حروبٌ أمريكية قذرة على كافة المستويات…بقلم/أحمد داووود
يظنُّ البعضُ أن الخطرَ الأمريكيَّ على المنطقة برمتها هو عسكري بحت، غير أن هذه النظرية قاصرة نوعاً ما، فالأخطارُ التي تأتي من البيت الأبيض متنوعة ومتعدّدة، وتأتي في مسارات كثيرة، لكنها تلتقي جميعاً في تحقيق الهدف العام لواشنطن، وهو إضعافُ الشعوب وتقسيمها وَتحطيم هُويتها الإِيْمَانية والثقافية والفكرية.
ولهذا يُمكن القولُ إن منطقتنا العربية في خطر محدق، إذَا لم تتفتح العيون جيَدًا لهذه المخاطر، وتعِ الدورَ القذرَ للأمريكيين في تحطيم الشعوب وإضعافها وإذلالها وتسخير مواطنيها لخدمة أجندتها وأفكارها.
قبل أيام شاهدت مقطع فيديو تم تداولُه عبر موقع التواصل الاجتماعي “يوتيوب”، عن الدورِ الجهنمي للاستخبارات الأمريكية في استقطاب الشباب العربي، وخَاصَّة أولئك المعدمين أَو الفقراء لإخضاعهم في دوراتٍ تدريبيةٍ تُقام في أمريكا أَو غيرها، تحت شعارات ومسميات متعددة، أَو للمشاركة في برامج تلفزيونية خَاصَّة بالشباب، غير أن هؤلاء المساكين سرعان ما يقعون ضحيةً للخداعِ الأمريكي، فيتم تصويرُهم في أعمال مخلة للآداب مع شباب وفتيات غربيات وإسرائيليات، وبعد أن يقع الشبابُ في هذه الورطة، يتم توظيفُهم لصالح العمل الاستخباراتي الأمريكي، كأن يعمل هؤلاء في السفارات أَو في عدة دوائر.
وعادةً ما يعود هؤلاء الشبابُ الذين تم مسخُهم إلى أوطانهم، ويعملون في مناصبَ هامة، وتبدأ وظيفتهم في استهداف الدين والتدين، والترويج للأعمال غير اللائقة، وتنفيذ كُـلِّ ما يوجه إليهم من أوامر وتعليمات تأتيهم من أسيادهم في البيت الأبيض.
ولقد رأينا مؤخّراً ما كشفته مقاطعُ الفيديو عن قيام جهاز الأمن القومي بتفجير صواريخ الدفاع الجوي للجمهورية اليمنية، وللمتابع البسيط أن يتساءل: كيف لقائدٍ عسكري كبير كعمار محمد عبد الله صالح أن يتوسط فتاتين أمريكيتين، وينحدر إلى هذا السلوك المشين في تدميرِ وطنه، وعلى محياه ابتسامة عريضة، أليس ذلك دليلاً على التفسخ والانحلال الأخلاقي والقيمي الذي وصل إليه هذا الرجلُ وأولئك الضباط المأجورون؟!.
إن واشنطن بهذا العمل المشين قد انتصرت مرتين، الأولى حين دمّرت منظومات الدفاع الجوي اليمنية، والثانية حين حطّمت أخلاقيات وقيم وشهامة بعض اليمنيين.
ومن مساوئ هذه الحرب الأمريكية، هو أن الشبابَ إذَا لم ينسلخ عن قيمه، وأصر على التمسُّك بعقيدته ودينه، فإنه ينجر بدون شعورٍ إلى وكر الجماعات الدينية المتطرفة، التي حظيت بدعم ورعاية واهتمام كبير، فيتم هنا تسميمُ العقول وتخديرُها، وبذلك ظهرت خلال السنوات الماضية ما عرفناه جميعاً من مسميات “كتنظيم القاعدة” “وداعش”، ورأينا ما عملت هذه الجماعات من تدمير وتخريب لأوطاننا باسم الدين.
إذاً، هذان الوجهان اللذان أرادتهما أمريكا في المنطقة، وجه منسلخ خلقياً ودينياً، ويدعو إلى الإلحاد ومحاربة الدين، ووجه آخرُ يقدم صورةً مغلوطة ومشوهة عن الدين وقيمه العادلة والرفيعة.
من هذا المنطلق، نفهم التأكيدات المتواصلة لقائد الثورة السيّد عبد الملك الحوثي على أهميّةِ ترسيخ الهُوية الإِيْمَانية للشعب اليمني؛ باعتبارها السلاح الأهمَّ لمواجهة العدوان وأمريكا، فالإِيْمَان هو الوحيد القادر على مواجهة الطاغوت عبر الأزمنة المتلاحقة.
وصدق الشاعر حين قال:
إذا الإِيْمَانُ ضاع فلا أمان ولا دنيا لمن لم يحيِ دينا