“ذي ناشونال إنترست”: انحدار قوّة البحرية الأميركية أمر واقع
تواجه البحرية الأميركية تحديات قاسية في انتشارها العالمي وسط أزمة تقلّص الأسطول والتجنيد.
صحيفة “ذي ناشونال إنترست” الأميركية تنشر مقالاً للكاتب والباحث الأميركي براندون ويتشرت، يتحدث فيه عن واقع البحرية الأميركية وقوّتها وقدرتها على مواجهة التحديات العالمية.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:
تواجه البحرية الأميركية تحديات حرجة في سعيها إلى تلبية المطالب العالمية وسط أزمة تقلّص الأسطول والتجنيد. ومع عجز أحواض بناء السفن عن مواكبة الاحتياجات، حتى في أوقات السلم ونقص مشاة البحرية التجارية لدعم السفن الحربية المنتشرة في المقدمة، أصبحت القدرة التشغيلية للبحرية متزعزعة بشدّة.
وأصبحت منطقة المحيطين الهندي والهادئ التي تشكّل أهمية حيوية لمصالح الولايات المتحدة عرضة لـ”الخطر” مع تحويل الموارد إلى أماكن أخرى، وخصوصاً الشرق الأوسط. وقد ترك نقص حاملات الطائرات فجوة حرجة في غرب المحيط الهادئ، ما يهدد بتقويض الموقف الاستراتيجي لأميركا، ويتركها عند مفترق طرق في ديناميكيات القوة العالمية.
إنّ الولايات المتحدة تجد نفسها في بيئة جيوسياسية محفوفة بالمخاطر. وفي الوقت نفسه، فإنّ حجم الجيش الأميركي، وخصوصاً البحرية، هو الأصغر منذ سنوات ما بين الحربين العالميتين.
وإذا اندلعت حرب حقيقية، فسوف تتعرض السفن الحربية التابعة للبحرية للتهديد من أنظمة متطورة. وإذا فقدت هذه السفن الحربية، فإن استبدالها في وقت الحرب سوف يكون مستحيلاً تقريباً.
وفي الوقت نفسه، تعاني مشاة البحرية التجارية، وهي عنصر دعم حاسم للأسطول الأميركي العالمي، نقصاً في القوى العاملة. وكما ذكرت صحيفة “نيويورك بوست”، “ليس هناك ما يكفي من مشاة البحرية التجارية لإبقاء جميع السفن في وقت واحد”.
هذه مشكلة لأنّ السفن الحربية التابعة للبحرية المنتشرة في المقدمة، والتي تحاول حالياً استعادة الردع المفقود لأميركا عبر قوس أوراسيا، تتطلب دعماً من مشاة البحرية التجارية. وإذا لم يكن هناك ما يكفي من مشاة البحرية لتزويد جميع سفن بالإمدادات، فستكون هناك تعقيدات شديدة في سلسلة الإمداد للبحرية التي تعد على شفا حرب عالمية.
وبحسب مجلة “نيوزويك” في يوليو/تموز الماضي، فإنّ “التجنيد النشط في الجيش والبحرية انخفض بنسبة 30-40% خلال الشهر الثاني من السنة المالية 2024 عن أهداف التجنيد”.
وقد شهدت جميع فروع القوات المسلحة الأميركية اتجاهاً قاتماً نحو الانحدار في التجنيد على مدى العقد الماضي. هذه مشكلات متجذّرة تتفاقم فقط، وفقاً لمقال “نيوزويك”، بسبب أزمة الثقة والإنفاق الحكومي على الجيش.
إنّ أميركا تقف الآن عند مفترق طرق استراتيجياً، فلم يعد بوسعها أن تكون الشرطة العالمية الخارقة، على الرغم من أنّه ربما يكون هذا السيناريو أفضل بالنسبة إلى الأميركيين في الأمد البعيد.
ويتعين على البحرية أن تعطي الأولوية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، حتى على حساب أوروبا والشرق الأوسط؛ ففي نهاية المطاف، تقع غالبية الشركاء التجاريين العشرة الأوائل لأميركا في آسيا. وبالتالي، فإنّ منطقة المحيطين الهندي والهادئ هي العنصر الأكثر أهمية في السياسة الخارجية الأميركية، إذ بنت الصين أقوى وأكبر جيش في المنطقة، وهي اليوم على استعداد لاكتساح القوة الأميركية المتدهورة واستبدالها بما يعادل مجال الازدهار المشترك في الصين.
كل هذا لأن الجيش الأميركي لا يستطيع تنفيذ مجموعة متنوعة من المهام التي يأمر بها القادة الكسالى فكرياً من دون فهم حقيقي للوضع الاستراتيجي.
الميادين نت