خطة أنصار الله الشاملة لوقف إطلاق النار.. مثالية أم واقعية؟.
بعد أسبوع واحد من شنّ الجيش اليمني واللجان الشعبية هجوماً كبيراً على المنشآت النفطية في السعودية، وتوجيه ضربة مروّعة لاقتصادها، ردّاً على القصف السعودي اليومي للمدن اليمنية وقتل المدنيين على يد آل سعود، أعلن رئيس المجلس السياسي الأعلى في اليمن “مهدي المشاط” في الذكرى الخامسة للثورة اليمنية، عن خطة شاملة وفورية لوقف إطلاق النار تضم جميع الأطراف المشاركة في الحرب، لإطلاق مفاوضات جادة وحقيقية تؤدي إلى مصالحة وطنية شاملة.
من ناحية أخرى، اقترح المشاط وقف الهجوم على السعودية باستخدام الطائرات من دون طيار والصواريخ البالستية والصواريخ المجنحة، مقابل إيقاف جميع أشكال الهجوم على اليمن.
بطبيعة الحال، تفعيل هذا الاقتراح كان يبدو بعيد المنال، بعد الهجوم بالطائرات المسيرة ضمن عملية “توازن الردع الثانية”، والذي أثار غضب السعوديين بشكل واسع النطاق، كما أن ردّ الرياض على هذه الخطة، تماماً مثل خطط السلام الأخرى، كان الرفض السريع والتهديد بالانتقام، لذلك فإن أهداف أنصار الله في تقديم مثل هذا الاقتراح لا تستند بالضرورة إلى نظرة متفائلة بقبول الرياض ونهاية الحرب، ولكنها تفعل ذلك لإيصال رسائل مهمة إلى مختلف المستويات في الداخل والخارج، والتي تعتبر مهمةً للغاية بالنظر إلى الظروف الحالية التي تسود تطورات اليمن.
إحباط حرب الأعداء الإعلامية
واحدة من أهم رسائل خطة أنصار الله الجديدة للسلام، هي إحباط الهجمة السياسية والإعلامية السعودية والدول الغربية المتحالفة مع الرياض، بعد الهجوم على أرامكو، لعكس حقائق الحرب اليمنية، وإضفاء الشرعية على الهجمات العدوانية والإجرامية المستمرة للتحالف الذي تقوده السعودية.
ففي حين أنه خلال العام الماضي، وبسبب الإدانة الدولية لقتل المدنيين اليمنيين، في القصف اليومي للطائرات السعودية التي تستخدم القنابل والأسلحة الغربية، ازداد الضغط على هذا البلد لإنهاء الحرب والحصار في اليمن، لكن السياسيين ووسائل الإعلام الغربية المتحالفة مع الرياض، وبسبب القلق الدولي من ارتفاع أسعار النفط العالمية، يحاولون ركوب موجة القلق هذه، واعتبار أن الأزمة اليمنية التي كانت نتيجة تصرفات السعودية وأمريكا والكيان الإسرائيلي، إنها نتيجةٌ للنزعة الحربية لدى أنصار الله، أو قلب الحقائق من خلال ربط هجمات اليمن الانتقامية بالمنافسة الإقليمية بين السعودية وإيران، وبالتالي إضفاء الشرعية على استمرار الهجمات على المدنيين الأبرياء في المستقبل.
لذلك، بالنظر إلى هذا الموضوع، فإن خطة أنصار الله الجديدة للسلام واستعداد هذه الحركة لوقف الهجمات على السعودية، والتي لقيت أيضاً دعم الأمم المتحدة، قد أبطلت بشكل ذكي كل الهجمات الإعلامية التي خططت لها السعودية والغرب المتحالف معها، ومع رفض الرياض لهذه الخطة، ثبت مرةً أخرى من هو الطرف الذي سبَّب الأزمة ويعارض أي نوع من السلام في اليمن؟
الكرة في ملعب السعودية
أحد أهم أهداف خطة أنصار الله الجديدة للسلام، هو التنبيه بأن مسؤولية استمرار الهجمات على السعودية تقع على عاتق السعوديين أنفسهم.
في الواقع، مع تحرّك أنصار الله في الوقت المناسب، هنالك الآن معادلة بسيطة ومنطقية أمام السعودية للحفاظ على أمن منشآتها النفطية والاقتصادية، ألا وهي إنهاء قصف المدن اليمنية وقتل المدنيين.
إن عدم قبول هذا الاقتراح العقلاني واستمرار قصف اليمنيين، سيؤدي عملياً إلى اتخاذ إجراءات انتقامية أشد صرامةً ضد المعتدين، وإعطاء الشرعية الكاملة للرأي العام، في إطار الحفاظ على التوازن العسكري من خلال الرد المتوازن على الهجمات.
لذلك، يجب القول إنه مع تحرك أنصار الله، أصبحت الكرة الآن في ملعب السعودية، كما أكد “محمد البخيتي” عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله في مؤتمر صحفي، حين قال إن “الكرة في ملعب القيادة السعودية، ونأمل في أن تستفيد من هذه المبادرة والفرصة، لأن وقف العدوان على اليمن أصبح مصلحةً بين اليمن والسعودية، لأن مصلحة السعودية في تحقيق السلام أكثر من مصلحة اليمن، لأنه لم يوجد لدى اليمن الكثير ليخسره.”
اليمن يستعرض قدراته في ذكرى الثورة
من ناحية أخرى، ينبغي الانتباه إلى أن خطة أنصار الله اليمنية، التي تُطرح في الذكرى الخامسة للثورة، لا تأتي من موقع ضعف بل من موقع قوة وعلى أساس تفوّق أنصار الله في المعادلات مع المعتدين.
وبالنظر إلى هذه الحقيقة، يمكن الاعتبار أن إحدى الرسائل المهمة لخطة أنصار الله، هي إظهار صوابية نهج المقاومة من أجل الاستقلال والحرية، كجزء من أهداف ثورة الشعب اليمني، وهو الاستقلال الذي كان منذ القدم مثار الخوف والخط الأحمر السعودي حيال التطورات في اليمن.
بالإضافة إلى ذلك، من خلال إجبار السعودية والإمارات على وقف التدخلات ونهب موارد اليمن، يمكن اعتبار تحقيق العدالة والتقدم جزء آخر من أهداف الثورة، من خلال مواصلة طريق المقاومة