حرب شوارع واسعة بين المرتزقة في عدن..بإشراف سعوديّ مباشر
بعد أيام من عودة حكومة الفارّ هادي وفي ظل محاولات لامتصاص غضب الشارع تجاه تردي الأوضاع
سقوط قتلى وجرحى بينهم قيادات وإحراق عدد من المنازل والممتلكات المدنية
سقط عددٌ من القتلى والجرحى في معاركَ عنيفة اندلعت، أمس السبت، بين فصائل مرتزِقة العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي، وسط محافظة عدن المحتلّة، بعد أَيَّـام من وصول رئيس حكومة المرتزِقة إليها، الأمر الذي سلط الضوء مجدّدًا على المحرك الرئيسي للفصائل المتصارعة والمتمثل بدول تحالف العدوان.
وأفَادت مصادر محلية بأن مسلحين يتبعون قائد ما يسمى “معسكر 20” المرتزِق “إمام النوبي” المنشق عن مليشيات “المجلس الانتقالي” المدعومة من الإمارات، قاموا بمهاجمة مركز شرطة للمليشيا، في كريتر، واختطاف بعض قياداته؛ مِن أجلِ الإفراج عن معتقلين في القسم.
ورداً على ذلك، قامت مليشيا “الانتقالي” بالهجوم على كريتر، واندلعت حرب شوارع عنيفة استخدم فيها الطرفان مختلف أنواع الأسلحة.
وسقط ستة قتلى على الأقل، بينهم عناصر من الطرفين، وأُصيب آخرون، وتم تدمير آليات عسكرية متنوعة.
وقال نشطاء محليون: إن قيادات عسكرية من الطرفين كانوا ضمن قائمة القتلى والجرحى.
وتحدثت وسائل إعلام عن وقوع ضحايا من المواطنين الذين أصابهم رعبٌ كبيرٌ، وحوصروا داخل بيوتهم منذ ساعات الصباح الأولى، حتى لحظة الكتابة.
واحترقت عدةُ منازل نتيجةَ تعرضها لرصاص وقذائف تبادلها المرتزِقة خلال المواجهات، وأظهرت مقاطع ولقطات مصورة تصاعد الأدخنة من وسط الأحياء السكنية واحتراق بعض البيوت والسيارات وسط إطلاق كثيف للنيران وانفجارات عنيفة.
وأعلنت مليشيا الانتقالي أن كريتر، التي تضم مقرات إقامة حكومة المرتزِقة والبنك المركزي، منطقة مغلقة يمنع الخروج منها، ودفعت بتعزيزات عسكرية كبيرة لاقتحامها، وتحدثت أنباء عن إرسال “خمسة ألوية” للقيام بتلك المهمة.
وقالت مصادر إعلامية: إن قائد قوات الاحتلال السعوديّ في عدن دعا لاجتماع يضم قيادات من طرفي المواجهات، لـ”التهدئة”، لكن الأوضاع ما زالت مشتعلة، وسط توقعات بتصاعد وتيرتها.
وأوضح مصدر محلي أن المعارك اقتربت من قصر “معاشيق” الذي يقيم فيه رئيس حكومة الفارّ هادي المرتزِق معين عبد الملك.
وتوسعت المواجهات في المساء لتشمل مديرية “خور مكسر”، حَيثُ قالت مصادر إعلامية محلية: إن القيادي المرتزِق “مختار النوبي”، قائد ما يسمى “اللواء الخامس” في ردفان، قام بإرسال تعزيزات عسكرية لفك الحصار الذي تفرضه قوات المليشيا على شقيقه المرتزِق “إمام” في كريتر، لكن المليشيا اعترضت تلك التعزيزات في الطريق، واندلعت مواجهات عنيفة بين الطرفين.
وليست هذه المرة الأولى التي تندلع فيها مواجهات بين مليشيات “الانتقالي” وقوات المرتزِق “النوبي” الذي انشق عن المليشيا وتلقى دعماً سعوديًّا ليصبح ذراعًا عسكريًّا تستخدمُه الرياضُ داخل عدنَ؛ لضمان عدم انفرد المليشيا المدعومة من الإمارات بالسيطرة على المحافظة.
وكانت المليشيا قد حاولت إخراجَ المرتزِق “النوبي” من كريتر، لكنها لم تتمكّنْ من ذلك؛ بسَببِ ارتباطِه بالسعوديّة.
وفي هذا السياق، اعتبر مراقبون أن تدخُّلَ قائد قوات الاحتلال السعوديّ يأتي في إطارِ حماية “النوبي”، وإفشال خطة مليشيا “الانتقالي” الرامية لاقتحام كريتر.
ونقلت وسائلُ إعلام عن المرتزِق النوبي، أنه اشترط لوقفِ المعارك، خروجَ قيادات مليشيا “الانتقالي” من عدنَ، وهو الأمر الذي يأتي في اتّجاهٍ موازٍ للضغوط التي تمارسُها الرياض على المليشيا التابعة للإمارات في المحافظة.
واتهم نشطاءُ تابعون لمليشيا “الانتقالي” الأطرافَ الدوليةَ بالكَيل بمكيالين في التعامل مع ما وصفوه بـ”البلطجة” في عدن، في إشارة إلى “تمرد” قوات المرتزِق “النوبي”.
وتأتي المعاركُ بعد أَيَّـام من عودةِ رئيس حكومة المرتزِقة، وبعض أعضائها إلى عدن، في إطار محاولةٍ لامتصاص غضب الشارع الذي تفجّر خلال الأسابيع الماضية على خلفية انهيار العُملة المحلية وتجاوز سعر صرف الدولار 1200 ريال.
وكان قد تم افتعال “تحسُّنٍ” شكلي طفيف جِـدًّا في أسعار الصرف، حَيثُ تراجع الدولار عن حاجز الـ1200 قليلًا، في محاولة مكشوفة –ليست الأولى من نوعها– لتهدئةِ الاحتجاجات، تزامُناً مع عودة حكومة المرتزِقة، لكن تدهور العُملة عاد بسرعة.
وتعيد هذه المعاركُ التذكيرَ بسيناريوهات مماثلةٍ حدثت عدة مرات في عدن، على امتدادِ السنوات الماضية، حَيثُ كان العنفُ يتصاعد بشكل واسع داخل المحافظة عقب كُـلّ عودة لحكومة المرتزِقة، لينتهيَ الأمرُ بـ”هروب” الأخيرة إلى الرياض مرة أُخرى.
وتتشابك مصالحُ دول العدوان فيما يتعلق بالصراع بين فصائل المرتزِقة في عدن، فالسعوديّة التي كانت قد حاولت طيلة الفترة الماضية إعادةَ حكومة الفارّ هادي إلى المحافظة، تسعى منذ مدة لتحجيم دور وسيطرة مليشيات “الانتقالي” هناك، وإبراز منافسين لها على الساحة، فيما تعمل الإمارات على أن تبقى المحافظة تحت سيطرة الانتقالي وحده، غير أن الدولتين تتعمدان إدارةَ الصراع بين أدواتهما بشكل يبقيه مُستمرًّا ومدمِّـرًا وغير محسوم.
وكانت السعوديّة قد حاولت خلال الأيّام الماضية تلميعَ صورتها باستصدار بيانات “تشيد” بعودة حكومة الفارّ هادي إلى عدن؛ باعتبَار ذلك ضمن “جهود” المملكة لتنفيذ ما يسمى “اتّفاق الرياض” إلا أن معارك، أمس، تجدد التأكيد على زيف كُـلّ تلك الدعايات.