حفاوة استقبال “آيزنهاور” لا تخفي حقيقة الفشل الأمريكي
منذ أسابيع كانت أنظار الأميركيين شاخصة إلى محطة نورفولك في فيرجينيا ترقبًا لوصول حاملة الطائرات الأميركية “آيزنهاور” ومجموعتها البحرية التي وصفت بالضاربة بعد انتشار دام تسعة أشهر تقريبًا في الشرق الأوسط. ومنذ لحظة وصولها الأحد الماضي واحتفالات عائلات الضباط والجنود والبحارة لم تتوقف.
الصور والفيديوهات التي انتشرت على نطاق واسع في مختلف وسائل الإعلام الغربية والعربية تعكس مستوى الفرح الشديد لدى العائلات الأميركية بعودة أبنائها من منطقة مشتعلة، والأخبار فيها لا تكاد تتجاوز استهداف سفينة وإغراق أخرى.
مستشار الأمن القومي للولايات المتحدة جيك سوليفان ووزير البحرية الأميركية كانا على رأس المستقبلين والمحتفين بعودة “آيزنهاور”. والأمر ليس مرتبطًا بما حققته الحاملة من “إنجازات”، وإنما يأتي في سياق إظهار الدعم والاهتمام بعد الخيبات المتلاحقة ورفع معنويات جنود وضباط احتاج الكثيرون منهم لرعاية نفسية وعلاج اضطرابات ما بعد الصدمة، وهذا ما تحدث به مسؤولون في “البنتاغون” ونقلته وكالة أسوشيتد برس.
كارلوس دل تورو، وزير البحرية الأميركية، قال خلال مراسم الاستقبال إن المجموعة البحرية العائدة واجهت أكثر من 200 هجوم على السفن الحربية والتجارية، بينما زعم كريس تشودا، قائد مجموعة آيزنهاور، عن إنقاذهم للعديد من الأرواح.
في الحقيقة، إن المهمّة الأميركية البحرية لم تكن من أجل عد العمليات اليمنية وحصر أضرارها، فالهدف المعلن كان حماية السفن المشمولة بقرار حظر الوصول إلى موانئ فلسطين المحتلة وتقويض القدرات اليمنية، لكن المجموعة الأميركية عادت ومن خلفها الفشل وتركت المواجهة الأصعب منذ الحرب العالمية الثانية لمجموعة أخرى دون مستوى الأولى.
في توقيت عودة مجموعة “آيزنهاور” أقر العديد من القادة الأميركيين بزخم العمليات اليمنية وتأثيرها، ونوعها أيضًا، إن على صعيد الصواريخ الفرط صوتية أو الزوارق المسيرة كامتداد لما حققه الحادث الأبرز، ممثلًا في استهداف سفينة “توتور” اليونانية.
وقد تزامن وصول الحاملة الأميركية إلى فرجينيا مع إعلان ميناء أم الرشراش المسمى “إيلات” إفلاسه رسميًّا بعد أن أدت العمليات اليمنية إلى خفض نشاطه بنسبه 85%.
إدارة الميناء الواقع جنوب فلسطين المحتلة قالت إن الميناء يواجه شبح الإفلاس في ظل الهجمات المتواصلة من اليمن والعراق، وطالبت الحكومة “الإسرائيلية” بالمساعدة.
وجدد الرئيس التنفيذي للشركة المشغلة للميناء، جدعون غولبرت، تأكيده في اجتماع مع لجنة الشؤون الاقتصادية في “الكنيست” أنه لم يكن هناك أي نشاط في الميناء لمدة ثمانية أشهر، ولم ترد أي إيرادات، وهذا يكفي لإثبات فشل أميركا في مهمتها البحرية.
وصول حاملة الطائرات “روزفلت” إلى البحر الأحمر للمشاركة في ما سمته القيادة المركزية الأميركية “سنتكوم” تأمين خطوط الملاحة الدولية في المنطقة لم ولن يأتي بأي جديد، فالعمليات اليمنية مستمرة مع فاعلية أكبر وتطور لافت.
واللافت في عمليات الاثنين التي استهدفت ثلاث سفن في البحر الأحمر والأبيض المتوسط هو استخدام زوارق حربية على بعد 97 ميلًا بحريًّا شمال غرب الحديدة، وهي مسافة طويلة مقارنة بالمسافة التي كانت تفصل سفينة “توتور” عن الساحل اليمني.
وإلى جانب الزوارق المسيرة استخدمت القوات المسلحة اليمنية صواريخ لم تحدد نوعها لكن الأكيد في استخدامها هو الرغبة الجادة في التأثير والإغراق ردًّا على المجازر الصهيونية المتصاعدة بحق سكان غزّة.