جريدة الأخبار-اللبنانية:حدود شبوة – البيضاء خارج «التسويات»: «أنصار الله» على مشارف بيحان
خلافاً للوضع القائم بين محافظتَي لحج والبيضاء، حيث تَوصّل «أنصار الله» و«المجلس الانتقالي» إلى «تسوية» يتمّ بموجبها تأمين المناطق الحدودية، لا يزال «الإصلاح» يدفع نحو التصعيد على الحدود بين شبوة والبيضاء، وهو ما قد يحمل قوات صنعاء على تعميق عملياتها في شبوة، وصولاً إلى المعاقل «الإصلاحية» الأكبر في المحافظة النفطية.
حالة تأهّب قصوى تعيشها ميليشيات حزب “الإصلاح” المسيطِرة على محافظة شبوة، بعد سقوط مواقعها العسكرية المطلّة على مديريتَي بيحان وعين في محافظة شبوة، تحت سيطرة الجيش اليمني و”اللجان الشعبية”. إذ فشلت قوات الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، على مدى اليومين الماضين، في استعادة أيّ مكاسب على الأرض في المناطق الفاصلة بين محافظتَي شبوة والبيضاء، وفقدت ما تبقّى لها من وجود عسكري بعد سيطرة الجيش و”اللجان” على مفرق هبتة، ومفرق صبغ، وموقع الشبكة الاستراتيجي في أطراف جبهة ناطع، الواقعة على التماس مع مديريتَي بيحان وعين.
وأكدت مصادر قبلية، لـ”الأخبار”، فشل محاولات قوات هادي استعادة عقبة القنذع الاستراتيجية التي تُعدّ “خطّ الدفاع الأول عن شبوة من شرق البيضاء”. وأشارت إلى أن “أهمية العقبة لبيحان هي كأهمية سلسلة جبال نهم لمأرب، بوصفها حاميات طبيعية مَن يسيطر عليها يتحكّم بمسار المعركة، وسقوطها يفتح احتمالات سقوط بيحان خلال أيام في حال قرّر الجيش واللجان التقدّم في عمق شبوة، في حين تمنح تلك المواقع القوات المسيطِرة عليها هامشاً واسعاً للسيطرة على مديرية مسورة الواقعة في نطاق البيضاء، والمحاذية لشبوة أيضاً”.
هذا التقدّم أربك حسابات ميليشيات “الإصلاح”، التي تعيش حالة صراع مع “المجلس الانتقالي الجنوبي” الموالي للإمارات، والذي يتّهمها بـ”احتلال شبوة بقوّة السلاح ونهب ثرواتها النفطية”. وعلى هذه الخلفية، بدأت قيادات “إصلاحية” تثير مخاوف من سقوط شبوة قبل مدينة مأرب؛ إذ نبّه وزير النقل السابق في حكومة هادي، صالح الجبواني، إلى أن “وصول الحوثيين إلى مناطق مطلّة على مديريتَي بيحان وعين، يتيح تقدّمهم من محورَين للسيطرة على بيحان وعتق”.
وجاء ذلك في وقت دفع فيه “الإصلاح” بالمزيد من مقاتليه للدفاع عن مصالحه النفطية في معقله الثاني بعد مدينة مأرب، والذي دأب على مدى العامين الفائتين على تشديد قبضته العسكرية والأمنية عليه، بعدما تمكّن من انتزاع المحافظة من سيطرة “النخبة الشبوانية” الموالية للإمارات، إثر مواجهات دامية في آب 2019.
ومما يعزّز المخاوف “الإصلاحية” من سقوط شبوة، وجود حاضنة شعبية كبيرة لحركة “أنصار الله” في كلّ من مرخة العليا ومرخة السفلى حيث آل المحضار وآل الجنيدي وآل الشريف وقبائل أخرى، فضلاً عن فشل “الإصلاح” في بناء حاضنة شعبية مساندة له في المحافظة، وتعمُّد ميليشياته كسر إرادة عدد من قبائل شبوة بقوّة السلاح، وارتكابها انتهاكات واسعة ضدّ المدنيين، خصوصاً الموالين لـ”الانتقالي”، خلال الأشهر الماضية من العام الجاري.
كلّها عوامل مؤاتية قد تتحوّل إلى دوافع جديدة للجيش و”اللجان” لمواصلة عملياتهما نحو عمق مناطق نفوذ “الإصلاح” في شبوة، خصوصاً أن قُرب الأخيرة من مأرب، وارتباطهما بمناطق حدودية واسعة، سيظلّان يتيحان لميليشيات “الإصلاح” استخدام الأولى لشنّ عمليات ضدّ قوّات صنعاء، فضلاً عن تواجُد عناصر تنظيم “القاعدة” في مديرية بيحان، ومشاركتهم بشكل واسع في المواجهات التي دارت خلال الأيام الماضية في البيضاء.
ووفقاً لمصادر محلّية، فإن “القاعدة” نفّذ عملية تحشيد كبيرة خلال اليومين الماضيين، بعد مقتل “أمير ولاية بيحان” في التنظيم، عثمان البيحاني، مع ستّة من مرافقيه، خلال مواجهات مع قوات صنعاء أسفل عقبة القنذع غرب بيحان، فجر الإثنين.
من المرجّح تواصُل التصعيد العسكري في أطراف مديريتَي بيحان وعين خلال الأيام المقبلة
ويرجّح مراقبون تواصُل التصعيد العسكري في أطراف مديريتَي بيحان وعين خلال الأيام المقبلة، في ظلّ غياب أيّ بوادر لاتفاقات سلام قَبَلية تفضي إلى تأمين المناطق الحدودية.
وبصورة معاكسة للوضع العسكري في المناطق الفاصلة بين محافظتَي البيضاء ولحج، حيث يلتزم “الانتقالي” بمنع استخدام منطقة يافع منطلقاً للاعتداء على نطاق سيطرة صنعاء، يمضي “الإصلاح” في تحشيد المزيد من القوات على حدود بيحان وعين، والدفع بتعزيزات إضافية نحو خطوط التماس في المناطق التي سقطت تحت سيطرة الجيش و”اللجان” خلال الأيام الماضية.
وردّاً على ذلك، شنّت القوّة الصاروخية، التابعة لصنعاء، الثلاثاء، هجومَين صاروخيين، استهدف أحدهما تجمّعاً لمقاتلي “الإصلاح” في منطقة الساحة أسفل عقبة القنذع، ما أدّى إلى مقتل وإصابة العشرات منهم، فيما استهدف الآخر تجمّعاً مماثلاً في منطقة معهد مبلقة في مديرية عين.