سبل مواجهة التّضليل بقلم/ نبيل جبل
سبل مواجهة التّضليل
بقلم/ نبيل جبل
إنّ مواجهة التضليل الإعلامي، بإشاعاته ودعاياته، وما يبثّه من أخبار وتحليلات، هو من صلب مسؤوليّة كلّ إنسان، والمؤمن بشكل خاصّ، شرط توافر الوعي والقدرة على تفكيك الرّسالة الموجّهة، ورصد ما فيها من السّموم.
هل بإمكان أيّ إنسان أن يتجنب الوقوع في براثن التضليل؟
نعم، وأول خطوة في تفكيك لغم الرسالة، هو التدقيق في المصدر؛ من هي الجهة التي أصدرت الخبر أو المعلومة؟ إنّ الثقة المطلقة بالمصدر الواحد للمعلومة، هي البداية للوقوع في مأزق غسل الدّماغ، والحلّ هو البحث عن مصادر أخرى لإجراء المقارنة.
عندما نتعود طرح الأسئلة، والتّفتيش عن المستفيد في نشر هذه الإشاعة، أو هذا الخبر، وما هي مصلحته، وأيّ هدف يريد الوصول إليه، فكلّ هذا سيقوّي من عضلاتنا النقدية، فلا نتلقى الخبر أو الرسالة كأنّها أمر منزل.
والأمر الثاني، هو النظر إلى مضمونها من موقع العقل الناقد، والنظر في الأسباب لا في النتائج.
إن الأخذ من مائدة الإعلام الوجبة جاهزة، والكثير الكثير منّا بات مصاباً بعسر في رؤية ما بعد الخبر والتّحليل، من دون التمحيص في مكوناتها، يعني أنّنا نوليه كلّ ثقتنا، وأنّنا بتنا نراه كأنّه معصوم من الخطأ والزّلل والكذب والتّضليل. والحكمة تقول أن نعيد النّظر في هذا الموقف، بإعادة عقولنا إلى مكانها، وتحريك عضلاتها، والنّظر إلى الإعلام نظرة نقد وتشكيك، وليس النظر إليه كمصدر للحقيقة المطلقة.
قواعد التّعامل مع الإعلام
قد حرص القرآن الكريم على توعية المجتمع المسلم وتكوين حسّ سياسيّ وإعلاميّ لديهم، يتقن أساليب المواجهة والوقاية، لصيانة الرأي العام الإسلامي، وتحصينه من التأثّر بكل أشكال التضليل الإعلامي، من إشاعات وترويج أكاذيب كان يبثّها المنافقون والخصوم داخل المجتمع ، لذلك أرسى القرآن الحكيم قاعدتين أساسيتين للتعامل مع التّضليل الإعلامي والرسائل الإعلامية المشبوهة الّتي يسوقها العدو:
القاعدة الأولى: ضرورة تبين أي خبر ينقله فاسق، أو يروجه، عملاً بالآية الكريمة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}):
“. وهذا تدبير وقائي، والوقاية خير من العلاج
أما القاعدة الثّانية للتّعامل مع الإشاعة والأكاذيب الّتي يروّجها الإعلام المضلل للعدوا، فيحدّدها القرآن بالآية الآتية الّتي نزلت في المنافقين الّذين كانوا يشيعون أخباراً كاذبة عن الحروب لإضعاف معنويّات المؤمنين {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ…}
أيها الأحبة: لقد أصبح الإعلام جزءاً من المعركة، حتّى بات يذكر أن الإعلام يحسم نصف المعركة، وفي بعض الحالات أكثر. لهذا، لا يمكن لنا أن نترك للإعلام المضلل أن يجدنا أرضاً خصبة له؛ المطلوب أن نحبط خططه الإعلاميّة، وبالعزم نفسه، أن نحبط خططه العسكريّة، وذلك يحتاج منّا إلى أن نشعر بالمسؤولية، عملاً بقوله تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}[
فهلاّ سمعنا ووعينا؟ وهلاّ سمعنا وتثبتنا؟ وهلاّ سمعنا وتريثنا؟
اللّهمّ اجعلنا من {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}، لا أسوأه، ولا أخسره.. وأعنا على أنفسنا كما تعين به الصّالحين على أنفسهم.