دور أعلام الهدى في الحفاظ على هوية الأمة ومواجهة المؤامرات اليهودية

دور أعلام الهدى في الحفاظ على هوية الأمة ومواجهة المؤامرات اليهودية

 

 

في عالم مليء بالتغيرات والتحديات، يلعب القادة من أنبياء الله وأوليائه دورًا محوريًا في توجيه سلوكيات الأفراد وتشكيل هويات المجتمعات، القائمة على أسس الهدي الإلهي والسنن الإلهية. وقد قدم القرآن الكريم نماذج من هؤلاء الذين كان لاختيار الله لهم لتبليغ رسالته وهداه دورا جوهريا في ديمومة الحياة البشرية واستمراريتها ولأن اليهود كانوا أكثر الأمم حضا في عظم الهدى الرباني الذي امتن الله به عليهم ولكنهم مع عظيم النعمة عليهم كفروا وتولوا وبلغ بهم الجحود والعصيان لدرجة الاقدام على قتل أنبياء الله وصفوة الخلق ولأننا نعيش اليوم في ظل تمكن هذه الطائفة من الهيمنة على مفاصل الحياة البشرية من خلال امتلاكهم القدر الكبير من المكر والجرأة والخبرة الدينية ولأهمية الأعلام كقدوات يُقتدى بها في الحياة اليومية، أدرك اليهود خطر وجود امتداد لهؤلاء الأنبياء والعظماء وصفوة عباد الله أثرهم في الحياة البشرية مما قد يعيقهم لمواصلة تنفيذ مخططاتهم الشيطانية ونظرا لخبرتهم الدينية كان هؤلاء الأعلام في مقدمة المستهدفين فبدلاً من أن تلتف البشرية حولهم وحول مآثرهم ومن يشكلون امتدادا لخطهم قدم لها اليهود الذين يتقنون فن صناعة الأعلام التي تؤثر بشكل كبير على مصير الأمم، سواء في بقاءها أو زوالها أعلاما كرتونية بل أعلام فساد وضياع وانحلال ونجحوا للأسف في خداع الكثير من الأمم..

لقد أدرك اليهود قبل غيرهم سنة الاتباع، حيث فهموا أن الإنسان يحتاج إلى أعلام يقتدي بهم في حياته ويتخذهم أسوةً، فيسير وراءهم ويتبعهم ويتولى أمرهم. هذا الفهم العميق جعلهم يدركون دور وأهمية هؤلاء الأعلام في بقاء الأمم أو زوالها، وفي تحديد الطريق التي ستسلكها الأمة بناءً على تمسكها بأعلامها.

في هذا التقرير سنحاول تناول أهمية القادة وأعلام الهدى وأثرهم على المجتمعات، مع التركيز على نظرة اليهود وفهمهم العميق لهذا المفهوم، ومحاربته:

تأثير الأعلام على النفسية والواقع:

لم يقتصر دور اليهود على فهم أهمية الأعلام في توجيه السلوك فقط، بل شمل أيضًا إدراكهم لتأثير هذه القادة والعظماء على نفسية الأتباع وعلى الواقع المحيط بهم. فقد أدركوا أن الإنسان إذا فصل عن أعلام الهدى الذين اصطفاهم الله من رسله وأنبيائه وأعلام دينه، فإنه ينفصل تلقائيًا عن كتب الله وهداه، حتى وإن ظل متمسكًا بقشور الدين. وقد أدركوا أن صناعة أعلام للأخرين قد يكون ممكنًا، لكن هذه القضية هي قضية إلهية بحتة تتعلق بارتباط الإنسان بأعلام هدى الله.

محاولة المضللين اليهود فصل الأمة عن أعلامها:

من الملاحظ في واقعنا اليوم، أننا نواجه محاولات من المضللين، وعلى رأسهم اليهود، لفصل الأمة عن أعلامها الحقيقية وربطها بأعلام أخرى من نجوم الفن والرياضة وغيرهم، ثم الترويج لهم بكل الوسائل حتى تملأ شهرتهم الآفاق، وقد نجد شبابنا المسلم يرتبط ببطل من الأرجنتين أو البرازيل أو أي منطقة أخرى، في الوقت الذي يتنكر فيه لأعلام دينه وتاريخه، بل يتنكر أيضًا لعظماء أنبياء الله، فلا يلتفت إليهم ولا يعمل على التحلي بأخلاقهم.

أهمية التمسك بأعلام الهدى:

لقد أمر الله الإنسان بأن يؤمن برسله، قال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ} (البقرة: 285).

 

كل نبي من أنبياء الله هو عَلَم من أعلام دينه، وهو قدوة وأسوة لكل المؤمنين. والناس في أمس الحاجة إلى الاقتباس من هديهم والتأسيس بهم في مواقفهم المشرفة والعظيمة. ومن بين هؤلاء، يبرز نبي الله موسى عليه السلام، الذي تكررت قصته في القرآن الكريم كثيرًا، لأنه يمثل أسوةً لكل المؤمنين.

أليس هو من استشاط غضبا عندما عاد ووجد قومه قد أصبحوا يعبدون العجل؟

 ألقى الألواح وهي تلك الألواح التي ظل بكل شوق ينتظر الموعد مع الله ليتلقى منه الهداية، لكنه عندما عاد، عاد غضبانا أسفا، وألقى الألواح، وأخذ برأس أخيه يجره إليه، انفعل انفعالا شديدا، وغضب غضبا عارما حتى جر رأس أخيه هارون وهز بلحيته فقال له هارون سلام الله عليه { قَالَ يَا بْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي}(طـه الآية94) ، وأخوه هارون هو الذي لم يقصر.. هذه النفس التي يستـثيرها أن ترى ذلك الهدى، أن ترى تلك الأمة التي هو حريص على هدايتها، ويعرف قيمة الهدى بالنسبة لها، أهمية الدين والهدى بالنسبة لها يراها تتحول إلى عبادة العجل بدلا من عبادة الله، وتتنكر لنعمة الله عليها يوم أنقذها من آل فرعون، يوم أن شق لهم في البحر طريقا يبسا ليخرجوا منه ثم يطبقه على أعدائهم.

وحينما نسأل أنفسنا لماذا لا يعمل اليهود على توجيه الناس نحو نبي الله موسى مع أنهم يعترفون بنبوته ويدعون الإيمان به؟

لأنهم يعرفون جليا أن موسى علم من أعلام الله وعندما يربطونك بنبي الله موسى سلام الله عليه فإنهم إنما يربطونك بالله ورسله وكتبه  لأن دين الله مسيرة واحدة { لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ} ولذلك فإن المضلين من أهل الكتاب لن يوجهوك إلى أمثال نبي الله موسى بل يوجهوك إلى أولئك الساقطين الذين يروجون لهم إلى الدرجة التي يستطيعون من خلالها التأثير فيها على شباب هذه الأمة .

أهمية التمسك بأعلام الهدى الحقيقيين:

اليهود يعرفون جيدا أنه متى فصلت الأمة عن أعلامها فإنها من ستنفصل تلقائيا عن ربها  وكتابها ودينها لأن الأمة تحتاج إلى من يهديها بالقرآن وتحتاج إلى من يجسد قيمه فيها، وتحتاج إلى من يفهمها آياته فيرشدها بهديه وإرشاده فالله قد ربط كتابه بأعلام دينه قال تعالى{ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}[آل عمران 101] هذه الآية توحي بأنه لا بد للأمة مع كتاب الله إلى أعلام قائمة فيها يبصرونها ويعلمونها ويزكونها وإلا فإنها من تقع ضحية المضلين وهذا ما يشهد به واقعها اليوم  فعندما رأت نفسها مستغنية عن أعلامها الحقيقيين من أهل البيت عليهم السلام الذين قال فيهم رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي كتاب الله وعترة أهل بيتي) وقعت ضحية الضلال ولم تستطيع حتى أن تستفيد من القرآن فيما يحميها من ضلال أهل الكتاب وطغيانهم؟  فبدلا من اتباعها لأعلام الحق صعد لها أعلام ضلال وسوء وشر وباطل ودجنت على اتباعهم بل أجبرت على ذلك وبرز في أوساطها من دجنها لأن تدين لله باتباع الظالمين والتمسك بهم حتى وإن فعلوا بها ما فعلوا فما عليها إلا طاعتهم واتباعهم وإن كان ما عملوه كفرا بواحا ومن يتجرأ على مخالفتهم فحكمه القتل لأنه شق عصى الطاعة وفارق الجماعة لهذا تعبدت الأمة لله على باطل وضلال وهذا لا يليق بكماله سبحانه وتعالى إطلاقاً ومن هذه الزاوية استطاع أهل الكتاب اضلال الأمة وافسادها وفصلها عن ربها وقرآنها.

إن الأمة تحتاج إلى من يهديها بالقرآن ويجسد قيمه، وتحتاج إلى من يفهم آياته ويرشدها بهديه وإرشاده.

تأثير فقدان الأمة لأعلامها الحقيقيين:

عندما رأت الأمة أنها مستغنية عن أعلامها الحقيقيين من أهل البيت عليهم السلام الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي كتاب الله وعترة أهل بيتي”، فقد وقعت ضحية للضلال. ولم تستطع حتى الاستفادة من القرآن في حماية نفسها من ضلال أهل الكتاب وطغيانهم، بل أصبحت تتبع أعلام ضلال وسوء وباطل ودجنت.

يجب على الإنسان أن يتحرى جيدًا لمن يكون ولاؤه وكيف يكون، لأن الأعلام التي يتعلق بها الإنسان في النهاية هي من يقوده إما إلى الخير والسعادة في الدنيا والآخرة أو إلى الشر والضلال والشقاء. الأعلام الحقيقية هم من يعززون الأمة ويقودونها نحو الخير والصلاح، أما الأعلام المزيفة فيقودونها نحو الضلال والفوضى.

أدراك اليهود لأهمية الأعلام وكيفية استغلالها:             

لقد أدرك اليهود هذه السنة الحياتية بشكل خبيث، حيث يعرفون أن الإنسان بطبيعته يميل نحو التقليد والاتباع. ولذلك، صنعوا أعلامًا مزيفة وألمعوها ليخدعوا الآخرين، خاصة من ناقصي الوعي والذين لهم هوى في أنفسهم. وقد نجحوا في جر الأمة نحو أعلام لا تعرفهم إلا من خلال الترويج اليهودي لهم، مما يدل على استهتار شديد من قبل أهل الكتاب بهذه الأمة ومكر وخبث وحقد وبغض.

في هذا السياق، قال الشهيد القائد رضوان الله عليه: “الأمة تحتاج إلى أعلام، ترتبط بهم من أجل هدايتها في دينها ودنياها، ولا بد أن يكون الله سبحانه وتعالى هو من يحدد، ويبين من هم الأعلام من بعد نبيه صلى الله عليه وآله لنرتبط بهم، فبهم نقتدي، وعلى أيديهم نهتدي؛ لأن المسألة ليست مسألة مفتوحة، إذا لم يضع هو سبحانه وتعالى فالآخرون سيضعون”.

ومن هنا نستنتج الحقائق التالية:

 

  1. أولاً: يجب أن ندرك أن أعلام الهدى ليسوا مغمورين أو مموهين، بل هم أكثر لمعانًا وإشراقًا وظهورًا وأكمل شخصيات من أي شخص آخر، فهم لا يخدعون بالاختلاق الأكاذيب وتزييف الحقائق.

 

  1. ثانيًا: أعلام الهدى لديهم ما يشدك نحوهم من كمال الإيمان وعظيم الأخلاق والرحمة بالأمة وإرادة الخير والصلاح والسعادة للجميع، وهذا مالا يمتلكه أعلام الضلال.

 

  1. ثالثًا: أعلام الهدى هم من تتوقف عليهم عزة الأمة وزكاؤها وسموها، ومن ترتبط بهم قوتها وغلبتها لأعدائها، كما قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}.

 

  1. رابعًا: المسألة ليست اختيارية، بل هي مسألة إلهية تحدد من هم الأعلام بعد نبي الله، لذا يجب التسليم لمشيئة الله والارتباط بمن اصطفاهم.

 

  1. خامسًا: ليس كل من يُروج له عظيمًا، وتوليك لأعلام من نوع آخر قد يضر بالقضية التي أنت تتولاه من أجلها، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (التوبة: 34).

 

  1. سادسًا: يجب أن نعي جيدًا أن إنقاذ عباده لا يكون إلا على أيدي الأعلام الذين اصطفاهم لنبوته أو وراثة كتابه.

 

  1. سابعًا: أعلام الهدى الحقيقيون يتمتعون بمواصفات لا تتوفر في غيرهم، فهم حملة النور الإلهي والقادة والقدوة فيه، يحملون منهجًا وروحًا وأخلاقًا وقيما ومبادئ ويجسدونه في الواقع ممارسة وسلوكًا ومواقفًا، يضحون من أجله حتى بأرواحهم، وفي مقدمتهم أنبياء الله ورسله صلى الله عليه وسلم.

أهمية التصدي للتأثيرات الصهيونية:

يجب أن ندرك أن هناك تحركًا صهيونياً كبيرًا باسم الإسلام من خلال أدواتها داخل الأمة بشكل علماء ومفتين وخطباء ومدارس لتقويض الإسلام من خلال تلميع أعلام مزيفة ومحاربة أعلام الهدى الحقيقيين. لذا، يجب علينا أن نحرص على الاهتمام بالإسلام وأعلامه وهداته الحقيقيين، وندرك أن هذا هو عزة وقوة وفلاح ونصر وحل للأمة، لأن الأمريكيين يخافون من الإسلام بشكله الحقيقي، من رجاله العظماء والرموز والأعلام الحقيقيين. في حال عادت الأمة إليهم إلى اتباع الأعلام الحقيقيين، فإن معادلة الصراع قد تتغير بشكل جذري.

في ختام هذا التقرير، يتضح أن “صناعة الأعلام والرموز” هي قوة لا يستهان بها في تشكيل مسارات الأمم وأفكار الشعوب. يتوجب على الأمة الإسلامية أن تميز بين الأعلام الحقيقيين والزائفة، وأن تحرص على أن تكون مع الصادقين كما أمرها الله الذين يقودونها نحو الخير والصلاح، وتجنب الانخراط مع أعلام الضلال والباطل. إن العودة إلى أعلام الهدى الحقيقيين هو السبيل الوحيد لإعادة الأمة إلى مجدها وقوتها، ومواجهة المخططات التي تسعى لإضعافها وتمزيقها. فالأمة التي تتمسك بأعلامها الحقيقية، وهي أعلام الهدى من أنبياء الله ورسله وأهل البيت عليهم السلام، ستكون دائمًا قوية ومتماسكة في مواجهة تحديات الزمن مهما طالت ومهما ثقلت..

 

 

 

قد يعجبك ايضا