سلاح انصار الله بين الذاتي والموضوعي .. بقلم / عبدالملك العجري
كان الكسندر ونت الخبير في العلاقات الدولية يعتقد ان العداوة والخصومة علاقة اجتماعية وليست مادية ويضرب لذلك مثلا بالمسدس في يد صديق ليس له نفس المدلول مقارنة بتواجده في يد عدو .
المثال الأقرب تخوف المجتمع الغربي وأنظمة عربية من نوايا إيرانية محتملة لطوير أسلحة نووية تهدد الامن والسلم الإقليمي والدولي ,وتدميرالعراق بتهمة حيازة أسلحة نووية ,وصرف الأطراف ذاتها بل وممانعتها التعرض للترسانة النووية للكيان الصهيوني او وضعها موضع المسالة حيث الخطورة في معية السلاح لا السلاح ذاته وهي مسالة تعدو لمدراكاتنا الذاتية عن صاحب المعية .
تلك بالضبط هي العقدة في طريقة معالجة سلاح انصار الله ان في القرارات الأممية او لدى اطراف محلية وفاعلين اقليميين ودولية كأمريكا وبريطانيا والعربية السعودية ,او بشكل عام منذ بروز سلاح انصار الله قضية مثيرة للجدل والخلاف ,حيث الاعتبارات والتأويلات الذاتية لا الموضوعية هي التي تجعل السلاح في يد انصار الله خطرا ,بينما هو في يد الجماعات المسلحة الأخرى ليس له نفس درجة الخطورة, وقد تجلى ذلك في القرارات الأممية ومواقف المجتمع الدولي التي تجاهلت السلاح بيد الجماعات والميليشيات الأخرى من سلفيين واخوان وحراك مسلح و داعش والقاعدة .وبسبب ذلك ولكونها مبنية على خلفية ذاتية في معظمها كان من السهل علينا احراج المجتمع الدولي وابراز تناقضه ونفاقه السياسي في التعامل مع مشكلة السلاح لا كمشكلة موضوعية بل مشكلة ذاتية من سلاح طرف من اطراف الصراع ,كما مثل ورقة قوية بيد المفاوض اليمني لتعرية العور السياسي في مواقف المجتمع الدولي وافتقاد قراراته الأممية للموضوعية والتوازن ,اذ كيف يستقيم مطلبهم بنزع انصار الله وسلاح اللجان الشعبية وفي الان ذاته حلفهم العسكري يغرق اليمن بالسلاح والجماعات المسلحة ويسهل وصول السلاح بكميات ضخمة للقاعدة وداعش التي يزعمون محاربتها .
ونظرا للخلفية الذاتية الموجهة لسلوكهم فقد كانوا عاجزين عن تقديم مبررات منطقية لمواقف دولهم ,سفير اوربي اعترف بان موقف دولته وموقف المجتمع الدولي غير مقنع وانه لا يستطيع ان يغير موقف دولته فالمصالح هي الحاكمة في النهاية لا الاخلاق ولا المنطق .
السلاح في اليمن مشكلة موضوعية لا ذاتية وظاهرة سابقة لانصار الله ارقت الدولة اليمنية التي عجزت عن اتخاذ تدابير لاحتكار السلاح او الحد من انتشاره بل انها تكيفت مع وجوده وانتشاره خارج سلطتها وفي ظروف معينة كانت تشرف على تشكيل جماعات مسلحة مثل جماعة سباء الاخوانية اقدم تشكيل مسلح انشأ في 1967م تقريبا لغرض تصفية التيار اليساري والقومي بعد سيطرة التيار التقليدي العسقبلي المتأخون على النظام الجمهوري .
في استطلاع مصور لمجلة العربي الكويتية نهاية التسعينات عن القبيلة والسلاح والقات نقلت عن الزعيم القبلي والقيادي الإخوانية /حميد الأحمر قوله مفاخرا بان مقذوفات الار بي جي سلاح تتزين به الفتيات عندهم .
القبيلة هي الأخرى متخمة بالسلاح ,السعودية التي تعتبر سلاح انصار الله خطرا يتهدد امنها القومي لم تكن تمانع وجود السلاح مع حلفائها القبليين والدينيين خارج سلطة الدولة ,ليس هذا فحسب بل ساهمت في تسليح القبيلة وتقوية نفوذها على حساب الدولة ,والمفارقة حاليا انها في الوقت الذي تطالب بنزع سلاح انصار الله وتعتبره مشكلة المشاكل مستمرة في دعم الجماعات والفصائل المسلحة المناوئة بما فيها القاعدة و داعش .
كان من الطبيعي مع تملك جماعات سياسية ودينية وحزبية للسلاح بكثافة واستقوائها به على خصومها وتكوين جغرافيا نفوذ مغلقة ان تدفع بمناوئيها للبحث عن مصارد للتسليح وتكوين مناطق نفوذ وبالنتيجة استمرا تآكل الدولة شرعية ووجودا ,وبمراجعة تاريخ السلاح والجماعات المسلحة في اليمن ندرك حقيقتان ,الأولى ان جماعة انصار الله اخر جماعة تسلحت و ان سلاحها كان رد فعل على استقواء الجماعات الأخرى بسلاحها وسلاح الدولة ,والحقيقة التي على الراعي الاممي لمشاورات الكويت ان يعيها جيدا ان أي معالجة لمشكل السلاح تنطلق من خلفيات وحيثيات ذاتية ضياع للوقت ,وواحد من المرجعيات ذات العلاقة التي عالجت موضوع السلاح بطريقة موضوعية كمشكلة يمنية هي مخرجات مؤتمر الحوار الوطني كما قدمت اليات إجرائية لمعالجتها