ما انفكت قيود الحصار تخنق اليمنيين، وخروقات العدوان مستمرة في الميدان. الألغام والقنابل مأساة ومصائد متجددة في اليمن. مع انفجار لغم أو مخلّفات لقنبلة عنقودية تُحصد أرواح الأطفال، وتضاف أسماء جديدة في قائمة الجرحى والمعوّقين، وتتجدّد المأساة.
بلغ اجمالي شهداء هذه المخلفات بحسب احصاءات المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام (4051) منذ بداية العدوان الى اليوم، و(2489) جريحًا.
يشير مدير المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام العميد علي صفرة في تصريحٍ خاصٍ لموقع “العهد” الإخباري الى أنه خلال “8 سنوات من العدوان تعرض اليمن لأسوأ كارثة انسانية وبيئية وصحية، وستمتد آثارها لعشرات السنين، استخدم العدوان فيها مختلف أنواع الألغام الأرضية والقنابل العنقودية وقنابل الطيران ومخلفات الحرب وبأعداد مخيفة ومرعبة، شكلت انتهاكًا صارخًا لكل الشرائع السماوية، وتجاوزًا أثيمًا لكل القيم الانسانية والأخلاقية، وخلّفت الكثير من الخسائر البشرية والأضرار المادية والآثار الصحية والبيئية المختلفة. وما تزال الألغام والمخلفات تحصد أرواح المدنيين من الأطفال والنساء يومياً وهو ما يشكل مصدر قلق خطير على حياة المدنيين”.
الحصار يحصد أضعاف ما تحصده القنابل
يوضح صفرة لموقع “العهد” الإخباري أن “قوى التحالف استخدمت كميات مهولة من القذائف والذخائر المتطورة والحديثة من الهاونات والمدفعية الصاروخية ومدفعية الميدان والصواريخ الموجهة، وغيرها من الأسلحة التكتيكية والتعبوية والإستراتيجية، والتي تتميز بتدميرها الواسع وتأثيراتها السلبية المختلفة. نتج عن ذلك تفاقم الوضع الانساني وزيادة المشاكل الصحية والبيئية وانتشار الأوبئة والأمراض المختلفة، وخلق كارثة انسانية وبيئية واسعة ومتفاقمة، ستمتد مخاطرها لسنوات عديدة”.
ترتفع أعداد ضحايا الألغام والقنابل العنقودية يوميًا، في الوقت الذي منع تحالف العدوان دخول أجهزة الكشف ومعدات التطهير للفرق الميدانية التابعة للمركز التنفيذي للتعامل مع الألغام. ينوّه العميد صفرة لموقع “العهد” الإخباري “أنَّ هذا التعنت ستكون له تداعيات خطيرة على عاملي المركز في الميدان وعلى المدنيين على حدٍ سواء، وقد ضاعف حجم المسؤولية أمام العاملين، ووضع المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام أمام تحديات كبيرة وتهديدات ستزداد مستقبلاً بشكل أكبر مما هي عليه الآن، ولا يمكن للمركز التنفيذي احتواؤها والتعاطي معها بإيجابية في ظل الصعوبات والعراقيل القائمة”.
ويدين مدير عام المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام تجاهل الأمم المتحدة الفاضح لهذه الانتهاكات: “التغاضي المتعمد من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عمّا يحدث للمدنيين من كارثة انسانية، وتنصلها من مسؤوليتها الانسانية والأخلاقية، هو ما شجع دول التحالف على الإمعان في قتل اليمنيين. فسياسة الكيل بمكيالين التي ينتهجها البرنامج الإنمائي تجاه المركز التنفيذي في صنعاء، ومنع دخول أجهزة الكشف والتطهير، وتحجيم مخصصاته المالية ونفقاته التشغيلية، وتجاهل كل المناشدات الانسانية، والتغاضي عما يحدث في صفوف المدنيين من إصابات وحوادث، سيترتب عليه كارثة انسانية”.
وفق تقارير المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام، تعدّ محافظة صعدة أكثر المحافظات تضررًا من جريمة الألغام ومخلفات القنابل، ويليها حجة وعمران وصنعاء والحديدة.
وبالرغم من شح وقلة الإمكانات والوضع المثقل بالعراقيل، عملت الفرق والمجموعات الميدانية خلال سنوات العدوان على تطهير ورفع القنابل والذخائر العنقودية من (15) محافظة و( 65) مديرية، وبلغ إجمالي ما تم رفعه وإزالته من ذخائر عنقودية صغيرة حوالي (3,187,630)، من مختلف أنواع وطرازات القنابل العنقودية البالغة (19) نوعا وطرازا، أمريكية وبريطانية وبرازيلية وباكستانية.
وعن حال أطفال اليمن الموجوعين المذبوحين بالألغام في كل حيٍ وحارة، يوصل المدير العام للمركز التنفيذي للتعامل مع الألغام رسالته: “أطفالنا يتطلعون إلى مواصلة حياتهم بسلام كباقي أطفال العالم، من سينقذهم من مخلفات الموت التي قذفتها آلة الحرب ومن الخطر الذي يتربص بهم في مناطقنا ليواصلوا تعليمهم المدرسي، ويعيشوا كما يعيش أطفال العالم بأمان دون خوف؟! من سينقذهم من القاتل الخفي والخطر القائم الذي يقض مضاجع كل اليمنين في القرى والمدن؟! تلك المخلفات تتربص بالأطفال والنساء، وتعرقل جهود الإعمار والتنمية، وتهدد حياة النازحين وتعيق سبل كسب العيش، وتخلف خسائر بشرية وأضرارًا مادية فظيعة، وتشكل تهديدًا حقيقيًا سيستمر لعشرات السنين”.