تكاليف مرتفعة وخدمات متدنية وسكن بعيد :الحجاج اليمنيون.. معاناةٌ مُستمرّةٌ وعراقيلُ عدوانية ممنهجة
تكاليف الحج ارتفعت ثلاثة أضعاف والخدمات المقدمة للحجاج متدنية وسكنهم يبعد عن المسجد الحرام أكثر من 10 كم
لا يخلُو عامٌ واحدٌ من جرائم وانتهاكات آل سعود بحق الحجاج المسلمين، لا سِـيَّـما اليمنيين، فقد أمعن النظامُ السعوديُّ في وضع العراقيل أمام الحجاج اليمنيين، تارةً بالإقصاء وتارة بالاعتداء، وُصُـولاً للذبح وقطع الرؤوس، كما حصل في مجزرة “تنومة” التي ذبح فيها أكثر من 3000 حاج يمني بعد رميهم بالرصاص، وهم عُزَّلٌ من سلاح كانوا قد أحرموا للحج في أمان وسلام.
ويعاني الحجاج اليمنيون منذ سنوات العدوان الأمريكي السعوديّ الكثير من العراقيل والمطبات التي يضعها العدوّ في سياق سياسته التعسفية تجاه الشعب اليمني، إضافة إلى ذلك إجرامه باستغلال المشاعر المقدسة وفقاً لمصالحه ومقاصده؛ وهو الأمر الذي يعاني منه أَيْـضاً الكثير من مسلمي العالم المعارضين لتلك السياسة الممقوتة؛ وهذا ما يبرهن عدم أهليته بإدارة الحرمين الشريفين.
وفي وقتٍ سابق كان السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- قد أشار إلى أن “النظام السعوديّ جعل الحج عملية محاطة بالكثير من العوائق، مُضيفاً أن التكاليف المالية الباهظة جِـدًّا للحج لا مبرّر لها وهي ابتزاز ظالم للحجاج على عكس السياحة غير الدينية في المملكة”، مؤكّـداً أن النظام لم يعد مؤتمناً على المشاعر المقدسة.
ممارساتٌ تعسفية:
وفي هذا السياق يشير نائب وزير الإرشاد وشؤون الحج والعمرة، فؤاد ناجي، إلى أن معاناة اليمنيين بالنسبة للحج هي كبيرة وتبدأ من إغلاق المنافذ البرية والجوية، مُرورًا بمنع قبول جوازات صنعاء واشتراط قطع الجوازات من المحافظات المحتلّة إلى إغلاق التأشيرات والمسار الإلكتروني عن قطاع الحج بصنعاء وإيكال المهمة لمرتزِقة العدوان الذين لا همّ لهم إلا جني الأرباح وكسب المصالح الشخصية ولو على حساب المواطن والحاج اليمني.
ويفيد ناجي في تصريحٍ خاص لصحيفة “المسيرة” بأن من الصعوبات والمعاناة التي يلاقيها الحجاج اليمنيين في هذا الموسم هو التلاعب بالحصص من قبل مرتزِقة العدوان، مبينًا أن مرتزِقة العدوان أخذوا نسبة من حصص المحافظات “الحرة” لصالح وكالاتهم التي أنشأوها مؤخّراً في المحافظات المحتلّة.
ويقول أَيْـضاً: “إن ما يضاف إلى معاناة الحجاج اليمنيين وعورة الطريق وحالة الانفلات الأمني في المحافظات المحتلّة والتي يضطر المسافر للمرور عبرها، وُصُـولاً إلى المنفذ الوحيد وهو منفذ الوديعة، والذي يتلقى المواطن من خلاله الاختطافات والتقطعات والنهب وهو ما أكّـدته الأحداث والأخبار طيلة السنوات الماضية، إضافة إلى ما يعانيه الحجاج من اختطاف من قبل المرتزِقة في مأرب، أَو من قبل العدوان السعوديّ في بلاد الحرمين الشريفين كما حصل للحرة اليمنية مروة الصبري وفكرة الضبياني”.
ويضيف أن “من ضمن المعاناة كذلك ارتفاع الأسعار، حَيثُ ارتفعت في ظل العدوان تكاليف الحج إلى أكثر من ثلاثة أضعاف لها، وأصبح الحج يؤدى بمشقة، بالرغم أننا بلد مجاور لبلاد الحرمين الشريفين”، مُشيراً إلى أن “هذا الرفع في التكاليف قابلها تدنٍّ في مستوى الخدمات المقدمة للمعتمرين؛ مما ضاعف من معاناتهم؛ ومثال ذلك أن سكنَ المستأجر لهذا العام يبعد عن المسجد الحرام أكثر من 10 كم، فعندما يحتاج الحاج يذهب للصلاة في المسجد الحرام فَـإنَّه بحاجة إلى أن يقطع 10 كم ذهاباً و10 كم إياباً؛ وهذا لم يحصل في تاريخ الحجاج اليمنيين منذ القدم”.
وبهذا فَـإنَّ النظام السعوديّ لا يزال يؤكّـد استمراره بهذه السياسات تجاه الشعب اليمني بأنه يتلاعب بورقة سيطرته على المشاعر المقدسة ويستخدمها كورقة ضغط على الشعب اليمني، ويسيس هذه الفريضة ويستغلها استغلالاً سيئاً ويجعلها سيفاً بيده ضد من لا يدور في فلكه أَو يخرج عن سياسته وتوجّـهاته، وهو الأمر الذي يدلل على استمرار معاناة اليمنيين وتزايدها يوماً تلو آخر.
ويلفت ناجي إلى أن وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة قد طالبت النظام السعوديّ في أكثر من وقفة وبيان إلى إبداء وإثبات حسن جديته ونواياه للسلام في الملف العبادي والملف الديني المتعلق بالركن الخامس من أركان الإسلام، مُشيراً إلى أن هذا لم يلقَ آذان صاغية لدى النظام السعوديّ الذي أصبح يتلاعب بعامل الوقت ويستفيد من كُـلّ شيء حتى وإن كانت تتعلق بعبادة من العبادات التي لا يجوز الصد عنها ولا يجوز وضع العراقيل أمامها، وهذا مما يؤكّـد عدم أهليته لإدارة هذه الأماكن المقدسة التي آن الأوان وحان الوقت لأن ترتفع أيدي النظام السعوديّ عنها وأن تصبح بأيدي أولياء الله المتقين كما قال الله سبحانه وتعالى.
وفي وقتٍ سابق كانت السلطات السعوديّة قد اعتقلت المواطنة مروة الصبري وكذا فكرة الضبياني دون أي مبرّر يذكر؛ في دلالةٍ واضحة على أن النظام السعوديّ بات ينتهك حقوق الإنسان وحرمة الأماكن المقدسة والقيم الإنسانية، وكان من الأحرى على النظام تحييد المشاعر المقدسة والنأي بها عن التسييس والممارسات غير الأخلاقية تجاه اليمنيين وكذا كافة الحجاج المسلمين دون تكبر واستعلاء.
كما لا يزال النظام السعوديّ يمارس نفس التعسفات والتصرفات غير المسؤولة بحق المعتمرين والحجاج من الدول الأُخرى؛ كالمسلمين المضطهدين في الصين من الإيغور، حَيثُ يتعرضون للاعتقال من قبل السلطات السعوديّة وهم آمنين وسط الحرم المكي ويسلمونهم للسلطات الصينية، وهي دلالة واضحة على استغلال موسم الحج لتصفية الحسابات السياسية والعقائدية مع بعض الدول؛ فتمنع حجيج دولة ما من الدخول إلى أراضيها أَو تقلص عددهم وفقاً لمشروعها السياسي والمذهبي أَو تباشر باعتقالهم من داخل الحرم المكي.
وتقول منظمة سند الحقوقية في بيانٍ وقع عليه مجموعة من المؤسّسات والأفراد من مختلف الدول العربية: إن الحكومة السعوديّة “عمدت إلى إقحام الحرمين الشريفين في معاركها السياسية وقامت بتوظيفها لخدمة أغراضها الأمنية المختلفة، فكل من يخالفها في مزاجها السياسي أَو الفكري بات إما ممنوعاً من الحج أَو العمرة أَو مغدوراً به ومودعاً في سجونها أَو مرحلاً إلى أنظمة القمع والاستبداد التي قد يلاقي حتفه في سجونها”.
وأشَارَ البيان إلى صور الانتهاكات الأُخرى “التي تمارسها الحكومة السعوديّة كالتلاعب بقضية نسب وأعداد الحجاج من الدول المختلفة، لأسباب سياسية ناهيك عن تعمد التضييق على الأقليات المسلمة”، كما يتم “استخدام الحج للضغط على الدول وتقديم تأشيرات الحج رشاوى سياسية”.
الحَجُّ ليس آمناً:
وفي سياقٍ متصل انطلقت قبيل أَيَّـام حملة واسعة على منصة التواصل الاجتماعي تويتر تحمل هاشتاق “الحج ليس آمناً” لمطالبة النظام السعوديّ بإيقاف اعتقال النشطاء والمعارضين أثناء أداء فريضة الحج والعمرة وتسليمهم لبلدانهم القمعية، أَو منعهم من زيارة الحرمين؛ بسَببِ مواقفهم السياسية والفكرية.
وعبر الناشطون عن استيائهم وسخطهم الكبير إزاء التعسفات التي ينتهجها النظام السعوديّ بحق الحجاج والمعتمرين القاصدين لبيت الله الحرام.
ونستعرض نماذجَ من مضامين تلك التغريدات خلال الحملة الكبيرة التي تجاوز عدد التغريدات فيها إلى أكثر من 14 ألفَ تغريدة والتي كان من أبرزها: أن “الحج يتعرض اليوم للاستغلال السياسي، في محاولةٍ لتحويله إلى أدَاة سلطوية؛ لإسكات الأصوات السلمية المعارضة لسياسات المملكة”.
وتغريدة أُخرى تقول: “إن السلطات السعوديّة تعمد إلى منع منح التأشيرات لعدد من الشخصيات بحجّـة مواقف سياسية مخالفة أَو انتماءات معينة، وكأن المشاعر المقدسة ملك للنظام”.
وكذلك “أن القوانين الدولية تنص على ضرورة احترام حرية إقامة الشعائر الدينية دون أية مضايقة أَو عراقيل، وهو ما لم تلتزم به السلطات السعوديّة في الحج والعمرة، وقامت بمنع العديد من الشخصيات المخالفة لها سياسيًّا، كما قامت أَيْـضاً باعتقال عدد من الحجاج والمعتمرين”.
كما تضمنت التغريدات ضمن الحملة أَيْـضاً أن “موسم الحج صار فخًا للعديد من المسلمين، ويبدو أن سلطات المملكة أبرمت اتّفاقات غير معلنة مع أشد الحكومات عداوة للمسلمين: الهند والصين لاعتقال المطلوبين من المسلمين القادمين؛ بهَدفِ تأدية مناسك الحج أَو العمرة ومن ثم تسليمهم لحكومات بلادهم، تعذّبهم وتقمعهم وتسجنهم!”.
وأيضاً أن “الحج والعمرة في هذا الوقت ليس لمن استطاع إليه سبيلاً، بل لمن رضيت عنه الحكومة السعوديّة ووافق هواها”.
“واجب كُـلّ الحكومات العربية والإسلامية الوقوف مع مسلمي الإيغور ونصرتهم من حكومة الصين التي تبطش بهم، ولكنّ سلطات المملكة اعتقلت هؤلاء المعتمرين وسلّمتهم للحكومة الشيوعية في الصين”.
كما ورد ضمن التغريدات قول الداعية السعوديّ الشيخ محمد مقطوف: حكومتنا لم تحترم تعاليم الإسلام ولا حتى الأعراف أَو العروبة فمنعت العلماء والمفكرين وجعلت الحرم مصيدة لهم.
بدورها ذكرت مجلة Time الأمريكية: تحوّلت فريضة الحج إلى “فخ” تستخدمه الحكومة السعوديّة بالتعاون مع المخابرات الصينية؛ بهَدفِ اعتقال المسلمين الإيغور من كُـلّ أنحاء العالم.
جميع تلك التغريدات التي حملت هاشتاق “الحج ليس آمناً” تعكس وتبرهن ما يقوم به النظام السعوديّ من تصرفات غير مسؤولة تجاه المقدسات الإسلامية والمسلمين، وتؤكّـد عدمَ أهلية النظام بإدارة الحرمين الشريفين، وتوحي بقرب نهايته الحتمية وزواله إلى الأبد.
أيمن قائد