حصان العفشاويش حصان طروادة..
حصان العفشاويش حصان طروادة..
كتب /الصحفي الاردني وحيد الطوالبة
بعد أن خسرت السعودية معركة السيطرة على النظام الجمهوري الجديد في اليمن الشمالي أمام النظام المصري “الناصري” الذي فرض سيطرته المطلقة على الحكم هناك منذ ثورة سبتمبر 1962م، سعت بشكل حثيث لاختراق قادة النظام الجمهوري حديث النشأة في اليمن وسحب البساط من المصريين الذين كانوا يديرون معظم المرافق والهيئات الحكومية في الجمهورية العربية اليمنية خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
ويمكن القول إن الخطوة البارزة الأولى لنجاحها في هذا الإطار كانت إيصال الشاويش علي صالح إلى سدة الحكم، عبر سلسلة من تصفيات قادة وسياسيين أبرزهم الرئيس ابراهيم الحمدي الذي كان “ناصري” التوجه، وله منجزات كبيرة يعرفها اليمنيون أعطت مؤشرات أن اليمن الشمالي في طريقه إلى تحقيق نهضة عملاقة بما يمكنه من أن يصبح دولة قوية لها تأثير كبير في شبه الجزيرة العربية والمنطقة عموما لما له من مميزات حضارية ودينية واقتصادية وجغرافية كبرى، فتفجرت مخاوف آل سعود من نهضة الجار القريب المغاير لأنظمة الحكم في شبه الجزيرة التي تضم أنظمة دول الخليج الملكية والمشيخية والسلاطينية والأميرية، فعقدوا العزم على ألا تقوم لليمن قائمة، وعلى أن تدخل اليمن تحت الوصاية السعودية مهما كلف الثمن.
يتحدث سياسيون يمنيون عن قرائن عديدة تشير إلى ضلوع مباشر للشاويش صالح في تصفية الرئيس الحمدي، وأنها كانت شرط السعوديين على الشاويش لإثبات صدق ولائه لهم، وفعل الرجل، ونال الرضا السعودي في مقابل تسليم اليمن الشمالي للسعودية.
الشواهد عديدة التي تثبت هذا، وﻻ يتسع المجال لذكرها وسأكتفي باثنتين فقط لكفايتهما، الأولى: أن الشاويش قبل بطمس هوية شعبه الدينية الشافعية والزيدية وإحلال الوهابية السعودية محلهما، في أعظم خيانة يمكن أن يقوم بها رئيس لشعبه، لقد تعرضت اليمن طوال عهد الشاويش لأكبر غزو ثقافي وأكبر استباحة للمقدسات الدينية في اليمن، لقد رعى رسميا معاهد تدرس الفكر الوهابي التكفيري فبث خريجوها الفتن والخلافات بين الشافعيين والزيديين واقتحموا المساجد واحتلوها واستهدفوا علماء المذهبين بشتى أنواع الاستهداف بما فيها محاولات اغتيال.
إن الشاويش صالح بفعلته النكراء تلك هو المسئول الأول داخليا عن ظهور القاعدة في اليمن باعتبارهم الامتداد الطبيعي للوهابيين، لقد شوه صالح اليمن بأساليب عديدة لكن تقديمه لليمنيين إرهابيين أو يمثلون بيئة حاضنة للإرهاب هو أكبر تشويه لهم، وهم من وصفهم سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأهل الحكمة والإيمان والأرق قلوبا وأفئدة، وهم من نشروا الاسلام في أقاصي شرق آسيا وفي العالم بسماحتهم وأخلاقهم وطيبتهم.
أما الثانية: فهي تنازله الرسمي غير المبرر للسعودية عن أراض يمنية واسعة جدا ومعروفة هي ملك اليمنيين تمثلها نجران وعسير وجازان، يقال إنه قبض شخصيا مليارات الرياﻻت السعودية في مقابل ذلك، وكانت هذه من أكبر الخدمات التي قدمها لهم.
لماذا؟ لأن تلك الأراضي التي باعها الشاويش تمثل أغنى مناطق مخازين واحتياطيات النفط والغاز في العالم؟
وبهذا هو لم يحرم اليمنيين حقهم في أراضيهم وحسب بل وحقهم في ثروات هائلة تكتنزها أراضيهم المباعة من قبله، كانت حتما ستغير من حالة البؤس والفقر التي يعانوها، أضف إلى ذلك أنه تعهد للنظام السعودي بعدم التنقيب عن تلك الثروات في محافظة الجوف اليمنية حيث هي أيضا تربض على بحر من النفط.
إن الشاويش هو رجل آل سعود الأول، ولكونه كذلك فقد عالجه آل سعود في مستشفياتهم من حروق بليغة أصيب بها جراء محاولة اغتيال أثناء ما عرفت بثورة شباب اليمن في 2011م، ثم قدموا له طوق النجاة كي ﻻ يلاقي مصير القذافي ومبارك بما عرفت بالمبادرة الخليجية التي أبقت حزبه شريكا في السلطة بنسبة خمسين بالمائة وقدمت له حصانة شخصية من أي ملاحقة جنائية!.
لطالما أتقن الشاويش المسرحية وأتقن دور الزعيم الوطني، مغررا على شعبه بخطابات مستهلكة متناقضة متأكدا من نجاحها لكونه يعرف أنه قد جهل شعبه بما فيه الكفاية فأمكن خداعهم بسهولة.
لقد قدم بولائه المطلق للسعوديين نموذج القدوة لكافة القيادات في صفه فلم يكن من الغريب أن نجد أقربهم إليه وأرفعهم مناصب يجاهرون بإعلان ولائهم للسعودية في حربها على اليمن، أليس أنه هو من أوصل الرئيس هادي المقيم بفنادق السعودية منذ بدء الحرب إلى موقع الرئيس خلفا له بعد أن عينه نائبا له سنوات طويلة؟ أوليس هو من أسماه باليد الأمينة؟ أوليس عبدالكريم الإرياني رئيس وزراء أسبق مات في فنادق الرياض عميلا فصلى عليه الشاويش في صنعاء صلاة الجنازة؟
أوليس رئيس الكتلة البرلمانية لحزبه المؤتمر الشعبي العام ومثله الكثير من النواب والمسئولين عملاء مع السعودية؟
أوليس أن الشاويش لم يتخذ ضد أي منهم قرارا بالفصل من الحزب؟
أوليس أن المؤتمر ﻻ يشارك في القتال مع الجيش اليمني واللجان الشعبية؟
انا لا اشك مطلقا في أن كل ذلك يوحي إلا بأنه ﻻ يزال رجلهم الأول في اليمن، ولكني بت أشك أنه يشترك مع آل سعود في مؤامرة لتصفية خصومة، بدأت بمعركة داخلية ناجحة شارك فيها أنصارالله الحوثيين وتغلبوا على الإخوان المسلمين اليمنيين، ويمر بمحاولة تصفية أنصارالله واستنزافهم عبر تحالف دولي يعتدي على اليمنيين عموما، وصولا إلى تمزيق اليمن إلى دويلات صغيرة يحكمها عملاء صغار يبددون الثروة ولا يمثلون تهديدا، وعندها تنام الأسرة السعودية المالكة قريرة العين.
أما الشاويش فيعاد تلميعه من جديد وتنمية استثماراته الخارجية مفسحا الساحة لعميل جديد ابنه أحمد.
قانتبهوا يا أهل اليمن، فحصان الشاويش حصان طروادة “سعوادة”.