ثورة الـ 21 سبتمبر أعادة أهداف ثورة 26 سبتمبر إلى مسارها الصحيح ونفذتها
Share
الحقيقة ـ جميل الحاج
التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهم وإقامة حُكم جمهوري عادل وإزالة الفوارق والامتيَازات بين الطبقات، وغيرها، تلك بعضُ أهداف ثورة 26 سبتمبر،بل إن كُـلّ تلك الأهداف الستة التي وُضعت كأهداف لم يتم تحقيقُها كاملة ولا حتى بعض منها.
ومع حلول الذكرى العاشرة من ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر، وما حققته من أهداف حقيقة كان الشعب اليمني يسعى ويطمح منذ نصف قرن إلى تحقيق ولو الشيء البسيط، ومن هنا كان لزاما علينا التطرق والتوضيح والتذكير بأهداف ثورة السادس والعشرين الستة، والتي لم يرى الشعب منها شكلها وترديدها، ولم يتحقق منها ولا الشيء القليل، بل تم وضعها كشعارات لتمرير مخططات خارجية، وإذا ما نظرنا إلى ثورة الواحد والعشرين سنجد أن الثورة الأخيرة رغم حدثتها والتي لم يمر عليها سوء عقد من الزمن قد استطاعت إنجاز الكثير من أهداف الثورة التي يصبوا إليها الشعب اليمني.
ومن هنا سنتكلم عن كلّ هدف باختصار كلاً على حدة، وكيف استطاعت ثورة 21 سبتمبر 2014 أن تعيدها إلى مسارها السليم في 10 أعوام فقط، فكان الهدف الأول ينص على التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما وإقامة حكم جمهوري عادل وإزالة كلّ الفوارق والامتيازات بين الطبقات.. وما وقع كان العكس تمام فبعد أعوام قليل من قيام الثورة تمّ استعمار اليمن بالشكل الجديد عبر التحكم في القرار والسيادة من قبل دول عديدة عالمية وإقليمية، فكان سفراء بريطانيا مروراً بالسعودية والإمارات وأمريكا فكانوا هم رؤساء اليمن ورؤساء حكوماتها ووزراء خارجيتها ودفاعها وداخليتها وتربيتها وكلّ مفاصل الدولة، وما تم كشف في اعترافات شبكة التجسس الأمريكية الإسرائيلية قليل من كثير، بالتدخل والمؤامرات الخارجية عبر النظام العميل، فدخلت اليمن من حكم أبنائها لها واستقلالهم عن سيطرة الخارج عليهم الى حكم استبدادي ممثلاً بنظام عفاش وأدواته المتعاقبة وابنائه المنفلتين والى حكم استعماري عبر سفراء هذه الدول.
جاءت ثورة 21 سبتمبر لتوقف هذه الممارسات الاستبدادية والاستعمارية فتمّ تطهير اليمن من عفاش وأبنائه ومن آل الأحمر، الذين استبدّوا بالشعب اليمني لعقود من الزمن، وبثورة 21 تخلّص اليمن من التدخلات الاستعمارية المباشرة لسفراء هذه الدول ولهذا تآمر المستبدّون والمستعمرون على ثورة 21 سبتمبر بعدوان 26 مارس2015م.
وبالنظر إلى الهدف الثاني والذي نص على بناء جيش وطني قوي لحماية البلاد وحراسة الثورة ومكاسبها.. وهنا استطاع اليمن انّ يمتلك جيشاً مدرّباً مؤهّلاً، غير انّ هذا الجيش تمّ بناؤه من قبل أعدائه وبالتحديد أميركا وأدواتها حيث أهّلته فقط لقتال أبناء بلده وحماية حكمهم المستبد والتسلط على معارضيهم، وكذلك تم استخدامه عوضاً عن الخارج.. إلى حد أنهم وصلوا في الأخير إلى تدمير الأسلحة الاستراتيجية الكبرى لليمن بإشراف أميركي. وعندما تعرض اليمن للعدوان في الـ 26 من مارس 2015م على اليمن تلاشى الجيش اليمني، فمنهم من دفن نفسه في مخدعه في بيته ومنهم من انضمّ كمرتزق أجير يقاتل أبناء اليمن مع تحالف العدوان، والقلة القليلة جداً هم الذين ما زالت نفوسهم طاهرة نقية ممن انضموا الى الجيش اليمني الحقيقي الذي بنته ثورة 21 سبتمبر والذي تحرك للتصدي للعالم المعتدي وتحقق على يديه خلال سنوات العدوان، والعمليات المساندة لغزة.. وهو ما لم يتحقق خلال أكثر من ستين عاماً مضت على ثورة 26 سبتمبر، بل وصل الأمر الى تصنيع عسكري على أرقى وأعلى مستوى كتصنيع الطيران المُسيّر والصواريخ البالستية والفرط صوتيه.. وبعد كل هذه الانتصارات والتطورات في الجيش اليمني وبهذا أصبح الهدف الثاني لثورة 26 سبتمبر متحققاً بفضل ثورة 21 سبتمبر.
وإذا ما ذهبني إلى الهدف الثالث والذي ينص رفع مستوى الشعب اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وثقافياً.. عندما تأمر السفراء مع عفاش على اغتيال الرئيس الحمدي وتمكين عفاش من حكم اليمن في 1978 كان الدولار يساوي أقلّ من 3 ريالات يمنية.. وخلال حكم النظام العميل وصل لدولار إلى ٢٥٠ ريالاً، أيّ انّ العملة كانت تنهار كل عام.. وبعد خلع عفاش وورثه الدنبوع هادي والذي أعلن قبل ثورة 21 سبتمبر 2014 عجز الحكومة عن تسليم رواتب الموظفين خلال الشهرين المقبلين.. وهنا كان لأبد من ثورة 21 سبتمبر لوقف هذه المهزلة الاقتصادية الكارثية وبدأت بخطى ثابتة، غير انّ العدوان الأميركي السعودي على اليمن عرقل سرعة الخطى في التنامي الاقتصادي رغم أنها بذلت جهودا كبيرة للحد من تأثير، فكان هناك جهود للاكتفاء الذاتي وتوطين الصناعات وغيرها من تحركات لم نرها في ستين عاماً.
أما الهدف الرابع والذي تمحور حول إنشاء مجتمع ديمقراطي تعاوني عادل.. فخلال حكم النظام السابق لم نرى منها أي شي سوا أشاء شكلية وروتينية، وعن أيّ ديمقراطية يمكن لنا ان نتحدّث عنها في ظلّ استبداد بعض الأسر العميلة للخارج على الحكم والثروات اليمنية كـ آل عفاش وآل الأحمر وعلي محسن والاخوان المسلمين والذين أغرقوا الإمارات وتركيا ومصر وماليزيا وجيبوتي وغيرها بالاستثمارات الكبرى العملاقة عوضاً عن استحواذهم على كلّ استثمارات اليمن وقتلهم لكلّ مشاريع حكومية كشركة الطيران ومصنع يدكو للدواء والغزل والنسيج وتدميرهم للجانب الزراعي وغيرها.. فجاءت ثورة 21 سبتمبر المباركة لتحقيق هذا الهدف بل انّ أوّل قرار لها هو ما يسمّى باتفاق السلم والشراكة الذي احتوى كلّ الأحزاب والطوائف والمكونات اليمنية بدون استثناء، وحتى اللحظة هناك تحرك قوي وثابت لتعزيز هذه الجوانب رغم تحديات العدوان والأعداء.
ونص الهدف الخامس على العمل على تحقيق الوحدة الوطنية في إطار الوحدة العربية الشاملة.. وعندما تحققت الوحدة اليمنية في 1990 كان الفضل الأكبر فيها هو لمن تخلوا عن سلطتهم الرئاسية في حكم الجنوب وليس في الشمال لأنهم لو أصرّوا على ان يكونوا هم الرؤساء لما قبل نظام صنعاء بالوحدة.. ولم يكتفوا بذلك بل قاموا باجتياح الجنوب استهدفت أبناء الجنوب، فصنعوا وحدة جغرافية زادت من تنافر نفوس اليمنيين وابتعاد الكثير منهم عن الوطن والوطنية.. فجاءت ثورة 21 سبتمبر لإعادة الأمور الى سياقها السليم وكانت القضية الجنوبية هي أولى أولوياتها منذ أولى لحظاتها وما زالت حتى اللحظة رغم ما حدث ويحدث في الجنوب.
الهدف السادس: احترام مواثيق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والتمسك بمبدأ الحياد الإيجابي.. فكانت السعودية كلما اختلف إيران، تستخدم اليمن لـ اتخاذ مواقف عدائية ضد إيران، والأملة كثيرة ومنها حرب العراق وإيران، وعندما احتلّ العراق الكويت كانت صنعاء أوّل الداعمين، وكان دور صنعاء كان ضعيفاً في الأمم المتحدة وكانت مجرد تابع للرياض في كلّ قراراتها وتحركاتها.. فجاءت ثورة 21 سبتمبر لتقول للأمم المتحدة انّ اليمن أهمّ وأعمق دولة في الأرض والتاريخ، وانّ عليها ان تحترم اليمن ارضاً وإنساناً انْ أرادت ان نحترمها، فكان العدوان الأمريكي السعودي على اليمن والحرب على غزة هذه فضحاً كبيراً للأمم المتحدة ودورها السلبي وعدم مصداقيتها وغير ذلك عوضاً عن التحرك الإيجابي في كلّ قضايا الأمة العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي لا تخلو أيّ فعالية يمنية إلا وتتصدّر هذه القضية كلّ أجندتها عوضاً عن التعامل بالمثل والندّ مع بقية دول العالم.
وبهذا الشرح والتفصيل يدرك الجميع إن أهداف ثورة 26 سبتمبر وضعت بشكل صحيح وفق ما يصبوا ألية الشعب اليمني ولكن الانظمة السابقة، عملت على حرفها وابعادها، ولم يتحقق منها ألا الشي القليل بما يخدم النظام العميل إن ذاك الذي رسخ كل جهدة في أرضا وتمكين الوصاية الخارجية على اليمن خلال نصف قرن، في حين أتت ثورة 21 سبتمبر لإعادة أهداف الثورة إلى مسارها الصحيح والعمل على تنفيذها على أرض الواقع وقد لمس المواطن اليمني إثرها رغم مدتها القصيرة مقارنه بالثورة السابقة.