حكومة المغرم … بقلم /علي احمد جاحز
كانت ولادة الحكومة مساء اول امس بشارة مهمة للشعب اليمني ، وان لم يظهر ذلك على تقاسيم وجهه التي خانتها وعود البشارات و انهكتها صفعات الخيبات مرارا ، الا ان ثمة فرحة وارتياح في قلب اليمن الصامد الشامخ ، وفي خلجات الانسان اليمني الحر الشريف يتراقص استبشار ملفوف بالحذر والترقب ويتنفس الصعداء ارتياح متأن في الاعلان عن نفسه ، فليس هينا ما عاناه اليمن و ليس سهلا ما تجرعه الشعب .
***
حكومة الانقاذ الوطني التي جاءت ثمرة الاتفاق السياسي وتشكيل المجلس السياسي الاعلى ، خطوة متأخرة كان لابد ان نخطوها باي شكل وفي اي مرحلة و تحت اي ظرف ، و تأخرها الذي قد يكون ضارا في امور ، ربما كان مفيدا لتفادي الكثير من النتائج والتبعات الاكثر ضررا في امور اشد حساسية من اي امور اخرى ، وعلى سبيل المثال دفع تبعات الحرب الاقتصادية لاطول مدى واتاحة الفرصة لتثمر التحركات السياسية واسقاط الذرائع واقامة الحجج على العالم .
***
وفي كل الاحوال، لن تكون حكومة الانقاذ الوطني امام مهمة اعتيادية او سهلة في ظل الظروف الغاية في التعقيد خلال اخطر مرحلة تمر بها اليمن ، بل جدير بنا ان نطلق عليها حكومة مغرم وليست حكومة مغنم ، وكل القوى والتيارات السياسية التي شاركت في تشكيلها و قبلت تحمل المسؤلية في قوامها سواء رئاستها او حقائبها السيادية اوالحقائب الادارية ، تعي وتدرك تمام الادراك انها امام مسؤلية كبيرة وخطيرة و ان العبء الوطني ثقيل جدا عليها ، في ظل انعدام الموارد وتواضع الميزانية وعظم الاولويات وضخامة المشروع وسمو الاهداف .
***
ولذلك فليس من الواقعي ان ننتظر من هذه الحكومة مثلا ان تنهض بالاقتصاد بل ننتظر ان تدير الاقتصاد الموجود باقصى درجات الكفاءة لتحافظ عليه من الانهايار ، وليس منطقيا ان ننتظر من الحكومة الحالية ترميم ما دمره العدوان بل ننتظر ان تحافظ على المؤسسات وتعيد لها الحياة لتعمل كل مؤسسة ضمن جبهة مواجهة العدوان ، وليس معقولا ان نطالب الحكومة بتحسين الوضع المعيشي والاستثماري والثقافي والعملي واعادة الاوضاع الى حالة النمو ، بل ننتظر ان تطبع الوضع عموما ولاتتركه ينهار ويتفاقم .
***
لكنها مطالبة بان ترمم الصف الوطني وتنهض بالحس الوطني وتعمل حثيثا على تقوية جبهة الدفاع عن الوطن في كل المجالات بشكل منظم و مؤسسي و تغلق الباب امام المؤامرات التي تستهدف الجبهة الداخلية ، و ترقى بالعمل الوطني المشترك بعيدا عن الشخصنة والكيدية وتحميل الاطراف بعضها البعض مسؤلية ادارة الواقع السياسي والعسكري والانساني والاقتصادي ، كما يريد العدوان واياديه في الداخل والخارج ان يكون سلاحا بايديهم .
***
الحكومة التي أخيرا خرجت الى النور بعد مطالبات وصلت حد الاحباط ، باتت هي المسؤل الاول امام الشعب اليمني وامام التاريخ ، وهي المؤسسة الدستورية التي تحمل اللوم والانتقاد في حال قصرت او فشلت ، وتستحق الشكر والتقدير في حال نجحت وانتصرت وتغلبت على العقبات ، فهي الان الاطار المتفق عليه الذي يمثل الاطراف الوطنية وهي من يمتص بدلا عنهم العبء والتعب وتبعات المواقف والانتقادات بعيدا عن حساسية تبادل اللوم بين الاطراف او حساسية ادعاءات الفضل بين الاطراف ايضا .
***
شخصيا ، لن اكون بدعا من الشعب واتفاءل او ادعي انني راض عن التشكيلة وعن معايير اختيارها باي حال ، لكنني احمل تفاؤلا حذرا ورضى نسبيا عن التشكيلة ، وذلك مراعاة لمعيار وحيد وهو اننا في مرحلة حرب ونحتاج حكومة تواجه الحرب بالشخصيات القادرة على فعل ذلك سواء من خلال امتلاكها الروحية الكافية لحمل المسؤلية او من خلال فاعلية وجودها في منظومة اداء جبهة الصمود والتصدي ، فضلا عن تأثيرها بشكل اوباخر في تغيير معادلات الواقع عسكريا او سياسيا او اقتصاديا او اجتماعيا فيما يقوي الجبهة الداخلية ويعززها .
***
سننتظر و نقيم اداء الحكومة لكن بعد ان نعطيها فرصة سانحة لتنجز وترتب الاوراق المبعثرة على طاولة العمل الحكومي الواسعة ، وبالقدر الذي نسال الله ان يكون لهم عونا في مهمتهم الصعبة والمعقدة ، فاننا ايضا سنكون لهم سندا وعونا و عضدا في كل ما يحتاجونه وهو بايدينا .
تحيا الجمهورية اليمنية ..
—