ثورةُ 21 سبتمبر.. دواعي التحرّك ورصيد انجازات
تقرير| محمد الباشا:
يشهد الواقعُ خلال العقود الماضية بأن اليمنَ كانت مجرَّد ملحق أَوْ حديقة خلفية لبعض الدول الإقْليْمية التي توفر هي الأخرى الأرضية المناسبة للتدخلات الأمريكية في الشؤون اليمنية، فقد ظلت الأنظمة التي تعاقبت بعد 26 سبتمبر 1962 م مجرد تابع وملحق لقوى إقْليْمية، على رأسها السعودية، حرصت على شراء الولاءات وإفساد الذمم ومنح الميزانيات الخاصة للمشايخ والنافذين ليكونوا دولةً داخل الدولة التابعة لهم أصلاً فتغوَّلَ النافذون وسيطروا على كُلّ شيء وتحولت الدولةُ ومؤسَّساتُها إلَى اقطاعيات لذوي النفوذ والمشايخ فيما ظل الشعب اليمني بغالبيته خارج دائرة الاهتمام والرعاية يعاني ويلات الفقر والجهل والمرض والصراعات المفتعلة والمنظمة.
كل تلك السياسات التآمرية المدروسة والمنظمة انفجرت في وجه نظام المبادرة الخليجية والسفراء الأجانب في الرابع من شهر أغسطس 2014م حين دعا السيدُ عَبدُالملك بدر الدين الحوثي أبناءَ الشعب اليمني إلَى الخروج الثوري الواسع في مختلف المحافظات لتحقيق ثلاثة أَهْدَاف رئيسية أولاً إسقاط الجرعة وإسقاط الحكومة وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
ضروراتُ التحرك الثوري
اتَّضح لاحقاً أن الخارجَ عبر ركوب أياديه من القوى التقليدية النافذة، موجةِ ثورة 11 فبراير 2011م، عازمٌ على تقسيم اليمن إلَى عدة أجزاء بوسائلَ عديدة أبرزُها :
تغذيةُ الكراهية واستحضار الورقة المذهبية والطائفية والحديث عن سُنة وشيعة في محاولة لنقل المشهد العراقي إلَى اليمن.
اعتمادُ الستة أقاليم بشكل غير شرعي ومحاولة إلصاقها بالحوار الوطني وهي معروفة أنها مقترح أمريكي سعودي سيتطور لاحقاً بعد افتعال فتن وحروب ومشاكل إلَى دويلات بأُسُس جهوية ومذهبية تضمَنُ استمرارية الصراع وتغذيته.
هيكلة الجيش والتي كانت تعني إضعافَه بطريقتين، الأولى عبرَ استبعاد كُلّ العناصر الوطنية واستبدالهم بعناصر طائفية وعُنصرية أَوْ قريبة من السفارات، بالإضافة إلَى بروز عامل الاستهداف المنظم للجيش من قبل ما يسمى تنظيم القاعدة بطريقة مريبة فهم منها الشارع اليمني أنها منظمةٌ ومدروسةٌ هدفُها تدميرُ معنويات الجيش وتصفيته وإفقاده الثقة في نفسه، وبالتالي ثقة الشعب فيه بمقابل إفساح المجال أمام القاعدة وتضخيمها وإظهار قوتها وبشاعتها تمهيدا بكل تأكيد لإفساح المجال أمامها للقيام بذات الدور الذي تمارسه في سوريا والعراق وليبيا.
أيضاً أمريكا كانت تنظر لليمن من زاوية أخرى تنظر إليه كبلد ذي كثافة سكانية يمكن تحويلُه عبر الاستثمار المدروس في الفقر والجهل وتحويل اليمن إلَى خزّان بشري لإنتاج واستيراد وتصدير العناصر المتطرفة، فعمد الخارج إلَى الضغط على حكومة المبادرة؛ لإنزال أقسى جُرعة سعرية عرفتها اليمن كان من شأنها أن تحوِّلَ غالبية اليمنيين إلَى ما تحت خط الفقر.
21 سبتمبر.. انجازات ملموسة
وتحقق لليمن وشعب اليمن بنجاح الثورة صباحية يوم الـ 21 من سبتمبر وسقوط قوى النفوذ التي كانت مسيطرةً على المشهد السياسي والميداني، المنجزات التالية :
إسقاط مشروع التفتيت والتدمير والتمزيق أَوْ ما يسمى بالفوضى الخلاقة التي للأسف جاءت محمولة على ثورة الشباب التي اندلعت في 11 فبراير 2011م.
ثورة 21 سبتمبر التي تصدرها أنصار الله عطّلت عملية الوصاية الإقْليْمية على اليمن عندما تم تجاوز المبادرة الخليجية التي أعادت انتاج النظام السابق بآلية إشرافية إقْليْمية ودولية مستدامة.
وكانت المبادرة الخليجية تنص على تشكيل الحكومة مناصفةً بين طرفين فقط هما جناحي نظام علي صالح – الإصلاح من جهة وعلى رأسه علي محسن الأحمر – والطرف الثاني المؤتمر وهو حزب علي عَبدالله صالح الذي قامت ثورة فبراير لإسقاطه.
كما أسقطت ثورةُ 21 سبتمبر أيضاً، الوصاية الدولية على اليمن التي جاءت محمولةً على قرارات مجلس الأمن وما يسمى بالفصل السابع الذي كان الغرضُ منه حمايةُ نظام المبادرة الخليجية ومعاقبة أية قوة سياسية تقوض هذا النظام الذي يريدُ الخارجُ من خلاله وعبره تمزيق اليمن وتجزئته ونشر الفوضى والحروب فيه.
وبانتصار ثورة 21 سبتمبر وسقوط حكومة المقاسمة التي تنص عليها المبادرة الخليجية سقطت عملياً القدرة الكاملة الأمريكية الإقْليْمية لتجزئة اليمن وتدمير شعبه بواسطة رعاية الفساد والفلتان الأمني وتغذية الصراعات والاغتيالات وغيرها ولم يستطع الفصل السابع ولا مجلس الامن أَوْ أمريكا حماية حكومة التحاصص التي عصفت بها ثورة 21 سبتمبر وجاءت على انقاضه بوثيقة السلم والشراكة التي تنص على تشكيل حكومة كفاءات وشراكة وطنية بالإضافة إلَى محاربة الفساد واستعادة موارد البلاد من أيدي العابثين والناهبين.
ثورة 21 سبتمبر حدت من التدخلات الخارجية وأن لم يكن بشكل كامل في هذه المرحلة ولكن بشكل كبير وعمليا يعجز الخارج عن تنفيذ اجنداته وتدخلاته كما كان عليه من قبل هذه الثورة.
وتعد ثورة 21 سبتمبر هي أول ثورة عربية حقيقية تصحح مسار ما يسمى الربيع العربي وانتزعت زمام المبادرة من الخارج الذي اختطف ثورة الشباب 2011 وحولها إلَى ورقة بيده من اجل إعادة تشكيل البلد بذات القوى الفاسدة التي خرج الشعب أصلاً وبداية ثائراً عليها وعلى سياساتها وممارساتها المستبدة والفاسدة.
وقد تمكنت ثورة 21 سبتمبر هي الثورة الوحيدة من القضاء بشكل كبير على مشروع الفوضى والذبح والتدمير الذي ترعاه أمريكا تحت مسمى داعش والنصرة وغيرها وبينما نرى تلك الجماعات تحتل المزيد من المدن والبلدات في العراق وسوريا ولكنها في اليمن تخسر مناطقها التأريخية والاستراتيجية واحدة تلو الأخرى، الأمر الذي تسبب في انزعاج وارباك إقْليْمي ودولي واضحين تمكن قراءتهما من خلال أداء بعض وسائل الاعلام العربية – الجزيرة والعربية- القريبة من مشروع الفوضى والتقسيم الأمريكي.
وبعد ساعات من سقوط مناطق مهمة في البيضاء – كانت تعد أبرز وأقوى معاقل القاعدة في وسط اليمن- أصدر مجلسُ الأمن الدولي قرارَ ما يسمى بالعقوبات على قيادات من أنصار الله هذه القيادات لها دور في الفعل الميداني ضد القاعدة.