روح الله!
كتب/د/مصباح الهمداني
صدَّقَ الوالدُ وصدَق الولد، مضى الأول كحسين كربلاء، وانطلق الثاني كزيد الكوفة، قال زيدٌ الأب وهو يمسكُ بجبل، ويدفعُ الكتائب تلو الكتائب ببسالة ” والله لن يصلوا إليك بجمعهم..حتى أوسد في التراب دفينا” قالها للحسين بن البدر، كما قالها أبو طالب رض لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، ثم بعثَ برسالةٍ إلى الحسين يقول فيها ” لن أبرح مكاني، حتى النصر أو الشهادة” وختمها بقوله” سأجعل من مقامي هذا سلمًا للنصر أو معراجًا للشهادة” كان وفيًا بما للوفاء من معنى، وصادقًا بما للصدق من مواقف، وأبيًا بما للنخوة من أثمان، وشجاعًا بما للبطولة من مراتب…
أوفى الأب بوعده، ولم تنتزعه الطائرات، ولا المدرعات، ولا جحافل الرشوات، ولا كتائب الهفوات، لم يتزحزح، حتى جاءته الشهادة بسيل من الرصاص، وشظايا من القنابل، ورحلَ وفيًا مع الحسين كحمزة مع محمد، ولكنه لم يمُتْ، ورسالة الأحياء عند ربهم، لا تتوقف، وإذا بالراية بيد ابنه روح الله، اسم غريب وجديد، لكنه جديد عند قاصري الفهم، وقليلي العلم، وإلا فروح الله هو نبي الله ” عيسى” ،وروح الله في القرآن مذكورة، وروح الله كنيةٌ للإمام الخميني، لقد كان الإبن كأبيه، وغدا حواري من حواري القائد العلم أبا جبريل، وأبى إلا أن يفجعنا برحيله، وهو يسابق الشهادة في كل جبل وتل، يسعى ليعانقها وهو يرى في أجنحتها روح أبيه، وأخيرًا عانقها صاحب الحظ العظيم، وطارت به إلى جنات النعيم، إلى حيث الأب مقيم، إلى مقعد صدق عند مليك مقتدر، إلى رحاب الحسين ثم الحسين ثم زيد ثم يحي ثم عيسى ثم علي ثم محمد، يا لها من صحبه، ويا له من خلود، ويا له من عز وفوز…
فيا حدائق الجنة أزهري، ويا جداول النعيم استبشري، ويا حور السرور زغردي، فقد حلَّ ضيف كبير، طالما أشبع الضواري من جثث المرتزقة، وأضاء شموع النصر بكل جبهة…
فسلام الله عليك يا روح الله زيد علي مصلح؛ يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا، وعلى أبيك وعلى رفقائك الذين استشهدوا معك، وعلى كل شهيد عظيم صعدَ مدافعًا عن عرضه وأرضه ودينه.
24/08/2020