزعماء وملوك وأمراء التطبيع الذين خاب سعيهم وقوضت سواعد مجاهدي كتائب القسام وسرايا القدس جهودهم ولطخت دماء وأشلاء الاطفال والنساء وجوههم.
وإلى ما تقدم يمكن أن نضيف انجازات ميدانية سجلتها أيام العدوان أبرزها:
ـ استهانة العدو بقدرات المقاومة وعدم توقع القيادة السياسية والعسكرية هذا الحجم من الرد ومباغتته وكسر خطوط الحمراء باستهداف تل أبيب ومنطقة القدس وهرتسليا وبئر سبع وعسقلان وأشدود بعدد غير مسبوق من صليات الصواريخ.
ـ اعتماد تكتيك غزارة النيران لتجاوز القبة الحديدة التي نخرتها صواريخ “القسام” و”سرايا القدس” وغيرهما من الفصائل، والإقرار مواربة بفشلها إما عبر الحديث عن خلل فني او محدودية قدرتها على التصدي لأعداد كبيرة من الصواريخ فضلاً عن كلفة تشغيلها الباهظة اقتصاديا.
ـ استمرار المقاومة الفلسطينية بامطار المدن الرئيسية والمستوطنات على امتداد الخارطة الفلسطينية شمالاً وجنوباً وشرقاً بالرغم من كثافة الغارات وزعم قيادة الجيش الاسرائيلي تدمير منصات إطلاق الصواريخ فوق الارض او تحتها.
ـ الاعلان بشكل تدريجي عن صواريخ جديدة متطورة (عياش، القاسم) وبمديات قصيرة ومتوسطة مسلحة برؤوس حربية مدمرة، وإدخال الطائرات المسيرة في المواجهة وكذلك الغواصات المسيرة التي استهدفت حقول الغاز قبالة شواطىء غزة والبوارج الحربية التي تستهدف القطاع بقذائفها، وقد تشهد الايام المقبلة مزيداً من المفاجآت التي ستزيد من ارباك وغضب جيش الاحتلال في آن واحد.
ـ تكريس مشهد جديد لم يألفه الاسرائيلي ولا العرب وهو مشاهد الابنية والشوارع المدمرة بصواريخ المقاومة ودوي صافرات الانذار المترافق مع عويل وصراخ المستوطنين والجنود على حد سواء، وهذا المشهد ستكون له تداعياته المريعة على الاسرائليين لأن الامان بالنسبة لهم بات نعمة مفقودة.
كما يمكن القول إن المقاومة قد كبلت جيش الاحتلال منذ اليوم الاول للمواجهة برياً، وتمكنت من تقييد حركة جنوده على تخوم القطاع بقرار رسمي بعد تدمير بضع آليات بصواريخ “الكورنيت”، وتسمرت دباباته وجنوده بعيداً عن القطاع تنتظر أوامر الانخراط بمعركة برية لا ترغب المؤسسة العسكرية بالتورط فيها لأن كلفتها ستكون باهظة استناداً إلى تجارب الحروب السابقة على القطاع.
وهنا لا يمكن أن ننسى ان الجيش الإسرائيلي لم يأخذ العبر من حروبه السابقة في غزة أو في لبنان، فأساليبه وتكتيكاته القتالية على حالها ولا جديد فيها الا التقني، بينما روحية جنوده القتالية فهشمتها الهزائم المتلاحقة امام سواعد المجاهدين الأبطال في فلسطين المحتلة وفي لبنان.