ربيع اليمن يتزين ابتهاجاً بقدوم مناسبة المولد النبوي الشريف…أهلاً مولد النور
أطل علينا شهر ربيع الأول بما فيه من مناسبة مقدسة وعظيمة لها دلالاتها التي تربطنا بالرسول الأعظم صلوات الله عليه، واليمنيون إذ يستعدون بشكل غير مسبوق لإحياء المناسبة ، فإنهم يجسّدون صورةً ناصعةً لأجدادهم الأنصار الذين حازوا شرف السبق والفضيلة ، ويمضون على ذات الطريق سالكين درب “عمّار وسعد الأنصار” وغيرهما ، يعلون من المقام الرفيع ، وينشدون فضل التأسّي وعظم القدوة الحسنة. نستعد للاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبه وآله أفضل الصلوات والتسليم ، لأن صاحبه نعمة وفضل من الله ، والله أمر المؤمنين بأن يفرحوا لذلك ؛ قال تعالى (قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) والاحتفال تعبير عن الفرح الذي يقود إلى الاتباع والقدوة والأسوة الحسنة ، فرح يشد الناس إلى صاحب الذكرى ويكرس التأسي والاقتداء به في حياتهم وواقعهم. ومع حلول شهر ربيع الأول تطل علينا مناسبة المولد النبوي الشريف على صاحبها وآله أفضل الصلاة وأتم التسليم ، ففي الثاني عشر من ربيع الأول من عام الفيل، جاء إلى الدنيا أعظم رسل الله ونعمه على عباده، هي بشرى النبوّة طافت كالشذى سحرا، ففاضت الدنيا بالنور النبوي المتجلي في سماوات الله وأرضه، وبهذه المناسبة العظيمة من عظم ومنزلة صاحبها صلوات الله عليه وعلى آله، يستعد اليمنيون في ربوع البلاد وطولها وعرضها، لأكبر لوحة بشرية احتفاءً ووفاءً والتزاماً وتأسّياً بخاتم الأنبياء، سالكين طريق الأنصار الأُلى الذين نالوا شرف السبق والفضيلة ، فآوَوْا وَنَصَرُوا واستحقوا أن يكونوا خير أهل ودار لأعظم البشر . ومثل كل عام لم يحل اليوم الأول من شهر ربيع الأول إلا وقد تزينت اليمن وعاصمتها صنعاء بالأضواء والزينة والألوان الخضراء، احتفاء واحتفالا وابتهاجا وفرحا بمناسبة مولد الرسول العظيم صلوات الله عليه واله وسلم، وتزينت الشوارع والطرقات وتضوعت المآذن والمساجد، وازدانت المباني والعمارات والمقرات، وكل شيء في صنعاء ازداد جمالا. ويتصدر الشعب اليمني في كل الأعوام الاحتفال والابتهاج بهذه المناسبة العظيمة ويتحضرون للاحتشاد في ساحات المناسبة التي ستحتضن حشودا يمانية في 12 ربيع الأول هذا العام ، ويُجزل اليمنيون في التعبير عن الابتهاج بمناسبة ترتبط بسيد البشرية الذي أضاء مولده الأكوان وتضوعت بميلاده الأرض والسماء ، وفي ذكرى مولده الشريف، تتبدد الهموم والجراحات وتصير الاهتمامات كتلة واحدة تسقي بعصارتها جذور الولاء لخاتم الأنبياء والمرسلين. ويوم أمس ألقى قائد الثورة المباركة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي كلمة تدشين المناسبة العظيمة بحضور رسمي وشعبي واسع ، دعا إلى أن يكون الاحتشاد والتفاعل هذا العام أكبر من سوابقه من الأعوام ، ولنظهر للعالم ارتباطنا وحبنا لرسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وسلم ، وفي إحياء ذكرى مولده الشريف، يتجدد الإيمان ويزداد ارتباط الأمة بالنهج الذي جاء حاملا إياه إلى البشرية بتكليف من الله، فأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق الجهاد. ومن مكانة الرسول عند الله، تأخذ ذكرى مولده كل هذه المساحة من الحب والشوق واللهفة في نفوس اليمنيين، ولا عجب فهم أحفاد أنصار رسول الله، من قال فيهم صلوات الله وسلامه عليه وآله «لو سلك الناس شِعباً وسلكت الأنصار شِعباً، لسلكتُ شِعب الأنصار، فوالذي نفس محمد بيده، لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار، الناس دثاري والأنصار شعاري، إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض، اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار”. تراهم اليوم على نبض قلب رجل واحد في التعبير عن محبة الانتماء له، وغبطة انتمائه إليهم. وانطلقت منذ أيام الفعاليات التحضيرية والأنشطة الثقافية والاجتماعية والندوات والفعاليات بهذه المناسبة ، وتلألأت بالأضواء المدن والقرى الشوارع، والأحياء، المنازل، المؤسسات على اختلافها، وحتى وسائل المواصلات، تتزين ابتهاجا بالقدوم النبوي الشريف. واكتملت العاصمة صنعاء يوم أمس بحلتها المحمدية، إذ تزينت الشوارع والطرقات والأبنية الحكومية والمنازل في العاصمة صنعاء بالأضواء الخضراء الزاهية، ابتهاجاً بمولد النور الأعظم رسول الله محمد صلوات الله عليه وعلى آله وسلم، الذي تحل علينا ذكراه يوم 12 ربيع الأول. ولأن المناسبة تختص برسول الله محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم، رسول الهداية والسلام، وذكرى مولده، كل هذا التزيُّن ومظاهر الفرح، كانت الألوان الخضراء زينة بلون الجنة الأخضر بدرجاته المتفاوتة، ويتشكل هذا الفرح، وتجده موزعا في كل الأماكن والمساحات، يحيط بك من كل اتجاه، واينما وليت بعينيك تجده بدلالته الروحية يعانق شوقك للقاء رسول الله. ولأن الاحتفال تعظيم وتوقير يمنحنا عوامل ومؤهلات الانتصار على الأعداء ، وما أحوجنا اليوم إلى ذلك وإلى ما يؤهلنا لذلك: (فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). ولأنه يوم من أيام الله التي أمر بالتذكير به ، (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)، وأيام الله التي تتجلى فيها آياته وصنائعه ، ونصره وخيره وبركاته وفضله العظيم على عباده ، وأي فضل كبير منح الله البشرية بإرسال النذير البشير والسراج المنير عليه وعلى آله أفضل الصلوات والتسليم. لأننا شعب عظيم وأمة عظيمة ، فسنحتفل بأعظم عظيم جاء إلى الدنيا ، وخاتم الأنبياء وسيد الرسل محمد صلوات الله عليه وعلى آله ، وبالصورة التي تليق بعظمة رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم ، وبالمعنى الذي نعبر فيه عن حبنا وتوقيرنا وارتباطنا به صلوات الله عليه وآله وسلم. لنحيي خلقه العظيم في ووعينا وضمائرنا نهجاً وعملاً وسلوكاً في واقعنا ، ولنلزم أنفسنا تمثل سيرته الحسنة، وأخلاقه العظيمة، وقيمه وفضائله، صلوات ربي عليه وعلى آله ، لنجعل من كل ذلك حياةً وواقعاً تسمو به حياتنا، ويرقى به شعبنا إلى العُلا ، وتنشأ أجيالنا على الهدى والحق والطريق المستقيم ، مستحضرين كل ذلك في القدوة والأسوة والإتباع. ولنتذكر بأنه صلى الله عليه وآله وسلم لاقى ما نلاقيه اليوم من عنت وحروب ، وحصار، وعدوان، وتحالف، وتحزّب الأحزاب ، بل ليس هناك مرحلة مرّ بها رسول الله، إلا واليمنيون يمرون بظروف ومراحل مشابهة جداً، وكأن التاريخ يعيد نفسه ، فلنحتفِ بمن احتفت السماوات والأرض بقدومه ومولده ، منشدين قول الشاعر اليماني هوية وانتماء ، الأستاذ عبدالله البردوني رحمه الله: نحن اليمانين يا ” طـه ” تطيـر بنـا * * * إلـى روابـي العـُلا أرواح أنصـار إذا تذكّـرت ” عـمّـارا ” و مـبـدأه * * * فافخر بنا : إنّنـا أحفـاد ” عمّـار “