تهوّر بن سلمان عكس إخفاقاً عسكرياً ومقاومة يمنية غير متوقعة .. والتداعيات ستطال الغرب «المتواطىء»
بعد مرور عام على الحرب الغاشمة و العدوان السعودي الجائر على شعب اليمن المقاوم ، صار لدى وسائل الإعلام الغربية تصوّر واضح عن نتائج هذه الحرب ، تمحور بمجمله حول أخفاق نظام ال سعود في تحقيق مكاسب ، والكارثة الإنسانية التي يشهدها اليمن، إضافةً إلى السؤال عن حقيقة الدعم الغربي للتحالف السعودي ، وعن نتائج الحرب التي سترتد على الدول الداعمة ، لا سيما مع توسّع نفوذ التنظيمات الارهابية بهذا البلد .
و رغم عشرات آلاف الطلعات الجوّیة للقوات السعودیة ، لکن «التحالف» الذی تقوده الریاض ، لم یتمکن إلا من تحقیق جزء صغیر من أهدافه ، و هذا ما قالته صحیفة «لوموند» الفرنسیة فی التقریر الذی نشرته فی الذکرى الأولى للحرب . وأکدت الصحیفة تحت عنوان «الجیش السعودی محاصر فی المستنقع الیمنی» ،
أن الحرب التی جعلها وزیر الدفاع «المتهور» محمد بن سلمان ، رمزاً لسیاسته الخارجیة العدائیة، أضاءت على النقص فی فعالیة القوات الجویة للمملکة، مشیرةً إلى عجزها عن هزیمة الخصوم .
وتحدثت «لوموند» فی هذا الإطار عن «سمعة الطیارین السعودیین الذین لا یُدرَّبون کفایةً». ونقلت الصحیفة الفرنسیة عن «دبلوماسی غربی» قوله إنها حرب عبثیة تماماً، زادت فقر الیمن، حیث تتکاثر «الجماعات الجهادیة» .
کذلک رأت صحیفة «ذا دایلی مایل» البریطانیة ، أن السعودیة لم تحقق إلا مکاسب قلیلة فی الیمن ، فهی لم تستطع القضاء على «الحوثیین» الذین «أبدوا مقاومة فعالة أکثر من المتوقع ، مقابل ضعف الحکومة المعترف بها دولیاً» ؛ مع الإشارة إلى ازدیاد الانتقادات الموجهة إلى السعودیة على خلفیة ارتفاع أعداد القتلى المدنیین .
ونقلت الصحیفة عن الخبیر فی معهد «الشرق الأوسط» شارل شمیتز، قوله إن «الحوثیین لا یزالون بعیدین عن الهزیمة» ، مؤکداً أن «قوات الحوثی وصالح، أبلوا بلاءً حسناً بالنظر إلى ظروفهم، فهم لا یمتلکون غطاءً جویاً ولا طرقاً آمنة لإعادة تزوید ترسانتهم العسکریة» .
أما المحلّل المختص فی شؤون الشرق الأوسط وشمالی أفریقیا جوردان بیری ، فقد قال للصحیفة البریطانیة إن «الحوثیین أثبتوا براعة فی إمساک المیدان وسیطرة على أجهزة الدولة الرئیسیة، مقابل تعثر التحالف النابع من النقص فی خبرته المیدانیة والتقنیة» .
من جهتها شبّهت «ذی اندبندنت» البریطانیة ، المشهد فی الیمن بما تشهده سوریا ، محملةً مسؤولیة هذا الواقع لـ «تهوّر» بن سلمان . وحلّلت الصحیفة رؤیة بن سلمان للحرب فی بدایتها بأنها ستکون «حملة غارات سریعة وفعالة لإعادة الحوثیین إلى مکانهم»، وأن ولی ولی العهد ظنّ أنه سیحقق نصراً یُبعد خصمه القدیم ولی العهد محمد بن نایف، إلى الظلّ، وأن هذه الحرب ستنصّبه زعیماً قویاً على جیل جدید من العرب.
ورأت الصحیفة أنه یصعب فهم ادعاءات السعودیة بأنها «حققت أهدافها»، لأنه لا یزال «الحوثیون» یسیطرون على العاصمة صنعاء ومعظم الشمال الیمنی، فی وقت حقق فیه تنظیم «القاعدة» مکاسب هائلة، وهو یسیطر حالیاً على حضرموت الغنیة بالنفط ، أما «داعش»، فبات وجوده یمثل تهدیداً أیضاً فی الیمن .
ولم یسلم الغرب الداعم للحرب السعودیة من انتقاد الصحافة التی لا تزال تحاول تبیّن طبیعة هذا الدعم ، فی ظلّ ارتفاع الأصوات المطالبة بحظر تصدیر السلاح للسعودیة ، وفی مقدمة هذه الأصوات ، البرلمان الأوروبی ومنظمة «هیومن رایتس ووتش» .
و تحدثت صحیفة «نیویورک تایمز» الأمیرکیة عن سیاسة واشنطن الداعمة للحرب السعودیة ، قائلة إن الولایات المتحدة کانت بحاجة إلى استرضاء السعودیین إلى حین إتمام الاتفاق النووی مع إیران.
وبرأی الکاتبین مارک مازیتتی وإیریک شمیت ، فإن محاولة الاسترضاء دفعت إدارة الرئیس باراک أوباما ، إلى تجاهل واقع أن الحملة العسکریة «ستکون طویلة الأمد ودمویة وغیر حاسمة» .
و یرى التقریر أنه بعد سنة ، صارت الحرب على الیمن «نموذجاً للأخطار التی سبّبها حثّ إدارة أوباما دول الشرق الأوسط على توسیع أدوارها العسکریة فی محیطها» .
وذکّرت الصحیفة بتصریح للعضو الدیموقراطی فی لجنة العلاقات الخارجیة فی الکونغرس کریستوفر مورفی ، فی هذا الموضوع ، الذی قال آنذاک إنه وجد صعوبة ، فی خلال قراءته الصراع فی الجزیرة العربیة، فی اکتشاف «ما هی مصالح الأمن القومی الأمیرکی فی الیمن»، مضیفاً أن نتیجة حملة التحالف کانت «قتل الکثیر من المدنیین وزرع بذور أزمة إنسانیة، وخلق مساحة للمجموعات المتطرفة لتوسّع نفوذها» .
و أیضاً، نشرت صحیفة «لوس أنجلس تایمز» الأمیرکیة مقالة للمدیرة التنفیذیة لقسم الشرق الأوسط وشمال أفریقیا فی «هیومن رایتس ووتش»، سارة لیا ویتسون ، قارنت فیه بین قیادة أوباما حملةً لـ«العدالة» ضد نظام الرئیس السوری بشار الأسد، فی الوقت الذی یتجاهل فیه الانتهاکات السعودیة لقوانین الحرب فی الیمن ، متسائلة عن طبیعة الدعم الأمیرکی ــ البریطانی للریاض، الذی لا یزال «غامضاً» .
فإذا کانت واشنطن «تشارک فی تحدید الأهداف العسکریة» وفقاً لما أعلنته سابقاً، فهل هی شارکت فی الغارة على سوق مستبأ فی منطقة حجة شمالی الیمن؟ وهل ساعدت فی استهداف المستوصف التابع لمنظمات «أطباء بلا حدود» الذی قصفه «التحالف» لمرات عدة فی شهر تشرین الأول الماضی؟
ویشیر المقال إلى أن السعودیة استوردت بـ20 ملیار دولار، على الأقل، أسلحة من الولایات المتحدة، وبنحو 4.3 ملیارات من بریطانیا، فی خلال عام 2015 . أما الإمارات العربیة ، الشریک الأول للسعودیة فی الحرب، فهی رابع أکبر مشتری للسلاح فی العام، ودفعت 1.09 ملیار دولار للولایات المتحدة، و65.5 ملیون دولار لبریطانیا مقابل السلاح العام الماضی .
والفکرة نفسها تبنتها «ذا غاردیان» البریطانیة فی افتتاحیتها قبل أیام ، و کتبت تحت عنوان «عامٌ من العیش بشکل مخجل» ، قائلة إن سیاسة استمرار الولایات المتحدة وبریطانیا وفرنسا بتصدیر الأسلحة للسعودیة، متجاهلین انتهاکاتها فی الیمن، تجعل من هذه الدول متواطئة فی بعض الجرائم التی ارتُکبت.
وفیما أشارت إلى نمو نفوذ المجموعات المتطرفة ، رأت الصحیفة أن «تورّط» عدد من الحکومات الغربیة فی هذه الحرب، یعنی أن تداعیاتها ستکون مشترکة أیضاً، داعیةً إلى تغییر سیاسة الدعم والتسلیح الغربی للسعودیة، «قبل أن تزداد الأمور سوءاً» .