حمير العزكي يكتب عن المثقف المستبد !!
افرزت السنوات الماضية بما حفلت به من حراك ثوري شعبي في ظاهره نخبوي في حقيقته أفرزت جيلا جديدا من المثقفين – ان صح التعبير – يزعمون بأنهم يسلكون النهج الثوري في ابعاد ثقافاتهم المتباينة التوجهات والمتشابهة الوسائل والاساليب وينذرون – حسب زعمهم – امكانيات مواهبهم وافكارهم الابداعية في سبيل محاربة ومواجهة والقضاء على الاستبداد – غافلين عن ثقافة الاستبداد –
انطلقوا في مضمار المواجهة بهوس بالغ وخاضوا غمار المعركة بعنفوان نزق فكان لذلك الهوس والنزق الأثر الأبعد مدى والأكثر كارثية عندما تسبب في اصابتهم بمايعرف ب(تراكم الاستبداد اللاوعي) او مايسمى ب( عقدة استوكهلم ) المعروفة في الطب النفسي بأن النفس البشرية حين تسحق سحقا رهيبا وتتعرض لظلم واضطهاد وتمرّغ كرامتها وتنتهك حقوقها وتنكسر روح التمرد فيها عندها يحصل تحول في تلك الشخصية كلما كانت تفقد إحساسها بذاتها وكرامتها وتحس باليأس والعدمية واللا جدوى عندها يتقمص الضحية شخصية الجلاد ويقلده غير واعٍ ويصير هو الضحية الجلاد وما أن تلوح له الفرصة وتمنحه الظروف متنفسا للتعبير عن ذاته – التي لم يحرسها بالصبر والثبات والاحتساب بسبب غياب الوعي الديني اوحضوره بصوره مشوهة اوالانصهار في الثقافة المادية والانبهار بمخرجاتها – حتى تجده يمارس ذلك الاستبداد على من حوله
وللاسف الشديد فإن من يسمون انفسهم بالمثقفين في بلادنا تماهوا في تفكيريهم اللاوعي مع شخصية المستبد الذي تداعوا لمواجهته وبلغوا قمة التماهي في الاستبداد القادم من الخارج بتعاطفهم معه وتبريرهم لأفعاله
لقد كان لغفلتهم عن مواجهة ثقافة الاستبداد قبل مواجهة الاستبداد ذاته ان تحولوا الى مثقفين مستبدين وهم لايعلمون ومارسوا مالم يجرؤا المستبدون من قبلهم على ممارسته وبالذات في وسطهم الثقافي فمن الاعجاب بالرأي الجالب للغرور المنتهي بالكبر الى اعدام الرأي المخالف ودفن التقدير وصلب الهامات الادبية السامقة ومن التخوين والتحقير والازدراء والوصف بالعبودية وانتفاء الحرية والغباء والعنصرية الى استبداد لماذا قلت ولماذا كتبت ولماذا رأيت ؟؟
ليظهر أخيرا وجه الاستبداد الثقافي الجديد في ابشع صوره واكثرها انحطاطا .. استبداد لماذا لم تكتب؟؟ ولماذا لم تقل؟؟ ولماذا لم تعادي؟؟!!
وهنا أقر واعترف ان استبداد المثقف أسوأ وأبشع واغبى انواع الاستبداد
24/يناير/2017