حرب أمريكا البيولوجية على الشعب اليمني..؟!
لا غرابة في أن يُصدَم البعض الآن حين يعرف أن أغلب الأوبئة والفيروسات والميكروبات التي اجتاحت العالم في السنوات الأخيرة وحصدت أرواح الآلاف كانت “مُصَنعَة” ومُستخدَمة في حروب بيولوجية قذرة، والتي تكمن خطورتها في أنه لا توجد وسائل سهلة للحماية من آثار هجماتها المميتة
ومن المعتاد عرض الاسلحة البيولوجية كـ”قنبلة الفقراء النووية”، ويكفي رزم كمية قليلة من البكتيريا أو الفيروسات في قنبلة رخيصة الثمن، وجسم الإنسان الذي يصاب بها يصبح “كالفرن الذري” الذي يكون وبنجاعة بكتيريا أو فيروسات تخدم مرسلها من خلال سرعة العدوى، لنعرف الآن فظاعة الأسلحة البيولوجية، بأنها أسلحة الفقراء الصامتة المدمرة الرهيبة، فكم من حروبٍ حسمت بهذه الأسلحة الرخيصة التي تعتمد على براعة التفكير والتدبير، واستعمالها يبث الذعر والفزع والقلق بالمجتمعات المعادية.
وهنا لابد لنا من نظرة تفحص، ووقفة تأمل نتجرد فيها من الأهواء، ونضع فيها هذه الأسلحة المرعبة، وتاريخها الممتلئ بالظلم، وحصد أرواح الأبرياء على بساط الحقيقة لنرى أن الدول المستكبرة وعلى رأسها أمريكا، كانت صاحبة الريادة في استخدام هذه الأسلحة الشريرة لأن غاياتها العليا كانت، وما زالت، قهر الشعوب، واستعبادها، ونهب خيراتها… فماهي الأسلحة البيولوجية؟
تُعتبر الاسلحة البيولوجية الأكثر فتكا بين مختلف الأسلحة، وهو يشمل كافة الأساليب والوسائل التي قد تُستخدم لنشر الجراثيم الخبيثة والأمراض والأوبئة المعدية والفتاكة في صفوف العدو.
التاريخ الاسود لأمريكا في استخدامها للأسلحة البيولوجية
تعتبر الولايات المتحدة الأميركية دولة ذات سجل مميز في إنتاج الأسلحة البيولوجية واستخدامها الفعلي ضد البشر والمحاصيل الزراعية إضافة إلى بيع هذه الأسلحة لعملائها في حربهم ضد المعارضين، واستخدمت القوى الاستعمارية وعلى رأسها أمريكا الاسلحة البيولوجية منذ زمن طويل كوسيلة للقضاء على منافسيهم والضغط على بعض البلدان، فخلال القرون الماضية اقدمت الولايات المتحدة الأمريكية على استخدام الكثير من الاسلحة الكيميائية والبيولوجية خلال عملية استعمارها للمناطق الشمالية من القارة الامريكية وذلك بعدما ايقنت بأن الأسلحة التقليدية لم تجدي نفعاً ولم تساعدهم على هزيمة السكان الأصليين، ولهذا فلقد نسجت الكثير من المؤامرات وقرروا توزيع الكثير من الهدايا والملابس المليئة بالفيروسات السامة والقاتلة التي تحمل الكثير من الامراض كالكوليرا والتيفوئيد والسل على عشرات الالاف من أولئك الهنود ليتم القضاء عليهم.
وبدأت الولايات المتحدة في عام 1943، بالقيام بالعديد من التجارب البيولوجية لصناعة أسلحة كيميائية فتاكة وذلك بناءً على تعليمات “فرانكلين روزفلت” رئيس الولايات المتحدة في ذلك الوقت وقد استمرت هذه التجارب والبحوث لسنوات عديدة حتى انتهت الحرب العالمية الثانية وخلال تلك الفترة، نجحت الولايات المتحدة في إنشاء مخزون ضخم من الاسلحة البيولوجية والكيميائية ومن اكثر الأشياء الغريبة والمثيرة للجدل في تلك التجارب البيولوجية التي قامت بها الولايات المتحدة هي قيامها في عام 1956 بإجراء تجربة بيولوجية في المناطق التي يقطن فيها السود، حيث قامت الحكومة الامريكية بنشر بكتيريا “الجمرة الخبيثة” في تلك المناطق مما أدى إلى مقتل الكثير من اصحاب البشرة السوداء.
قام الجيش الأميركي وخلافاً للمعاهدات الدولية باستخدام أسلحة بيولوجية في العديد من حروبه مثل حرب كوريا وحرب فيتنام والعديد من الهجمات الجرثومية السرية ضد كوبا بهدف شل الطاقة البشرية عن طريق التسبب بأمراض غير قاتلة ولكنها مُقعِدة لليد العاملة أو عن طريق بث ميكروبات مهلكة للمحاصيل الزراعية التي يعتمد عليها الاقتصاد الكوبي، وهذا الأمر أشارت إليه صحيفة الواشنطن بوست خطأً عام 1979م، وفي عام 1981 اعلنت الحكومة الكوبية رسميا أنه تم تشخيص 300 الف من مواطنيها مصابين بمرض “حمى الضنك” عقب الهجوم البيولوجي الذي شنه الجيش الأمريكي على مناطق متفرقة من كوبا.
كما استخدمت الولايات المتحدة الاسلحة البيولوجية والكيميائية خلال حربها مع فيتنام وخلال الحرب التي شنتها أمريكا واحتلالها للعراق وأفغانستان، وهنالك الكثير من الدلائل التي تؤكد استمرار أميركا في استخدام الأسلحة البيولوجية ضد كل من يهدد مصالحها كما حصل في حرب الخليج الثانية، فقد أشارت بعض الدراسات والتي قام بها البروفيسور جارث نيكلسون من جامعة تكساس وزوجته الدكتورة نانسي بأن الولايات المتحدة تخفي استخدامها لميكروبات من نوع الميكوبلازما الذي يحدث أعراض ما أطلق عليه بأعراض حرب الخليج التي ظهرت عند العديد من الجنود الأميركيين، وقد تعرض البروفيسور نيكلسون وزوجته للملاحقة والعديد من العقبات الأكاديمية كعقوبة على محاضراتهم المتكررة حول هذا الموضوع.
انتشار وباء الكوليرا في اليمن جزء من حرب بيولوجية
ثلاثة أعوام مضت على العدوان الهمجي التي تشنه قوى تحالف العدوان على الشعب اليمني دمرت فيه البلد عن بكرة أبيها بكامل بنيتها التحتية حيث دمرت المدارس والمستشفيات والمزارع ومصانع الادوية وشبكات توزيع المياه والغاز والكهرباء وشبكات الطرق والجسور..الخ، وتم فرض الحصار الجوي والبحري والبري لمنع وصول اية مساعدات حتى الإنسانية منها من الغذاء والادوية والمستلزمات الطبية الأساسية وكل هذا بمساعدة أمريكية واضحة وباشتراك ما يسمى “بالمجتمع الدولي” والأمم المتحدة التي لم تحرك ساكنا أمام المأساة الإنسانية التي يعاني منها أهل اليمن لا بل أنها لعبت دورا قذرا بالمساهمة في تردي الأوضاع الإنسانية وتفاقمها بشكل حاد.
وخلال العدوان الغاشم انتشر وباء الكوليرا في اليمن وبلغت أعداد المصابين بهذا الوباء ما يقرب من 11 ألف حالة ونقلت بعض وسائل الاعلام عن حالة الاكتظاظ الغير مسبوقة في المستشفيات أو ما تبقى منها حيث تجد المصابين في الممرات وخارج المستشفى لعدم قدرة المستشفيات لتقديم سرائر للمرضى والمصابين، لاسيما مع شحة الادوية والمستلزمات الطبية بسبب الحصار الخانق التي تفرضه قوات تحالف العدوان.
ومما نود أن نشير اليه هنا هو أن يكون انتشار وباء الكوليرا هو جزء من حرب بيولوجية على هذا البلد وشعبه وذلك بعد ان عجزت الة ا العدوان الهمجية على اليمن ان تركع هذا الشعب الابي وتفرض عليه الاستسلام بعد ان ثار على العبودية والتبعية التي كبلته ونهبت ثرواته ومقدراته لعقود من الزمن، فلم تترك قوى العدوان على اليمن سلاحاً إلا وجربته، حتى السلاح البيولوجي الفتاك استخدمته للانتقام من صمود وبسالة وإرادة الشعب اليمني الذي عجزت أسلحتهم الفتاكة وصواريخهم عن كسرها.
والاسلحة البيولوجية هي من الأسلحة المحرمّة دوليا والتي يُمنع استخدامها وتطويرها تحت طائلة الملاحقة القانونية الدولية، الا أن هذا يختلف تماماً في العدوان الأمريكي السعودي على اليمن ذلك البلد الذي يعيش في مجاهل العالم، فالقصة هنا تختلف تماماً، فالقانون الدولي ومجلس الأمن ومنظمات حقوق الانسان، بل ودول العالم أجمع لا تقصد بهذا القانون قوى تحالف العدوان بزعامة أمريكا والسعودية، التي استطاعت ومن خلال المال المدنس شراء ذمم العالم.
وبالتأمل جيداً في انتشار العديد من الأوبئة ولأمراض المعدية المتفشية ومنها وباء الكوليرا والدفتيريا ومستوى هذه الامراض وطريقة فتكها بالشعب اليمني يشير ويؤكد أن هناك خطباً ما وراء هذه القضية، وأن الأمر ليس مجرد امراض انتشرت بسبب نقص الدواء والغذاء الذي افتعلتها قوى تحالف العدوان والمنظمات الإنسانية الدولية التي تمشي في فلكها.
وفي تأكيد هذا الأمر، نقل موقع “ليبرتي فيذر” الغربي تقريراً يشير إلى أن الكوليرا والوباء في اليمن ناجم عن هجوم أمريكي سعودي في مؤامرة مشتركة، وحمّل الموقع أمريكا المسؤولية المباشرة عن الهجوم البيولوجي، حيث أن السعودية لا تمتلك هذه الأسلحة والخبرات، بل أن تجربة أمريكية قد تمت تحت وطأة الحرب القائمة، وكذلك الأمر فإن أمريكا تتحمل مسؤولية مباشرة عن الدعم والمشاركة في تدمير البنية الأساسية في البلاد من ضمنها المستشفيات والمدارس ومحطات المياه.
كما نشر موقع غلوبال ريسيرش للأبحاث “Global Research” تقريرا حول التعاون الأمريكي مع السعودية في شن حرب بيولوجية ضد المدنيين في اليمن، واستخدام الأمراض كسلاح لقتل اليمنيين، وحسب التقرير، فإنه ومنذ مارس/ آذار العام 2015م، حتى اليوم، وذكر التقرير أنه حتى اليوم قد عرض لهذه الأوبئة خلال هذه الحرب حوالي 400 ألف شخص، ولفت إلى أن هذ الأمراض هي بسبب باكتيريا تنتجها أسلحة تصنعها الولايات المتحدة.
ولكي تكون الكوليرا أكثر فعالية فيجب أن تنتشر من خلال إمدادات المياه، وهذا ما يجري حاليًّا في اليمن، فقد دُمّرت العديد من البنى التحتية اليمنية وأنظمة الصرف الصحي بالإضافة الى تدمير المستشفيات والعيادات الصحية في هذا البلد قد وضع سكان اليمن الّذين يفوق عددهم ال 25 مليون شخص بدون أيّة مناعة في مواجهة انتشار الأوبئة، وهذا الأوبئة التي تصيب اليمنيين يمكن أن تدفع العديد من اليمنيين الى الموت خلال أيام قليلة فقط،
وقال خبراء وباحثون انهم لا يستبعدون أن يكون وباء الكوليرا الذي انتشر على نطاق واسع في صنعاء وبعض مناطق شمال اليمن ناتج عن استخدام قوات التحالف الذي تقوده السعودية أسلحة جرثومية مشيرين إلى أن الأبحاث العلمية تؤكد أن الكوليرا من الامراض التي يمكن أن تنتشر نتيجة استخدام مثل هذه الأسلحة في الحروب، واضاف الباحثون أنه سبق كذلك وأن تم تسجيل العديد من حالات التشوهات الخلقية لمواليد في محافظات صعده وحجة والحديدة وتعز، وهي ناتجة عن استخدام التحالف بقيادة السعودية اسلحة كيميائية في حربها ضد اليمن.
لم يكتف هؤلاء بتجربة السلاح البيولوجي على الشعب اليمني بل مارسوا طيلة ثلاثة أعوام سياسة الاستهداف الممنهج للمنشآت الصحية من خلال القصف الذي طاولها أكثر من مرة من جهة، ومن جهة أخرى من خلال منع إدخال المساعدات الكافية الطبية والغذائية.
ولكن مع هذا فان الامر لن يكون مستغربا إذا ما ناقشنا القضية بشكل موضوعي من خلال معرفتنا بالأطراف المنخرطة في هذه العدوان البربري وتأريخهم الأسود الماضي والحاضر، فالولايات المتحدة منخرطة بشكل كبير مباشر في هذا العدوان تزويدها للسعودية بالذخائر والأسلحة المتطورة والطائرات والصواريخ الموجهة التي لم تتوانى عن استخدام القنابل العنقودية في المناطق الاهلة بالسكان الى جانب الأسلحة والذخائر والصواريخ التي يدخل في تركيبها اليورانيوم المنضب والذي تصدر عنه الاشعاعات النووية والتي أدت الى حدوث العديد من حالات موت الاجنة وهو ما وثقته بعض المنظمات الطبية الغير حكومية العاملة في اليمن.
ولا ننسى أن الولايات المتحدة قد استخدمت في حربها على فيتنام في سبعينات القرن الماضي قنابل النابالم والقنابل العنقودية والأسلحة الكيماوية وابادت قرى بأكملها بهذه الأسلحة الكيماوية… هي من امدت السعودية بالقنابل والأسلحة الفتاكة التي تستخدمها في اليمن.