خبراء ومحللين عسكريين في معهد كاتو للأبحاث والدراسات : الحرب على غزة هي المحفز الأصلي لهجمات أنصار الله وإخفاق واشنطن مواجهتهم استراتيجي 

خبراء ومحللين عسكريين في معهد كاتو الأمريكي للأبحاث والدراسات

محلل للسياسة الخارجية في معهد كاتو

باحث في  الاستراتيجيات والعمليات العسكرية، وموقف القوة العسكرية الأمريكية، والمنافسة بين القوى العظمى، والردع

 

  • رفض واشنطن الاعتراف بحرب إسرائيل في غزة باعتبارها المحفز الأصلي لهجمات الحوثيين يمنع أي أمل في وقف هذه الهجمات في البحر الأحمر..
  • من غير المرجح أيضاً أن تتمكن الولايات المتحدة من تقليص قدرات الحوثيين إلى الحد الذي يجعلهم غير قادرين على مهاجمة السفن العابرة للبحر الأحمر، فبعد عشر سنوات من الحرب السعودية أثبت الحوثيون كفاءتهم واستراتيجيتهم القتالية
  •  الحرب الأمريكية ضد اليمن تفتقر إلى أهداف واضحة وتُكلف دافعي الضرائب ملايين الدولارات

 

رأى المحلّلان جوناثان هوفمان Jonathan Hoffman وبنيامين غلتنر Benjamin Giltner أنّ “مقاربة واشنطن حيال “الحوثيين” تجسّد الإخفاق الإستراتيجي، فهي لن تنجح وتكلّف الكثير. كما أنها تخاطر بحياة جنود أميركيين يتمركزون في المنطقة من أجل حماية سفن أجنبية بشكل أساس، وتحمل معها خطر المزيد من زعزعة الاستقرار في اليمن والمنطقة عمومًا”.

وفي مقالة لهما نُشرت على موقع “Responsible Statecraft”، لفت الكاتبان إلى أنّ “رفض واشنطن الاعتراف بأنّ الحرب “الإسرائيلية” في غزّة هي المحفّز الأساس لهجمات “الحوثيين” يقضي على أيّة آمال بوقف هذه الهجمات في البحر الأحمر”، وأضافا “يتوجب على واشنطن أن توقف على الفور نشاطها العسكري ضدّ “الحوثيين” وأن تكفّ عن تقديم الدعم المالي لحرب “إسرائيل” في غزّة بغية خفض حدّة التوّتر المتصاعد في الشرق الأوسط”.

وقال الكاتبان إنّ “هناك عدّة مشاكل أساسية في استراتيجية واشنطن الحالية تجاه “الحوثيين”، فهي تفتقد أولًا إلى أهداف سياسية ملموسة وقابلة للتحقيق، بينما تكلف دافعي الضرائب الأميركيين أثمانًا باهظة”.

وأشار الكاتبان إلى أنّ “الصواريخ التي تستخدمها البحرية الأميركية من أجل إسقاط “هذه القذائف” تكلّف دافعي الضرائب الأميركيين ملايين الدولارات، وذلك مقارنة بصواريخ ومسيّرات “الحوثيين” التي يكلف كلّ قطعة منها 2000$، كما أنفقت واشنطن حتّى الآن أكثر من مليار دولار على العتاد المستخدم من أجل ضرب “الحوثيين” واعتراض الصواريخ والمسيّرات القادمة”.

وتابعا “إلا أنّ هذه المساعي فشلت في ردع “الحوثيين”، ومن المستبعد أن تردعهم. كما أنّ غالبية الهجمات التي نفّذها “الحوثيون” حصلت بعد ما بدأت الولايات المتحدة وشركاؤها حملة “الرد”، ما يبيّن بشكل واضح أنّ المساعي الأميركية فشلت في ردع “المزيد من العنف”، وفق تعبير الكاتبين.

وأضافا “كذلك من المستبعد أن تقوّض الولايات المتحدة قدرات “الحوثيين” بحيث لن يعود باستطاعتهم مهاجمة السفن التي تعبر البحر الأحمر. فقد أثبت “الحوثيون” مهارتهم في أسلوب “الكرّ والفرّ” القتالي، كما أنّ أسلحتهم رخيصة ويمكن نقلها بسهولة، وهي منتشرة في أنحاء اليمن كافة”.

ورأى الكاتبان أنّ “المفارقة هي أنّ المسؤولين الأميركيين يعترفون بأنّ هناك فجوة ما بين هذه الحملة العسكرية وأهدافها الظاهرية”، واستشهدا بقول ضابط البحرية الأميركية George Wikoff الذي يشرف على ما يُسمّى عملية “حارس الازدهار”، والذي قال في شباط/فبراير الماضي إنّ ردع “الجماعة” لم يتحقق”.

أما ثانيًا، وفق الكاتبان فإنّ “استمرار الضربات العسكرية المتبادلة بين الولايات المتحدة و”الحوثيين” يحمل معه خطر المزيد من الفوضى في اليمن “الممزّق” من الحرب أصلًا”، وفق تعبيرهما.

وأضافا “استمرار العمل العسكري الأميركي ضدّ “الجماعة” يعرّض الهدنة الهشّة الضمنية بين السعودية و”الحوثيين” للخطر، بينما يهدّد بتفاقم الأزمة الاقتصادية والإنسانية في اليمن”.

ورأى الكاتبان “أنّ النزاع المستمرّ بين الولايات المتحدة و”الحوثيين” يحمل معه خطر تفاقم حدّة التوّتر الإقليمي، بحيث يدفع الشرق الأوسط باتّجاه حرب إقليمية”، وأضافا “يزداد النزاع مع “الحوثيين” خطورة على غرار بقية المنطقة، فقد أطلق “الحوثيون” في تموز/يوليو صاروخًا بنجاح من اليمن أصاب مبنى قرب السفارة الأميركية في “تل أبيب”، ما أسفر عن مقتل شخص واحد على الأقل وإصابة عدد آخر. وقام سرب من الطائرات “الإسرائيلية” من طراز F – 15 وF – 35 بضرب ميناء الحديدة، ما أدّى إلى مقتل ستة عاملين وإصابة العشرات”، على حد تعبيرهما.

وبحسب الكاتبين “إذا كان هدف الولايات المتحدة إقناع “الحوثيين” بوقف هجماتهم وتجنّب الانجرار إلى حرب إقليمية أخرى، فمن غير المرجّح إطلاقًا أن تحقق القوّة العسكرية هذه الأهداف، وليست هناك من مصالح قومية أميركية حيوية في اليمن تبرّر هذا المستوى من التورط العسكري الأميركي، أو هدر مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب الأميركيين، بل إنّ الخيار الأفضل لواشنطن هو وقف الضربات المتبادلة التي لا جدوى منها مع “الحوثيين”، والاعتراف بأنّ احتضانها القوي لحرب “إسرائيل” في غزّة يزعزع استقرار المنطقة عمومًا على حساب المصالح الأميركية، كما يشكّل وقف إطلاق النار في غزّة الفرصة الأفضل لوقف أو أقله ضبط هجمات “الحوثيين” بشكل ملموس وكذلك ضبط التوّتر المتصاعد في الشرق الأوسط”، ختم الكاتبان.

 

المصدر: العهد

قد يعجبك ايضا