جريدة أجنبية : توقّع محاولة إنزال في الحديدة: أميركا تبلطج في البحر الأحمر
بعد أن رفضت معظم الشركات الملاحية الدولية الاستجابة لضغوطها، وفشلت في حشد الدول والحكومات للوقوف إلى جانبها في حماية الملاحة الإسرائيلية، عمدت الولايات المتحدة إلى منع مرور العشرات من السفن الأجنبية المتّجهة إلى مختلف وجهات العالم، باستثناء ناقلات النفط والغاز المسال، والتي تغذّي بعض الأسواق الأوروبية والأميركية والآسيوية، حتى لا تتضرّر هذه الأخيرة. وجاءت تلك الخطوة، التي لم تقدّم واشنطن أي مبررات مقنعة لاتخاذها، بعد فشل أوراق الضغط كافة التي استخدمتها ضد صنعاء لثنيها عن إجراءاتها ضد الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، والمستمرة منذ نحو شهرين، إلّا أنّها كانت قد لوّحت بها مطلع الشهر الجاري، عندما وجّهت تحذيرات إلى شركات الملاحة الدولية كافة، طالبتها فيها بتغيير مسار سفنها عبر طريق الرجاء الصالح، بعد أن أعلنت شركات صينية استمرارها في الإبحار عبر البحر الأحمر، فضلاً عن شركات أخرى أكّدت عدم علاقتها بإسرائيل واستمرت في العبور الآمن.وكانت البحرية الأميركية قد أوقفت من دون سابق إنذار، اعتباراً من يوم الجمعة الماضي، عدداً كبيراً من السفن والناقلات في المياه الإقليمية الجيبوتية بالقرب من باب المندب، ومنعتها من المرور حتى إشعار آخر. وعلمت «الأخبار»، من أكثر من مصدر، أحدها عامل في مجال الصيد في الساحل الغربي للبلاد بالقرب من المضيق، أنّ عشرات سفن الشحن وناقلات النفط أُجبرت على التوقّف من قبل القوات البريطانية والأميركية في المياه الإقليمية الجيبوتية، وأخرى اتجهت صوب موانئ عدن بعدما تقطّعت بها السبل، نظراً إلى عدم قدرتها على المرور عبر باب المندب، بسبب الوضع المتوتّر في البحر الأحمر، فيما البعض منها سُمح لها بالمرور بعد أن طلب منها الابتعاد لمسافة كبيرة عن المضيق. وكانت رابطة ناقلات النفط «إنترتانكو»، والتي تضم 180 شركة ملاحة، قد تلقّت طلباً أميركياً بتوجيه السفن كافة للابتعاد لمسافة كبيرة عن باب المندب. وأشارت، في بيان، إلى أن تهديد عمليات الشحن قد يستمر أياماً، وهو ما قد يدفع بكثير من السفن إلى العبور من رأس الرجاء الصالح. وفي أعقاب التصعيد الأميركي – البريطاني في البحر الأحمر مؤخراً، أكدت وكالة «بلومبيرغ»، أن شركة «تي أو آر إم» التي تملك أسطولاً بحرياً قوامه 80 ناقلة نفط، أعلنت، الجمعة، إيقاف إرسال سفنها عبر البحر الأحمر، ما يزيد من اضطراب تدفّقات النفط في الأسواق العالمية. وعلى إثر ذلك، ارتفعت أسعار النفط بين 2 و4% متأثرة بالهجوم الأميركي – البريطاني على اليمن.
البحرية الأميركية أوقفت من دون سابق إنذار عشرات السفن والناقلات في المياه الإقليمية الجيبوتية
وفي السياق، قال مصدر ملاحي يمني، لـ«الأخبار»، إن ما تمارسه أميركا ضد السفن الأجنبية في خطوط التجارة الدولية في البحر الأحمر، عمل انتهازي بامتياز، يؤكد صوابية تحذيرات القيادة اليمنية من خطورة التواجد العسكري الأميركي في هذا البحر على الملاحة والمصالح الدولية، مشيراً إلى أنّ الإجراء الأخير يؤكد ارتباك الموقف الأميركي إزاء الأحداث، بعد أن فشل في ثني القوات المسلحة اليمنية عن التوقّف عن منع مرور السفن المتجهة نحو الموانئ المحتلة، بخاصة بعد أن شنّ الأميركي والبريطاني عملية عسكرية ضد اليمن. ومن جهتها، قالت مصادر عسكرية في صنعاء، لـ«الأخبار»، إن «أعمال القرصنة البحرية التي تقوم بها البحرية الأميركية في البحر الأحمر بحق السفن التجارية، تأتي في إطار استعدادات أميركية لتفجير الوضع في البحر الأحمر وتحويل خطوط التجارة الدولية إلى ساحة حرب مفتوحة، غير مكترثة بمصالح العالم». وأشارت إلى أن «كل الخطوات الأميركية والبريطانية صارت مرصودة مسبقاً من قبل القوات المسلحة اليمنية، وسوف يتم إحباط أي محاولات لإنزال عسكري جوي أو بحري على امتداد السواحل الواقعة تحت سيطرة حكومة صنعاء».
وذكرت مصادر مطلعة في الحديدة، بدورها، لـ«الأخبار»، أنّ «الطيران التجسّسي الأميركي يحلّق بين مدّة وأخرى على علوّ مرتفع جنوب البحر الأحمر، كما حلّقت طائرات من نوع أف 16، السبت، على علوّ منخفض في حالة استعراض بالقرب من سواحل مدينة الحديدة، متعمدة استفزاز قوات صنعاء». ويأتي ذلك في ظل توقّعات بقيام البحرية الأميركية بإنزال عسكري لإخراج السفينة الإسرائيلية «غالاكسي ليدر»، من سواحل الحديدة، إلّا أنّ هذا السيناريو الذي جاء ذكره في القرار الأخير الصادر عن مجلس الأمن، والذي خوّل الدول المتضرّرة من إجراءات صنعاء في البحر الأحمر، حقّ استخدام القوة لحماية سفنها في الممر الملاحي الدولي، سيكون مرتفع الثمن وقد يتسبّب في تدمير السفينة وإغراقها في البحر. وكانت وزارة الخارجية الفيليبينية قد أكدت، أواخر الأسبوع الماضي، أنّ أوضاع أفراد طاقم السفينة في اليمن جيدة، بعد التواصل مع صنعاء بشأنهم. وعلى أي حال، فإن التحرّكات الأميركية الأخيرة في البحر الأحمر تقود نحو معركة بحرية مباشرة مع القوات اليمنية البحرية والجوية، ولا سيما أنّ هناك مؤشرات إلى قيام البحرية الأميركية بإعاقة دخول السفن إلى ميناء الحديدة، فضلاً عن أنّ إغلاق ذلك البحر سوف يتسبّب في أضرار مباشرة لقناة السويس. وفي إطار احتدام الصراع بين الصين وروسيا من جهة وأميركا من جهة أخرى، لا يستبعد الخبير النفطي اليمني، عبد الغني جغمان، أن يكون من أهداف هذا الإجراء الأميركي الذي يعرّض مصالح العالم للخطر من أجل مصلحة إسرائيل، استهداف الإمدادات النفطية الروسية، وكذلك إعاقة وصول الشحنات التجارية الصينية. ويقول جغمان، في منشور على منصة «إكس»، إن إغلاق تحالف «حارس الازدهار» البحر الأحمر، سوف يحول دون بيع روسيا النفط لشرق آسيا، بعد إغلاق الأسواق الأوروبية وخطوط الأنابيب أمامها بسبب الحرب الأوكرانية، وارتفاع حاجتها للتصدير عبر البحر الأحمر، ما يسبّب أضراراً للاقتصادَين الصيني والروسي.
الاخبار اللبنانية