لطالما ألفنا مَشاهد تعرية الأسرى وترهيبهم وسحَلِهم وذبحهم والتمثيل بهم وإغراقهم، فداعش الصغرى لم تألُ جهداً في استخدام مختلف أساليب الترهيب والتعذيب وبث حالة الرعب بين أوساط المدنيين وتخويفهم، وقد تصدرت المشهد لفترة طويلة سَبّاقة حتى أصبحت ورقةً منتهية صلاحيتها ولم يعد لها ذلك التأثير، ناهيك عن التنكيل بها من قبل المقاومة وفضح ورقتهم ولمن تمتد جذورهم، واليوم إسرائيل بعد موجة الغضب والخوف والجنون الذي أصابها لم يعد يروي ظمأها تلك الطائرات الحربية والقنابل المحرمة التي تفحم الأجسام وتمزقها لأشلاء وفتات وتساوي المباني بالأرض، بل انكشف وجهها لتقوم بحجز المدنيين وتعريتهم وإظهارهم عراة والتنكيل بهم، واستهداف النازحين أسر بأكملها بالقناصة لتظهر الرسالة ووجه القرابة وداعش بل لتقول للعالم أنا من صنعتها.
لم يعد ذلك التخفي الذي تخاف معه إسرائيل من ظهور وجهها الدّاعشي أمام العالم، بل انطلقت بهمجية وغضب أظهر داعشيتها وإرهابها في تعرية لكل مسميات السلام التي قد تعنونَت تحت غِطائها واندّفعت من خلالها تجاه موجة التطبيع مع الأنظمة العربية العميلة، وعن الشعوب العربية هاك السلام وضِحت تفاصيله في غزة! فمَا الذي فقدته إسرائيل سياسيًّا وعلى مدى بعيد جِـدًّا من خلال همجيتها واستمرارها في سفك الدماء والأُسلُـوب الداعشي الذي اتخذت قرار تمثيله في حربها؟ وفي ظل ذلك تتزايد موجة الغضب العربي والدولي وتصحو الإنسانية تجاه فلسطين في أوساط شعوب العالم ويظهر ذلك الكيان المتصهين عارياً، وتكسب المقاومة نقاط إضافية تبرز أحقيتها ووجوبية دفاعها عن نفسها وشعبها، ويمتد طوفان التعري إلى أمريكا التي رفضت قرار وقف الحرب في غزة، وبينما العالم يتابع المشهد باهتمام بالغ ويندفع لمعرفة الحقيقية نرى الأنظمةَ العالمية تتكشف وبحماقة غير معهودة، خُصُوصاً وهي قد اعتادت الضرب على الأعناق وذبح الإنسانية وراء وتحت غطاء العناوين.
خسارةٌ عسكرية واقتصادية وسياسية وحتى اجتماعية تلم بالكيان الصهيوني، بالمقابل ينطلق ليشفي غضبه بسيول من الدماء والانتهاكات، فما مؤشرات كُـلّ ذلك؟ إن كُـلّ حضارات التاريخ لم تندثر إلا بعد ظلماً انتهجته وفساد تمثلته، وإسرائيل تعرف ذلك ويعرفون التاريخ وقصصه وشواهده ويعرفون جالوتهم وفرعونهم وما أصابهم، والدليل الآخر الغرب نهض خائفا بعدما راء مؤشرات الأفول ليأخذ بأسباب منع ذلك مُقَدِما كُـلّ أساليب الدعم والإسناد، ولتستخدم أمريكا حق الفيتو لتستمر الحرب، وبالمقابل فلسطين وغزة خَاصَّة تدفع ثمن مقدما لنصر قادم وإسرائيل تُستنزف وفي كُـلّ المجالات.
ظهرت إسرائيل سفاحة سفاكة معنلة أنها داعش الكبرى في صورة فضحت جذر داعش الصغرى وظهر النظام الأمريكي المتعطش للدماء ليثبت قرار استمرار أنهر الدماء والأشلاء كُـلّ ذَلك وسط صحوة العالم؟ فما الذي يجب أن يعرفه الجميع؟ إنها حقيقة كُـلّ من أمريكا وإسرائيل وحقيقة “الداعشية الشعواء” التي باتتا تتقنهما وتُمثلهما كلا منهما علنا؟