دراما سعودية بنكهة الصهيونية على mbc
الحقيقة/سناء إبراهيم
ضربة موجعة في الوجدان العربي، صاغت تفاصيلها تبعات ما سمي بـ”صفقة القرن” التي تبنّت بنودها السعودية وسوّقت وخططت لها من أجل تثبيتها وإعلانها بغطاء من الراعي الأميركي. ولأن الرياض لا تضيّع الفرصة من أجل فرملة سياساتها وتنفيذ ما يخدم علاقاتها التي تدّعي تأمين الحماية لها، فقد كرّست جهودها للباب الثقافي والإعلامي، لاستكمال مخطط استهداف القضية الفلسطينية وبيع القدس والمقدسات وحرف بوصلة الأمة جمعاء.
من المدخل الرمضاني، واستغلالاً للشهر المبارك، استجمعت الرياض كل ما بحوذتها من إمكانيات، وضختها في شبكة أم بي سي، وشرّعت الأبواب أمام انطلاق عجلة بثّ السموم في سياق استكمال فصل من فصول التطبيع مع كيان الاحتلال الصهيوني، وتمت حياكة المغالطات التاريخية بهدف تمرير مرحلة أساسية من مراحل التطبيع للجمهور، الذي لطالما كان رافضا لمحاولات الأنظمة بيع القضية الأساس للأمة.
بصورة فاقعة جاء مسلسل “أم هارون” من تأليف محمد وعلي شمس، وإخراج محمد جمال العدل، وأثار جدلاً واسعا في الأروقة العربية حتى قبل انطلاق عرضه وتبدت ملامحه من الإعلان الترويجي، ودفع الجدل السلطات الكويتية نحو منع عرضه في البلاد لأنه يتعارض ومواقفها وشعبها من قضية الشعب الفلسطيني، وذلك على الرغم من أن البطولة تلعبها الممثلة الكويتية حياة الفهد، والتي أيضاً شاركت بإنتاجه مع شركة “جرناس” الإماراتية، وعمل الجانبان بصفة منتج منفّذ لدى شبكة mbc السعودية، في حين استحوذت الإمارات عرّابة التطبيع الأساسية علنا وسراً، على عملية تصوير المسلسل على أراضيها بموجب إجازة رسمية على النص المكتوب للمسلسل.
على مقلب الشبكة السعودية أيضاً، يدعم المسلسل الكوميدي “مخرج 7” من تأليف خلف الحربي وإخراج أوس الشرقي، أهداف التطبيع المتسارعة. ومن أولى الحلقات يبدأ الممثل السعودي ناصر القصبي بأداء دوره بمهاجمة القضية الفلسطينية والفلسطينيين، ويقول “إن إسرائيل ليست عدواً” ويشجع على التعامل مع “الإسرائيليين” ويرفق ببعض المشاهد مزاعم وادعاءات ويحرّض على ضرورة الإعتراف بكيان الاحتلال الذي لا يراه عدواً، ويعمل المسلسل على مهاجمة واستهداف الفلسطينيين.
تطبيع الأنظمة يواجه بالتزام الشعوب
النظام السعودي الذي سخّر أموالاً طائلة من أجل تمرير ما يريد في سياسة التطبيع وتمييع القضية الفلسطينية عبر استخدام الإعلام، برزت محاولاته في استكمال تنفيذ “صفقة القرن” الموسومة بـ”صفقة العار”، عبر إيصال التطبيع إلى مراحل متقدمة من بوابة الدراما والشاشة الذهبية، التي لا شك أن تأثيرها الكبير على المتلقي دفع باتجاه استغلالها في الوقت المناسب من الشهر الفضيل بهدف كيّ وعي الجمهور، غير أن الأخير أظهر وعياً ووقف موقفا لمجابهة شتّى المحاولات العبثية لوأد القضية.
هذه المحاولات، جوبهت بحملات المقاطعة التي أعلن عنها وبوسوم التغريد التي انطلقت للتأكيد أن قضية فلسطين هي القضية الأساس للأمة ولا يمكن المساس بها البتة، لا من قِبل الأنظمة الخليجية أو الراعي الأميركي، وشدد رواد مواقع التواصل الاجتماعي على أن فلسطين بوصلة الأمة، وعلى الأنظمة الخليجية أن تفهم وتعلم بأن المس بالمحرّمات وتجاوز الخطوط الحمراء تفشل جميع مخططاتها العدوانية.
الجربا: فلسطين قضيتنا
أمين عام حركة “كرامة” المعارضة في السعودية د.معن الجربا، يجزم بأن “أغلب الأنظمة العربية والإسلامية ومنذ نهاية الحرب العالمية الأولى، وبعد تعيينهم بوظائف بمرتبة ملك ومرتبة شيخ وأمير ورئيس من جهة المحتل البريطاني والأوروبي للمنطقة، منذ ذلك الوقت وهذه الأنظمة الخائنة تحاول ترويض الشعوب من أجل التطبيع مع الكيان الصيهوني مرةً بالترغيب وأخرى بالترهيب”، مشدداً على أن الأنظمة لم تألوا جهداً ولا خبثاً منذ مئة سنة لخداع الشعوب العربية والإسلامية بالقبول بالأمر الواقع وإقناع الشعوب أن الكيان الصهيوني كيان قوي لا يستطيع أحد هزيمته، كما عملت هذه الأنظمة على تشويه صورة الشعب الفلسطيني بأنه شعب خائن باع أرضه ولم يترك فرصة إلا وحاول التآمر على الشعوب العربية والإسلامية، بينما حقائق وأرقام التاريخ تثبت بالأدلة القاطعة أن الشعب الفلسطيني شعب مناضل شريف وليس بخائن أو عميل البتة لا من قريب ولا بعيد”.
في حديث خاص لموقع “العهد”، يؤكد الجربا على أنّ هذه الأنظمة فشلت منذ قرن فشلا ذريعا في عملية إقناع الشعوب والأجيال الأولى بالتطبيع، بل إنها كانت تتعامل “بحذر وخوف شديدين مع الشعوب عندما تريد التلميح فقط لكلمة تطبيع أو حتى محاولة التفكير في هذا الأمر، لذلك فهذه الأنظمة عربية وغربية قد يئست تماما من شراء ضمير أو خداع الأجيال الأولى لقضية فلسطين، وبسبب الفشل لجأت هذه الأنظمة العالمية والعربية إلى العمل على استقطاب الأجيال الجديدة الفتية من القرن الواحد والعشرين من خلال الإنحلال الأخلاقي وتسهيل الهجرة إلى الغرب للفلسطينيين، وإنتاج المسلسلات التي تجعل من الفلسطيني شريرا في عيون الأجيال الجديدة، بينما تجعل من الصهيوني ملاكا بريئا يستحق العطف والحماية”، وتابع “لكني رغم كل هذا المكر العالمي أراهن بعد التوكل على الله سبحانه وتعالى على هذه الأجيال الجديدة التي سوف تحرر فلسطين”.
وتعليقاً على التطبيع عبر الأعمال الدرامية الذي سلكت طريقه الرياض ومعه الأنظمة الخليجية، يرى أمين عام حركة “كرامة”، أن هذه الأعمال الدرامية والبروباغندا الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من الوسائل الأخرى، يتم الصرف عليها بسخاء من دول الخليج تحديدا ودول أخرى عربية وإسلامية مع كل أسف”، ويجزم بأن الرهان ليس على الأنظمة في نصرة القضية بل على الثقة بالله عز وجل أولاً، وعلى تفعيل الأعمال الإعلامية والدرامية ووسائل التواصل الإجتماعي وغيرها التي يعمل عليها أشخاص صادقون يقومون بهذه الأعمال بأبسط التكاليف ومن دون أرباح، ولكن ربحهم الحقيقي هو رضاء الله، ومن ثم النصر الأكيد.
من هنا، ومن موقع المسؤولية، يكشف الجربا عن الحملة الإعلامية التي أطلقتها حركة “كرامة”، من أجل التفريق بين ما تفعله الأنظمة العميلة وبين ما تفعله الشعوب العربية والإسلامية الشريفة والمقاومة بشأن القضية الفلسطينية، وهذه الحملة أطلقت بالتعاون التقني والفني مع “ملتقى الشباب العربي” وبالإشتراك التطوعي والمجاني لكوكبة من الشباب و الإعلاميين والمثقفين والأكاديميين والقانونيين، وجاءت تحت شعار “فلسطين قضيتي”، لمواجهة محاولات الدراما التطبيعية خلال شهر رمضان لغسل أدمغة الشعوب ونسف قضية الأمة الأساس، تنفيذا للإرادة السياسية للأنظمة الخليجية.