(جبهات وراء الحدود: انتصارات خارج ميدان المعركة ، وفوق حسابات العدو)
الحقيقة /تقرير /يحيى الشامي
– يعلو صوت الطيران على كل أصوات السلاح في جبهة ما وراء الحدود لكنه صوت أشبه بالعويل الذي يندب خسائر الجيش السعودي المتلاحقة سواء البشرية والمادية أو على صعيد ما يفقده من مواقع ومعسكرات وأراضٍ داخل عسير وفي عمق نجران وعلى جبال ووديان جيزان.
– آخر معارك اليمنيين دارت أمام مرأى ومسمع أهالي وسكان #نجران أو من تبقى منهم ، فقد ارتفع علم #اليمن فوق البرج الاسمنتي الأخير في تلك المنطقة المعروفة بموقع سقام والمشرف مباشرة على المدينة نجران ، وبهذا النصر يُطل المقاتل اليمني على المدينة الواقعة تحت بصره من زاوية جديدة معززاً من تواجده في محيط نجران التي باتت تترقب من أين ومتى يُقرر اليمني النزول إليها.
– تُراكم هذه الانتصارات – لاشك – من خبرات المقاتل اليمني القتالية ومستوى تفننه واتقانه في استخدام كل جديد من الأسلحة التي تقع تحت يده من مخازن الجيش السعودي ، وهي أيضاً تزيد من رهان النظام السعودي على استخدام سلاح الطيران كوسيلة قتالية تكاد تتحمل العبء الأكبر من المهمة العسكرية الهجومية والدفاعية بالنيابة عن الدور الميداني المفترض لقوات حرس الحدود السعودي ، كما أنه خيار وحيد يحاول من خلاله الطيارون في الجو التعويض عن النقص المتزايد في أداء ومهارة الجندي السعودي على الأرض ، وقد بات معروفاً بل ومألوفاً في يوميات مجاهدي الجيش واللجان الشعبية أن الطيران يشن سلسلة غارات انتقامية عقب كل عملية عسكرية ناجحة و معظمها لا تستهدف هدفاً بعينه بقدر ما هي انتقامية عشوائية تُضاعف من حجم وأرقام الخسائر السعودية في حربها على اليمن ، و تثير تساؤلات عدة متعلقة بحقيقة ما يدور داخل غرف إدارة العدوان ، خاصة أن هذه الغارات تتجاوز في بعض الأحيان المائة غارة كما حصل في موقع قلل الشيباني يومها شن الطيران قُرابة المائتي غارة عقب سيطرة المقاتلين اليمنيين عليه ، أو في وادي جارة بجيزان حين أغار الطيران بما يزيد عن مائة وستين غارة على الوادي ومثلها أضعاف الغارات على جبل الدود بعد ساعات من إعلان الجيش اليمني واللجان السيطرة عليه ، والمثير للاستغراب – حتى لدى المقاتلين اليمنيين هنالك – أن هذه الغارات لا تترافق مع عملية عسكرية واضحة المعالم والأهداف كمحاولة استعادة المواقع المفقودة – على سبيل المثال -.
– كما أن اعداد الغارات وفق إفادات مصادر ميدانية أكبر بكثير من عددها المُشن حال احتدام المعارك أو أثناء تنفيذ اليمنيين عملية عسكرية على موقع سعودي معين ، وتعلل المصادر العسكرية تصرّفات الطيران العشوائية هذه بدخول القادة السعوديين المعنيين بإدارة الحرب في حالة من الذهول والصدمة نتيجة فقدان الجنود السعوديين مواقعهم العسكرية بصورة غير متوقعة نظراً لتوفر كافة مقومات صمود الجندي السعودي في تلك المواقع ، ويشير المصدر إلى أن أهداف العدوان عقب كل انتصار يحققه اليمنيون تتقلّص إلى مجرّد الانتقام ، مضيفاً أن الطيران يعجز حتى في هذه المهمة لسبب يعزوه المصدر الى مهارة المقاتل اليمني في التخفي وسرعته في التنقل موضحاً أن عدد المقاتلين اليمنيين لا يتجاوز الخمسة مشاة في العملية الواحدة وبمؤنة خفيفة يسهل حملها على الأكتاف.
– يُمكن الجزم بعد حوالي تسعة عشر شهراً من الحرب على اليمن أن كلا الطرفين استفادا منها وأضافوا أشياء كثيرة إلى خبراتهم ، ومن المؤكد أن اليمنيين الأكثر استفادة ، فقد فرضت عليهم الحرب خوضها في أكثر من بيئة جبلية وصحراوية وساحلية وأخرى زراعية نباتية أو قاحلة مجدبة ، وفي كل فصول العام بمناخاته المتقلبة ، وقد تضمنت جبهات ما وراء الحدود كل هذه الأنواع ، لكنها تميزت على جبهات الداخل بأدوات ووسائل الحرب كماً أو نوعاً ومنها سلاح الطيران الذي غالباً ما يُفرغ كل حمولته ويستنفد كل وقوده وهو محلّق في سماء جبهة واحدة من عشرات الجبهات المفتوحة وراء حدود اليمن مكرساً معادلة عسكرية جديدة ، لا نبالغ بالقول إنها معركة تجاوز المقاتل اليمني كل تعقيداتها واجتاز جميع امكانياتها بشيء من الخبز والسلاح وكثير من الايمان والصبر.