“حارس البحر”.. الدراما اليمنية على خط “الطوفان”؟
انطلقت فكرته من الطوفان الفلسطيني ومعركة اليمنيّين في البحر. ماذا قدّم لنا المسلسل اليمنيّ “حارس البحر”؟
ويجسد المسلسل الصراع بين “قوى الخير” الممثلة بالمجتمع الواعي، و”قوى الشر” من أولئك الذين يتخابرون مع فريق صهيوني يتخذ من سفينة راسية في عمق البحر مقراً له، ويسعى لشراء أراضي القرية عبر عملائه وقتل الصيادين اليمنيين، بينما يحارب المجتمع التوجه الغربي للصيد الجائر في المياه الإقليمية اليمنية تمهيداً للمعركة الكبرى التي أعلنها السيد عبد الملك الحوثي بالتزامن مع الطوفان الفلسطيني، وما صنعته من تحولات تمثل الانطلاقة الأولى لأمة قوية ومستقلة.
ويردف الكاتب في حديث مع “الميادين الثقافية” أن: “رمزية الأحداث في القصة تأتي من مبدأ وحدة الأمة الإسلامية؛ فاليمن بموقعه الجغرافي الاستراتيجي هو حارس البحر منذ الأزل. هذا البحر الذي يحمل الخيرات والأخطار والتحديات معاً، والتوحد والأخوة في إطار المجتمع اليمني ثم في إطار الأمة ككل، ضرورة لواقع الحياة المعاصرة وتحدياته”.
ذلك أن عمر، هو كل أطفال اليمن، أما القرية الساحلية الصغيرة فهي رمز للبلد المطل على أهم ممر تجاري عالمي، وهو باب المندب، وما تمنحه تلك الإطلالة الاستراتيجية من قدرة على التحكم بالملاحة البحرية لصالح الأمة وقضاياها العادلة، إذا ما امتلك القدرة العسكرية اللازمة.
على خلاف المسلسلات اليمنية المعهودة بتكريسها للفكاهة الركيكة، تأتي لغة الحوار في “حارس البحر” سياسية واعية ومركزة في إطارها الاجتماعي الواقعي، ومتنوعة بتنوع شخصيات المسلسل الذين يمثلون مختلف المناطق اليمنية بلهجات عدة، وهي دلالة أريد من خلالها التأكيد على أن الترابط الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والتحرك ضد الأعداء لم يتأثروا بالتنوع الثقافي للمجتمع.
وعن شخصية البطل يقول السراجي، إن شخصية “حيدر” التي جسدها إبراهيم الزبلي، تختزل الشخصية اليمنية التي تأخذ زمام المبادرة لتغيير الواقع العام في المنطقة، منطلقة من قاعدة أن “فلسطين قلب الأمة والبوصلة التي تضبط توجهات أحرار الأمة ورجالاتها”، مؤكداً أن “ثمة تحولات سياسية واجتماعية وعسكرية فعيلة تجعل من فكرة المسلسل مجرد عرض رمزي بسيط لما يشهده الواقع اليوم من فكر مقاوم ضد قوى الاستكبار العالمي في كافة بلدان المحور”.
و”حارس البحر” واحد من بين 17 مسلسل يمني يجري عرضهم حالياً على مختلف القنوات اليمنية، سواء التابعة للمجلس السياسي الأعلى في صنعاء، أو تلك التي تبث من خارج اليمن وتتبع بقية الأطراف السياسية المؤيدة للعدوان الأميركي البريطاني والمناوئة لموقف صنعاء المساند لــ “طوفان الأقصى”، ويحتل المرتبة التاسعة من حيث نسبة المشاهدة خلال العشر الأيام الأولى من شهر رمضان، على منصة “يوتيوب من” خلال قناة حديثة تحمل اسمه.
وحظي المسلسل خلال الأيام الأولى من شهر رمضان بردود فعل إيجابية وتوصية بالمشاهدة من قبل الناشطين في منصات التواصل الاجتماعي الذين اعتبروا العمل يخاطب الوعي العام للشعوب، ويناقش قضايا الأمة برؤية سياسية واضحة.
عن ذلك يقول المخرج عبد العزيز الحرازي: “إن ثقافة المشاهد في التقبل لأعمال من هذا النوع ومدى معرفته بظروف إنتاج العمل، تنعكس بشكل أو بآخر على ردود الفعل في منصات التواصل، سواء خلال الحلقات المعروضة إلى اليوم أو بعد إتمام بثه كاملاً”.
ويؤكد الحرازي لـ “الميادين الثقافية” إن “فكرة المسلسل التي تنطلق من تطورات الأحداث في البحر لاقت دعماً واسعاً من الجهات الرسمية وغير الرسمية، ورغم أن مباشرة العمل جاءت في وقت ضيق جداً قبل رمضان، إلا أن الفريق عمل بشكل متواصل للخروج بمسلسل يعكس الشعور بالمسؤولية الملقاة على عاتقنا كمنتجين وفنانين ومؤثرين”.
وأضاف: “كان لا بد من “حارس البحر” لتكريس ثقافة المقاومة لدى المجتمع وكشف أساليب العدو في استهدافه والتأكيد على أهمية ملكية البلد لمياهه الإقليمية وأراضيه الزراعية، وأحقية الشعب بالثروة بدلاً من الأعداء، وهو التوجه الحالي للمقاومين”.
وفي خضم طاحونة الإنتاج الدرامي العربي المتماهي مع مشاريع القوى الاستعمارية والاستبدادية التي تكرس ثقافة “السلام” مع “إسرائيل” من خلال سردية التعايش مع المحتل، يرى الحرازي أننا “في حاجة إلى أعمال هادفة للنهوض بوعي الشعوب وتعزيز شعورها بالقومية وإيمانها بالقضايا الحقة، ولا حاجة لنا إلى المسلسلات الهادفة للتمييع والمسخ عن القيم والهوية”.
الميادين نت