حرب الوثائق: دعم “المحمدين” لتنظيم القاعدة في اليمن
نعيش اليوم أشبه مايكون بحرب الوثائق. الأطراف الخليجيّة تستخدم كافّة أوراقها في المواجهة القائمة. وفي حين تتّهم السعودية قطر بدعم الإرهاب، عمدت الأخيرة إلى نشر وثائق جديدة تثبت الدعم السعودي والإماراتي لتنظيم القاعدة في اليمن.
الاتهامات المتبادلة بين الأطراف الخليجية، وتحديداً في ملفّ دعم الإرهاب، يؤكد حجم الهوّة القائمة بين تميم من جهة والمحمدين ( بن سلمان وبن زايد) من جهة أخرى، هذه الفجوة التي وصلت إلى مستوى تغيير الأنظمة لاسيّما مع اتهام السعودية لقطر بالوقوف خلف تفجيرات وعمليات إرهابيّة في المملكة، مقابل اتهام الدوحة للرياض بمحاولة تهيئة الأرضية لانقلاب.
اللافت أيضاً، وبخلاف التحرّكات السعوديّة والإماراتيّة والمصريّة التي افتقدت إلى الحنكة وطغى عليها التسرّع، هي سياسة ضبط النفس المتّبعة من قبل الدوحة، واستخدامها الأسلوب الدبلوماسي في درء الحصار الخليجي، إلا أنّ ما هو أشدّ لفتاً في الأزمة الخليجية هو القصف السياسي المتبادل بين قطر والسعودية فيما يخص العدوان السعودي على اليمن.
قطر التي التزمت الصمت حوالي الشهر، يبدو أنّها قد بدأت بالكشف عن أوراقها ما يؤكد أن الأزمة طويلة الأمد، أحد هذه الأوراق تمثّلت بوثيقة دبلوماسيّة تؤكد دعم السعودية والإمارات لتنظيم القاعدة بعلم أمريكي.
وثائق قطرية
فقد كشفت وثيقة دبلوماسية مسرّبة من السفارة القطرية في واشنطن مرسلة إلى وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني بتاريخ 26 تشرين الأول/ أكتوبر عن دعم نائب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد لبعض الشخصيات البارزة في تنظيم القاعدة في اليمن.
وبحسب الوثيقة المسرّبة، فإنّ نائب وزير الخزانة الأمريكية لشؤون الإرهاب قال إنّ الأمير السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي بن زايد كانا على تواصل دائم باليمنيَّيْن “علي أبكر الحسن” و”عبد الله فيصل الأهدل” المدرجَيْن ضمن قائمة العقوبات الأميركية لعلاقتهما الوثيقة بتنظيم القاعدة.
وورد في الوثيقة معلومات تفصيلية عن نشاطات القائدَيْن في تنظيم القاعدة، بالإضافة إلى التمويل المباشر الذي قدّمه رئيس الاستخبارات السعودية خالد بن علي بن عبد الله الحميدان لعلي أبكر، من أجل شراء عتاد وتقديمه إلى عناصر توالي تنظيم داعش.
وأعرب نائب الوزير الأمريكي عن قلقه من أن يقوم بن سلمان بأعمال مع تنظيم القاعدة والجماعات المتطرّفة الأخرى من دون التنسيق مع واشنطن، كما عبّر عن استياء بلاده بشأن تمدد وتوسع القاعدة في اليمن والدول المجاورة.
شمّاعة الدوحة
في المقابل، وبعيداً عن كافّة حقول الاشتباك السياسي والاقتصادي بين الدوحة والرياض، يبدو الموقف السعودي فيما يخصّ العدوان على اليمن غريباً جداً. يحاول بن سلمان رمي فشله العسكري في اليمن على الدوحة التي كانت حاضراً غائباً في العدوان، بخلاف السعوديّة والإمارات ومرتزقة كلا الطرفين. أي أنّ الرياض تسعى لتحميل الدوحة وِزر تَعثُّر المملكة في ملف إقليمي بالغ الحساسية، وهو العدوان على اليمن الذي أطلقه ولي العهد الحالي “محمد بن سلمان” في 26 مارس 2015.
فقد نشرت صحيفة “عكاظ”، واحدة من أقدم الصحف السعودية وأكثرها قرباً من دوائر صنع القرار في المملكة، تقريراً تطرّقت فيه لدور قطر في إفشال العدوان على اليمن. ونقلت الصحيفة عن “صلاح الصيادي” – وزير الدولة اليمني – قوله: إن الدوحة سعت لإطالة أمد الصراع وتعطيل الحسم العسكري في مناطق عدة، متهماً قطر – صراحةً – بالمساهمة عبر عناصر تعمل داخل إطار مؤسسة الشرعية اليمنية في تأخير حسم أهداف الحرب التي يَشُنّها التحالف العربي، الذي تقوده السعودية هناك.
“الصيادي”، وبدل أن يعزّز رؤيته بشواهد لا نعرفها كونه قريب من هادي والسعودية، أثبت العكس من خلال استدلاله بأسباب لا علاقة لها بتأخير بأي حسم عسكري ميداني على الأرض من قبيل “تنصّل الدوحة من التزاماتها التي قد قطعتها في جبهة تعز كشريكٍ في التحالف، كما قد تخلّت في السابق عن دعم وإعمار اليمن”.
بعيداً عن شيطنه كل طرف للآخر، يثبت الخلاف الخليجي القائم حقائق ذكرناها على هذه الزاوية منذ الأشهر الأولى للعدوان على اليمن. السعودية وكما هي متورّطة بدماء الشعب اليمني من أطفال ونساء، هناك تورّط واضح من قبل الرياض في دعم تنظيم القاعدة الإرهابي في اليمن بغية تحقيق الأهداف الموسومة لعاصفة الحزم، إلا أنها اليوم وكسياسة واشنطن، تسعى لرفع شعار مكافحة الإرهاب. السعوديّة تسعى لضرب أهداف عدّة بحجر واحد الأوّل نفي تهمة الإرهاب عنها، ثانياً إثبات الدعم القطري لجماعة أنصار الله، وبالتالي الاستدلال على تعاونها مع إيران، ثالثاً وسم القاعدة أنصار الله بالإرهاب، وكذلك قطر، كون هذا الاتهام يأتي بالتزامن مع الحملة الشرسة على قطر لاتهامها بدعم الإرهاب، إلا أنّ هذا الاتهام لم يَحصد تجاوباً رسميّاً وشعبياً على قدر ما كانت تُريد دول الحصار.
أمريكا التي تسعى للواسطة عبر وزير خارجيّتها، وتدّعي مكافحة الإرهاب، تعلم جيّداً دعم السعودية والإمارات للإرهاب، إلا أنّها تتغاضى لأسباب اقتصاديّة ترتفع عندما يتوقّف “الحليب” السعودية، وفق شعار ترامب الذذي رفعه تحت عنوان “البقرة الحلوب”.
عوداً على بدء، أتقنت قطر الردّ على الاتهامات السعودية عبر وثائق امتلكتها من خلال تواجدها على اليمن منذ بدء العدوان عام 2015 وحتى خروج القوّة القطرية إبان الأزمة الخليجية، فهل سيستخدم ترامب الوثائق القطرية في محاكمة السعودية بدعم الإرهاب في وقت لاحق؟
المصدر/ موقع الوقت التحليلي