خلال امتحان الانتصار لغزة.. إفريقيا تسأل: هل لدى أحدكم رقم هاتف الجامعة العربية؟
حسم الاتحاد الإفريقي، الأمر ضدّ الكيان الصهيوني وانتصر لغزة، حين تمكّنت الجزائر وجنوب إفريقيا من حظر الكيان المنبوذ – بشكل نهائي – من هذه المنظمة القارية، إذ تمّ إلغاء عضوية (شرفية) كان الكيان قد اكتسبها – قبل سنتين – بطرق غير شريفة، بيد أنّ الاتحاد الإفريقي لم يكتف بهذا، بل أمعن في إذلال الكيان من خلال فرش السجادة الحمراء لرئيس وزراء السلطة الوطنية الفلسطينية، محمد اشتية، الذي اعتلى منصّة الجمعية العامة، تحت تصفيق حار، لكن هذا المشهد القوّي – والمعبّر عن الموقف الإفريقي في دعم قطاع غزة وكل الشعب الفلسطيني ضدّ العدوان الصهيوني – يقابله مشهد بارد تمثّله الجامعة العربية التي تساءل بشأنها – ذات يوم – وزير الخارجية الأمريكي الراحل هنري كيسنغر: “ترى ما رقم هاتفها”؟
بدأت القصة، في آخر فصولها، عندما منع الاتحاد الإفريقي وفدا صهيونيا، مكوّنا من المدير العام لوزارة خارجية الكيان ياكوف بليتشتين، والمديرة في قسم إدارة إفريقيا آميت باياس، من دخول مقر المنظمة، لعقد لقاءات مع مسؤولين أفارقة بغرض طرح وجهة نظر الاحتلال حول تطورات الحرب في غزة.
مصادر إعلامية، قالت بأنّ الوفد الصهيوني وصل إلى أديس أبابا وحاول المشاركة في الجلسة الافتتاحية لاجتماعات مجلس وزراء الخارجية الأفارقة بصفة مراقب، وذلك لإقناع بعض الدول الإفريقية مجدّدا بدعم عضوية الكيان تحت صفة مراقب في الاتحاد، لكن الاتحاد الإفريقي أغلق الباب في وجوههما وطردهما.
هذا المشهد المذلّ، لم يكن الأول، فقبل عام كان وفد صهيوني – برئاسة شارون بارلي، نائبة مدير دائرة إفريقيا في الخارجية الصهيونية – قد حاول حضور القمة الإفريقية الـ36 التي عقدت بأديس أبابا في فيفري 2023، لكنّ الجزائر وجنوب إفريقيا صمّمتا على طرد الوفد فما كان من رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي إلا الخضوع للأمر الواقع.
لقد وجد “موسى فكي” نفسه – حينذاك – معزولا ومجبرا على تلبية طلب الوفد الجزائري والجنوب إفريقي، فأمر مدير ديوانه ومسؤول الأمن بصرف الدبلوماسيين غير المرغوب فيهم خارج القاعة، لكن أعضاء الوفد الصهيوني رفضوا المغادرة – بطريقة ودية – ومكثوا لأكثر من 20 دقيقة، وهكذا قام إطارات من المفوضية باستخدام القوة لطردهم.
التقارير الصحفية – في قمة 2023 – قالت إنّ وفدي الجزائر وجنوب إفريقيا اعترضا على مشاركة الوفد الصهيوني، ما استدعى تدخّل أجهزة الأمن لتطلب من الوفد الصهيوني مغادرة القاعة، وأظهرت لقطات مصوّرة مسؤولين عن التنظيم وحراس أمن يطلبون من رئيسة الوفد الصهيوني المغادرة قبل أن يدفعوها – ومن معها – إلى خارج القاعة التي كانت تعقد فيها القمة.
حادثة الطرد هذه وقعت بينما كان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتيه موجودا في القاعة يتوسّط رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وبعد ذلك، أعربت الخارجية الصهيونية عن غضبها الشديد، وقالت في بيان إنّ الوفد الرسمي الصهيوني عومل بطريقة فظة.
كانت هذه الحادثة – قبل عام – ثمرة جهد قادته الجزائر لمنع تغلغل الكيان الصهيوني في الجسد الإفريقي، وكانت قد نجحت قبل ذلك – برفقة جنوب إفريقيا – في فرض إلغاء دعوة أرسلها رئيس المفوضية موسى فكي إلى سفير الكيان في أديس أبابا، أليلي أدماسو، لحضور أشغال القمة بصفته ممثلا لسلطة الاحتلال.
حلفاء الكيان ومن بينهم المغرب، ركبوا رؤوسهم وقرّروا تثبيت صفة مراقب لفائدة الكيان المحتل، لكن الجزائر وجنوب إفريقيا صمّمتا على إلغائها، وقال بيان لخارجية الكيان: “إنّ محاولة إلغاء صفة مراقب لـ(إسرائيل) ليس لها أيّ أساس في قوانين المنظمة”، ورد كلايسون مونييلا – رئيس الدبلوماسية العامة في الإدارة الحكومية المعنية بالعلاقات الدولية في جنوب إفريقيا – على ذلك بقوله: “إلى أن يتّخذ الاتحاد قرارا بشأن منح (إسرائيل) صفة مراقب، لا يمكن أن يأخذ الكيان هذه الصفة ويضطلع بأعمال المراقبة”.
ماذا حدث بعد ذلك؟
هكذا أعلن صاحب القرارات الطائشة توبته
للإجابة عن هذا السؤال، يجب العودة إلى عام 2022، حين دعا البيان الختامي للقمة الإفريقية الـ35 إلى إنهاء الاحتلال الصهيوني، وقال إنّ نبذ العنف لا يتحقّق إلا بحلّ الدولتين، وذلك بعد تعليق الوفود المشاركة، قرار منح الكيان صفة المراقب في الاتحاد الإفريقي.
وفي المؤتمر الصحفي الختامي للقمة الـ35، في أديس أبابا، قال رئيس الاتحاد الإفريقي وقتذاك وهو رئيس السنغال ماكي سال، إنّ النقاش حول الكيان يثير الانقسام بين بلدان القارة، ولذلك فقد تم اقتراح إحالته إلى لجنة ستقوم بالبحث عن حلّ للمسألة، وكانت تلك اللجنة تتشكّل من 7 رؤساء دول، بينهم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، لبحث محاولة فرض انضمام سلطة الاحتلال إلى الاتحاد بصفة مراقب.
وبجانب الجزائر، تضمّ اللجنة – التي تشمل تركيبتها دولا يحرّك دبلوماسيها نظام المخزن المغربي والإمارات – رؤساء السنغال والكاميرون والكونغو الديمقراطية ونيجيريا ورواندا وجنوب إفريقيا.
لكن هذه اللجنة لم تجتمع ولم تقدّم أيّ تقرير لمناقشته من قبل رؤساء الدول والحكومات الإفريقية ما جعل القرار المتّخذ في 2022 والذي ينصّ على تعليق صفة الملاحظ التي منحها رئيس المفوضية موسى فكي بقرار أحادي، ساري المفعول إلى غاية فتح الملف من قبل اللجنة سالفة الذكر والتي تعتبر الجزائر عضوا فيها ممثلة برئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.
وللتذكير، فإن رئيس الاتحاد موسى فكي، كان قد دافع – في قمة 2022 – عن موافقته من جانب واحد في 2021 على قبول طلب الكيان الحصول على صفة مراقب، وهو ما ترفضه عدة دول في مقدّمتها الجزائر وجنوب إفريقيا ونيجيريا والتكتل الإقليمي للجنوب الإفريقي، في وقت تؤيّده مجموعة صغيرة من الدول الأعضاء التي يقف المغرب إلى جانب الإمارات وراءها.
وملخص القضية، أنّ موسى فكي وافق بمفرده في 2021، على طلب الكيان الحصول على صفة مراقب، وفي 2022 تم تجميد هذه العضوية بانتظار البت فيها من لجنة متخصصة، وفي 2023 تمّ طرد الوفد الصهيوني بالقوة وفي 2024 تم حظر هذه العضوية نهائيا، مع إدانة الكيان الصهيوني وتكريم الوفد الفلسطيني ومشاركة وفد الصحراء الغربية وإجبار موسى فكي – صاحب القرارات الطائشة – على إعلان التوبة.
وبالفعل، أدان رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فكي، العدوان الصهيوني على غزة ووصفه بأنه “الأكثر فظاظة” للقانون الإنساني الدولي، واتهم قادة الاحتلال بالرغبة في “إبادة” سكان غزة، وقال إنّ قرار محكمة العدل الدولية المتعلّق بجرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها (إسرائيل) “انتصار لكل الدول المساندة للقضية الفلسطينية”.
نحو إعلاء القضية الفلسطينية..
إفريقيا تتطهّر من الوباء الصهيوني
رحّبت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، بالبيان الختامي الصادر عن قمة الاتحاد الإفريقي الـ37 المنعقدة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، الداعي إلى وقف العدوان الصهيوني على قطاع غزة وسياسة العقاب الجماعي وجريمة الإبادة بحقّ المدنيين الفلسطينيين العزل.
وطالبت حماس في بيان لها، بضرورة ترجمة ما ورد في البيان الختامي بخطوات عملية من كافة الدول الإفريقية الصديقة، بما يسهم في وقف العدوان وحرب الإبادة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، كما دعت إلى قطع كافة العلاقات مع الكيان الصهيوني ودعم نضال الشعب الفلسطيني حتّى نيل حقوقه الوطنية المشروعة وعلى رأسها إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
وكان البيان الختامي الصادر عن الدورة العادية الـ37 لمؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، قد أدان الحرب الوحشية التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني بحق الفلسطينيين بقطاع غزة واستخدام القوة المفرطة ضد 2.2 مليون مدني أعزل، إضافة إلى محاولات التهجير القسري نحو شبه جزيرة سيناء المصرية.
كما طالب البيان، الاحتلال الصهيوني بالاستجابة للدعوات الدولية المطالبة بالوقف الدائم لإطلاق النار في القطاع والامتثال لقرارات محكمة العدل الدولية لمنع الإبادة الجماعية في غزة ورفع الحصار عنها، ودعا أيضا إلى إجراء تحقيق دولي مستقل في استخدام الكيان المحتل لأسلحة محظورة دوليا وفي استهداف المستشفيات والمؤسسات الإعلامية في حربها المتواصلة على القطاع.
وقبل هذا، كانت صحيفة “لوموند” الفرنسية، الصادرة يوم الاثنين 19 فيفري 2024، قد أفادت أنّ الاتحاد الإفريقي سحب صفة العضو المراقب الذي كان يتمتع به الكيان الصهيوني داخل المنظمة، وبذلك تمّ حظر الكيان بشكل نهائي من المؤسسة بعد عقد من الجهود الدبلوماسية وسنتين من اعتماد تلك الصفة.
وأوضحت الصحيفة – في تقرير بقلم نوي هوشيت بودين مراسلها بأديس أبابا – أنّ طرد وفد الكيان الصهيوني بشكل غير رسمي من الجمعية العامة للاتحاد الإفريقي مع بدء مناقشات الرؤساء في فيفري من السنة الماضية 2023، ترك أثره على العلاقة بين الكيان والقارة، بفضل جهود الجزائر وجنوب إفريقيا اللتين كانتا وراء إبعاد الممثلين الصهاينة، وإن لم تؤد إلى حسم موضوع الكيان الصهيوني.
وبعد مرور عام على هذه الحادثة الدبلوماسية، وضعت الحرب على قطاع غزة حدا لهذا النقاش، وبقي الملف المتعلق باعتماد الكيان الصهيوني مغلقا، كما يقول مسؤول كبير في الاتحاد الإفريقي، لكن المنظمة علّقت صفة مراقب التي كانت تتمتع بها (تل أبيب)، وقال إيبا كالوندو، المتحدث باسم رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، إنّ “(تل أبيب) ليست مدعوة لحضور القمة”.
في المقابل، فرش الاتحاد الإفريقي السجادة الحمراء لرئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية الذي حظي بالتصفيق الطويل من رؤساء دول قارة ملتزمة في معظمها بقضية فلسطين، وقال أمام عدد من الزعماء الأفارقة إنّ “الفلسطينيين يدافعون عن وطنهم كما دافعتم أنتم في إفريقيا عن أراضيكم ضدّ الاستعمار”.
ودان الأفارقة، العدوان الصهيوني على قطاع غزة، واعتبره رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي محمد، الانتهاك “الأكثر فظاظة” للقانون الإنساني الدولي، واتهم (تل أبيب) بالرغبة في “إبادة” سكان غزة، وبعده، شكر رئيس جزر القمر غزالي عثماني، جنوب إفريقيا على تقديمها شكوى إلى محكمة العدل الدولية للتنديد “بالإبادة الجماعية التي ترتكبها (تل أبيب) أمام أعيننا”.
وكان قضاة محكمة العدل الدولية، قد حكموا لصالح بريتوريا، التي تقدّمت في نهاية ديسمبر 2023 بطلب تتّهم فيه الكيان الصهيوني بارتكاب إبادة جماعية ضدّ الفلسطينيين في غزة، وقالت ليزل لو فودران، الباحثة في مجموعة الأزمات الدولية إنّ “هذا أحد أعظم الإنجازات في الدبلوماسية الإفريقية”.
ورغم كل هذا، أعربت وزيرة خارجية جنوب إفريقيا ناليدي باندور، عن قلقها “بشأن وجود ممثلين صهاينة في مقر الاتحاد الإفريقي في الأيام الأخيرة”، بعد أن شوهد السفير الصهيوني لدى إثيوبيا داخل المبنى، كما عقد شارون بارلي، نائب المدير العام لوزارة الخارجية الصهيونية لشؤون إفريقيا، المطرود من الاتحاد الإفريقي عام 2023، اجتماعات سرية في العاصمة الإثيوبية، بحسب عدة مصادر دبلوماسية.
ورغم حظر الكيان الصهيوني رسميا من الاتحاد الإفريقي، فإنّ بذوره الملعونة لا تزال قائمة وهو ما تأكّد – حسب لوموند – عندما صوّتت 7 دول إفريقية ضدّ القرار الذي يدعو إلى هدنة إنسانية فورية في غزة، في الأمم المتحدة، في 27 أكتوبر 2023، ناهيك عن التحالف الصهيو – مغربي بتحريض من الإمارات.
بينما جريمة الإبادة مستمرة..
جامعة أبو الغيط في ذمّة النسيان
يوم الخميس الماضي، طلبت فلسطين عقد دورة غير عادية لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين، لبحث التحرّك العربي والدولي لوقف جريمة الإبادة الجماعية ضدّ الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وفي آخر تصريح له – أمس الثلاثاء – قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، إنّ استدامة التنمية بالمنطقة يندرج ضمن أولويات الجامعة العربية.
واستمر أبو الغيط – خلال كلمته في اليوم العربي للاستدامة أمس الثلاثاء – يتحدّث عن خطوات الجامعة وخططها ومبادراتها وإستراتيجياتها في كافة الأصعدة المتعلّقة بأهداف التنمية المستدامة والتي تقتضي حتما تحقيق السلام وحل كافة النزاعات، مشيرا في جملة عابرة إلى القضية الفلسطينية، واصفا إياها بأنّها “النزاع الأطول”.
لكن مهند العكلوك – المندوب الدائم لفلسطين لدى جامعة الدول العربية – يعتبر أنّ الدعوة إلى عقد دورة غير عادية للجامعة العربية، قد جاءت في ظلّ استمرار جريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني القوة القائمة بالاحتلال، ضدّ الشعب الفلسطيني، مشيرا إلى “تدهور الأوضاع بشكل كارثي وغير مسبوق في قطاع غزة عموما، ومدينة رفح ومخيماتها بوجه خاص، وتكدّس أكثر من مليون ونصف المليون نازح فلسطيني قسرا فيها”.
بين ما يتحدث عنه أبو الغيط وما يطالب به مهند العكلوك، ثمة زمن مقتطع من الجحيم تكابده غزة تحت قصف همجي متواصل منذ 7 أكتوبر 2023، فيما يلوح الاحتلال الصهيوني منذ أيام بتنفيذ اجتياح بري على مدينة رفح التي نزح إليها أكثر 1.5 مليون سكان القطاع، وهو ما أثار – باستثناء جامعة أبو الغيط – قلقا دوليا وأمميا بشأن احتمال وقوع انتهاكات مروعة وإبادة جماعية وجرائم جديدة جراء العدوان الذي يشنّه الاحتلال منذ أكثر من أربعة أشهر على القطاع.
ومن حسن حظ الفلسطينيين، أنّ في هذا العالم شرفاء، يدافعون بكل الوسائل الممكنة عن حقوق ضحايا العدوان في غزة، فقد استأنفت محكمة العدل الدولية بلاهاي، أمس الثلاثاء، جلساتها العلنية بشأن التبعات القانونية الناشئة عن سياسات الاحتلال الصهيوني وممارساته في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.
وعبّرت المجموعة العربية حول الوضع في الشرق الأوسط، يوم الاثنين، عن تأييدها بقوة لمشروع القرار الذي قدّمته الجزائر لمجلس الأمن الأممي لوقف فوري لإطلاق النار بقطاع غزة، وأكّدت المجموعة في بيان لها: “نؤيّد بقوة مشروع القرار الذي قدّمته الجزائر ونحثّ بقوة جميع أعضاء مجلس الأمن على التصويت لصالحه”، مبرزة أنّ مشروع القرار ينسجم مع أولويات المجموعة العربية والمجتمع الدولي الأوسع، الداعية إلى وقف إطلاق النار، وتحديد النطاق اللازم لوصول المساعدات الإنسانية ومعارضة التهجير القسري.
وأشارت المجموعة العربية حول الوضع في الشرق الأوسط، إلى أنّه بعد مرور 135 يوما منذ العدوان الصهيوني على السكان الفلسطينيين في قطاع غزة، فإنّ “الوضع الإنساني يتدهور بسرعة بسبب القيود التي تفرضها سلطات الاحتلال، على الرغم من القرارين 2712 و2720، فضلا عن الجهود الجديرة بالثناء، ولا سيما من جانب السلطات المصرية، لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها”.
وأضافت أنّه “من المؤسف أنّ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يظلّ خاملا، وغير قادر على إدانة الفظائع اليومية التي ترتكبها سلطات الاحتلال. ويجب على مجلس الأمن أن يتّخذ إجراء فوريا. ولا يمكنها أن تصمّ آذانها عن نداءات المجتمع الدولي والرأي العام العالمي، الذين يطالبون جميعا بوقف إطلاق النار”، مؤكّدة أنه “لا يوجد أيّ عذر يمكن أن يبرّر جمود مجلس الأمن، ولابدّ أن تتضافر كافة المساعي لوقف المذبحة المستمرة في غزة”.
وأكّدت المجموعة العربية حول الوضع في الشرق الأوسط، أنّ “القرار الذي قدّمته الجزائر إلى مجلس الأمن ينسجم مع أولويات المجموعة العربية والمجتمع الدولي الأوسع – أي وقف إطلاق النار، وتحديد النطاق اللازم لوصول المساعدات الإنسانية، ومعارضة التهجير القسري”، مبرزة أنّ “ذلك قد يؤدي إلى تعزيز المسار الموازي الذي تتوسّط فيه مصر وقطر والولايات المتحدة، بدلا من تعريضه للخطر”.
ومع وقوع هجوم صهيوني وشيك على رفح، أكّدت ذات المجموعة “أنّ التهديد الخطير الذي يواجه منطقة مكتظة بالسكان حيث يتركز 1.4 مليون شخص لا يمكن المبالغة فيه، مما يمثّل منعطفا حاسما قد تكون له عواقب لا يمكن إصلاحها”، وأشارت إلى أنّه “قد حان الوقت لمجلس الأمن، المنوط به المسؤولية الأساسية عن صون السلام والأمن الدوليين، أن يتصرف بشكل حاسم ويتّخذ قرارا حازما قبل فوات الأوان”.
ترسيم الخيانة..
من مأساة صبرا وشاتيلا إلى محرقة غزة
أعلن الأفارقة، موقفهم ضدّ الاحتلال الصهيوني، فيما دعت منظمة العفو الدولية، دول العالم إلى مراجعة علاقتها بالكيان لضمان عدم المساهمة بإدامة الاحتلال ونظام الفصل العنصري، بينما يواصل الاتحاد الأوروبي على لسان مسؤول السياسة الخارجية جوزيب بوريل، الحديث بلغة فاترة من خلال تحذير الكيان من أنّ عددا كبيرا من المدنيين في رفح وأنّه من المستحيل تفادي سقوطهم ضحايا.
أما الجامعة العربية، فإنّ وضعها يحيل إلى مقال على صحيفة “لوبس” الفرنسية، استذكر الكاتب – الطبيب التونسي محمد صلاح بن عمار – عبارة لوزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنغر، عندما تساءل عن رقم هاتف جامعة الدول العربية، في الوقت الذي يقتل فيه سكان غزة بالآلاف تحت القنابل.
وافتتح بن عمار، وهو وزير صحة سابق في تونس، مقاله باستعادة ذكرى وصول الناجين من مذبحة صبرا وشاتيلا سنة 1982 إلى تونس مبعدين من بيروت، في إشارة خفيّة إلى قطاع غزة الذي وصل عدد الشهداء فيه إلى أكثر من 29 ألفا إضافة إلى 69 ألف جريح، ونحو مليوني نازح، متسائلا “أين العرب؟”.
ولمعرفة ذلك – يقول الكاتب – عليك، ويا للمفارقة، أن تقرأ الصحافة الإسرائيلية، حين تروي صحيفة “هآرتس” اليسارية أنّ العديد من القادة العرب، خلف الكواليس، يدعون الاحتلال إلى مواصلة العمليات العسكرية حتى الإبادة الكاملة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وكأنّ هذه الحرب تناسب حكام منطقتنا ما دام لم يعرف ذلك أحد.
ولأنّ “العرب اتّفقوا على ألا يتفقوا”، يذكّر الكاتب بأنّه قلّما توجد دولتان في الجامعة العربية إلا وبينهما حرب مفتوحة أو كامنة، وبأنّ قادة هذه الدول لم يستطيعوا لمدة 75 سنة الاتفاق على الخيارات الإستراتيجية التي كانت تمليها عليهم حياة كل طفل فلسطيني.
ومع أنّ الكاتب لا يشكّك – كما يقول – في صدق مشاعر “الشارع العربي” تجاه “الإخوة” الفلسطينيين، فهو يرى أنّ العرب يجدون متنفسا في الدراما الفلسطينية، لأنّ التدفق التضامني مع عدم تجاوز مرحلة التعاطف لا يبدو مريحا، إذ ينسى المواطن العادي، أمام الصور المروعة من غزة، كل العقبات التي تعترض الحرية والفقر، وكأنّ حاله لم تعد سيئة مقارنة مع إخوانه المحرومين من الماء والغذاء والدواء.
وبالتالي، فإنّ النزعة القدرية تتعزّز في ضوء المأساة الفلسطينية بطريقة غير واعية ولكن منتشرة، وكأنّ الشعوب العربية قد اعتمدت هذا القول المأثور “عندما أنظر إلى نفسي أتأسف، ولكن عندما أقارن نفسي بغيري أجد العزاء”، ولهذا السبب، فإنّ الدراما الفلسطينية هي أيضا دراما منطقة بأكملها، وبدل الدفع إلى اتخاذ إجراء، فإنّها تدفعنا إلى مزيد من اللامبالاة اليائسة والتي تدعو إلى اليأس.
وفي مناخ اليأس المعمّم يراد لأدنى عمل لصالح فلسطين أن يتحوّل إلى عمل بطولي، حتى ولو تجلّى ذلك في مجرّد إرسال قليل من المساعدات الغذائية أو استقبال مجموعات من جرحى الحرب، أو حتى ارتداء الكوفية في الاجتماعات كعرض رمزي يمكن أن يثير مشاعر التعاطف.. لا يوجد أيّ عمل بناء، حسب الكاتب.
ويخلّص الكاتب إلى أنّ ما نمرّ به الآن، لا يمكن أن يؤدي إلا إلى مصائب أكبر، إذ أنّ لدى قادتنا الميكيافيليين مصلحة في استمرار هذا الصراع، لأنّ كل حرب تعدّ فرصة يجب اغتنامها لبسط سلطتهم وتشديد الخناق على شعوبهم، فهم غير شرعيين، وبالتالي لا يتمتعون بالمصداقية وغير قادرين على إسماع أصواتهم دوليا.
ومع ذلك، يجب أن يتّفق العرب على قراءة مستقبلية للتاريخ، وليس بأثر رجعي كما هي الحال للأسف حاليا، وعلى رؤية واضحة لواقع توازن القوى في العالم، وكسب الشجاعة لقبول حلول غير كاملة ومواصلة النضال من أجل المثل المشتركة – كما يقول الكاتب – ويجب أن تصبح مجتمعاتنا ديمقراطية من أجل التغلّب على شبح التخلّف والفساد والقمع.
نهاية التطبيع المجاني..
علي الطواب يحلّل خطر اتساع رقعة الاحتلال الصهيوني في فلسطين
أبرز الباحث المصري في الشؤون السياسية والإستراتيجية، علي الطواب، أنّ الدول العربية للأسف الشديد، وحتى هذه اللحظة لم تُقدّم موقفًا قويًا وحاسمًا يردُّ المعتدي الصهيوني ويضعه عند حدّه، فبالرغم من هول المشهد وبشاعة ما يتعرّض له الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزّة، إلا أنّ العرب لم يحركوا ساكنا في الشارع العربي أو الشارع الإقليمي أو حتى في الشارع الدولي، حيث أنهم أخفقوا في اتخاذ خطوات صارمة من شأنها التصعيد في اتجاه إيقاف الاحتلال الإسرائيلي عن ارتكاب المزيد من الانتهاكات والاعتداءات بحق الفلسطينيين، حتى ولو كان ذلك بلغة الديبلوماسية فقط.
وفي هذا الصدد، أوضح الطواب في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أنّ هناك عددّا من الدول العربية المطبّعة مع الكيان الصهيوني، هذا التطبيع الذي نصفه بـ”التطبيع المجاني”، مُشيرًا في هذا السياق، إلى أنه على “إسرائيل” أن تعي أنّ للعرب شوكة، وشوكة قوية تستطيع من خلالها أن تفرض أجندتها ورأيها على الكيان الصهيوني وعلى صانع القرار لدى “إسرائيل”.
وتابع قائلا: إنّ “إسرائيل” هي عبارة عن كيان يتواجد على أرضٍ عربية محتلة منذ 1967، وكيان يتمادى في ممارسة كافة سياسات التهويد للقدس العربية الإسلامية، وبالتالي فإنّ الموضوع أخطر من أن نحصره في العدوان على قطاع غزّة وأخطر من رفح وما إلى ذلك، فالاحتلال الصهيوني هدفه الحقيقي هو أن يبتلع فلسطين كاملة، فبعد أن ابتلع القدس الغربية، ها هو اليوم يهوّد القدس الشرقية ويريدها عاصمة له، ومقرا وأرضا له، ونحن على أبواب شهر رمضان الفضيل، تحاول “إسرائيل” جاهدةً أن تمنع المصلّين من دخول باحات المسجد الأقصى، ومن هنا سيظلّ هذا الصداع في رأس كل عربي حرّ بأنّ “إسرائيل” تحاول أن تهوّد المدينة المقدسة.
وبالعودة إلى المشهد والأحداث الجارية في قطاع غزّة، أعرب الأستاذ الطواب، عن أسفه الشديد عن مواقف العديد من الدوّل العربية في هذا الإطار، مشيرا إلى أنّ هناك العديد من الدول المطبّعة لم تتخذ خطوة التصعيد من خلال استدعاء السفير كأقل إجراء، فيما وقفنا على تصريحات الرئيس البرازيلي التي استفزّت قادة الاحتلال الإسرائيلي، وطالبوا بمساءلة السفير البرازيلي لدى الكيان الصهيوني، الأمر الذي ردّ عليه الرئيس لولا دا سيلفا بسحب السفير البرازيلي لدى “إسرائيل”، وهذه الخطوة في لغة الديبلوماسية هي لغة اعتراض بمعنى “أنا أختلف مع سياستك وأختلف مع موقفك”، ومن هنا نجد أننا نحن كعرب علينا أن نظهر حتى ولو موقفا بسيطا يوضّح حقيقة أنّنا على الأقل غاضبون ولا نقبل بما يتعرّض له الشعب الفلسطيني من حرب إبادة جماعية ومجازر مروّعة يندى لها جبين الإنسانية.
في السياق ذاته، أفاد الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية، بأنّ “إسرائيل” تحاول أن تلعب بورقة المدنيين البسطاء وبورقة إسالة الدم الفلسطيني، بحثًا عن تحقيق ولو هدف عسكري وحيد من أهدافها المعلنة، وقال “هم يعلمون يقينًا أنهم وضعوا أنفسهم في موقف حرج للغاية، ولكنهم لا يزالون يتمادون في ارتكاب المزيد من المجازر بحق الأبرياء والعزل، دون أن يلقوا بالا لا للمواثيق ولا للقوانين الدولية، ولا هم هؤلاء الذين لديهم البعد الإنساني أو الأخلاقي، فنحن نتحدث عن كيان إسرائيلي صهيوني متطرّف احتل الأرض العربية الفلسطينية، أرضا ليست بأرضه ولا حق له فيها”.
“جمل إنشائية لا تعبّر عن صرامة الموقف العربي”
على صعيدٍ متصل، جدّد الطواب، تأكيده بأنّ العرب لم يحركوا ساكنا بشأن الأحداث الجارية في قطاع غزّة، ولم نرى على الأقل من لوّح بقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني، كل ما وقفنا عنده هو بعض الجمل الإنشائية التي لا تعبّر حقيقة عن موقف واضح وصريح يثني الاحتلال الإسرائيلي عن مواصلة عدوانه الجائر بحق الأطفال والنساء في غزّة، بل على العكس تمامًا هناك من ذهب إلى تبني نوع من أنواع المجاملات السياسية إن جاز التعبير، حيث أنّ هناك من يتحدث عن خط بري يربط ما بين الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومنه إلى العقبة ومنه إلى “إسرائيل” ومنه إلى البحر المتوسط.
إلى جانب ذلك، أبرز المتحدث، أنّ هذه اللحظة هي لحظة فارقة في تاريخ الأمة العربية والإسلامية، ولا بدّ أن تتضافر الجهود لقول كلمة واحدة لدعم الحق الفلسطيني، هنا فقط يُمكن أن يكون هناك ردّ فعل حقيقي يليق بمستوى الحدث، فعلى العرب أن يثبتوا ويبيّنوا أنهم جزء مهم في صنع الخريطة السياسية، حتى لو كانت هذه التوضيحات مجرّد توضيحات كلامية أو حتى تصريحات سياسية، المهم أن يكون هناك موقف عربي واضح وصريح، فأن تأتي متأخرا أفضل بكثير من ألا تأتي أبدًا.
هذا، وأوضح الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية، أنه وفي حال استمرار “إسرائيل” في تحركاتها اللاإنسانية واللاأخلاقية، علينا نحن كعرب أن نوقف أيّ مشاريع مستقبلية تربط دولنا العربية بالكيان الصهيوني الغاشم، فلا بدّ من اتخاذ موقف واضح يعبّر هذه المرة عن ضرورة التوافق العربي نحو القضية الفلسطينية التي تأتي بالأساس على رأس أجندة القضايا العربية، فحماية المقدّسات الإسلامية ليست مهمة الفلسطينيين وحدهم أو مهمة المصريين وحدهم أو الأردنيين وحدهم، إنّما هي مسؤولية كافة العرب وكذلك هي مسؤولية إسلامية، فالعالم الإسلامي كلّه مسؤول عن هذه القضية.
وفي هذا الشأن، أشار المتحدث، إلى أنّ هناك عددا من الدول التي تربطها اتصالات عميقة مع الكيان الصهيوني وهي محسوبة على العالم العربي أو الإسلامي، ولكنها لم تحرّك ساكنا في اتجاه نصرة الحق الفلسطيني وإدانة ما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي من مجازر وجرائم حرب مكتملة الأركان بحق الآمنين في بيوتهم في قطاع غزّة، وأمام كل هذا نحن نأمل أن تتحرّك دولنا العربية التي لها علاقات مختلفة مع الكيان الصهيوني، وأن تضع حدّا لهذا العته الإسرائيلي وهذا السُعّار الإسرائيلي نحو الدم الفلسطيني، وأن تلوّح إما بمواقف سياسية وإما بتعليق العلاقات الدبلوماسية وإما بتعطيل مشروعات مشتركة مع الكيان الصهيوني.
في سياق ذي صلة، أبرز الطواب، أننا اليوم أمام مفترق طرق “طوفان الأقصى”، الذي يجب أن نقف عنده، وأمام محاولة تدمير قطاع غزّة في عملية قاسية للغاية، تحوّلت إلى ترمومتر جديد، هذا الترمومتر هو الذي سيحدّد ملامح المشهد القادم، سواء مع الإدارة الأمريكية، وبايدن الذي فقد القدرة على التركيز، وحتى على تحديد صفات المشهد، وبالتالي نحن أمام موقف محدّد وهو نصرة القضية الفلسطينية ليس فقط بالمال، وليس فقط بالعمل السياسي وفتح أبواب الحوار، إنما يجب أن تكون على رأس أولوياتنا في منظومة مشتركة، كلٌ يدلي بدلوه فيها لنصرة القضية ونصرة هذا الشعب المرابط على أرضه.
وفي ختام حديثه لـ “الأيام نيوز”، أبرز الباحث المصري في الشؤون السياسية والإستراتيجية، علي الطواب، أننا نقف عند مبادرة السلام العربية، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الأرض العربية المحتلة، وإقامة كذلك هذه الدولة بعاصمة أبدية وهي القدس الشرقية واسترجاع كل الأراضي العربية المسلوبة، ونتحدث هنا عن إعادة الجولان إلى سوريا، وإعادة الأراضي المغتصبة في الضفة الغربية إلى أصحابها الفلسطينيين، وبالتالي نقف هنا عند بداية الطريق لنؤكد أنّ الدولة لها عاصمتها المعترف بها من طرف كل الدول العربية، وآن الأوان أن يُعترف بها دوليا وأن تخرج من صفة المراقب في الأمم المتحدة، إلى صفة دولة مشاركة ذات كيان وسيادة.
“يجب ترجمة القرارات إلى أفعال فورية”..
جهاد طه يستنكر تقاعس الدول العربية
يرى الناطق الإعلامي باسم حركة حماس، جهاد طه، أنّه ممّا لا شك فيه، أنّ حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، ترحّب بمخرجات القمة الإفريقية التي انعقدت مؤخرا في العاصمة الإثيوبية أديس بابا في دورتها السابعة والثلاثين، والتي دعت إلى وقف الإبادة الجماعية ووقف مسلسل الجرائم والمجازر بحقّ الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزّة، وضرورة الامتثال لقرارات محكمة الجنايات الدولية وغيرها من القرارات.
وفي هذا الصدد، أوضح الأستاذ طه في تصريح لـ “الأيام نيوز”، بأنّ هذه الخطوة تأتي حقيقة في الاتجاه الصحيح ومن شأنها أن تعزّز الموقف الفلسطيني والرواية الفلسطينية في محاسبة قادة الاحتلال وجنود الاحتلال الصهيوني الذين يرتكبون مجازر دامية بحق الشعب الفلسطيني والمقدّسات الفلسطينية التي تتعرّض لاعتداءات وانتهاكات بالجملة من قبل “جيش” الاحتلال الإسرائيلي المتطرّف.
هذا، وأبرز الناطق الإعلامي باسم حركة حماس، أنّ الدول العربية والإسلامية مُطالبة بأن تتّخذ مواقف مُماثلة لمواقف القمة الإفريقية من خلال احتضان القضية الفلسطينية والدفاع عنها، وتبني مواقف جريئة وشجاعة، فالموقف العربي اليوم بحاجة إلى تطوير وإلى تفعيل، وترجمة عملية وتجسيد على أرض الواقع، خاصة بعد انعقاد القمة العربية الإسلامية مؤخرا، ولم تستطع الدول العربية والإسلامية أن تترجم هذه المقررات بعد، وبالتالي نحن ندعو حقيقةً إلى بناء إستراتيجية عربية إفريقية إسلامية واضحة وصارمة تدافع عن عدالة القضية الفلسطينية وتدعم وتساند الحق الفلسطيني في مواجهة العدوان الصهيوني المستمر على أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل.
النموذج الإفريقي كأساس..
هذه رؤية البروفيسور عكنوش لتطوير العمل العربي المشترك
دعا الباحث في الشّؤون الأمنية والإستراتيجية، البروفيسور عكنوش نور الصباح إلى “إصلاح منظومة العمل العربي المشترك وتفعيلها من جهة، وهندسة نموذج عربي لحوكمة أنظمة إدارة الأزمات وفق معايير التّدبير والرؤية والذّكاء من جهة أخرى”.
وفي هذا الصّدد، ناشد الباحث في الشّؤون الأمنية والإستراتيجية، العرب إلى “أفرقة طريقة ممارستهم السّياسة حتى يتعلّموا كيف يدافعون عن قضاياهم بذكاء وبعد نظر، ويتخلّصوا من بداوتهم السّياسية في الإطار العصبي الذي يميّز نظرتهم إلى مصالحهم وإدارتهم لوجودهم دون رؤية وهو ما انعكس على مواقفهم السلبية أو بالأحرى “لا مواقفهم” ممّا يحدث لهم وبهم في غزّة وفي العراق وفي سوريا واليمن وليبيا وغيرها حتّى تحوّلوا إلى عبئ جيوسياسي على العالم يتأثّرون بالأحداث دون التّأثير فيها على غرار العدوان على قطاع غزّة وهو عدوان عليهم جميعًا بالمعنى الإستراتيجي والحضاري”.
وأوضح البروفيسور عكنوش نور الصباح، في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أنّ “حالة اللاوعي بالمستقبل جعل العرب لا يقرأون جيدًا الواقع ولا ينتجون قيمة مضافة بالمعنى السّياسي والأخلاقي ولا يتفاعلون بإيجابية مع السّياقات المحيطة بهم حتّى أنّهم أساءوا لأنفسهم بتطبيع مهرول وبسلام فاشل مع كيان لا يحترمهم ولا يضعهم في حساباته”.
وفي السياق، يعتقد المتحدث ذاته، أنّ “النّموذج الإفريقي يمكن البناء عليه لو توفّرت إرادة سياسية عربيّة قويّة وصادقة للانتقال من القبيلة إلى الدّولة ومن التّبعية إلى التّنمية ومن الفقر السّياسي إلى الفكر السّياسي وهو تحدّي أمة يمكن أن تكون غزّة بالنّسبة لها فرصة إستراتيجية جديدة للمستقبل كما قد تكون فرصة جديدة ضائعة في زمن لم يصنعه العرب ومازالوا يستهلكون أشياءه الماديّة كما يستهلكون خيباتهم أمام كيان محتلّ أقلّ منهم عددًا ومساحة”.
وختم الباحث في الشّؤون الأمنية والإستراتيجية، البروفيسور عكنوش نور الصباح تصريحه لـ “الأيام نيوز” بالقول: “لو انتظر أهل فلسطين إخوتهم العرب ما كان السابع أكتوبر ليكون ولكان الكيان عضوًا في الجامعة العربية”.
الدكتورة نبيلة بن يحيى لـ”الأيام نيوز”:
“رفض الكيان الصهيوني في إفريقيا يطرح تحديات قارية جديدة”
تعتقد أستاذة العلوم السّياسية والعلاقات الدّولية، الدكتورة نبيلة بن يحيى أنّ “الرّفض الصّريح لعضوية الكيان الصّهيوني الاستعماري الغاصب في الاتحاد الإفريقي، سيرفع العديد من التحديات الخاصّة بالقارة الإفريقية، خاصّة بعدما رفعت جنوب إفريقيا إلى محكمة العدل الدّولية إدانة بالإبادة والمجازر التي يتعرّض لها الشّعب الفلسطيني، على مرأى ومسمع من الدول العربيّة التي تجاورها في الحدود أو التي تقاربها في التّاريخ والقيم، لكنّها لم تحرّك ساكنًا لنجدة نداءات الاستغاثة في داخل الأراضي المحتلّة”.
وعلى إثر التّطورات الخطيرة والمفجعة التي تشهدها الأراضي المحتلّة منذ الـ 7 أكتوبر 2023، أشارت الدكتورة نبيلة بن يحيى في تصريح لـ “الأيام نيوز” إلى أنّه “قد بات من الواضح ما يريده الكيان من المنطقة العربية عبر تمدّده الإستراتيجي في المنطقة، كمشروع حمائي للمصالح الغربية، ممّا جعله يحاول فرض تمكينه السّياسي في الاتحاد الإفريقي بمعيّة نظام المخزن”.
ورغم العلاقات التي يتمتّع بها هذا الكيان مع دول إفريقية عديدة، – تضيف المتحدثة – سواء تلك التي سايرت صفقة التّطبيع أو تلك التي تقيم معها علاقات دبلوماسية وشراكات اقتصادية؛ إلا أنّ “الجزائر وجنوب إفريقيا وبصوت حرّ ومن أجل المرافعة في القضايا العادلة وحقّ تقرير المصير، وعلى رأسها القضيّة الفلسطينية، كان الحسم النّهائي بسحب صفة العضو المراقب في الاتحاد الإفريقي”.
وفي السياق، أفادت أستاذة العلوم السّياسية والعلاقات الدّولية، بأنّ “الدول العربية منشغلة في أداء صفقاتها التّجارية دون التطلّع إلى العلاقات الإنسانية، وإلا كيف نفسّر – حسبها – هذا الخذلان العربي في تحريك الرّأي العام الدولي أو المنظّمات الدّولية أو تفعيل آلية الدّفاع المشترك التي تنسجم معها الدول العربية كاقتراب وليس العمل في الميدان”.
وختاما لحديثها مع “الأيام نيوز”، تعتقد أستاذة العلوم السّياسية والعلاقات الدّولية، الدكتورة نبيلة بن يحيى أنّ “تاريخ الخذلان في المسار السّياسي للدول العربية سيواصل في تصعير خدودهم على أهالي فلسطين المحتلّة، استجابة للمشاريع الموعودة والموجودة من خلال حلفائهم وشركائهم الذين سارعوا في مدّ يد العون لوجيستيكيا وعسكريًا، وهذا ما يؤكّد على استمرار الوضع كما هو إلى أن يحلّ التّغيير المنتظر من الشّعوب العربية والإسلامية في نصرة أهل الحق وتعديل ميزان القوة غير العادل في معالجته وإدارته للحرب في الأراضي المحتلّة”.
مسألة مبدأ..
الاتحاد الإفريقي ينتصر للقضية الفلسطينية
بقلم: محمد لمين حمدي – كاتب وإعلامي صحراوي
شكّلت القمّة الإفريقية الـ 37 لرؤساء وحكومات الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي، التي انعقدت بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا تحت شعار: “تعليم إفريقي يواكب القرن الـ21” منصّة للمرافعة عن القضايا العادلة وإدانة حرب الإبادة الجماعية في غزّة والضفّة الغربيّة من فلسطين المحتلّة، وهي القضيّة التي أخذت نصيب الأسد من مداولات ونقاشات القادة الأفارقة الذين استنكروا مجازر الاحتلال الصّهيوني بحقّ الفلسطينيين وغزّة على وجه الخصوص.
لم تكن القمّة عادية مثل ما اعتدنا أن نراها، فقد كانت فلسطين حاضرة بوفد رسمي يقوده رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية الذي ألقى كلمة في القمّة أشاد فيها بموقف الاتحاد الإفريقي تجاه فلسطين حيث قال في مقتطف من كلمته:
“التحية لإفريقيا من أرض فلسطين، التحية من 28 ألف شهيد معظمهم من النساء والأطفال شكرا للاتحاد الإفريقي الذي يسمع صوت الحق والحرية ويستضيف فلسطين على أعلى منصة إفريقية”.
لكنّ الحدث غير العادي هو محاولة وفد من الكيان المحتل، التسلّل إلى قاعة المنظّمة الإفريقية بدعم من الاحتلال المغربي، حيث أراد عقد لقاءات مع مسؤولين في الاتحاد الإفريقي لتبرير جرائم حرب الإبادة التي يرتكبها في قطاع غزّة.
ويحاول هذا الكيان، الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي ولو بصفة مراقب والغريب أنّ محاولات الكيان هذه تأتي بعد انضمام نظام الاحتلال المغربي إلى المنظّمة القارية عام 2017 محاولة منه تشتيت وتخريب الاتحاد الإفريقي من الدّاخل، تارة نراه يخلق مشاكل من العدم وتارة يحاول منع وفود الدّولة الصّحراوية العضو المؤسّس للاتحاد الإفريقي وتارة يحاول بكلّ الطّرق إدخال حليفه الكيان الصّهيوني، كلّ هذا من أجل خلق الانقسام داخل المنظّمة القارية.
كما لا ننس محاولات الكيان الصّهيوني حضور القمّة الإفريقية الـ 36 التي عقدت بأديس أبابا عام 2023، قبل أن يرفض الاتحاد ذلك بسبب اعتراض دول إفريقية عدّة تتقدّمها جنوب إفريقيا والجزائر الدّاعمتين لحركات التحرّر والشّعوب المطالبة بحريّتها وتقرير مصيرها وفي مقدّمتهما فلسطين والصّحراء الغربية، وهو موقف مشرّف لهاتين الدّولتين اللّتان تعرفان حجم المعاناة والاستعمار وما الاحتلال الفرنسي ونظام الآبارتيد عنّا ببعيد.
لتنتهي القمّة ببيان ختامي داعم للفلسطينيين ولغزّة العزة ويندّد بجرائم الإبادة التي يرتكبها الكيان الصّهيوني بحقّ الفلسطينيين العزّل، كما طالب البيان بتحقيق دولي مستقل حول حرب الإبادة الجماعية والأسلحة المحظورة التي استخدمها الكيان في حقّ الفلسطينيين بغزة.