سوريا:السيطرة على سراقب.. فجر ادلب اقترب
في سورية نصر جديد بوجه الارهاب، تقدم وسيطرة للجيش السوري على مدينة سراقب، في معركة حاسمة ومتسارعة، لن يوقفها الا انهاء الارهاب، المدينة التي كانت في مرمى الزحف المستمر للجيش على مدار الساعات السابقة، لم يقو الارهابيون فيها على التقاط انفاسهم امام ضربات الجيش والحلفاء؛ المطاردة كانت من قرية الى قرية، وجبهة النصرة وحلفائها الهاربين، تكبدوا خسائر فادحة.
نعم دخلت وحدات الجيش السوري إلى أحياء مدينة سراقب في ريف إدلب بشكل كامل وبدأت وحدات الهندسة عمليات التمشيط على خلو المدينة من الانغماسيين والعبوات الناسفة، بعد ان حوصرت بين المطرقة الغليظة لقوات الجيش السوري والسندان المترهل للمجموعات الارهابية، حيث كان الحسم لمصلحة الدولة، التي تتابع عملياتها بنجاح، في تقدم مستمر بنفس الوتيرة بالرغم من النقاط التركية المستجدة في تلك المنطقة، والتي تجاوزتها وحدات الجيش كما في السابق، ومنعت الهدف منها والذي كان عرقلة تقدم الجيش في ادلب.
المعركة التي اكمل فيها الجيش السوري الحصار على المدينة بدأت بمباغتة المجموعات الارهابية في تل طوقان، والتي تضم نقطة مراقبة تركية، فباتت مطوقة من جميع الجهات، ما سمح لوحدات الجيش التقدم والتمهيد النهاري على قرى كفر عميم والواسطة والطويل الشيخ والسيطرة على تلتي الواسطة والسلطان باتجاه بلدتي زمار وجزريايا والذهبية، والتي فتحت الباب واسعا للتقدم باتجاهات عدة منها قرى ابو خشة ورأس العين، ثم الوصول الى اسلامين ما يعني حصار المدينة من الجهة الشرقية، واغلاق كل الطرق امام المسلحين من الجهة الغربية عبر السيطرة على النيرب، اما من الجهة الجنوبية كان التقدم من معردبسة على الطريق الدولي، اما الالتفاف المباغت والهام كان باتجاه بلدة افس شمال مدينة سراقب، وبعد السيطرة عليها اطبق الحصار بشكل كامل على المدينة، لتبلغ عدد القرى والبلدات التي حررت في الطريق الى سراقب حوالي 22 قرية وبلدة، وباتت النقاط التركية في معر حطاط والصرمان وتل طوقان في حصار بعد نقطة مورك في ريف حماة.
إن ما حققه الجيش السوري في هذه القفزات السريعة والتقدم المهم، يضعه على مقربة من انهاء المرحلة الثانية من عمليات فجر ادلب، والانتقال الى المرحلة الثالثة، فخلال 48 ساعة فقط كان الجيش قد شدّ حزام الامان حول مدينة سراقب قبل دخولها، عبر السيطرة على كل القرى والبلدات في محيطها، وذلك تحقيقا لعدة اسباب واهمها، تضيق الخناق على المجموعات المسلحة في داخل المدينة، ومنع وصول اي امدادات عسكرية لها، او استخدامها لطرق اخلاء، بالاضافة الى عدم الاصطدام بالقوات التركية، التي استقدمت تعزيزات الى مناطق قريبة من ارض المعركة، ما يعني ان الجيش يستطيع الان الدخول في معارك حلب كون قواته تملك هوامش مناورة هجومية واسعة، في كل الاتجاهات مقابل تضيق هامش المناورة على المجموعات المسلحة، وهذه السيطرة على سراقب ستساعد الجيش في حسم عمليات حلب، كون تلك العمليات ان كان في الريف الجنوبي او الجنوبي الغربي، لها خصوصيتها نظرا للطبيعة الجغرافيا المعقدة هناك، وسيطرة المجموعات المسلحة على عدة تلال حاكمة كان اهمها تل العيس وتل حدية، هذه التلال التي تشكل عوامل دفاعية للجماعات المسلحة، كما وأن تثبيت الجيش لقواته في سراقب ستجعل تلة العيس وبلدتها والقرى المحيطة بها تحت مرمى نيران الجيش السوري بسبب الاشراف الناري عليها من جهة ريف حلب الجنوبي الغربي ومن جهة سراقب، وبالتالي سيكون الجزء الواصل من طريق “حلب -دمشق” بين النقطتين المذكورتين مرصودا نارياً.
السيطرة على سراقب ستمنح الجيش قدرة اكبر على تحديد خياراته، بالتزامن مع تشتيت قدرات المسلحين العسكرية وبالذات الدفاعية، كون الجيش يملك احتياطي استراتيجي بالقوات والوسائط النارية، وهي مكامن قوة هائلة، وبذلك يستطيع توسيع هامش المناورة، ذلك أن مدينة سراقب تتمتع بموقع جغرافي يربط معظم بلدات ريف إدلب ببعضها، حيث تقع شمالها مدينة تفتناز وبنش وآفس، وجنوبها تل مريدخ وخان السبل أما من جهتها الغربية فتقع مدن سرمين والنيرب وصولاً إلى مدينة إدلب، إضافة الى صلتها مع مدينة اريحا عبر الطريق الدولي حلب-اللاذقية، وايضا ستشكل نقطة انطلاق لقوات الجيش السوري نحو باقي مناطق ادلب، منها بلدتي سرمين وبنّش ومن بعدهما مركز محافظة مدينة إدلب وبالتالي مشارف قريتي كفريا والفوعة التي هجّر المسلحون أهلها، اما على مستوى تطبيق تفاهمات استانا وسوتشي، فإن المدينة ستشكل رأس المثلث لثلاث مدن رئيسية على الطريق الدولي وهي خان شيخون، معرة النعمان وسراقب. ولا تكمن أهمية الأخيرة في ما تقدّم فقط، بل هي تشكّل نقطة التقاء للطريق الدولي حلب – دمشق “M5” مع الطريق الدولي الآخر “M4″، والذي يربط محافظتَي حلب وإدلب باللاذقية غرباً.
ان الانتصارات العسكرية التي يحققها الجيش لها صدى سياسي مهم، فهي معركة تكتيكية وتتصل بالجيوسياسي التي اسس لانتصاراتها الجيش السوري منذ السيطرة على الاحياء الشرقية من حلب وحتى يومنا هذا، ما يعني اننا في ذروة الانجازات العسكرية، وان الجيش السوري بات يعيد اللحمة الجغرافية للخارطة السياسية من حلب الى البادية والحدود العراقية مرورا بالغوطة ودرعا والقنيطرة والقلمون وحتى ادلب والقادم اعظم .
حسام زيدان / سوريا