سيرة الشهيد المجاهد العالم / عبدالله علي مصلح في فيلم وثائقي من (جزأين) يبث هذه الأيام
يبث هذه الاًيام على قناة المسيرة والقنوات الرسمية والوطنية فيلم وثائقي باسم (سيد العلم والجهاد) من (جزأين) يحكي سيرة الشهيد المجاهد العالم / عبدالله علي مصلح من أنتاج مؤسسة الشهيد زيد علي مصلح.
رابط الصفحة في فيس بوك/ مؤسسة الشهيد زيد علي مصلح
رابط الصفحة المؤسسة في التيليجرام
بعض من سيرة الشهيد المجاهد
منذ أن عرفنا السيد عبد الله علي مصلح وهو رفيق للعلم وقرين له، صلته به كصلة الصفة من الموصوف، ولا يكاد ينعقد مجلس للعلم في منطقة مران إلا وله فيه إشارة أو مساهمة، منذ أن ابتدر التدريس السيد بدر الدين الحوثي “رحمة الله عليه” في جامعه الكائن بقرية “الخرب” فقد كان السيد عبد الله علي مصلح من الملازمين للسيد بدر الدين في حلقات العلم التي كانت تعقد بمسجده وفي بيته، ومن أبرز طلابه والتي كانت تختلف عن غيرها من الحلقات العلمية التي تنعقد هنا أوهناك؛ حيث كانت الدروس فيها تعتمد التطبيق العملي كجزء أساسي فيها، فالخطابة وفتح حلقات علمية أخرى في البلاد تأتي ضمن المنهجية التي كان يتم العمل وفقها، باعتبار أن العلم والتعليم أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وإخراج العباد من أتون الجهل المطبق على حياة العامة.
في ذلك الوقت تسنى للسيد عبد الله علي مصلح الدراسة على يدي السيد العلامة بدر الدين الحوثي برفقة كوكبة من الطلاب المتميزين الذين استضاءوا بأنواره، ونهلوا من علومه وتأثروا بأخلاقه وسلوكياته، وطبقوا منهجه وطريقته، ولم تكن الظروف في ذلك الوقت مهيأة للدراسة والتحصيل العلمي فقط، فقد كان لزاماً على أولئك الطلبة الاحتذاء حذو معلمهم وقائدهم، وانتهاج نهجه في التعليم والتبليغ والإصلاح بين الناس قياماً بمبدأ البيان والتبيين، وإقامة الحجة على الأمة وهي النظرية التي ألزمت السيد المجاهد عبد الله علي مصلح بالانتقال إلى منطقة ” ولد عمرو ” للإقامة فيها نزولاً عند رغبة أهل المنطقة، واستجابة لداعي الله في ذلك الوقت الذي يقضي بأن تفتح الحلقات العلمية لتصل إلى جميع الراغبين في العلم والمعرفة، وهي الفكرة التي جعلت السيد يبادر إلى الانتقال إلى هناك، حيث كان دوره مهماً في كل ما تلا ذلك من أحداث حتى الحرب الأولى التي أثبتت أن السيد لم تذهب جهوده سدى، ولم تذهب أدراج الريح .
كان بارزاً ونجماً متألقاً في سماء العملية التربوية والتعليمية كانت الأعمال التي قام بها طوال حياته قائمة على المبادرة إلى عمل الخير والسبق فيه، بل إن أدواره الجهادية كانت بارزة طوال فترات عمره، فقد كان نجمه متألقاً دائما وعلى رأس معظم الأعمال في عموم المنطقة، مقدماً أفضل النماذج التربوية والعلمية في كل المدارس والحلقات العلمية التي كان جزءً أساسيا فيها، سواءً على مستوى الدورات الصيفية التي أقامها منتدى الشباب المؤمن آنذاك، أو في تلك الجوانب المختلفة والأعمال المتنوعة التي كان يقوم بها إلى جانب التدريس من إصلاح بين الناس، وقضاء حاجاتهم وخدمتهم، فقد عمل طوال فترة الصراع التي فرضتها جهات بأجندة خارجية على المحافظة واليمن، والتي تقضي بتعميم الفكر الوهابي السلفي القائم على التكفير، واستعداء الآخر، واتهامه بالشركيات وغيرها من التهم التي يكيلونها على غيرهم من بقية الطوائف اﻹسلامية في تلك المرحلة، والتي تعتبر من أسوأ مراحل الصراع الفكرية وأقساها نتيجة للمضايقات التي كان يقوم بها النظام السابق وحلفاؤه الوهابيون ضد أتباع مذهب آل البيت ” عليهم السلام “، ومحاصرتهم فكرياً ومادياً، وشل حركتهم بالإقصاء والتهميش، خدمة للمذهب السلفي الذي يلقى دعما لا محدود من دول إقليمية وأجنبية لفرضه بالقوة على الشعوب العربية والإسلامية.
دوره في الحد من انتشار الأفكار التكفيرية والوهابية المنحرفة:
حمل الراية السيد العلامة المجاهد بدر الدين الحوثي، وحينما قام بحملها لم يكن معه إلا مجموعة لا يتعدى عددهم أصابع اليد ومن بينهم الشهيد عبد الله علي مصلح، ومع ذلك استطاعوا أن يحدّوا من انتشار الأفكار الوهابية التكفيرية الدخيلة، وأن يوقفوها عند حد معين من خلال التبليغ والتبيين، الذي انبروا له عبر وسائلهم البسيطة التي لا تتعدى المنابر والمجالس في معظم مناطق المحافظة التي كانت مستهدفة من قبل دوائر الاستخبارات اﻷجنبية بشكل خاص، مستخدمين في ذلك كل أدوات الترهيب والترغيب، وصولاً إلى استخدامهم الوظيفة العامة، والمال العام والمدنس المتدفق في أكثر من شكل، وتحت أكثر من مسمى إلى بؤر التفريخ، وحواضن المذهب السلفي في دماج وغيرها.
كانت المعركة الفكرية القائمة على الجدل والمنطق تميل إلى كفة السيد المجاهد بدر الدين الحوثي سلام عليه مع أنه وحيد في الساحة؛ وذلك لقدرته على الإقناع بالحجة والمنطق المستمد من القرآن الكريم، وعدم امتلاك المناوئين الجدد القادمين من مدارس الوهابية في السعودية وأفغانستان وباكستان وغيرها أي حقائق، والتي كانت تعزز مواقف دعاتها بالمال لشراء الذمم والولاءات، ورفدهم بكل ما يحتاجونه من الكتب والمطبوعات، وكل أدوات النشر، وكذلك التغطية الإعلامية المدعومة بالتوجه الرسمي الذي مال كل الميل إلى إحلال تلك النماذج الفكرية، و الشخصيات الانتهازية المتلبسة بالدين داخل المحافظة التي تحسب كلها على أتباع أهل البيت عليهم السلام، وكان ذلك الميل من جانب السلطة لأهداف غير معلنة لكن الأحداث الأخيرة في المحافظة فضحتها وكشفت عنها.
لقد أبلى السيد الشهيد بلاءً حسناً في محاربة الجهل والأمية بما فيها السياسية والدينية، وساهم بشكل كبير وغير محدود في تعزيز روح الثقة في مدرسة أهل البيت “ع ” وقوة حجتهم، وإبراز معالم المذهب الزيدي المستهدف من قبل أعداء الأمة؛ فكان له دورٌ لا يجارى في تعليم أبناء المحافظة، وفي توحيدهم ولمّ شملهم، والنهوض بهم من المستنقع الذي يعيشون فيه، وجعل أبناء منطقته سباقين الى كل خير، عاملين لله، مجاهدين في سبيله، واقفين مع المظلومين وناصرين له، ومقاومين لكل الثقافات الآتية من الشرق والغرب، فلا يكاد ينعقد اجتماع، ولا يلتئم الناس في عمل إلا وهو في طليعة الحضور وعلى رأسهم، مدرساً و واعظاً ومرشداَ ومبيناً ومصلحاً اجتماعياً.
دوره في الإصلاح بين الناس وحل الخلافات القبلية:
سلوكياته كانت تنم عن ذوق رفيع، وهمة عالية، ونشاط وحيوية متوقدة و متجددة، وهمٌّ كبير يحمله في سبيل إصلاح شؤون الناس، وإزالة كل الخلافات وأسباب العداوة والبغضاء، فلم يسجل عليه ملاحظة ولا حماقة في قول، ولا سقطة في عمل، وكانت حركته وفق منهجية العباد الصالحين الشاكرين الأوابين، لم يذكر يوماً أنه عالج قضيةً بخطأ، ولا استباح حلالاُ، ولا مد يده إلى شبهة، حتى أننا نذكر أنه لم يكن يأكل في مدرسة الإمام الهادي مع طلابه الذين كان يتبرع الأهالي بتغذيتهم داخل المدرسة خوفاً من أنه لم يقم بالعمل، والجهد المطلوب الذي يستحق به أن يأكل من ذلك الطعام، رغم تفانيه المعروف في أداء ما يحدد عليه من حصص وأنشطة تربوية يشرف عليها، أو ما يعده من أعمال ثقافية كانت حصرياً عليه، ولا أحد يستطيع القيام بها من بقية العاملين في المدرسة.
لم يعرف عنه يوماً أنه حاول أن يتقمص أدواراً، أو قام بأي دور خارج ما يحدد له من قبل الإدارة في ذلك الوقت، رغم أن الجميع يعلم وفي قرارة أنفسهم أنه يملك القدرة والكفاءة اللازمة، ويتميز عن غيره في أكثر من مجال.
دماثة أخلاقه كانت تبهر الجميع، ولا يرى إلا مبتسماُ وبشوشاً، يجلس مع الصغير والكبير، وإن استوقفه أحد في الطريق فإنه يقف معه حتى يكون السائل هو المنصرف الأول، وكانت له طريقة خاصة في الاستماع إلى من يستفتيه، أو يطرح عليه قضية شرعية، فهو لا يستعجل في طرح رأيه قبل أن يستوفي الأدلة كلها من الطرفين، وكثيراً ما كان يشرح من واقع القواعد الأصولية مسوغات الحكم قبل النطق به في استدراج للمتخاصمين للنطق بالحكم قبله من واقع ما أطلعهم عليه من حلول المسائل فيكون الخصمان راضيين بأي حكم يفصل به بينهما باعتبار أنه حكم الله في تلك القضية، ورغم كثرة مشاغله في أكثر من مكان ومجال يتواجد فيه إلا أنه لا يتناسى مواعيده وبالذات تلك المتعلقة بالقضايا العامة التي يكون فيها هو القاضي.
في محاضراته التي كان يلقيها كثيراً ما يحث الناس على التزود من الدنيا بالأعمال الصالحة وكثيراً ما يحث الناس على لزوم حالة الخشية من الله والخوف منه والمبادرة إلى أعمال الخير والبر و الإحسان ، من المواقف التي رأيته فيها أثناء فترات الدراسة في المراكز الصيفية أنه كان شديداً في اتخاذ مواقف العدل بين الطلاب أو بين العاملين فهو لا يتكاسل في إعطاء مبدأ العدل الأولوية والحرص على محاربة الخلافات والنفسيات التي عادةً ما تنشأ على هامش أي عمل جماعي حتى أن الجميع كان يعود إليه كالعلاج النادر يوضع على الجروح فتبرأ ، لم يحتقر أحداً ولم يحكى عنه أنه تجاهل أحداً لا عالماً ولا متعلماً ولا صغيراً ولا كبيراً فالجميع عنده يحظون بالاحترام والتقدير، وقد كان السيد المولى بدر الدين الحوثي رحمه الله يحيل كثيراً من القضايا إلى السيد عبدالله علي مصلح نتيجة معرفته بشخصيته وتدينه وورعه وتقواه.
أدواره في بداية الوحدة واثناء انشاء حزب الحق:
كان له دور بارز في تجميع الناس وتفهيمهم أهمية الانخراط في كيان يحفظ الأمة ويعزز من تواجدها الفكري والثقافي فقد عمل أياماً وليالي في الإعداد لذلك الحزب وتحمل الكثير من الأعباء المالية والتعب والسهر حتى استقر الحزب وظهر بالشكل الذي كان عليه وله لمساته في كل ذلك ومع ذلك لم يتمنن على أحد ولم يشكو على أحد ما كان يعانيه جراء ذلك العمل برفقة الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي ، كان محباً للسيد الشهيد القائد وملتزما بتوجيهاته ولا يخالفه أبدآ حتى لقي ربه شهيداً مظلوماً بعد أن قام بأدوار إنسانية وأخلاقية وثقافية تشهد له البلاد طولاً وعرضاً بأنه كان من أولياء الله الصادقين المبادرين إلى أعمال البر والإحسان والمسارعين إلى الخيرات ، لم يحب يوماً الظهور ولم يسعَ له رغم أنه أشهر من نار على علم على الرغم من أنه كان يعتبر حجر الزاوية في أغلب الأعمال وخصوصاً مع بدء الإرهاصات الأولى لحرب صعدة الأولى.
مواقفه كانت الحاسمة كانت ترجح كفة الميزان، ولم يكن من النوعية التي تحتاج إلى من يشرح لها أن تقف أي موقف فهو معروف عنه الشجاعة في قول الحق والجرأة على الصدع بالحق و المجاهرة به فأحياناً لا يعجبه عمل معين فيبادر بنفسه وينزل إلى حومة الميدان للتغيير بيده وإقامة ما يراه صواباً غير آبه بالنتائج ممن كانوا يتربصون به من أتباع النظام وجلاوزته، عليك يا سيدنا أيها الشهيد البطل منا سلام الله يوم استشهدت ويوم لقيت ربك حياً سيدي و على الأرواح التي سقطت معك وإلى جانبك في سبيل الله ممن حملوا معك راية الحق والتغيير ودفعوا أرواحهم ثمناً لكي يعبدوا الله بحرية مطلقة لا تلهيهم الآمال ولا تقيدهم وتشغلهم الشواغل، عاش خلف الكواليس وبعيداً عن الأضواء في حياته ولقي ربه كما أراد وكما اختار له الباري فنعم الاختيار ونعم البائع ونعم المشتري وها هي يا سيدي تلك الطواغيت التي قهرتك يوماً واستباحت دمك ودماء أصحابك الطاهرة تتساقط بين يدي الحق أمام تلك الطريقة والمنهجية التي اخترتها وارتضيت أن تسير فيها عبداً زاهداً وشكورا.