خيرُالبرايا:للشاعر /عبد الكريم محمد الوشلي
مِـن دونِ نـــورِكَ لا نـجــمٌ ولا قــمــرُ
ولاجــــداولُ تـُـسـقـيـنـا ولا ثــمــــرُ
بــك الـبـريـة ُ شـقـت وجــه ظـلـمـتهـا
ودان لـلـحـق جـبـارون قــد ســدروا
يـامــن بـيُـمـنـاهُ خـط الـحُبُّ سُـورَتـهُ
في دفـتـر الخَلْقِ طُراً .. صدرُهُالبشرُ
ومـَـن تـراءت عـلـى مِـرآةِ بــزغـتِــهِ
أحـلامُـنـا الغـُـر أفــراســاً لـهـاوطرُ
تعدو بنا في فيافـي الضــوءِ صاهــلــةً
وفي النواصي .. شآبـيـبُ الهـدى وَتَرُ
يا سيـدي ، يا أبـا الزهراءِ ، يـا قِـمـمـاً
مــاقــطُّ مــسَّ ذٌراهـا زيــدُ أو عُـمَـرُ
و يا ســمـاءً بــعـلـيـاهـا سـمــت زُمــرٌ
مـن السـجـايـا التي تزهـو بـهـا السيـرُ
و يا جــبــالا سَـرَتْ آيـــاتُ رفـعـتـهــا
على الـبـرايــا ، نـهـوراً عـزفُها شجـرُ
ما اخضر سفحٌ بَـمحيانا ، ومُـنـعـطــفٌ
إلا عـلـى وَقـْعِ مـغـنـاهـا ، ولا زهـَــرُ
يا أشــرفَ الرُّسْـلِ ، يا ضوءًا حدائـقـُه
في شرفةِ الكون ، يحسو عطرَها القمرُ
ماذا أقــولُ ، أنــا الآتــي ،تـُـكــبـلـُـنــي
سلاسلُ الوِزْرِ ، يُنـدي جبهـتي العــثـَرُ ؟
ماذا أقــول ، وفي حلـقي صخـورُ أسـىً
تـمـتـص خـطوي ثـغـورُ الجُرم والحفرُ ؟
وكــيـف أُجـري مـيـاهـا شـح مورِدُهـــا
فــي زاخــرٍ مـوجـُـه مــدٌّ .. ولا جــزرُ ؟
وكــيـف أمــدح مـن أغــضت مـناقـبــُه
مناهــلَ الحـرف والأشعار..تـُعـتـصـرُ ؟
ويــســتــفــيق ويــغـفــو فــي محـبـتـــه
سـحـرُ الـبـلاغـات، يطوي عُمرَه السفرُ
هيهاتَ.. هيهاتَ، مهما حَرفي احتشدت
قــُواه، مهـما تــداعى السـمع والـبــصـرُ
وســارع الضــوء عــدواً في مسالـكــه
وشــمــر الـبـحـرُ عـن يـُمـنـاهُ والـنـهــرُ
أن أَبلغَ الـغـايــةَ الأسـمـى، ملامـَسَـةً
لـسـفـح مـَرقـاكَ.. يـامـن ذكـرُه مـطــرُ
هـتـَّانـُه فـي عــروق الـكـون ملحـمـةٌ
خـيـرُ الـبـرايـا.. على مـنـطـوقِها عِبـرُ
هيهات.. هيهات، لكن جئتُ من جزعٍ
بــخــافــقَــيَّ لـــه وخـــزٌ .. لـــه إبـــرُ
أجــيء مـلء الحـنـايـا، مـلء أوردتي
مــن الـتـلـهـف مـا يـلـهــو بــه الشــررُ
يا سـيـدي فــاض بـالأحـزان مِرجـلُنـا
لا مَـيــمـــنٌ قــــد تـوقـاهــا ولا يـَـسَــرُ
جار العدا في حمانا، صاح صائحُهم
بـالـويــل فـيـنـا ، وأحـلامـاً لـنـا قـبروا
فـي سـكـرة الـتـيـه ألـقـونـا، بـلا سُفنٍ
لا ظـهـر أبـقـوا لـنـا ، نـاقـاتـِنا عـقروا
وسَامَـنا الذلَّ “صهيونٌ” ، غدا حِمـماً
حـقـدٌ لـهـم يـصـطـلـيـنـا، والمدى حجرُ
ونحـن، في قـُمـقـمٍ ، يرتـاح ما ردُنــا
وقــرُ الـنـواقـيـس في أُذنـيـه يـحـتـضـرُ
قـد لـذ لـلـغـاصبـيـن العـيـشُ في دَمِـنا
ونـحـن فـي الـوهـم مـنـفـيـون ، نُحتـقـرُ
بـكـــل دامٍ وفـــتـــاكٍ قـــــد انــفـلـتـوا
فــيـنـا بـعـنـف الـذي لا يـبـقـي أو يـــذرُ
لـم يـرقـبـوا ذمــةً فـيـنـا ولا حـفـظوا
عــهــداً لــنــا، لا ولا حـقـاً لــنــا خَفَروا
كـم عـاهـدونـا، وكـم وعـداً لنا قطعـوا
مــن دون أدنى وفــاء بــالــذي نــــذروا
أطـفـالـُنـا والـنـسـاءُ والـشـيـوخُ غـدوا
بــكـَفِّ إجـرامـهـم نـُعـمـى، وقــد كفروا
سـمـاً زعـافــاً أذاقــونـا ، وبـات لـهـم
سـلــوىً ردانــا ، فــلا “كــلاً ولا وزرُ”!
يا رحـمـةَ الله، مـُهـداةً لـنـا ، وســنــاً
الـبـدوُ تـرجـو نــدى كـَفـَّيـه والـحـضــرُ
رُحمى الـذي بالـهـدى أهـداكَ مَـكرُمةً
لـلـعالـمـيـن .. بـنــا، والــغـوثَ يا قمـرُ
فـلـيـس إلاكَ مـن تُـرجى شـفـاعـتُـــه
ديـنـاً ودنـيا، لمـن غـابـوا ومن حضروا
ولـيـس إلاكَ مــأمــولٌ بــشِــرعــتــِه
الـسـمـحـاءِ، قـطـعـاً ، بـهـا يُبنى ويُعتمرُ.