في مشهد يعيد كشف حقيقة الجماعات التكفيرية التي تلبست برداء الدين زورًا، وهي تصوغ أفعالها على مقاس مصالح العدو الصهيوني بعيدة كل البعد عن الرسالة الدعائية التي تروجها وتعيد ترويجها وسائل إعلامية معروفة تحت يافطة (الثورة السورية). لقد شهدت غزة أكثر من عام من حرب الإبادة، كان شعبها الأعزل خلالها يواجه آلة الحرب الصهيونية التي لم تبق حجرًا على حجر وقتلت حتى الأطفال الخدج على أسرة الرعاية الصحية، عام من الدماء والركام، ولم نسمع خلاله صوتًا لتلك الجماعات التي تزعم حمل راية الإسلام، ولا صوتًا يدين العدوان ولا موقفًا ينصر المظلوم. لكن ما إن توقفت الحرب في لبنان، وفشلت إسرائيل في تحقيق مآربها أمام المقاومة اللبنانية، حتى دارت عجلة المؤامرة نحو سوريا، وبعد تهديد نتنياهو الصريح للأسد، لم يمض يوم حتى انطلقت تلك الجماعات في هجوم مباغت على محافظة حلب، مسجلة صفحات دامية من المجازر، وكأنها تستكمل ما عجزت عنه آلة الحرب الإسرائيلية. هذا التزامن العجيب في التوقيت، وهذه الأدوار المتشابكة بين الساحة السورية والقرار الإسرائيلي، تكشف حقيقة التحركات ومن يدير خيوطها من وراء الكواليس، في مسرح يعاد فيه توزيع الأدوار لضرب المقاومة اللبنانية والفلسطينية، هنا، لا نتساءل: من يخدم هؤلاء حقًا؟ ومن المستفيد من كل قطرة دم تراق في المدن والقرى السورية؟
صعود الجماعات التكفيرية في سوريا (2011-2024): من ثورة سلمية إلى حرب بالوكالة
عندما اندلعت الاحتجاجات الشعبية في سوريا عام 2011، كانت تنادي بإصلاحات سياسية وتغيير سلمي يعكس تطلعات شعبية مشروعة، في بدايتها، ظهرت المظاهرات كجزء من موجة “الربيع العربي” التي اجتاحت المنطقة، لكن هذه الاحتجاجات سرعان ما تحولت إلى صراع دموي مسلح، حيث انحرفت الأهداف الشعبية لتصبح أرضًا خصبة لتدخلات خارجية وأجندات متشابكة.
في الوقت الذي رفع فيه المتظاهرون شعارات الحرية والديمقراطية، بدأت القوى الإقليمية والدولية في استغلال حالة الغضب الشعبي لتمرير مشاريعها الخاصة. وهنا، دخلت الجماعات التكفيرية على الخط، ليتحول المشهد من ثورة سلمية إلى حرب بالوكالة تقودها ميليشيات متطرفة عابرة للحدود.
وكنتيجة للموقف السوري المعروف والمنحاز دومًا إلى جانب المقاومة الفلسطينية، والذي جعل من سوريا عمود خيمة المقاومة، فقد احتضنت دمشق المقاومة الفلسطينية التي طردتها بقية الأنظمة العربية، وشكلت سندًا قويًا للمقاومة الإسلامية في لبنان (حزب الله)، من خلال دعمها بالسلاح والتدريب وتهريب الأسلحة من إيران عبر الأراضي السورية.
هذا الدعم المتواصل جعل النظام السوري في دائرة المؤامرة الصهيوأمريكية، كونه شكَّل تحديًا كبيرًا للعدو الصهيوني ومخططاته في المنطقة.
وبذلك، وجدت أمريكا وإسرائيل، إضافةً إلى بعض الأنظمة العربية التي ترى في علاقة النظام السوري بإيران وحزب الله تهديدًا لمكانتها الإقليمية، ذريعة للضغط على سوريا، فقد عملت هذه القوى على الثورة السورية لإضعاف النظام عبر دعم الجماعات التكفيرية وتمويلها وتسليحها، وتسهيل وصولها إلى سوريا بهدف القضاء على محور المقاومة وقطع خطوط الإمداد التي تربط بين طهران، دمشق، وبيروت، في محاولة لتحقيق أهدافها الجيوسياسية المتمثلة في تطويق النفوذ الإيراني وتقويض أي تهديد وجودي لإسرائيل.
بدأت أمريكا وإسرائيل عبر تركيا وقطر والسعودية والإمارات والأردن في استقطاب المقاتلين من مختلف دول العالم، تحت عنوان “الجهاد” ودعوات “نصرة الشعب السوري”. تحولت الحدود التركية إلى بوابة عبور رئيسية للمقاتلين الأجانب، الذين تم نقلهم عبر شبكات منظمة، بتمويل ودعم واضح من دول إقليمية ودولية.
تركيا، التي ادعت دعم الثورة السورية، لعبت دورًا محوريًا في تسهيل دخول آلاف المقاتلين عبر حدودها، حيث أقيمت معسكرات تدريبية بدعم لوجستي واستخباراتي. كما ساهمت منصات إعلامية في الترويج لرواية “الجهاد”، مما شجع على تدفق المقاتلين من مناطق مختلفة، من القوقاز وأوروبا الغربية إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
المال السياسي في خدمة تقويض النظام السوري
دول خليجية، أبرزها قطر والسعودية، ضخت مليارات الدولارات لدعم الجماعات المسلحة تحت ذريعة “مساعدة المعارضة”. هذا التمويل لم يقتصر على تزويد هذه الجماعات بالسلاح، بل شمل أيضًا الدعم الإعلامي عبر قنوات كبرى مثل “الجزيرة” و”العربية”، التي ساهمت في تأجيج الصراع، وكذلك عبر المساجد والمدارس والجامعات بهدف المزيد من التحشيد إلى سوريا ورأينا شيوخ الوهابية السعودية والاخوانية في زيارات إلى أماكن تواجد الجماعات التكفيرية في سوريا من أجل الدعم والتشجيع والترويج.
التمويل الخليجي كان وقودًا لحرب استنزاف طويلة، إذ تحول الدعم المالي إلى أداة بيد القوى التكفيرية التي سيطرت على مناطق واسعة من سوريا، متجاهلة شعارات الثورة الأولى ومتطلعات الشعب السوري.
أجندة غربية مزدوجة
بينما رفعت الولايات المتحدة والدول الغربية شعارات دعم “الحرية والديمقراطية”، قدمت دعمًا استخباراتيًا وعسكريًا للجماعات المسلحة، بما في ذلك جماعات ذات توجهات تكفيرية، هذا الدعم تم تبريره كجزء من الجهود لإسقاط النظام السوري، لكن نتائجه كانت كارثية، حيث ساهم في تعزيز نفوذ “جبهة النصرة” و”داعش” لاحقًا.
بحلول عام 2013، أصبحت الجماعات التكفيرية القوة الرئيسية في المشهد السوري، برزت “جبهة النصرة” التابعة لتنظيم القاعدة كأحد أكبر الفصائل، وسيطرت على أجزاء واسعة من إدلب وحلب. وفي عام 2014، ظهر تنظيم “داعش”، الذي استولى على مناطق واسعة من سوريا والعراق، محولًا الصراع إلى أزمة عالمية.
ومع تصاعد نفوذ الجماعات التكفيرية، تراجعت المعارضة السياسية المعتدلة، التي وجدت نفسها بين مطرقة النظام وسندان الجماعات المسلحة، هذا التحول أضر بسمعة الثورة السورية، حيث أصبحت الهوية التكفيرية هي العنوان الأبرز للصراع.
حولت الجماعات التكفيرية سوريا إلى ساحة حرب مفتوحة، دمرت بنيتها التحتية وأضعفت مؤسساتها، استنزاف الدولة السورية كان جزءًا من مشروع أوسع لإضعاف محور المقاومة، الذي تشكل سوريا أحد أعمدته. تشويه صورة الإسلام
استغلت الجماعات التكفيرية والمنظومة الدينية الداعمة لها (الوهابية ـ والإخوان) الدين الإسلامي أبشع استغلال في استماتتهم لإسقاط النظام السوري ومن تلك الصور اقتراف الجماعات التفكيرية للمذابح بحق المعارضين والمشتبه بهم فكانت تقطع الرؤوس أمام الكاميرات وتسحل الجثث في الشوارع وتعلق أجسادهم على السواري وسبي الطوائف الأخرى نساء ورجال واستغلالهن أسوأ استغلال ورأينا توحش لا مثيل له كما عملوا على إصدار فتاوى دينية تبرر جرائمهم من جهة ومن جهة أخرى تبيح لهم المحرمات ومنها ما يسمى (جهاد النكاح) لتحقيق أهداف سياسية شوهت صورة الإسلام، حيث ارتكبت هذه الجماعات فظائع ومجازر تحت غطاء الدين، مما خلق موجة عداء عالمي تجاه المسلمين.
أبرز الجماعات التكفيرية التي نشطت في سوريا
الجماعات التكفيرية في سوريا متعددة ومتنوعة، وقد شهدت البلاد منذ بداية الأزمة عام 2011 ظهور العديد من الفصائل والجماعات المسلحة ذات الطابع التكفيري. تختلف هذه الجماعات في أيديولوجياتها وتحالفاتها، لكنها تتشابه في نهجها المتشدد واعتمادها على العنف لتحقيق أهدافها. فيما يلي أبرز الجماعات التكفيرية التي ظهرت في سوريا:
________________________________________ 1. تنظيم “داعش” (الدولة الإسلامية)
• تأسيسه: ظهر كامتداد لتنظيم القاعدة في العراق، قبل أن يعلن “الخلافة” في عام 2014.
• الانتشار: سيطر على مناطق واسعة في سوريا والعراق، بما في ذلك الرقة (عاصمة الخلافة المزعومة) ودير الزور.
• التمويل: اعتمد على النفط المهرب والفدى وفرض الضرائب.
• النهج: اتسم بالعنف المفرط، مثل الإعدامات الجماعية، وتدمير الآثار.
________________________________________ 2. جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام حاليًا)
• تأسيسها: تأسست عام 2012 كفرع لتنظيم القاعدة في سوريا.
• التحول: انفصلت عن القاعدة عام 2016 وأعادت تسمية نفسها “هيئة تحرير الشام”.
• الانتشار: تركزت في إدلب والمناطق المحيطة بها.
• الدعم: استفادت من شبكة الدعم الإقليمي والتمويل الخارجي.
________________________________________ 3. حركة أحرار الشام الإسلامية
• تأسيسها: ظهرت عام 2011 كواحدة من أقوى الفصائل المسلحة ذات الطابع الإسلامي.
• الأيديولوجيا: سعت إلى إقامة دولة إسلامية، لكنها تميزت بمرونة نسبية مقارنة بداعش والنصرة.
• التراجع: شهدت انقسامات وخسائر ميدانية كبيرة.
________________________________________ 4. الجيش الإسلامي التركستاني
• الهوية: جماعة مسلحة تتألف من مقاتلين من أقلية الإيغور الصينية.
• الانتشار: عملت في شمال سوريا، خاصة في إدلب.
• الدعم: تلقت تمويلًا وتسليحًا عبر تركيا، وارتبطت بجماعات جهادية أخرى مثل النصرة.
________________________________________ 5. جيش الإسلام
• تأسيسه: تأسس في 2011، وكان ينشط في ريف دمشق والغوطة الشرقية.
• الدعم: تلقى تمويلًا من دول خليجية، خاصة السعودية.
• النهج: تبنى فكرًا إسلاميًا متشددًا مع التركيز على القتال ضد الجيش السوري.
________________________________________ 6. تنظيم حراس الدين
• تأسيسه: تأسس عام 2018 كجماعة منشقة عن هيئة تحرير الشام بعد تخلي الأخيرة عن ارتباطها بالقاعدة.
• الأيديولوجيا: يعتبر من أكثر الجماعات وفاءً لنهج القاعدة التقليدي.
• الانتشار: ينشط في إدلب وريفها.
________________________________________ 7. فصائل متفرقة ومجموعات صغيرة
إلى جانب الجماعات الكبرى، توجد العديد من الفصائل التكفيرية الصغيرة التي تختلف في حجمها وقوتها، مثل:
• لواء التوحيد.
• كتائب أنصار الدين.
• جند الأقصى (اندمج لاحقًا مع تنظيمات أخرى).
________________________________________ الأعداد والتقديرات
وفقًا لتقارير دولية ومحلية، بلغ عدد المقاتلين التكفيريين في سوريا ذروته بين عامي 2014 و2016، حيث قدرت أعدادهم بعشرات الآلاف، من بينهم مقاتلون أجانب من أكثر من 80 دولة، وتشير التقديرات إلى أن عدد الفصائل التكفيرية تجاوز 50 جماعة مسلحة، تتراوح بين جماعات كبيرة تمتلك آلاف المقاتلين وأخرى صغيرة تعمل كمجموعات محلية.
الجماعات التكفيرية في سوريا: الوجه الآخر لإسرائيل
تطور الأزمة السورية منذ بدايتها عام 2011 وعودة الجماعات التكفيرية لشن هجماتها على الدولة السورية بعد انحسار هذه الجماعات بفضل وقوف إيران وحزب الله إلى جانب النظام السوري ثم عودة تصعيد هذه الجماعات بعد الحرب يوم واحد من إعلان العدو هدنة لوقف إطلاق النار بينه وبين حزب الله يمكن القول بأن لا شيء حدث بالصدفة، فكل تحرك له معنى استراتيجي عميق، فقد وجد أن ما كان يبدو للوهلة الأولى صراعًا داخليًا بين الشعب السوري ونظامه، تحول بسرعة إلى ساحة معركة مفتوحة على مصراعيها، تُستخدم فيها جماعات مسلحة تكفيرية ضد دولة كان لها تاريخ طويل في دعم المقاومة ضد العدو الإسرائيلي، لكن ما هو أكثر غرابة وأكثر تعقيدًا في هذا المشهد هو تلك العلاقة غير المعلنة التي تربط بعض هذه الجماعات التكفيرية مع العدو الإسرائيلي، التي بدا أن مصالحها تتقاطع بشكل مثير للريبة في هذا الصراع، لتكشف لنا عن وجه آخر من وجوه الحرب التي تُشن ضد سوريا، ومن خلفها ضد محور المقاومة. دعم إسرائيلي معلن ومن خلف الستار
منذ الأيام الأولى للثورة السورية، كانت الجماعات التكفيرية هي رأس الحربة في الحرب التي استهدفت النظام السوري، وقد ركزت وسائل الإعلام الغربية والعربية على هذه الجماعات، كـ (ثورة سورية) متجاهلة في كثير من الأحيان حقيقة العلاقة التي ربطت هذه الفصائل بمصالح إسرائيلية واضحة، إذ تكشف التقارير الإسرائيلية وبعض الوثائق الغربية عن لقاءات مشتركة بين قادة من هذه الجماعات وبعض المسؤولين الإسرائيليين في مناطق متفرقة من سوريا ولبنان.
على الرغم من أن العلاقات بين إسرائيل والجماعات التكفيرية كانت تتم دائمًا في الظل، إلا أن هناك ما لا يمكن إنكاره من أدلة تشير إلى الدعم العسكري واللوجستي الذي قدمته إسرائيل لهذه الجماعات، فمن خلال تصريحات بعض القادة العسكريين الإسرائيليين، آخرهم رئيس الموساد الأسبق افرايم هليفي حيث رد على سؤال عن علاقة الكيان بالجماعات التكفيرية في سوريا بقوله: ((نعم.. نحن ننسق ونتعامل مع “القاعدة وجبهة النصرة”.. لأنهم لم يواجهوا اسرائيل!)) وكانت نائبة الرئيس الأمريكي السابقة هيلاري كلينتن قد اعترفت في تصريح شهير بقولها : ( نحن من أوجدنا داعش) وهذا يؤكد حقيقة هذه الجماعات ومن أين نشأت ومن يدربها ويمولها؟ إنها أجهزة المخابرات الأمريكية والصهيونية وقد شهدنا دعم لوجستي صهيوني مباشر لهذه الجماعات منها تقديم الرعاية الطبية لجرحى ومقاتلي هذه الجماعات، وتم نقلهم إلى مستشفيات إسرائيلية لتلقي العلاج داخل الأراضي المحتلة، حيث تم تأكيد أن إسرائيل استقبلت ما يقرب من 3,000 مقاتل تكفيري للعلاج في مستشفياتها، هذا الدعم العسكري لم يتوقف عند العلاج فقط، بل امتد ليشمل توريد الأسلحة والمعدات العسكرية عبر خطوط التماس في مناطق الجنوب السوري.
يقول العديد من القادة العسكريين الإسرائيليين في تصريحاتهم، إن دعمهم للجماعات التكفيرية لم يكن هدفه فقط إضعاف النظام السوري، بل كان جزءًا من الاستراتيجية التي تهدف إلى إضعاف محور المقاومة، الذي يشمل إيران وحزب الله، فقد صرح أحد كبار القادة العسكريين الإسرائيليين في إحدى المقابلات بأن “مصلحة إسرائيل تقتضي تفكيك أي قوة تهدد أمنها في المنطقة، وأي شيء يخدم ذلك هو موضع دعم”، في إشارة غير مباشرة إلى هذه الجماعات.
وفي تصريحات أخرى، ذكر وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، أفيغدور ليبرمان، أن إسرائيل ستظل “تساعد أي مجموعة تعمل ضد النظام السوري وحلفائه”. في هذا السياق، نجد أن الدعم الإسرائيلي لم يقتصر فقط على العلاج والرعاية الطبية للمقاتلين التكفيريين، بل امتد ليشمل أيضًا تقديم الدعم اللوجستي والعسكري بشكل غير مباشر عبر تزويد بعض الجماعات بالسلاح والمعدات الضرورية. الغارات الإسرائيلية على سوريا: تمهيد لدور الجماعات التكفيرية
ومن اللافت أن الصحافة الإسرائيلية قد ربطت بشكل مثير للجدل بين الغارات الجوية الإسرائيلية المتكررة على سوريا، خصوصا خلال العام الفائت والتي استهدفت بشكل خاص مراكز إيرانية وقيادات في حزب الله، ومواقع حساسة للجيش السوري وبين تحركات الجماعات التكفيرية، عقب تهديدات نتانياهو للأسد مساء وقف أطلاق النار بين العدو وحزب الله تقول بعض التحليلات الإسرائيلية أن هذه الغارات لم تكن مجرد ردود فعل على التهديدات الإيرانية، بل كانت جزءًا من استراتيجية إقليمية تهدف إلى تمهيد الطريق لهذه الجماعات لتقوم بدورها المرسوم في إضعاف سوريا وحلفائها.
ويُفسر المراقبون هذا التوجه الإسرائيلي على أنه سعي لخلق نوع من “الفراغ الاستراتيجي” في مناطق النفوذ السوري، وهو ما يسمح للجماعات التكفيرية بالتحرك بحرية في المناطق الحدودية. وبالفعل، نجد أن التصعيد العسكري ضد سوريا في تلك الفترة، وخصوصًا في محيط الجولان السوري المحتل، كان يتزامن مع نشاط ميداني مكثف للجماعات التكفيرية في الشمال السوري وريف حلب. إسرائيل والتكفيريون: مصلحة مشتركة ضد محور المقاومة
لن تكون هذه العلاقات بين إسرائيل والجماعات التكفيرية مفهومة بشكل كامل إلا إذا فهمنا أنها جزء من تحالفات غير مباشرة تستهدف ضرب المقاومة في لبنان وفلسطين، وليس سوريا فقط، فإسرائيل تعتبر نفسها حاميًا للمنطقة ضد ما تراه تهديدًا وجوديًا، ولا يمكنها أن تتجاهل الوجود العسكري لحزب الله في سوريا أو تزايد نفوذ إيران في المنطقة. لذلك، فإنها تسعى إلى تحييد كل من يستطيع أن يهدد هذه الهيمنة.
وقد أسهمت هذه الجماعات التكفيرية في هذا الصراع من خلال خلق حالة من الفوضى والدمار داخل سوريا، وهو ما دفع الكثير من المراقبين التأكيد بأن ما يجري في سوريا مجرد حرب بالوكالة، حيث قامت إسرائيل باستخدام الجماعات التكفيرية كأداة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية وهو اضعاف الدولة السورية ومحاصرة حزب الله..
أخيراً باتت العلاقة بين إسرائيل والجماعات التكفيرية موضوعا لا جدال فيه، ورغم أن الدعم الإسرائيلي لهذه الجماعات قد لا يُعلَن بشكل رسمي، فإن الأدلة والشهادات تشير بوضوح إلى أن إسرائيل لم تكتفِ بمراقبة ما يحدث في سوريا، بل كانت فاعلًا رئيسيًا في توجيه مسار الأحداث، سواء كان ذلك عبر الدعم اللوجستي أو الاستراتيجيات العسكرية المباشرة، إن هذا التعاون غير المعلن يمثل جانبًا آخر من الحرب التي تُشن ضد سوريا، وضد محور المقاومة بشكل عام، ما يعكس بشكل كبير تناقضات السياسة الإقليمية ويكشف عن الدور الخفي الذي يلعبه العدو الإسرائيلي ومن خلفه الأمريكي وأذيالهم في أزمات المنطقة ويتبقى على محور المقاومة مضاعفة جهوده على كافة الأصعدة خصوصا الجانب العسكري وزيادة التنسيق والتعاون وتبادل الخبرات والتقنيات والمعلومات والنزول إلى الميدان بشجاعة وبصيرة ووعي..