تماسك الجبهة الداخلية ضرورة دينية ووطنية…بقلم/محمد طاهر انعم
من المعلوم لدى كل العقلاء في جميع الأمم أن تماسك الجبهة الداخلية هو من أهم ضرورات نهضة المجتمع ووحدته ونموه واستقراره.
ويهتم الأعداء دائما بخلخلة الصف الداخلي لأي مجتمع يريدون تفكيكه وخلخلته بهدف إضعافه والسيطرة عليه أو تحييده وإشغاله بمشاكله.
والأمم العاقلة ذات الحضارة الراسخة هي التي تهتم برصد هذه المحاولات الآثمة لتفكيك المجتمع بشتى أنواع النعرات سواء كانت طائفية أو مناطقية أو شطرية أو عرقية أو سياسية أو فكرية أو غيرها.
وفي أوضاع الحرب والقتال والعدوان يصبح الحفاظ على وحدة صف الجبهة الداخلية من أمور الأمن القومي المهمة، لأنها المنفذ الرئيسي للمعتدي للتدخل في البلاد وتمزيقها وإطالة الحرب والدمار فيها.
وهذا ما يجب أن نلحظه في اليمن في هذه السنوات المهمة التي يتعرض فيها وطننا وشعبنا لعدوان آثم قبيح تقوده السلطات الحاكمة في السعودية والإمارات.
لقد استطاع المعتدون السعوديون منذ بداية العدوان على بلادنا في 2015 إيجاد مرتزقة لهم ينشرون النعرات المناطقية والطائفية والشطرية لتمزيق المجتمع اليمني، ولإيجاد بيئة مناسبة لدفع كثير من الناس المغرر بهم للارتزاق مع دول العدوان بعد تشبعهم بتلك النعرات الآثمة.
لقد لعب حزب الإصلاح والنخب الناصرية دورا قبيحا جدا في إثارة النعرات المناطقية في تعز، تحت مسمى “مطلع ومنزل”.
ولعب كثير من النخب الحراكية الجنوبية دورا قبيحا مماثلا في إثارة النعرات الشطرية في عدن وحضرموت والجنوب، تحت مسمى “شمالي وجنوبي”.
ولعب كثير من السلفيين نفس الدور القبيح في إثارة النعرات الطائفية في كثير من مناطق اليمن شمالا وجنوبا، تحت مسمى “شيعي وسني”.
وكل هذه الأدوار -في وجهة نظري كمتابع قديم- هي أدوار منسقة ومهدفة ومزمنة من الاستخبارات السعودية لتفكيك المجتمع اليمني، ولإيجاد البيئة المناسبة للارتزاق.
ومن المؤسف أن هذه الخطط حققت نجاحا في عدة مناطق، فلا نزال نجد كثيرا من الشباب المندفع الجاهل في ألوية العمالقة في ساحل تهامة والمكونة في أغلبيتها من قبائل محافظ لحج (الصبيحة ويافع) يقاتلون بذريعة مواجهة الشيعة الرافضة المحرفين للدين والسبابين للصحابة.
ونجد كثيرا من شباب تعز المغرر بهم يقاتلون الجيش اليمني واللجان الشعبية بذريعة (ما الذي جاء بهم من صنعاء إلى عندنا في تعز؟!)، وهي الشبهة المناطقية التي رسخها الإخوان المسلمون والناصريون في تعز لأسباب سياسية إقصائية بحتة.
كما نجد كثيرا من الشباب الجنوبي يحملون الحقد والضغينة تجاه كل ما هو يمني بذريعة أنهم شماليون محتلون لليمن، ويندفعون أحيانا للقتال تحت هذه الحجة.
وبهذا تكون استخبارات سلطات بني سعود وبني زايد قد استطاعت تحقيق هدف مهم ورئيسي لها في اختراق المجتمع اليمني بتعاون آثم وإجرامي من جماعات وقوى سياسية محلية.
وتأتي المسؤولية الرئيسية في هذا السياق على عاتق السلطة الوطنية الجامعة في صنعاء لتجذير ثقافة الوحدة الوطنية والمحبة والتسامح الاجتماعي، ومواجهة ظواهر نشر الكراهية والخطاب الطائفي والمناطقي والشطري، وتشريع القوانين الرادعة لمعاقبة أولئك المستهترين الذين يستخدمون تلك الخطابات الآثمة.
المسؤولية كبيرة، وهي جزء من الحرب والعدوان على شعبنا ووطننا، والتيقظ لها من أوجب الواجبات وأهم الأعمال، والله الموفق.