رؤية الشهيد القائد “بين النظرة الفردية والتحرك الجماعي”..بقلم/صادق البهكلي
قدم الشهيد القائد تحليل عميق جداً لموضوع النظرة الفردية وكيف شكلت ضربة قاضية للدين وللأمة حتى أنه لم يبق من الدين سوى تلك العبادت الفردية كالصلاة والصوم والحج والتي كل شخص يستطيع القيام بها لكن القضايا والعبادات المهمة التي تحتاج لتحرك جماعي غابت تماماً.. كالجهاد والأمر بالمعروف والبناء والتنمية والانتاج وووإلخ..
مؤكداً إن الخطاب القرآني هو خطاب جماعي وأن القرآن كتاب هداية كتاب للحياة بكلها وليس كتاباً فردياً يقول: (كتاب لبناء أمة، ليس كتاباً فردياً، كل واحد يريد أن يتناول منه الذي يريد ويمشي مع السلامة، هو كتاب قائم على أساس بناء أمة)
إن النظرة الفردية كما يراها الشهيد القائد خلقت لدى الناس نظرة انهزامية وأصبحوا يتعللون بمقولات [لا نستطيع، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ما يلزمنا] وأشياء من هذه. بحيث جعلت الفرد يبدي على الدين ويختار ما يناسبه ويترك ما لا يستطيع القياد به لوحده..
ينفي الشهيد القائد أن يكون الدين قدم على أساس توجيهات فردية ويستدل بآية الاعتصام (وآيات أخرى تبدأ بخطاب جماعي مثل كونوا أنصار الله ـ ولتكن منكم أمة ) التي جاءت كتوجيه جماعي والسبب ـ كما يقول ـ أن الناس ((يختلفون في وجهات نظرهم, تختلف نتائج نظرهم، تختلف نتائج أنظارهم، مهما كانوا, حتى مهما كانوا في الإخلاص، حتى مهما كان هدفهم لابد أن تختلف نتائج أنظارهم؛ لذلك لم يوكَل موضوع: التعامل مع الدين حتى ولا إلى هذا الأسلوب الفردي، لابد أن يكون تعاملاً مع الدين بشكل جماعي لنأخذه واحد، واحد من مصدره.
وحتى لو حاول أحدنا أن يعتصم بحبل الله لوحده وينفذ توجيهات الله لوحده لا يمكن ولا يستطيع يقول:
حتى أنت إذا انطلقت بنظرة فردية، أنني سأعتصم بحبل الله وما عليّ أي شيء، فستضل أنت رغما عنك، وستُساق إلى الضلال رغما عنك، وستنطلق من فمك عبارات الكفر رغما عنك؛ لأنك أمام واقع يفرض نفسه عليك، وأنت في حالة تقصير لا تمنحك مبرراً أمام الله سبحانه وتعالى، فستغرق وستهلك، ولن تستطيع أن تعصم نفسك بمفردك.
ويقول: أنت أقل أحوالك إذا لم تكن أنت فاسد في حد ذاتك فأنت عنصر مساعد على الفساد أن ينتشر في مجتمعك لماذا؟ لسكوتي، لتقصيري، لإهمالي، لانزوائي بمفردي.
إن خطورة النظرة الفردية كما يراها الشهيد القائد تكمن في أنها تخلق بيانات ثقافية وعقائدية تؤدي بدورها إلى خلق تباينات في النفوس والقلوب..
وبذكاء شديد وبمنطق قرآني دامغ يلفت الشهيد القائد النظر إلى فردية الشيء في القرآن وأين تكون وما هي: ((ليس هناك أدق تعبير في فردية الشيء من كلمة {حَبْلِ} حبل واحد. لو قال مثلا: [واعتصموا بشجرة الله] قد نتصور بأنه كل واحد سيمسك بغصن هذا يمسك بغصن، وهذا بغصن، وهذا بعرق منها.. حبل واحد لا يوجد أدق من هذه العبارة في أن تعطينا فهم أن الطريق هي واحدة فقط، وقناة واحدة فقط، ومنهج واحد فقط، منهج واحد يُقدم في ساحة العمل، منهج واحد يستطيع أن تكون ثمرته واحدة يطلِّع أشخاص على قلب رجل واحد.
ويضيف : (يجب َأن تلغى مشاعر أن الآخرين يمكن أن يكونوا بديلاً عنك، عندما يقول: {جَمِيعاً}أليس هو يخاطب كل فردٍ منا أن ينظم نحو هذا المجموع؟
عندما تقول: [فيهم الكفاية] سيقول الآخر مثلك والثالث مثلك، يصبح في الأخير أن الجميع هؤلاء لا يوجدون [الوحدة التي يريدها الإسلام]).
وهنا يسجل الشهيد القائد نقطة مهمة عما هي الوحدة التي يريدها الإسلام وما الذي يصنعها يقول : (([الوحدة التي يريدها الإسلام]ما الذي يصنع هذه؟. يصنعها حسن تعامل، ويصنعها ثقافة واحدة، ويصنعها شعور واحد، ويصنعها اهتمام واحد.))
في الأخير يقول: (متى ما تفرقت قرية واحدة أمكن أن يظهر فيها فساد، وينتشر حتى يصل كل بيت فيها، توحد الكلمة لا بد منه في ميدان مواجهة أعداء الله، لابد منه في تطبيق دين الله في المجتمع، لابد منه في أن تبرز أنت كفرد ملتزما بدين الله، متى ما حصلت فرقة في الأمة ما الذي سيحصل؟ ستكون النتيجة أنه هذا فاسد، وهذا مقصر، الجميع عند الله ماذا؟. يستوجبون غضبه، الجميع عند الله عاصين).
والخلاصة/ ان التباينات الحاصلة ليست نتاج نظرة فردية وحسب بل نتاج إن الانطلاقة من الاساس في الانتماء للمشروع القرآني هي انطلاقة فردية يريد فقط أن يأخذ منه ما يراه مناسباً لوضعه الشخصي ويترك ما لا يتوافق مع نظرته ورؤاه.