دلالات الضربة اليمنية على الكيان الصهيوني وتداعياتها
Share
دلالات الضربة اليمنية على الكيان الصهيوني وتداعياتها
في تحول مفاجئ وجريء على الساحة العسكرية والسياسية، جاءت الضربة الصاروخية اليمنية التي استهدفت مدينة “تل أبيب” لتشكل صدمة إقليمية ودولية، وتطرح العديد من الأسئلة حول قدرات اليمن العسكرية الجديدة وكيف تمكنت من تجاوز الأنظمة الدفاعية الإسرائيلية، بالإضافة إلى التداعيات السياسية والإعلامية لهذا الحدث على المنطقة والعالم.
يمثل هذا التقرير محاولة لتقديم إجابة شاملة على هذه التساؤلات، مع استعراض الأبعاد العسكرية، السياسية، والإعلامية، مدعومة بالحقائق والأمثلة.
السياق العسكري والتكتيكي للعملية وتوقيتها
وجهت القوة الصاروخية اليمنية ضربة نوعية على هدف حساس في قلب مدينة يافا المحتلة. جاءت العملية كما أوضح ذلك السيد عبد الملك بدرالدين الحوثي ضمن سياق المرحلة الخامسة من عمليات التصعيد وردا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية.
تميزت هذه الضربة بقدرتها على تجاوز الدوريات البحرية الأمريكية والبريطانية والأوروبية ، التي تجوب البحر الأحمر والبحر المتوسط، وهو ما يطرح تساؤلات حول كيفية تحقيق هذا الاختراق.
من الناحية التكتيكية، كان نجاح الصاروخ اليمني في الوصول إلى العمق الصهيوني دليلًا على تطوير تقني ملحوظ في صناعة الصواريخ اليمنية، التي رغم الظروف الصعبة والحصار، استطاعت تجاوز الحواجز البحرية المدعومة من الأساطيل الغربية التي ترابط في اعالي البحر الأحمر للدفاع عن الكيان الصهيوني إلى جانب الدفاعات الجوية للسعودية و الأردن و مصر وواصل الصاروخ اليمني مسار رحلته وصولا إلى هدفه ومتحديا أنظمة الدفاع الجوي للعدو الإسرائيلي المتطورة مثل “القبة الحديدية” و”مقلاع داوود”. التي لطالما اعتبرت من الأكثر تطورًا في العالم، فقد أظهرت عجزًا في التصدي لهذه الضربة، وهو ما يعكس تقدمًا نوعيًا في القدرات اليمنية.
ووفقا القوات المسلحة اليمنية، فإن الصاروخ المستخدم كان صاروخ فرط صوتي “hypersonic”- المدى( 2150) كيلومتر- يعمل بالوقود الصلب على مرحلتين “2stage”- يتميز بتقنية التخفي وسرعته تصل إلى 16 ماخ كما أنه يمتلك قدرة عالية على المناورة التي تتجاوز أحدث وأقوى منظومات الدفاع الجوي في العالم بما فيها القبة الحديدية.
مقارنة القدرات العسكرية:
في سياق المقارنة بين القدرات العسكرية لليمن والعدو الإسرائيلي، نجد أن كيان العدو يعتمد بشكل كبير على الدعم العسكري والتكنولوجي من الولايات المتحدة ودول الغرب. ورغم ذلك، فإن الضربة اليمنية الأخيرة كشفت عن ثغرات واضحة في منظومة الدفاع الإسرائيلية. في المقابل، أظهرت اليمن قدرات مبهرة على تطوير تكنولوجيا الصواريخ رغم الحصار المفروض عليها لسنوات طويلة.
التطورات الأخيرة تشير إلى أن هذه القدرات ليست عشوائية، بل هي جزء من خطة استراتيجية واضحة، حيث أن الصواريخ اليمنية أصبحت أكثر دقة وأبعد مدى، وفق مسار تصاعدي طالما أكده السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي في خطابته و كلماته منذ انطلاق عملية الفتح الموعود ما يجعل من الصعب التصدي لها باستخدام الدفاعات التقليدية. ومن هنا، يمكن القول إن هذه الضربة تمثل نقطة تحول في ميزان القوى العسكرية في المنطقة.
ردود فعل العدو الإسرائيلي والقوى الغربية
أحدثت العملية النوعية ارباكا كبيرا للعدو الإسرائيلي والقوى الغربية والقدرات النوعية التي برهنتها العملية حيث لم يكن أمام العدو للتعامل مع الصاروخ اليمني سوى إطلاق صافرات الإنذار في “تل أبيب” والمناطق المحيطة، وهو ما دفع بأكثر من ٢ مليون مستوطن للاتجاه إلى الملاجئ. على الصعيد العسكري، تم فتح تحقيق عاجل في فشل أنظمة الدفاع، حيث بدأت وسائل الإعلام الإسرائيلية بتوجيه الانتقادات إلى المؤسسة العسكرية، مشيرة إلى أن هذه الضربة كشفت عن نقاط ضعف في منظومة الدفاع.
من جهة أخرى، تناولت الصحف الغربية هذا الحدث بتركيز على تصاعد التوترات الإقليمية، مشيرة إلى أن الهجوم الصاروخي اليمني هو جزء من تصعيد أوسع في المنطقة. وأشارت بعض التقارير إلى أن الولايات المتحدة وفرنسا تشعران بالقلق من قدرة الصواريخ اليمنية على تجاوز الدفاعات، خاصة وأنهما تشاركان بشكل مباشر في الدوريات البحرية في المنطقة. هذا يثير تساؤلات حول فعالية الجهود الدولية في فرض الحصار العسكري على اليمن، وإلى أي مدى يمكن أن يؤثر ذلك على الأمن الإقليمي والدولي.
تطور يمني نوعي
في خطابه الجماهيري بمناسبة المولد النبوي الشريف أشار السيد عبد الملك الحوثي إلى العملية النوعية و قال:” عملية اليوم، التي نفَّذتها القوة الصاروخية، بصاروخٍ باليستيٍ جديد، بتقنيةٍ متطورة، حيث تجاوز واخترق كل أحزمة الحماية، التي يحتمي بها العدو الإسرائيلي، ويتمترس بها، بما في ذلك منظومات الدفاع الجوي المتعددة والمتنوعة، إضافةً إلى المدى البعيد، حيث قطع مسافة تقدر بـ (2040 كم)، في غضون (11 دقيقة ونصف الدقيقة)، هي في إطار المرحلة الخامسة من التصعيد ضد العدو الإسرائيلي، ونصرةً للشعب الفلسطيني، وعملياتنا مستمرةٌ طالما استمر العدوان والحصار على غزة.”
وبهذا يكشف السيد عبد الملك عن أن اليمن بات يمتلك أوراقًا قوية للرد على أي تصعيد، وأن الشعب اليمني لن يتوانى في مواجهة أي عدوان.
يأتي حديث السيد القائد في سياق استراتيجي يعكس الثقة المتزايدة بقدرات اليمن العسكرية، حيث أكد: “تواصل قواتنا المسلحة عملياتها في البحار، لاستهداف الحركة الملاحية المرتبطة بالعدو الإسرائيلي، وشريكه الأمريكي والبريطاني، وهي- بحمد الله وتوفيقه- عملياتٌ ناجحة، وفي غاية التأثير”.
الأبعاد السياسية والإعلامية للعملية
على الصعيد السياسي، تشكل هذه الضربة ضغطًا كبيرًا على العدو الإسرائيلي، الذي يواجه مأزقا داخليا وانتقادات واسعة بشأن الفشل الأمني والعسكري والاستخباراتي وعجز العدو عن تحرير اسراه رغم حجم المجازر والدمار. كما أن هذه الضربة تأتي في وقت حساس بالنسبة للعدو الإسرائيلي، الذي يعيش مرحلة من عدم الاستقرار السياسي، مما يزيد من تداعيات تصاعد الأزمة الداخلية.
من الناحية الإعلامية، استحوذت الضربة على اهتمام واسع من وسائل الإعلام، حيث ركزت على قدرة اليمن على توجيه ضربات استراتيجية رغم الحصار. في وسائل الإعلام العربية، تم تصوير هذه الضربة كإنجاز كبير عربي كبير بعد سنوات طويلة من الذلة والتبعية، ما يعزز أمل الأمة في تحرير فلسطين ويضعف من هيبة العدو الإسرائيلي كقوة تم تصويرها في مخيلة العربي ” قوة لا تقهر”. كما أن الضربة أعطت زخما معنويا كبير للمقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني المظلوم وفتحت الباب أمام تساؤلات حول مستقبل الصراع في المنطقة، وما إذا كانت هذه العملية تشكل بداية لتحولات أكبر في الساحة الإقليمية.
التأثيرات المستقبلية وتوقعات الخبراء
يتوقع الخبراء أن يستمر اليمن في تطوير قدراته العسكرية، خاصة في مجال الصواريخ بعيدة المدى والطائرات المسيرة. هذه القدرات ستعزز من موقف اليمن في أي مفاوضات مستقبلية، وستضع المزيد من الضغوط على العدو الإسرائيلي وحلفائه. كما أن هذه الضربة قد تؤدي إلى إعادة تقييم استراتيجية الدفاع الإسرائيلية، حيث ستكون هناك حاجة لتعزيز أنظمة الرصد والدفاع الجوي.
في النهاية، يمكن القول إن الضربة الصاروخية اليمنية على “تل أبيب” هي حدث غير عادي يعكس تحولًا نوعيًا في ميزان القوى بالمنطقة. هذه الضربة تمثل رسالة واضحة بأن يمن عربي مسلم قادم بقيادة رجل المرحلة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله الذي يعرف جيدا كيف يواجه العدو الإسرائيلي بعيدا عن لغة الانبطاح والذلة والعمالة التي استهلكتها الأنظمة العربية طوال العقود الماضية و بات هناك بلد عربي يمتلك قوة لا يستهان بها، ولديه القدرة على التأثير في معادلات الصراع الإقليمي والدولي.