رئيس قطاع التعليم والثقافة والإعلام حسن الصعدي يكتب :الواقعُ شاهدٌ على صوابية تحَرُّكِ الشهيد القائد
قال تعالى في كتابه الكريم: (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ).
ولقد مرت أعوامٌ كثيرة نشأ فيها جيلٌ جديدٌ لم يلتقِ السيدَ الشهيد القائد حسين بن بدرالدين -رضوان الله عليه-، ولم يعرف كيف كانت محاضراتُه ودروسُه تواجَهُ بحملات شديدة وقاسية من قِبل كثير من الشرائح المختلفة: من علماء ومفكِّرين ودعاة وسياسيين ومثقفين على اختلاف توجّـهاتهم وانتماءاتهم.
وهو ما سهَّل للسلطة آنذاك استهدافَه واستهدافَ الأحرار المؤمنين الذين كانوا معه.
وإذا كانت السلطة في تحَرُّكِها الظالم وتجبُّرِها آنذاك قد استجابت لإملاءات الخارج وبعضِ محرِّضي الداخل ولدوافعَ أُخرى كانت حاضرةً في مخيلة القائمين عليها لا في الواقع، فَــإنَّ النُّخَبَ والمفكِّرين وغيرهم ممن وقفوا ضد هذا التحَرّك للسيد القائد الشهيد، وعملوا على التحريض أَو شاركوا في الحرب عليه، كانوا:-
إمَّا من التيارات التي عُرفت بالتكفير، أَو ممن التحقوا بالحركة والاتّجاه الوهَّـابي، وهؤلاءِ كانوا هم الأكثر عداءً وتشدّداً في مواجهة مسيرة الشهيد القائد،
وإمَّا من الفئات الأُخرى التي عارضت هذا التحَرّك الإيماني؛ انطلاقًا من خلفيات متعددة ظالمة ومجانية للصواب، سواءٌ أكانت فكريةً أو سياسيةً أو اجتماعية، أَو كانت نتيجةَ مصالحَ أَو مخاوفَ معينة متوهمة… إلخ.
إلا أننا نستطيع القول إن ذلك كُلَّه أَو إنها كلها كشفت بوضوحٍ مقدارَ الأزمة الكبيرة التي تعيشها أمتنا في ثقتِها بربها وفي وعيها بالرسالة الإلهية، بل وعلى كُـلّ المستويات؛ نتيجة الانحرافات التي حدثت خلالَ معظم مراحل التاريخ الإسلامي.
ولذلك فقد فقدت القدرةَ على تحديد البُوصلة التي تشير إلى الوجهة الصحيحة التي كان ينبغي لها أن تسلُكَها، ولم تعد قادرةً على تقييم واقعها ولا على تحديد أولوياتها، وغاب عنها رُشْدُها الذي تشيرُ إليه الآية الكريمة (كنتم خيرَ أُمَّـة أُخرجت للناس…) وبغياب الحكمة والرشد حضر النقيضُ من ذلك وتوالت النكباتُ والانتكاسات، وأصبحت الساحةُ مهيَّأةً للبدائل الخطيرة التي أَدَّت إلى هذا التراجُعِ الكبيرِ للأُمَّـة في موقعها الحضاري وعلى كُـلّ صعيد، فأصبحت أُمَّـةً مفكَّكةً جاهلة مستباحة وخانعة أمام أعدائها الذين سعَوا للقضاء عليها منذ فجر الإسلام وإلى اليوم.
إن عمليةَ “طُوفان الأقصى” وتداعياتِها الكبيرة بكل ما كشفته من سُوْءٍ وضَعف مؤسِف لدى غالبية الأنظمة العربية والإسلامية، ومن تكالب الغرب الكافر ووحشيته في مواقفه، وشراكته في جرائم الإبادة الجماعية مع العدوّ الصهيوني، لَتعكسُ وتُبرِزُ وتؤكّـدُ مضامينَ تحَرّك السيد القائد الشهيد أَو الكثير من تلك المضامين والحقائق، وتقدِّمُ للأُمَّـة وللعالم الشواهدَ البيِّنةَ والكافية على صوابية ذلك التحَرُّكِ بمضامينه العظيمة النابعة من روح القرآن وأصالةِ الإسلام وعُمقِ الرسالة الإلهية.
وهكذا وفي هذا السياق، قدَّمَ أبناءُ اليمن، من خلال (العمليات العسكرية التي اتجهت إلى عمقِ العدوّ الصهيوني) ما يُبرِزُ ويؤكّـدُ من جديدٍ عظمةَ هذه المسيرة القرآنية وحكمة قيادتها وصدق وثبات مجاهديها، وعظمةَ الشعب الذي يحتضنُها ويدعمُ خياراتِها ومساراتِها المعبِّرة عن الثقافة القرآنية المباركة، التي تمثل السبيلَ الوحيدَ لأمتنا؛ للخروجِ من أزماتها ومآسيها والانتقال بجدارةٍ إلى النور الإلهي الذي تشرُقُ هي به من جديد، وتصلُ خيوطه من خلالها إلى هذا العالم الغارق في الظلمة والظلم والظلمات.