تقرير خاص للمراسل نت : أبعاد رسائل الحوثيين العسكرية والشعبية للداخل والخارج في مرحلة حسم الحرب
مع مرور عامين وأربعة أشهر منذ الحرب التي شنها تحالف السعودية على اليمن، أرادات جماعة أنصارالله الحوثيين التأكيد على أن الحرب لم تضعفها، بل إن قائدها عبدالملك الحوثي أكد عدة مرات في خطاباته الأخيرة أن وضع الجماعة بات أقوى مما كان عليه قبل الحرب، حيث تعبّر الجماعة عن قوتها بعدة أساليب عسكرية وشعبية وسياسية، وبعثت عدة رسائل خارجية وداخلية تعبّر عن تلك المسارات بالتزامن إحيائها لذكرى انطلاق شعارها الرسمي قبل 16 عاماً من اليوم، وهو عمر الجماعة العلني وبداية انطلاقتها من صعدة.
وتقيم جماعة الحوثيين هذه الأيام احتفالات بالذكرى السنوية لشعار “الصرخة” الذي تتميز به وينص على “الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام” وهي الذكرى السادسة عشرة التي تتزامن مع آخر جمعة من شهر شوال بالتاريخ الهجري، حيث أطلق هذا الشعار مؤسس الجماعة “حسين الحوثي” بين عدد قليل من طلابه في عام 2001 عندما بدأ بإلقاء المحاضرات التي تحذر من السياسة الأمريكي انطلاقاً من أن هجمات سبتمبر التي وقعت في نفس العام كانت مؤامرة أمريكية لغزو الدول العربية وتدميرها.
وعبر احتفالاتها سعت جماعة الحوثيين للإجابة على ما قد يدور في تفكير الولايات المتحدة وقيادة التحالف، عمّا إذا كانت الحرب قد أسهمت في إضعاف الجماعة على الأقل خصوصاً أن الحرب فشلت في تحقيق أهدافها، وذلك بالتأكيد على أن قوتها أصبحت أقوى مما مضى، وكرر زعيم الجماعة في أكثر من مناسبة بأن الجماعة تعيش اليوم في أفضل مراحلها رغم الحرب، وعبر العروض العسكرية العلنية التي نظمها الجناح العسكري بشكل متزامن في مختلف مديريات العاصمة صنعاء والمحافظات الواقعة تحت سيطرتهم، وأظهرت الكثرة العديدة للمقاتلين.
مرحلة جديدة حاسمة
في خطابه الذي رصده المراسل نت أمس الخميس، قال زعيم أنصارالله عبدالملك الحوثي إن هناك مرحلة جديدة من التصعيد العسكري، مشيراً إلى أن الولايات وضعت مهلة للتحالف لحسم الحرب إلى نهاية العام الجاري، لكنه يؤكد في ذات الوقت أن رهان الأمريكيين على انتصار التحالف خلال المهلة لن تنجح.
وقال الحوثي “أقول للقوى الحرة المناهضة للعدوان وللشعب اليمني، نحن اليوم وإلى نهاية العام نواجه مؤامرة بتصعيد كبير من جانب الأعداء” وأضاف “التوجه اليوم لقوى العدوان وإلى نهاية العام الميلادي، التصعيد بكل ما يستطيعون عسكريا، ولهم محاولات، يحاولون في ساحل تعز وفي ساحل الحديدة وفي جبهتي نهم وصرواح ومن جهة ميدي الحدودية”.
وضمن دعوته للاستعداد للمرحلة المقبلة، أوضح الحوثي إن دول التحالف لديها تعليمات أتى بها وزير الدفاع الأمريكي أن عليهم التصعيد من الآن وحتى نهاية العام الحالي، في إشارة منه لمعلومات محتملة عن وضع واشنطن مدة زمنية أخيرة للتحالف لتحقيق أهدافه على مدى الخمسة أشهر المقبلة.
رسالة تحدي عابرة للحدود
لم تكتف جماعة الحوثيين بإثبات أنها ما تزال قادرة على خوض المعارك بعد عامين من الحرب، بل أبدت استعدادها لإرسال مقاتلين لمساندة حزب الله والفصائل اللبنانية في أي مواجهة قادمة مع إسرائيل.
أنه يعلن بمسؤولية أن جماعته ومن يحمل ذات التوجه في اليمن “حاضرون للمشاركة، حتى على مستوى القتال مع العدو الإسرائيلي في أي مواجهة عسكرية جديدة، سواءً بمساندة الشعب الفلسطيني، أو لمساندة المقاومة اللبنانية، وإعانة حزب الله في لبنان” وأضاف “حاضرون للمشاركة العسكرية في أي مواجهة مع العدو الإسرائيلي”.
وقال الحوثي أن على الإسرائيليين أن يحسبوا حساب اليمن في أي مواجهة مستجدة لهم مع حزب الله في لبنان، أو مع الفلسطينيين.
وأكد الحوثي استعدادهم للقتال ضد إسرائيل عندما قال “نحن حاضرون في أي وقت يحتاج منا حزب الله، أو يحتاج منا الشعب الفلسطيني، ونتمكن من الوصول إليه، أننا حاضرون لذلك وحاضرون لفعل ذلك، حتى لو كنا في الوقت الذي نواجه فيه أدوات أمريكا في المنطقة، ونعيش حروباً بفعل عدوانهم علينا، حاضرون حتى في مثل هذه الظروف أن نرسل المقاتلين للمشاركة في أي مواجهة مستجدة. يهمنا فقط ان يكون لنا تنسيق يساعدنا على ذلك” .
ورد الحوثي على خطاب زعيم حزب الله الذي تحدث فيها عن اليمن، قائلاً “نحن هنا نؤكد لسماحة السيد حسن نصر الله في كلامه الذي تحدث فيه في شهر رمصان أن رهانك على الشعب اليمني رهانٌ في محله، هم إخوتك وبمثل موقفك، وموقف حزب الله تجاه هذا الشعب” وتابع قائلاً “موقفكم المسؤول ،موقفكم الحر ،موقفكم الانساني والأخلاقي الشريف والعظيم ، موقفكم نفسه سيقابل من هذا الشعب بموقف حر ومسؤول في أي مواجه جديدة لكم مع العدو الإسرائيلي”.
الخطاب حظي باهتمام إعلامي كبير وسائل الإعلام الفلسطينية واللبنانية التي ابرزت كلامه عن ارسال مقاتلين في حال المواجهة مع إسرائيل، وكذلك غطت القنوات الإسرائيلية الفضائية كلام الحوثي واستضافت محللين كما هي العادة عندما يكون هناك حديث مقلق ضد إسرائيل.
استعراض عسكري نادر
على مدى الأسبوع الماضي بدأت جماعة الحوثيين احتفالاتها بذكرى انطلاق شعارها الرسمي “الصرخة” وذلك عبر عروض عسكرية غير مسبوقة في مختلف مناطق العاصمة صنعاء بينها عروض عسكرية أقيمت في مديريات الثورة والتحرير وصنعاء القديمة ومعين وبني الحارث والمحافظات الواقعة تحت سيطرتها.
في تلك العروض اصطف المئات من مقاتلي الجماعة بأزياء عسكرية للتأكيد على أن استمرار الجماعة في تدريب وتخريج دفعات كبيرة من المقاتلين رغم الحرب المستمرة، كما ظهرت لأول مرة المدرعات والدبابات المتنوعة في تلك العروض.
وكالة رويترز نشرته تقريراً حول عروض الحوثيين العسكرية وقالت ان استعراض الحوثيين لمقاتليهم وأسلحتهم في قلب العاصمة يوصف بأنه “عرض نادر لمرونة الجماعة وقدرتها على التحمل على الرغم من الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين”.
وأشار التقارير إلى أن العروض العسكرية للحوثيين اشتملت على أسلحة مثل قاذفات مثبتة على شاحنات لإطلاق صواريخ مضادة للطائرات والدبابات، فيما كان لافتاً في الصور التي حصل عليها المراسل نت أن عدد المقاتلين المشاركين في العروض كان كبيراً جداً رغم أن العدد الأكبر لمقاتلي الجماعة يشاركون في المعارك في مختلف الجبهات وخسارتهم للمئات من مقاتليهم في الحرب التي بدأت في مارس 2015.
استعراض جماهيري في صنعاء ولأول مرة في صعدة
علاوة على رسائلها للخارج، فإن جماعة الحوثيين وجهت رسائل للداخل بأنها ما تزال قوية على المستوى العسكري والجماهيري، وأن الرهان على عكس ذلك هو رهان فاشل، حيث شهدت العاصمة صنعاء مسيرة ضخمة للحوثيين في شارع الستين عصر اليوم الجمعة، ورافق ذلك عرض عسكري آخر.
ورفع المتظاهرون شعارات ولافتات متعددة إلى جانب شعار الجماعة، بينها شعارات اعتيادية متحدية للتحالف وأخرى متضامنة مع الأقصى الذي كان شعار المظاهرة بالتزامن مع اغلاق الاحتلال للمسجد الأقصى.
ورغم حجم المظاهرة الكبير في صنعاء، إلا أن تنظيم الحوثيين لمسيرة كبيرة في مدينة صعدة لأول مرة منذ بدء الحرب كان لافتاً بشكل أكبر خصوصاً أن محافظة صعدة ما تزال منذ بدء الحرب “هدف عسكري بالكامل” وفقاً لإعلان التحالف الذي لم يعلن بعد ذلك أنها لم تعد كذلك، حيث تعرضت صعدة لتدمير شبه كلي وطالتها عشرات آلاف الغارات الجوية.