كُــلُّ من تابع خطابَ أو كلمةَ قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي -حفظه الله- التي جاءت عقب أكبر عملية للجيش واللجان الشعبية منذ بدء العدوان يدرك جيداً أنها تمهِّدُ الطريقَ أمام الانتصار اليماني الكبير في مواجهة هذا العدو المتغطرس الذي عمل على تدمير اليمن وَكل مقوماته منذ عام 2015.
بكل تأكيد لقد تكلّلت عملية قصف حقل ومنشآه الشيبة النفطية السعودية بالنجاح، وما يجعلنا نتيقن من ذلك هو الاعتراف المخجل للنظام السعودي بهذه العملية وعجزه عن الانكار وهو المشهود له بالنفي والتضليل خلال السنوات الماضية، ما يعني بأن الوجع كان كبيراً وأن الأضرار كانت فادحة.
الأمر الثاني، الذي يؤكّــد على نجاح هذه العملية هو اطلالة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي عبر شاشة قناة المسيرة في كلمة حملت الكثير من النصائح والتوجيهات والتذكير والوعد والوعيد، حيث رسم فيها القائد صورة موجزة عن علاقة اليمن الجديد مع دول العالم، ووضع مقارنة رائعة بين القوى الوطنية المواجهة للعدوان وتلك المرتهنة للأجنبي، ساخراً من عبدربه وحكومته، أو ما يطلق عليهم “بالشرعية” الذين يخضعون بالمطلق للسعودي الذي يخضع بدوره للأمريكي.
إن الظهورَ السريعَ للسيد القائد بعد عملية “توازن الردع”، يؤكّــد أن اليمنَ قد تجاوز مرحلة تلقي الضربات المؤلمة والعنيفة إلى مرحلة الرد بالمثل، وليس الرد هنا عادياً، بل يطال “الضرع” الذي تتكأ عليه السعودية في عدوانها على بلادنا وتجني من ورائه الأموال التي تقتل من خلالها أطفال ونساء اليمن الأبرياء.
إن “الضرعَ” السعودي هذا حتماً سيجف، وهذه دلالة على أن النظام السعودي لن يقوى بعد اليوم على تلقي الصفات واللكمات القوية التي أشار إليها السيد القائد، وأنه سيرضخ في الأخير إلى التوقف صاغراً ذليلاً، وكذلك الحال بالنسبة للإماراتي الذي إن لم يستمع جيداً لنصيحة السيد القائد، فإن ذلك سيكلفه الكثير والكثير، وفي مقدمة ذلك وضعه الاقتصادي.
إذن، فمسألةُ إيقاف العدوان باتت محسومة، هكذا يفهم من خطاب السيد، وإلا لم الحديث عن مستقبل علاقة اليمن مع الدول الأخرى وكذلك العلاقة بين المكونات في الداخل؟
في خطاب السيد القائد تأتي مسألة استقلالية القرار، لتؤكّــد الهدف الأصيل الذي قامت عليه ثورة 21 سبتمبر وأن اليمن الحر الأبي لا يقبل أن تأتيه الأوامر من الأجنبي والمحتلّ، لذا يرثي السيد حال المرتزقة وهوانهم وذلهم حين يتلقون الصفعات والإهانات المتواصلة من المحتلّ.
ولأن السيد القائد يعرف مسبقاً رد المرتزقة عليه، حيث سيردّدون تلك الأسطوانة المشروخة بأن أنصار الله ينفذون أجندة إيران في اليمن ويقدمون لها الطاعة العمياء؛ لذا يؤكّــدُ أن أنصار الله وكل الشرفاء الأحرار لم يتلقوا أمراً واحداً من طهران، وأن الجمهورية الإسلامية التي استنكرت منذ اليوم الأول العدوان الأمريكي السعودي على بلادنا لا ضيرَ في إقامة العلاقات الدبلوماسية معها طالما ونحن نتفق في قضايا كبيرة أبرزها رفض الهيمنة الأمريكية ودعم القضية الفلسطينية.
إنه يقول بصراحة: نحن لا نرفض إقامة علاقة مع أية دولة في العالم، لكن كيفية هذه العلاقة وطبيعتها، يجيب عليها السيد القائد بأبيات منسوبة لأمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام:
فمن جاءنا يا مرحباً بمجيئه… يجد عندنا وداً قديماً ثبوته
ومن صد عنَّا حسبُه الصدُّ والقلى… ومن فاتنا يكفيه أنَّا نفوته
لقد اعتدنا خلال السنوات الخمس الماضية أن نستمع لخطابات لقادة المرتزقة تفوح منها رائحة الكراهية والحقد والدعوة الصريحة للانتقام من الأحرار الذين تصدوا بكل بسالة للعدوان الأمريكي السعودي منذ أيامه الأولى، لكن السيد القائد هنا يعطينا دروساً جديدة في الرقي والأخلاق الحميدة ويؤكّــد بما لا يدع مجالاً للشك بأن المسيرة لا تقوم على الضغائن والأحقاد وأن المصلحة الحقيقية لأبناء بلدنا هي في الاستقلال التام والتآخي.
وكمثال على “الاستقلال” فإن ما حدث مؤخراً في عدن من ما يدعيه المجلس الانتقالي الجنوبي من انتصار على ما يسميه “شرعية هادي” لا يعد استقلالاً؛ لأَنَّ الانتقالي يتلقى الأوامر من الخارج، لذا فإن عليه هنا ألا يفرح لأنه أداة للأجنبي وليس مستقلاً، والعكس تماماً ما يحدث في الشمال أو المناطق التي يحكمها المجلس السياسي الأعلى بصنعاء والتي لم تعرف يوماً تلقي الأوامر من أحد منذ انتصار ثورة 21 سبتمبر.
إننا على يقين تام بأن العدوان يلفظ أنفاسه الأخيرة، وأن بريق الانتصار يلوح في الأفق، وأن قائداً شاباً حكيماً شجاعاً كالسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي لجدير بالولاء، وبأنه سيقود سفينة اليمن إلى العلياء والشموخ والعزة والكرامة؛ لأَنَّ من تمكّن من مواجهة هذا التحالف بكل عنفوانه وهمجيته بعقلية مقتدرة قادر على النهوض بالبلاد وإعادة إعماره ومكانته بين الشعوب.