سلاح أمريكا الجديد لشن الحروب وتنفيذ المهام المستترة
الآن، بينما يستعد الرئيس أوباما لتسليم العمليات القتالية في العراق وأفغانستان وسوريا وأماكن أخرى لخليفته، سيورث أيضًا وسيلة الحرب التي أصبحت إدمان أمريكا بشكل متزايد، ألا وهي القوات المستأجرة ” المرتزقة “.
تعتمد واشنطن على أعداد كبيرة من قوات تابعة لمتعاقدين عسكريين من القطاع الخاص؛ من أجل تقييد عدد القوات الأمريكية التي يتم إرسالها للخارج. منذ عام 2009 زادت نسبة قوات الشركات العسكرية الخاصة بالقوات المسلحة الأمريكية في مناطق الحروب من 1 : 1 إلى حوالي 3 : 1.
أسندت الإدارة الأمريكية إلى تلك القوات غير الحكومية مهام يفترض أنها حكومية بطبيعتها، مثل ضرب أهداف عسكرية وإجراء تحليلات استخباراتية.
تلك القوات العسكرية المستأجرة أيضًا تشجع تمديد المهمة، بحيث تتجاوز أهدافها الأصلية؛ لأن قوات القطاع الخاص العسكرية لا يتم اعتبار أنها قوات على الأرض، كما أن أعدادها غير معروفة بالنسبة للكونجرس، وبالتالي يمكن للحكومة الأمريكية وضع المزيد من القوات على الأرض في بلد مثل العراق أكثر مما تذكره في تقاريرها للشعب الأمريكي.
على مدى عقود، تزايدت الأهمية المركزية للمقاولين العسكريين في حروب أمريكا، سواء في ساحة المعركة أو في دعم القوات الوطنية الموجودة على أرض المعركة. منذ الحرب العالمية الثانية. نحو 10 % من القوات المسلحة الأمريكية تم التعاقد معها خلال الحروب في العراق وأفغانستان، قفزت هذه النسبة إلى 50 %.
ويشير هذا العدد الكبير إلى اتجاه مقلق؛ حيث إن تزايد اعتمادية الولايات المتحدة على القطاع الخاص في شن الحروب تحول إلى ضعف استراتيجي اليوم، فأمريكا لم تعد قادرة على خوض حرب دون قوات مقاولي القطاع الخاص.
لماذا حدث هذا؟ خلال الحروب في العراق وأفغانستان افترض صناع القرار في أمريكا نصرًا سريعًا وسهلًا. وقال وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد عام 2002 إن الحرب على العراق ستستغرق “خمسة أيام أو خمسة أسابيع أو خمسة أشهر، وبالتأكيد لن تستمر لفترة أطول من ذلك”.
لكن عندما لم تنتهِ هذه الحرب في مجرد أشهر، وجد صناع القرار أنفسهم أمام ثلاثة خيارات: أولًا الانسحاب والتنازل عن المعركة للإرهابيين (غير وارد). ثانيًا إعادة نسخة تشبه فيتنام (انتحار سياسي). ثالثًا جلب مقاولين لملء الصفوف. لذا ليس من المستغرب أن إدارتي بوش وأوباما اختارتا المقاولين.
اليوم 75% من قوات الولايات المتحدة في أفغانستان متعاقد معها من القطاع الخاص فقط، وحوالي 10 % من هؤلاء المتعاقدين مسلحون، ولكن هذا لا يهم. النقطة الأهم هي أن أمريكا تخوض حروبًا إلى حد كبير عن طريق المقاولين، وأن القوات القتالية الأمريكية ستكون عاجزة بدونهم. وإذا استمر هذا الاتجاه، فقد نرى 80 أو 90 % من القوة العسكرية هي قوات مستأجرة في حروب المستقبل.
معظم الذين يقاتلون من أجل الولايات المتحدة في الخارج هم حتى غير أمريكيين، فالشركات العسكرية الخاصة هي شركات متعددة الجنسيات، ويأتي مجندوها من كل قارة تقريبًا. ووفقًا لتقرير حديث للبنتاجون، فقط ما يزيد قليلًا على 33% من المتعاقدين العسكريين في أفغانستان هم مواطنون أمريكيون.
العديد من تلك الشركات العسكرية الخاصة أيضًا يستأجر مقاولين محليين أو غير محليين من الباطن، في كثير من الأحيان بدون معرفة مسؤولي الحكومة الأمريكية. في عام 2010 في ذروة الحروب، وجد تحقيق لمجلس الشيوخ دليلًا على أن هؤلاء البدلاء تورطوا في عمليات قتل وخطف ورشوة، وحتى أنشطة معادية لقوات التحالف.
حقيقة أن هذه الشركات بعيدة عن نطاق مساءلة الكونجرس والمجتمع الأمريكي يجعلها مثالية للمهام التي تتطلب الإخفاء والإنكار في بعض الأحيان، لا يستطيع الكونجرس حتى معرفة ما تقوم به هذه الشركات. هذا يقلل بشكل فعال من حواجزالتدخل في الصراع، ويستدعي الخطر الأخلاقي.
اعتماد أمريكا على المقاولين العسكريين لشن حروبها – لاسيما في الشرق الأوسط – دشن سلالة جديدة من المرتزقة في جميع أنحاء العالم، رغم تكلفتها، لكن يتم اعتبارها مخرجًا بالنسبة للإدارة الأمريكية، حيث إن مقتل هؤلاء المرتزقة نادرًا ما يجذب انتباه عناوين الصحف على عكس وفاة الجنود الأمريكيين.
شهد عام 2015 نشاطًا كبيرًا لهم في اليمن ونيجيريا وأوكرانيا وسوريا، وربما العراق. فكرة المرتزقة في هذه الأماكن ليست جديدة؛ الجديد هو زيادة حجمهم وتوسيع نطاق عملهم.
ولا توجد قوانين دولية تنظم صناعة المرتزقة. وبذلك فأي شخص أو كيان لديه ما يكفي من المال يمكنه شن حرب لأي سبب من الأسباب التي يريدها.