خطاب قائد الثورة بمناسبة العام الهجري الجديد 1446هـ: رسائل استراتيجية على المستوى الداخلي والخارجي
تضمَّـــنَ خطابُ السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- بمناسبة حلول العام الهجري الجديد 1446هـ العديد من الرسائل الاستراتيجية على المستوى الداخلي والخارجي.
بالنسبة على الصعيد الداخلي، كان لافتاً الحديث عن موعد تشكيل الحكومة، وتصحيح القضاء، في فترة خلال الشهرَينِ القادمَينِ بحول الله، في حين تحدث عن معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدَّس”، وقضايا أُخرى كمِلَفِّ الأسرى في مسقط، ومحاولة الأمريكي توريط السعوديّ في العدوان من جديد على بلادنا.
وأعلن السيد القائد عبد الملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله- عن الموعد المحدّد لتشكيل الحكومة الجديدة، وذلك في إطار التغييرات الجذرية والإصلاحات اللازمة لوضع مؤسّسات الدولة.
وقال السيد القائد: “في بداية هذا العام وضمن مسؤولياتنا، نعملُ على تشكيل الحكومة، والانطلاقة لتصحيح القضاء”، موضحًا أن تشكيل الحكومة سيكون خلال الشهرَين الأولَين من العام الجديد، مفنِّداً الأسباب التي عملت على تأخير تشكيل الحكومة، مُشيراً إلى أنه “من بعد ذكرى المولد النبوي طرأت بعض المتغيرات، ومنها عملية (طوفان الأقصى)، فاتجهنا بأولويتنا للاهتمام بذلك في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدَّس”.
وأوضح السيد القائد أنه يجري التحضيرُ المُستمرُّ للتغيير الحكومي وكان العمل في عدة مسارات أَسَاسية، منوِّهًا إلى أن المسارات أخذت وقتاً طويلاً، معلناً بالحديث عن تفاصيل كثيرة سيتم الحديث عنها مع إعلان الحكومة خلال شهر محرم وصفر.
ولفت إلى أنه ضمن المسارات كان هناك مراجعة لهياكل ونُظُمِ الحكومة ووزاراتها ومؤسّساتها، وتشخيص مكامن الخلل والتضخم والتداخل فيها، وكذلك استقبال الترشيحات والاقتراحات المتعلقة بمسألة التعيينات والمسؤولين والموظفين، إضافة إلى إعداد موجهات برنامج عمل الحكومة لضبط مسار عملها بعيدًا عن الشتات، وبما يساعدها على تحديد أولوياتها.
وبيّن السيد القائد أن تشكيل الحكومة تأخر؛ لأَنَّ المسار يحتاج إلى عمل ومواكبة مُستمرّة بما في ذلك السعي لتطهير مؤسّسات الدولة، لافتاً إلى أن وضع الوزارات ومختلف الجهات الرسمية ملغّم بالعناصر التي تعمل على الإفشال والإعاقة، وإفساد الأمور.
وأكّـد السيد القائد أنه تم مباشرة الإصلاحات اللازمة في القضاء، ويجري العمل لاستكمال إصلاح باقي قطاعات الدولة، مشدّدًا على ضرورة التعاون الشعبي والتفهم لمتطلبات مسار التصحيح والتغيير؛ لأَنَّنا نعمل في ظروف معقّدة.
نصرٌ وتأييدٌ إلهي فوق ما يتخيَّله الناس:
وفي محور آخر أكّـد السيد القائد عبد الملك بدرالدين الحوثي، أن مشاركة اليمن في (طوفان الأقصى) ضمن معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، كان أولوية قصوى لحكومة صنعاء من بعد ذكرى المولد النبوي العام الفائت.
وأوضح في كلمته التاريخية، الأحد، بمناسبة حلول العام الهجري الجديد 1446هـ، أن العون والنصر والتأييد الإلهي في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس كان فوق ما يتخيله الناس، حَيثُ فشلت الإمْكَانات الأمريكية الكبيرة والمتطورة في إيقاف عملياتنا واستهداف قدراتنا ومصانعنا، كما أن العدوَّ فوجئ بتكتيكات القوة الصاروخية والبحرية والتصنيع في اليمن وبات ينظر إليها كمدرسة يمكن الاستفادة منها.
وَأَضَـافَ أن “التحديات بالنسبة للمجاهدين اليمنيين تحولت إلى فرص، وظهر فشل الأعداء والتأييد الإلهي والمعونة”، لافتاً إلى أنه “في عملية الإسناد لغزة تغير حال الحاملات الأمريكية وأصبحت مستهدفة من قبل القوات المسلحة اليمنية التي تلاحقها وتستهدفها؛ وهو ما جعل مهمة حاملات الطائرات الأمريكية في البحر أن تتحول إلى مهمة الهروب بدلاً عن الهجوم”.
وأشَارَ إلى أن الأمريكي كان يخيف الأنظمة الأُخرى بحاملات طائراته ويحاول أن يضغط بها ويزرع الهزيمة النفسية للدول، حَيثُ كانت حاملة الطائرات عندما تصل إلى الخليج يخضع الزعماء العرب ويتراجعون عن أي شيء لا تريده واشنطن.
وقال السيد القائد: “إن من شواهد التأييد الإلهي في معركة الفتح الموعود هو استخدام القوات المسلحة اليمنية للصواريخ الباليستية ضد أهداف بحرية متحَرّكة ومديات بعيدة، حَيثُ تعطلت حركة الملاحة الإسرائيلية قرابة النصف وتكاد تنعدم في البحر الأحمر، بالإضافة إلى أن لتلك العمليات تأثيراً على الاقتصاد الإسرائيلي والأمريكي وكذلك البريطاني، والتي كان لهذا التأثير علاقة بسقوط الحكومة في لندن هذا الأسبوع”.
ولفت إلى أن “الأمريكي وقع في مأزق حقيقي وتحمل هو والبريطاني مع الإسرائيلي المشكلة، حَيثُ وقد اعتاد الأمريكي على توريط الآخرين لتحمل الأعباء الكبيرة معه ومشاركته الخسارة والفشل”، مبينًا أن “الأُورُوبيين حاولوا أن يتعاملوا بذكاء مع الضغوط الأمريكية، وكانت مشاركة البعض دفاعية بحتة، وقد شاركت البوارج الأُورُوبية في اعتراض الطائرات المسيّرة دون قصف بلدنا”.
وذكر السيد القائد أن الكثير من دول العالم تعاملت بذكاء وفطنة وحكمة برفضها المشاركة مع الأمريكي في معركة البحر الأحمر، كما أن أكثر دول العالم لم تتورط ودخلت في تنسيق مباشر مع اليمن؛ لذا حركتها الملاحية آمنة وتمر بسلام، مُضيفاً أن من أكبر ما فشل به الأمريكي هو توريط الدول المطلة على البحر الأحمر في إسناد العدوّ الإسرائيلي، بالإضافة إلى أنه فشل في استغلال الدول العربية والمجاورة في القصف على بلدنا من داخلها.
خلايا تجسسية سيكشف النقاب عنها قريباً:
من جانب آخر أكّـد السيد القائد إنه لا يزال هناك العديد من خلايا التجسس الجديدة، وسيتم كشف النقاب عنها قريباً، والتي عملت لسنوات لصالح الإدارة الأمريكية في ضمن مخطّط الإفساد والاختراق.
وأفَاد بأن بعض الأنظمة العربية وصل بها الحال إلى أن ترتبط باليهود الصهاينة وبمعاهد ومؤسّسات تابعة لهم، مبينًا أن المؤسّسات التي ارتبطت بها بعض الأنظمة عملت على تغيير المناهج الدراسية لصالح اليهود، وفيما يرسخ نظرة جاهلة عنهم وعن أعوانهم.
ونوّه إلى أن هجمة التزييف كبيرة وخطيرة وهدفها تدجين المسلمين لصالح الأعداء اليهود وأعوانهم من الكافرين والمنافقين، مُضيفاً أن تغيير المناهج في السعوديّة والإمارات ومصر والمغرب يتم عبر لجان وجهات يهودية إسرائيلية، لافتاً إلى أن مسار الاستقطاب للخيانة والعمالة واختراق المجتمعات والدول يأتي تحت عنوان الحرب الناعمة.
وأكّـد السيد القائد أن “الخيارَ الصحيحَ لكل المسلمين للنهوض بالأمة وريادتها هو العودة إلى أصالة الإسلام والتمسك بمبادئه”، مُشيراً إلى أن “ما يعانيه البشر هي أزمات من صنع قوى الشر والطاغوت كامتداد للشيطان في إغوائه للبشر ولا بدَّ أن يقابل ذلك بالمشروع الإسلامي التحرّري”.
ترسيخ معادلة الرد بالمثل.. المطار بالمطار والبنك بالبنوك:
وعلى صعيد متصل أكّـد السيد القائد عبد الملك بدرالدين الحوثي، دخول معادلة جديدة تقابل المساعي الأمريكية لتوريط النظام السعوديّ، في حين رسخ القائد جذور المعادلة بمجازاة المذنب من جنس العقاب.
وأكّـد أن “التصعيد السعوديّ المدفوع أمريكياً سوف يقابَلُ بالمثل، ولتكن بنوك الرياض على موعد مع الفرار من هناك حال أصر العدوان على نقل البنوك من صنعاء، وكذلك هو الحال بالنسبة لمطار الرياض وموانئ المملكة، إذَا تم أي استهداف لمطار صنعاء، أَو ميناء الحديدة، وهي المعادلة التي تزيد الأمر تعقيداً على السعوديّ ومن خلفه الأمريكي، وتفتح فصلاً جديدًا من فصول الاستقلال والحرية التي عمدها الشعب اليمني بدمه ومواقفه التاريخية داخلياً وخارجياً”.
وأوضح السيد القائد أن “الأمريكي مُستمرٌّ في محاولاته لتوريط النظام السعوديّ بعد فشله عسكريًّا، موضحًا أن “الأمريكي أرسل إلينا برسائل بأنه سيدفع النظام السعوديّ إلى خطوات عدوانية، وحصلت زيارات أمريكية للسعوديّة؛ مِن أجلِ ذلك، مبينًا أن الخطوات الأولية التي اتخذها النظام السعوديّ على مسار السير وراء الأمريكي، هي التصعيد الاقتصادي عبر نقل البنوك من صنعاء، وهنا أكّـد القائد أنها “خطوة جنونية وغبية، ولا أحد في العالم يفكر بهذه الطريقة”، مُشيراً إلى أن الخطوات التصعيدية اللاحقة وهي الاتّجاه السعوديّ إلى تعطيل مطار صنعاء وإيقاف الرحلات رغم محدوديتها وهامشها الضيق.
ومقابل هذا التصعيد جاء القائد بتحذيرات أخيرة، كمطرقة على الجميع الإنصات لما بعد طرقها بالطاولة، حَيثُ أكّـد القائد أن “أي توريط أمريكي للسعوديّ في حرب شاملة يعني العودة بالوضع معنا إلى ما كان عليه في ذروة التصعيد، بل أشد وأقسى”، منوِّهًا إلى أن اليمن لن يكف مكتوف الأيدي “أمام خطواتهم الجنونية أَو نتفرج على شعبنا يتضور جوعًا وينهار وضعه الاقتصادي”، لافتاً إلى أن “انشغالنا بالمعركة المباشرة لإسناد غزة لا يعني أننا لن نستطيع أن نعمل شيئاً تجاه خطواتهم الجنونية”.
وعلى قاعدة اعتبار “ما سنقوم به في التصدي للعدوان ومواجهة أية خطوات في إطار المواجهة مع الأمريكي”، أشهر القائد المعادلة اليمنية الجديدة بقوله: “سنقابل كُـلّ شيء بمثله البنوك بالبنوك ومطار الرياض بمطار صنعاء والموانئ بالميناء”، وهذه العبارة كفيلة بأن تجعل السعوديّ يراجع كُـلّ حساباته قبل الوقوع في الفخ الأمريكي.
وواصل القائد حديثه: “سنقول على البنوك في الرياض أن تنتقل وأن تذهب، فهل تقبلون بهذا؟ وتعتبرونه شيئاً منطقياً؟ فلماذا تريدون فرضه على بلدنا”، ناصحاً بقوله: “التورط مع الأمريكي والإسرائيلي فيه خسارة للمصالح السعوديّة وأمنهم وجلب الخطر على نفطهم”.
ولفت القائد إلى الجاهزية العالية والاندفاع التام حتى على المستوى الشعبي، نحو مباشرة الخيارات اللازمة لردع المؤامرات السعوديّة الأمريكية، مؤكّـداً للنظام السعوديّ “عندما تُلْجِئُونا إلى خياراتٍ لا مناصَ لنا منها سنتحَرُّكُ بكل قناعة واطمئنان؛ لأَنَّنا أصلاً في الحرب والحِصار والمعاناة”.
واستطرد “لن نسمح بالقضاء على شعبنا وإيصاله إلى مستوى الانهيار التام كي لا تحصل مشكلة، فلتحصل ألف ألف مشكلة”.
وخاطب النظام السعوديّ: “الأمريكي يحاول أن يورطكم، وَإذَا كنتم تريدون ذلك فجرِّبوا، وَإذَا تريدون أن تتورَّطوا فتورَّطوا”، فيما قدم القائد نصحه بالقول: “إذا كنتم تريدون الخير لأنفسكم والاستقرار لبلدكم واقتصادكم فكفوا مؤامراتكم على بلدنا”، ليعقب السيد القائد تحذيره الشديد “إذا تورَّطتم أكثرَ سيكون التصعيد من جانبنا أكثر، ولا تعوِّلوا على الأمريكي فهو فاشل، وقد فشل حتى في حماية حاملة الطائرات”.
وعرّج القائد على جولة الحوار الأخيرة في عُمان بشأن الأسرى، مؤكّـداً أن الجانب الوطني بذل كُـلّ الجهد وحرص على إنجاحها وبدء التبادل للدفعة الثانية، لافتاً إلى أن “الواضح في جولة عُمان أن التحالف لا يريد أن يتخذ خطوة تغضب الإسرائيلي”، في إشارة إلى المماطلة السعوديّة المُستمرّة في كُـلّ الجوانب بغية مداراة الأمريكي ومن خلفه الإسرائيلي؛ وهو الأمر الذي لم يعد مسموحاً به، وما تحذيرات السيد القائد إلا خير شاهد.
الأنصار.. شرفٌ كبيرٌ لاحتضان الرسالة:
وكان السيد القائد قد ابتدأ خطابَه بالمباركة للشعب اليمني والأمة الإسلامية بحلول العام الهجري الجديد.
وأوضح أن تاريخ الإسلام ارتبط بالهجرة النبوية، وهذا يدل على أهميتها الكبيرة جِـدًّا وما لها من دور مهم في ميلاد الأُمَّــة الإسلامية وقيامها، مؤكّـداً أن “الهجرة تشدنا إلى استذكار الرسول محمد ورسالته وما بذله من جهود في هداية الناس وإنقاذ المجتمع البشري وفي مقدمته العرب”.
وأضاف: “عظمة الرسالة الإلهية تجلت في حركة الرسول محمد، وأثمرت جهوده وجهود المسلمين الذين نصروه في الانتقال بالعرب من حالة الضياع إلى النور والهدى”.
وأشَارَ السيد القائد إلى أن الرسالة الإلهية وحدت العرب ليكونوا أُمَّـة رائدة في المجتمع البشري وحاضرة في الساحة العالمية بما يميزها من نور الإسلام ومبادئه ومشروعه الحضاري، مبينًا أن الهجرة النبوية جاءت بعد اليأس من المجتمع القرشي، لينطلق إلى المدينة، حَيثُ الأنصار من الأوس والخزرج القبيلتين اليمانيتين.
وأكّـد أن الهجرة إلى المدينة المنورة جاءت لما حظي به الأنصارُ من مؤهلات للدور العظيم والشرف الكبير في الاحتضان للرسالة الإلهية.
وذكر أن من بين مؤهلات الأنصار أنهم تبوؤوا الدار والإيمان؛ أي سكنوا إلى الإيمان واستوطنوّه واستقروا فيه كما سكنوا في ديارهم، موضحًا أن الأنصار تميزوا بانتمائهم الإيماني الثابت الراسخ وليس مثل انتماء البعض من الأعراب كحالة كلامية بعيدة عن مصداق الإيمان.
وقال السيد القائد: “انتماء الأنصار الإيماني كان يجمع بين التزام العبادة والمسؤولية والمناصرة والجهاد والتضحية، فحملوا الإسلام كمشروع ورسالة ومسؤولية وعملوا لرفع رايته”.
وأضاف: “كان من مؤهلات الأنصار أنهم نواة قابلة للنمو والتوسع والبناء وليسوا منغلقين على أنفسهم بالعصبيات والحسابات الضيقة”، مُشيراً إلى أن محبة الأنصار لكل من هاجر إليهم؛ لأَنَّهم يجدون فيه لبنةً في بناءِ صرح الإسلام العالي والشامخ.
وبيّن أن من المؤهِّلات المهمة للغاية أن الأنصار حملوا إرادَةَ الخير للآخرين وبقلوب سليمة من الحسد والضغائن، وحملوا روحيةَ العطاء والإحسان إلى درجة الإيثار على النفس حتى مع الظروف الصعبة ومع الفقر والحاجة.