سياسة آل سعود الخارجية : خذوا أموالنا.. واعطونا التطبيل والصمت.. والمرتزقة
تحت مسمى “المساعدات المالية” و”الهدايا”؛ يخطّ نظام آل سعود سياسته المفضَّلة.
يشتري السعوديون مواقفَ الدول، والساسة، من العرب والغربيين.
يُعوِّل آل سعود على بريقِ الأموال الباهظةِ التي توفّرها البترودولارات، ولديهم إيمانٌ مجرَّب بأنّ الكثير من الأصفار التي تتقدَّم الأرقام؛ يمكن أن يُتيح للنظام السعوديّ فرْض إرادته، وعلى دولٍ تُصنَّف في خانة الدول العظمى.
الحكمةُ التي يريد السعوديون إذاعتها للعالمِ هو أن الدّولَ – صغيرةً أم كبيرة – من الممكنِ أن تدور في فلك “الوهابيّة الغنيّة”، ما دامت المصالح والصفقات تنبضُ بالحياة.
وفق تقديرات خبراء صندوق النقد الدولي، فإنّ مئات المليارات السعوديّة تمّ صرفها – منذ العام 2011 الذي شهد الثورات العربية – لشراء سياسات ومواقف مؤيّدة، من الشرقِ والغرب.
وثائق ويكيلس تتحدّث عن إنفاق السفارات السعودية في الخارج أموالٍ غير قليلة على وسائل الإعلام، والكتّاب، من أجل الدخول في حفلات التطبيل والتهليل للسياسات السعودية، والتي تقول الاسبتخارات الألمانيّة، في تقرير صدر أمس الخميس 2 ديسمبر، بأنّها (أي السياسات السعودية) تُهدّد بانهيار الاستقرار في المنطقة، وخاصة على “كفّ” التعطّش للسلطة التي يخترقُ “الجنرال السعودي الصّامت”، محمد بن سلمان.
صرْف الأموال السعوديّة ازداد، بلا تحفّظ، مع اتّساع “الاندفاعة” السعوديّة نحو الخارج، وإثارة الحروب والتوترات، في البحرين، اليمن، سوريا، وغيرها.
الأموال السعودية تطلبُ مناصِرين، ومرتزقة، وتطلب صمتاً وتغطية.
قبل نحو أسبوع، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية إعلانا قدّرت فيه قيمة الهدايا التي حصل عليها الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بأكثر من مليون ونصف المليون دولار أميركي. وقد تبين أن العائلة السعودية كانت الأكثر “سخاءاً” في هداياها التي قُدرت بمليون وثلائمائة ألف دولار أميركي. الملك السعودي السابق عبد الله، وحده، أنفقَ أكثر من مليون دولار على الحلي والمجوهرات التي تزّينت بها السيدة ميشيل، زوجة أوباما.
قبل أيّام، قبِل وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، ساعةً أهداها إياها الملياردير السعودي الشيخ مرعي مبارك محفوظ بن محفوظ خلال احتفال خاص. وقد عبّر الوزير البريطاني عن فخره بقبول الهدية السعوديّة، متجاوزا القانون الذي يمنع السياسيين من قبول هدايا تفوق قيمتها مائة وأربعين يورو، كرمى للأصدقاء السعوديين!
يجري ذلك في وقتٍ يُقْبِلُ الاقتصاد السعودي على واحدة من أصعب فتراته، بإجماع التقارير الصادرة عن كبرى المؤسسات الاقتصادية الدولية، حيث يُتوقع أن تُسجّل السعودية عجزاً قياسياً في الموازنة، قد يصل إلى 150 مليارا هذا العام.
هي إذن سياسة ممنهجة في هدر الأموال لشراء الذمم والدعم في الخارج، ولضمان صمت الحلفاء على ما يجري في الداخل من انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان.
سياسةٌ تأخذ رونقها المغري، ولكن المتوحِّش، حيث يلتقي البترودولار السياسيّ، مع الوهابيّة المفعة بالكراهية والإرهاب.
فهل تنجح “الوهابيّة الملطّخة بالنفط” في تحسين صورتها، وكسْب النجاح في حملات الدعاية، وخاصة في أوروبا وأميركا؟
المقال الذي كتبه الصحافي الأميركي المخضرم، توماس فريدمان، الأسبوع الماضي، ينبيء بأنّ سحْر “الوهابية الثرية” لا حدود له.
الأمرُ، في أمريكا، لا يقتصر على فريدمان، فموقع “ذا انترسبت”، يتحدث عن تخصيص موارد مالية كبيرة في سياق حملة العلاقات العامة التي تستهدف المؤسسات السياسية في واشنطن.
الحملة تشمل إطلاق بوابة وسائل إعلامية موالية للسعودية، تُدار من قبل استشاريين رفيعي المستوى من الحزب الجمهوري الأميركي، مع موقع خاص على شبكة الإنترنت باللغة الإنجليزية لتظهير “صورة إيجابية” للعداون السعودي على اليمن
سفارة الرياض في واشنطن تحفل بعلاقات مع جهات مختلفة تمتلك نفوذا لدى الإدارة الأميركية، وقد أمنت المنظمات (غير الربحية!) المدعومة من السعودية تغطيات صحافية مليئة ب”التطبيل” للسعودية.
وتقود شركة كورفيس الاستشارية، على سبيل المثال، جهود السفارة السعودية في صياغة التغطية الإعلامية، وهو عمل دعائيّ بدأ منذ هجمات الحادي عشر من سبتمر، وحتى العدوان على اليمن الذي بدأ في مارس الماضي.