جثث المنافقين المرتزقة المتحللة في الجبهات.. أليس لهم أهالٍ يسألون عنهم ؟!
مئات الجثث من مرتزقة العدوان الأمريكي السعودي ملقاة في مختلف جبهات القتال، خاصة الجبهات ذات المناخ الصحراوي كالساحل الغربي والجوف وميدي، هذه الجثث تترك في العراء لتأكلها الكلاب والنسور، وإما تتحلل بفعل الشمس وحرارة الأرض، وهذه الجثث لاقت مصيرها في محاولات فاشلة للتقدم أو بعبوات ناسفة وصواريخ موجهة أو في عمليات عسكرية للجيش واللجان الشعبية.
والسؤال هو ألا يوجد لهؤلاء المرتزقة أهل وأقرباء يبحثون عنهم وينتظرون عودتهم سالمين أو جثث في صناديق كأقل تقدير ليتم دفنهم في أماكن معروفة لزيارتهم وللوصول لقناعة تامة بأنهم قد قتلوا وغادروا الحياة؟.
طوال فترة العدوان إلى اليوم لماذا لم نسمع موقف من أهالي هؤلاء الضحايا الذين باعوا أنفسهم بحفنة من المال خاصة وأن الإعلام الحربي يوزع مشاهد شبه يومية لأعداد كبيرة من القتلى؟ وأين تحالف العدوان الذي يدعي أن كل هذا العدوان من أجل الحفاظ على المواطن اليمني فلماذا لا يحترم حتى من ضحوا بأنفسهم من أجله وخسروا الدنيا والآخرة من أجل مشاريعه ومخططاته.
وكم هناك من أسئلة واستفسارات تثير الريبة والشك في كيفية جمع المرتزقة وكيفية اقناع أهلهم وذويهم بمسألة القتال في صف العدوان، لكن المتأمل لمجريات الأحداث على مدى ثلاث سنوات من العدوان يستطيع الوصول إلى نتيجة عن كل التساؤلات وأهم هذه العوامل التي أدت بالمرتزق إلى أن يبيع نفسه دون اكتراث لمصيره ونهايته المخزية هو الجهل بطبيعة الصراع الدائر وعدم الوعي بمخططات الاستعمار العالمي واستغلاله للبسطاء وخداعهم تحت عناوين زائفة واللعب على الأوتار العصيبة والقبلية والدينية والعرقية ، ما سهل الطريق أمامه لجمع عدد كبير من المخدوعين ، كما أن من أهم العوامل لحشد المرتزقة هو الفقر وسوء الأحوال المعيشية.
وعند تتبع موقف أقارب هؤلاء المخدوعين عن قرب وجدنا أن العدوان وقيادات المرتزقة يقنعون أهالي القتلى بأنه يتم دفنهم في مقابر خاصة بهم وفي أماكن معروفة، باستطاعتهم زيارة قبورهم المكتوب عليها أسمائهم، لكن لا يعلم آباء القتلى أن هذه القبور المزعومة خالية من أي رفات وأنها عبارة عن لوحة مكتوب عليها اسم القتيل مطروحة ضمن مجموع أحجار على شكل قبر ، وفي هذه الحالة ليس أمام آباء القتلى سوى التسليم للأمر الواقع لأنه من المستحيل عليهم التأكد من ذلك ونبش القبور لأنهم سيتعرضون للمسائلة والتحقيق الدقيق وإنزال بحقهم أقسى العقوبات.
هذا بالنسبة لقتلى المرتزقة اليمنيين أما قتلى مرتزقة السودان فإن السلطة السعودية قد أعلنت رسميا بأن من يقتل من السودانيين سيتم دفننه في البقيع، بعد ذلك يفعلون نفس ما يفعله مرتزقة اليمن، حيث يعملوا قبرا لكل من تأكد لهم قتله في المعارك وكتابة اسم القتيل على لوحة مكتوب عليها تاريخ مقتله وبهذه الطريقة استطاع النظام السعودي خداع أهالي وأقارب قتلى مرتزقة السودان.
خيارات المرتزقة
عندما ننظر إلى حال المرتزق فإنه بين خيارات كلها سلبية وثمنها باهضة عليه، فالمرتزق من البداية يعيش في أجواء رعب يترقب متى يأتيه الموت وفي هذه الحالة كيف سيتمتع بالمبالغ المالية التي باع نفسه من أجلها، أما إذا كان حظه وافرا واذا اشتدت المعارك فقد يجرح ولكن هذه هي بداية الشقاء والحياة المرة حيث لا يوجد أماكن لرعاية الجرحى وبمجرد خروج المرتزق من الجبهة يلاقي ويلات العذاب من الإهمال والتشريد والبحث عن العلاج من هنا أو هناك.
ولا يخفى على أحد ما يتعرض له جرحى المرتزقة من هوان وذل وازدراء سواء في المستشفيات الداخلية أو المستشفيات في الخارج لمن ساعده الحظ أو كان لديه محسوبية واستطاع الخروج لمستشفيات الخارج، ومن يتابع مقاطع الفيديو المنتشرة بشكل كبير في موقع التواصل الاجتماعي” يوتيوب” يجد الحالة المأساوية لهؤلاء المرتزقة، حيث يتعرضون لأبشع المعاملات ويتلقون العذاب الجسدي والمعنوي، والمشاهد تؤكد أن هؤلاء المرتزقة نظموا عشرات المظاهرات والعديد من الاعتصامات المفتوحة عسى أن تلتفت إليهم حكومة الفار هادي لكن دون جدوى.
وخلال الأيام القليلة الماضية نشرت وسائل إعلام أمريكية تقارير صحفية أن الإمارات تمتلك سجونا سرية في مدينة عدن ترتكب فيها أبشع الجرائم الإنسانية والأخلاقية على نفس الطريقة التي فعلتها أمريكا في سجن أبو غريب بالعراق وهذه السجون تضم أعدادا كبيرة من المخالفين للمشروع الإماراتي أو الهاربين من المعارك والرافضين للتجنيد في صفوف المرتزقة.
كما أن أحد الخيارات التي قد يقع فيها المرتزق هو أن يقع أسيرا لدى الجيش واللجان العشبية ولكن هل العدو يكترث بمرتزقته الأسرى؟؟ .. الإجابة طبعا لا ، لأنه لو كان مهتما لحالهم لاستجاب للدعوات الإنسانية التي يطلقها قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في أكثر من مناسبة بإغلاق ملف الأسرى باعتباره ملف إنساني ، حيث عرض السيد على قوى العدوان بتبادل كل الأسرى بلا استثناء وعلى الكل إطلاق كل من لديه من الأسرى لكن قوى العدوان لأنها لا تبالى بأهالي الأسرى ولا يعنيها المرتزقة لأنها لم تعد بحاجة إليهم لا تستجيب لمثل هذه الدعوات.
ولا ننسى أن من أهم الخيارات التي يتعرض لها المرتزقة في جبهات القتال هو أن يقصفوا من جانب العدوان وهذه قد حصلت عشرات المرات، حيث أقدم طيران العدوان على ضرب مرتزقته في أكثر من جبهة لأنهم فشلوا في تنفيذ مخططات العدوان في التقدم.
وبهذا فإن المرتزق بين خيارات عصيبة عليه فإما أن يقتل أو يجرح أو يتم أسره وإما أن يكون ضحية لغارات العدوان فهذا العناء والشقاء الذي يتعرض له المرتزقة كفيل بردع الآلاف منهم ودفعهم لمراجعة حساباتهم والعودة إلى جادة الصواب، غير أن من باع وطنه مقابل مبالغ مالية لا يمكن له أن يشغل عقله ويتأمل واقعه ويغيره، لأنه لا يعد ينظر للأمور إلا من باب واحد وهو باب المصالح المادية ومن أعماه حب المال فإنه سيضحي بكل شيء ولم يعد له أي من القيم والمبادئ التي تردعه وتجعل منه إنسانا ذا منطلقات وأهداف نبيلة وسامية.
مقابر شهداءنا تعبر عظم مكانتهم
عندما يتأمل الإنسان مدى جمال وروعة رياض شهداء الجيش واللجان الشعبية من أشكال هندسية جميلة وتغطيتها بالزهور والورود وفصلها عن مقابر الموتى العاديين، يصل إلى قناعة أن هذا الاهتمام يدل على مدى عظم المشروع الذي حمله هؤلاء الشهداء وعظم مكانتهم في قلوب المجتمع الذي انطلقوا وضحوا بدمائهم ليدافعوا عنه.
فعلا فعندما يقوم العدو بتجنيد المرتزقة واستئجار جيوش كـ(الجنجويد)، ويستقدم شركات الإجرام كشركة (بلاك ووتر) و(داين جروب) الأمريكيتين، ويهول في الإعلام ويُضخم انتصارات وهمية، ويعتدي بأفتك الأسلحة الحديثة والمتطورة من طائرات الإف ستة عشر والأباتشي والبوارج والفرقاطات والقطع البحرية، وبالدبابات والمدرعات والآليات والصواريخ والقنابل الفراغية والعنقودية والفسفورية المحرمة دولياً، وغيرها مما وصلت إليه التكنولوجيا العسكرية فإنما يهدف إلى القتل، ولمعرفته أنه غير قادر على قتل كل المجاهدين لأنهم يضعون في حسبانهم ظروف المعركة فيهدف إلى التخويف بالقتل، لكسر الإرادات وتحطيم المعنويات وبث الهزيمة في صفوف المجاهدين، وخلخلة صمود المجتمع الجهادي.
وقد نجحت هذه الاستراتيجية من قبل العدو في هزيمة الكثير من الجيوش الأخرى واحتلال الكثير من الشعوب، ولكن هذه الاستراتيجية سقطت وفشلت أمام من يعشقون القتل في سبيل الله بعشقهم الشهادة، فيصبح ما يهدف إليه العدو هو نفسه ما يتمناه المجاهد في سبيل الله يقول تعالى: ﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ﴾.
إضافة إلى ذلك فقد تم اعتماد أسبوعا كاملا من كل عام يسمى” الذكرى السنوية للشهيد” نستذكر فيها روح العطاء والإيثار والتضحية والصمود والشجاعة والثبات وكل هذه المعاني والقيم التي اختزنها الشهداء وتحركوا وهم يحملونها وعبروا من خلال مواقفهم وثباتهم وصمودهم وفي النهاية شهادتهم عبروا بذلك كله عن هذه القيم وجسدوها في أرض الواقع موقفًا وعملاً وتضحيةً وعطاءً لا يساويه عطاء في واقع الإنسان.
هذه المناسبة وهذه الذكرى هي أيضًا لإحياء روح الجهاد والاستشهاد في مشاعرنا وقلوبنا وأنفسنا جميعًا كمؤمنين، والشهداء الأعزاء الذين ببركة تضحياتهم، وتفانيهم في سبيل الله، وصدقهم مع الله، وعطائهم العظيم بكل شيء حتى النفس، تحقق النصر والعزة، ودفع الله عن عباده المستضعفين خطر الإبادة والاستعباد، فلهؤلاء الشهداء عظيم الفضل ورفيع المكانة والحق الكبير علينا تجاههم وتجاه أسرهم، وهم مدرسة متكاملة نعرف من خلالهم الإيمان وقيم الإسلام، من عزّة وإباء وصمود وثبات وتضحية وصبر وبذل وعطاء وسخاء وشجاعة، ونعرف من خلالهم أثر الثقة بالله سبحانه وتعالى.