خلافات سعودية إماراتية حول إدارة ملف اليمن استخباراتياً
تتصاعد حدة الخلافات داخل دول تحالف العدوان الذي تقوده السعودية في حربها على اليمن منذ 2015م، حتى باتت الإمارات تتجاهلها وتعمل على تحقيق نفوذها وأهدافها الخاصة.
ويواجه تحالف العدوان عدة عقبات في ظل انسحاب العديد من الدول، واقتصاره فقط على عدة دول فقط، فيما تسعى الإمارات التي دعم “المجلس الانتقالي الجنوبي” إلى تحقيق مطامعها بتفكيك اليمن والسيطرة على موانها وموارده الطبيعة.
وتفاقمت خلافات خفية داخل المراكز الاستخباراتية بين السعودية والإمارات، على خلفية الحرب الدائرة في اليمن منذ 2015، واستخدام أبوظبي نفوذها في التحالف لتصيفة معارضيها من اليمنيين.
وتفيد معلومات بأن قيادة القوات السعودية المنضوية ضمن تحالف العدوان في اليمن، تدعو لإعادة “ترتيب صلاحيات المراكز الاستخباراتية التابعة للدول المشاركة في التحالف وبشكل رئيس مع دولة الإمارات”.
وكشفت التقارير الاستخباراتية التي رفعت في شهر أكتوبر الماضي من قبل ضباط سعوديين، عن خلافات واسعة وتضارب في التنسيق بين جهاز الاستخبارات السعودي ونظيره الإماراتي “أدى الى تراجع دقة العمليات العسكرية التي تستهدف مليشيا الحوثيين في اليمن”.
ومن بين تلك المعلومات “طلب العميد في الجيش السعودي، عبد الرحمن مسعودي، بشكل رسمي من قيادة وزارة الدفاع والتي يرأسها ولي العهد محمد بن سلمان، “ضرورة البدء بفصل النشاط الاستخباراتي السعودي عن النشاط الاستخباراتي الإماراتي”.
و”مسعودي” هو أحد ضباط جهاز الاستخبارات السعودي المشاركين في الفريق الاستخباراتي في اليمن، وأحد الذين أشرفوا على إعداد التقارير المرفوعة.
وأشارت المعلومات إلى أن الضابط السعودي أوضح في إحدى تقاريره المرفوعة إلى المكتب الخاص لبن سلمان، أن جهاز الاستخبارات الإماراتي “بدأ يتعمد تمرير معلومات لتحالف العدوان تفيد بوجود مواقع لتنظيمات إرهابية”.
وأضافت: “عقب تعامل تحالف العدوان مع هذه المواقع وفقاً للمعلومات والإحداثيات الواردة من قبل الطرف الإماراتي، تبيّن أنها مواقع تابعة للجيش اليمني”.
ووفقاً للتقارير المرفوعة من قبل جهاز الاستخبارات السعودي، “تم الحصول على معلومات تفيد بأن جهاز الاستخبارات الإماراتي يتعمد تضليل القوات العسكرية، لا سيما الجوية منها بهدف تصفية تشكيلات ومجموعات منضوية ضمن الجيش اليمني”.
وأشار الضابط السعودي مسعودي في التقرير، إلى أن المجموعات التي تم استهدافها من قبل سلاح الجو في التحالف “شملت وحدات قتالية قبلية، ومن خلال النشاط الاستخباراتي تبيّن أنها من الجموع العسكرية المناوئة لدولة الإمارات في اليمن”.
وتشير التقارير إلى وجود حالة من الاستياء على مستوى قادة الوحدات العسكرية والاستخباراتية السعودية في اليمن، “نتيجة لعدم استجابة القيادة السعودية ممثلة بالأمير محمد بن سلمان لمطالب القيادات الميدانية بضرورة الحد من الدور الاماراتي لا سيما الاستخباراتي وإمكانية الاعتماد على جهاز الاستخبارات السعودي في إدارة العمليات في الأراضي اليمنية”.
وتسبب نفوذ الإمارات ضمن تحالف دعم ما تسمي بـ الشرعية في اليمن، في تجميد مشروع دعم وتطوير جهاز استخبارات يمني قادر على دعم الوحدات البرية والجوية للجيش اليمني والتحالف العربي.
وترجع الإمارات ذلك إلى إمكانية استثمار حزب الإصلاح اليمني للدعم المخصص لهذا البرنامج، ومخاوف إماراتية من إمكانية عدم القدرة على السيطرة على الجهاز مستقبلاً.
ووجهت اتهامات لقوات تحالف العدوان باستهداف مواقع المرتزقة “للجيش اليمني” بشكل متكرر، منذ وقتٍ مبكر من تدخل التحالف في البلاد، والتي استهدفت أحياناً مواقع بعيدة عن القتال مع الحوثيين.
ومن بين تلك الاستهدافات، تعرض الجيش اليمني لقصف متعمد من قبل طيران الإمارات في أغسطس 2019، سقط على إثرها نحو 400 جندي بين قتيل وجريح، على مشارف عدن.
وتقود السعودية تحالفاً عسكرياً، يضم دولاً عربية بينها الإمارات، ويدعم منذ 2015 ميلشيا هادي ضد أنصار الجيش واللجان الشعبية، المسيطرين على محافظات، بينها العاصمة صنعاء منذ 2014.
وفي نوفمبر الجاري، كشفت وثيقة سرية إماراتية أن وزارة الخارجية تقدر مستقبل العلاقة مع نظام آل سعود في اليمن بأنه على المحك، وحذرت من أن يؤدي تنازع المصالح بين البلدين إلى خلق بيئة عدائية لكلا منهما و بصدام ميداني.
وبحسب الوثيقة، المُعدّة من قِبَل وحدة الدراسات اليمنية في وزارة الخارجية الإماراتية، فإن بقاء الوضع الراهن في اليمن يعني تأسيس بيئة مقاومة للسعودية والإمارات معا، أو على الأقل غير مطمئنة ومتشككة منهما، وفقا لما أوردته صحيفة “الأخبار” اللبنانية.
واستندت الوثيقة إلى تقدير موقف الأطراف المحلية للنزاع اليمني من العلاقة بين أبوظبي والرياض، مشيرة إلى أن كل هذه الأطراف، باستثناء جماعة أنصار الله، لكن نظرتها للعلاقة مع الطرف الآخر في تحالف العدوان ليست موحدة.