زيفُ الحرية الأمريكية واستبداد ديمقراطيتها
شاهر أحمد عمير
لطالما رفعت الولايات المتحدة الأمريكية شعارات الحرية والديمقراطية كقناع زائف يخفي خلفه وجهًا استعماريًّا بغيضًا. هذه الشعارات البراقة لم تكن يومًا سوى أدوات لخداع الشعوب واستعبادها بأساليب حديثة لا تعتمد على السلاسل الحديدية، بل على السيطرة الفكرية والاقتصادية والسياسية والعسكرية. فالحرية التي تروّج لها أمريكا ليست سوى وهم يُباع للشعوب المسحوقة، بينما الحقيقة أنها تعني الخضوعَ الكامل لنفوذها وسياساتها. كيف يمكن لدولة بُنيت على نهب ثروات الآخرين وقتل ملايين الأبرياء في حروبها أن تدّعي الدفاع عن الحرية؟ الحرية في قاموس أمريكا تعني إخضاع الشعوب لإملاءاتها وتقبل وصايتها دون مقاومة، وتحويل العالم إلى ساحة مفتوحة لنفوذها العسكري والاقتصادي.
أما ديمقراطيتُها المزعومةُ فهي الوجهُ الآخرُ للاستبداد. إنها ليست ديمقراطيةً قائمةً على احترام إرادَة الشعوب، بل أدَاة تستخدمها لتحديد من يحكم ومن يُقصى وفقًا لمصالحها وأهدافها الاستراتيجية. تدعم الأنظمة القمعية طالما تضمن ولاءها، وتُسقط حكومات منتخبة ديمقراطيًّا إذَا وقفت في وجه أطماعها. رأينا ذلك بوضوح في دعمها المتواصل للكيان الصهيوني رغم ارتكابه أبشع الجرائم ضد الشعب الفلسطيني، وفي تدخلاتها المُستمرّة لتفكيك الدول العربية ونهب ثرواتها تحت ذريعة “نشر الديمقراطية”.
لم تدخل أمريكا بلدًا إلا وتركت خلفها الدمار والدماء والفوضى. حيثما رفعت راية “حقوق الإنسان” حلت الكوارث وتفاقمت المعاناة. العراق، أفغانستان، ليبيا، وسوريا شواهد حية على تاريخها الأسود. تحت شعار “التحرير” قتلت الملايين، ودمّـرت الحضارات، وسلبت خيرات الشعوب. فهل هذه هي الحرية التي وعدت بها؟ أم أن الهدف الحقيقي كان إذلال الشعوب وتجريدها من إرادتها وانتهاك سيادة دولها؟
لقد آن الأوان للشعوب أن تدرك أن خلاصَها لن يأتي من قوة استعمارية تتغذى على قتل الأطفال والنساء ومعاناة الأبرياء. يجب على الشعوب والحكومات الإسلامية أن تُسقط الأقنعة وتواجه الحقيقة: أمريكا لا تصنع الحرية، بل تصنع العبودية الحديثة، وتزرع الإرهاب والدمار والقتل. لا تنشر الديمقراطية، بل تعزز الاستبداد والطغيان. وهذا الإدراك هو الخطوة الأولى نحو التحرّر الحقيقي من هيمنتها وأكاذيبها، والتحَرّك الفعلي لمواجهة مشروعها الاستعماري الذي يسعى لاستعباد الشعوب وسلب إرادتها.
وفي هذا السياق، فَــإنَّ “الموت لأمريكا” ليس مُجَـرّد شعار يُرفع في وجه الظلم، بل هو خلاصة وعي متراكم ونضال طويل ضد كُـلّ أشكال الاستعباد والاستبداد التي تمارسها هذه الدولة ضد شعوب العالم. إنه موقف يعكس إدراك الشعوب لحقيقة العدوّ الذي يتخفى خلف شعارات براقة ليخفي جوهره القبيح، وهو صرخة مدوية في وجه الطغيان، ونداء للحرية الحقيقية التي لا تُمنح من قوى الهيمنة، بل تُنتزع بوعي الشعوب ونضالها وصمودها وجهادها ضد قوى الاستكبار الأمريكي. الموت لأمريكا، الموت للاستكبار، والنصر لكل الشعوب الحرة.