تقرير خاص لصحيفة الحقيقة في زياراتها الميدانية للساحل الغربي وجبهة كهبوب
على مدى أربعة أسابيع والعدوان الأمريكي يحاول أن يحدث خرقا في الجبهة الساحلية لباب المندب يواري به سوأته وخزي الهزائم التي لحقدت به رغم حشوده الهائلة وما يمتلكه من أساطيل وبارجات وطائرات حربية وجيوش نظامية ومرتزقة ومنافقين وقطاع طرق وسكارى وشذاذ آفاق حشدهم من مختلف بقاع الدنيا لغزو اليمن وإخضاعه لعربدته وفجره وفسوقه
معارك طاحنة خاضها أبطال اليمن ضد الغزاة ومن تحالف معهم من المنافقين سيكتبها التاريخ بحروف من ذهب وستتناقلها الأجيال جيلا بعد جيل وعليه ولأن هذه المعارك تعتبر معركة الشعب اليمني الفاصلة ضد الغزاة المستعمرين فقد قررت الحقيقة أن تنزل ميدانيا إلى جبهة الساحل لتنقل لقرائها حقيقة ما يجري والأسباب الحقيقية التي دفعت بتحالف العدوان إلى حشد كل طاقاته والاستماتة في محاولة إيجاد خرق يسهل عليه النفوذ منه باتجاه الأراضي التهامية
في البداية تعمد الظالمون على مدى عقود من الزمن أن يجعلوا من المجتمع التهامي مجتمعا جاهلا لا يعي ولا يدرك أهمية موقعه الجغرافي وأهمية الأرض التي يعيش عليها لكن ما حدث بعد اندلاع الثورة الشعبية كان مخيبا للاستعمار وأذنابه بعد أن وجدوا أبناء تهامة في طليعة الثوار الأحرار وفي مقدمة المناهضين للعدوان الأمريكي شاهدوهم وهم ينظمون مئات المسيرات ومئات الوقفات والقوافل ويحتشدون بالآلاف إلى معسرات التدريب ويتقدمون الخطوط الأمامية لمواجهة العدوان وهذا ما أغاظهم وكيف لا يغتاظون ممن ظنوا أن طيبتهم وحسن أخلاقهم تعد نقصا في رجولتهم وعندما تطاولوا عليهم وجدوهم رأس حربه مغروسة في نحورهم وعليه فعندما نشاهد الهجمة الشرسة لتحالف العدوان الأمريكي على السواحل الغربية فإن الهدف الأول هو الانتقام من أبناء تهامة الذين ظن العدوان يوما أنهم سيكونون طيعين له وقابلين لاحتلاله.
التعبئة العامة والجهوزية الكاملة لمواجهة العدوان
مرت ثلاثة أسابيع وها هو الأسبوع الرابع يشارف على الانتهاء وما من يوم يمر إلا ويتلقى الغزاة وأذيالهم صفعات موجعة وخسائر مهولة في الأرواح والعتاد ما شاهدناه ونحن نمر بعدد من مديريات الساحل الغربي هو الجهوزية الكاملة للمقاتلين الأبطال الذين استطاعوا خلال فترة وجيزة وفي ظل عدوان غاشم أن يوجدوا لهم حاضنة شعبية يصعب على العدو اختراقها وأن يجعلوا من أبناء تهامة مجتمعا جهاديا مشبعا بروحية الإباء والعزة والكرامة والاستعداد للتضحية والبذل في سبيل الأرض والعرض في طريقنا مررنا بالكثير من المباني الحكومية والمدارس والبيوت وسيارات المواطنين المدمرة بفعل ضربات طائرات العدوان التي نفذت ما لا نستطيع حصره من الغارات الجوية وقتلت الآلاف من أبناء تهامة جلهم نساء وأطفال بلا ذنب إلا أنهم حالوا بين الغزاة وبين احتلال بلدهم اختاروا طريق العزة بدلا عن حياة الذلة والامتهان تحت أقدام خدام اليهود والنصارى ومن التفاعل الكبير لأبناء القبائل في تهامة مع أبطال الجيش واللجان الشعبية تأكد لنا أنهم قد أخذوا العبرة من أبناء الجنوب الذين غرر بهم الاحتلال وخدعهم بوعود كاذبة حتى إذا ما استحكمت قبضته على رقابهم عمد إلى تجويعهم وإرهابهم ومن ثم جرجرتهم لخوض معاركه الخاسرة في الشمال بعد أن خطمهم من مناخيرهم وسحبهم على وجوههم لخوض معركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل
زيارة جبهة كهبوب
في اليوم الثاني من دخولنا مديرية الخوخة نسقنا مع المعنيين لدخول جبهة كهبوب المطلة على باب المندب وفي طريقنا إليها مررنا بمئات الأودية والأراضي البركانية والهضاب والجبال يحرسها الآلاف من رجال الرجال الذين باعوا من الله أنفسهم كانت السيارة تسير بنا بسرعة فائقة باتجاه مقدمة الجبهة وما إن وصلنا إليها عصرا حتى نزلنا ضيوفا عند صفوة الرجال وخلصهم الذين نكلوا على مدى عام ونصف بأذناب الاحتلال في جبهة نائية لا تسمع فيها إلا أصوات المدافع و الطائرات وانفجارات القنابل والصواريخ وأنت تجالسهم تحس بمعنى الرجولة وتشاهد الرجال الذين وصفهم الله بقوله (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) هؤلاء الرجال أكرمونا وسهلوا مهمة عملنا رغم صعوبة التحرك والانتقال من موقع إلى آخر في اليوم الثاني تجاوزنا الخطوط الأمامية باتجاه ساحل باب المندب وتحديدا إلى الأرض التي دارت عليها معركة التنكيل وقتل فيها قائد المرتزقة عمر الصبيحي مع مئات المنافقين وهناك شاهدنا عشرات الآليات التي أصبحت مرمية بين الحصى والأحجار المتفحمة كجذوع النخل الخاوية أخبرنا المجاهدون أنهم وعلى مدى الشهور الماضية استطاعوا أن يزرعوا عشرات الآلاف من الألغام بعد أن تأكدوا أن المنطقة غير مسكونه وعندما شاهدوا الغزاة والمنافقين يتقدمون باتجاههم كانوا على علم بأنهم لن يستطيعوا أن يصلوا إليهم ولكن من شدة شوقهم لملاقاتهم تركوا متارسهم وتقدموا باتجاههم وهناك دارت معركة فاصلة عشرات الآليات دمرت ومئات المنافقين قتلوا أخبرنا المجاهدون أن مشاة المنافقين كانوا يسيرون خلف المدرعات ومع كل تفجير كانوا يهربون من لظى الحمم المتطايرة وهذا ما سهل عليهم عملية التنكيل بمن باعوا من الشيطان أنفسهم أخبرونا بأنهم لمسوا أثناء المعركة مدى رعاية الله بهم وأنه سبحانه وتعالى لن يتخلى عنهم ما داموا مجاهدين في سبيله كان حديثنا معهم شيقا مشبعا بروح معنوية مرتفعة قلت في نفسي وأنا أشاهد التبة التي قتل فيها الصبيحي إذا كانت هذه التبة أول تبة محاذية لباب المندب من جهة الشمال قتل فيها أبرز قيادات المرتزقة ومئات المنافقين فكيف بالتبة الثانية والثالثة ومئات الأودية والتباب التي يتمركز فيها الآلاف من أبطال الجيش واللجان الشعبية في جبهة كهبوب لوحدها ما بالك بجبهة المخا والخوخة والدريهمي وبيت الفقيه ورأس عيسى وزبيد والحديدة والصليف وميدي والقوة البحرية المرابطة بطول وعرض الساحل الغربي وكل جبهة منفصلة عن الجبهة الأخرى وكل جبهة لها رجالها وآلياتها وسلاحها متى سيخترق تحالف العدوان الأمريكي سواحل اليمن ليصعد إلى جبال مناخة ويصل إلى جبال شهارة متى سيصل إلى الحدود الشمالية لبلاد خولان عامر وهي المناطق التي قتل فيها أكثر من ستين ألف جندي مصري لا سيما وهو لا يزال عاجزا عن الصعود لأول تبة في جبهة كهبوب قلت للمجاهدين ممازحا بعدما اطلعت على حجم ما زرعوه من ألغام انسحبوا من هذه الجبهة وعلى ضمانتي أن تعودوا إليها بعد مائة عام دون أن يدخلها غاز أو مرتزق واحد سألت أحد المجاهدين تربطني به صداقة قديمة ألا تشعر بالقلق في هذه الأرض الكالحة ابتسم وأجاب بسرعة لا ثم استرسل قائلا لا يمكن أن يضيق أو يقلق من هو مع ربي قلت له كيف قال يمكن أن يأتيك الضيق الذي يتحول مع مرور الوقت إلى خوف وارتباك إذا ما دخلت الجبهة وأنت لم تبع من الله نفسك أما إذا سلمت لله وعرفت أن بيده حياتك وموتك وأنك تؤدي واجبا عظيما ومقدسا ومن أوجب الواجبات التي أوجبها الله عليك في كتابه الكريم فإنك من ستشعر بالسعادة وبالقرب من الله كلما اشتدت عليك الأهوال وفعلا فما لحظته على وجهه ووجه المئات من زملائه من بشاشة واستبشار بنصر الله تدل على أنهم يعيشون حياة سعيدة لا يعيشها إلا من باع فعلا من الله نفسه زرنا القوة البحرية وسألناها لماذا لا تستهدف البوارج في مضيق باب المندب على الرغم من أنها قريبة من مرمى نيرانها فأجابت بأنها لا تزال حتى الآن ملتزمة بضبط النفس خوفا من تضرر التجارة العالمية ولكن وفي حال استمر التحالف الأمريكي في عدوانه أو قرر مهاجمة السواحل اليمنية فإنهم سيضطرون لجعل باب المندب ساحة للحرب وستكون جميع السفن سواء كانت حربية أو تجارية عرضة للنيران التي لا ترحم ولا تفرق بين بريء ومذنب .
يومان قضيناها مع رجال الرجال في جبهة كهبوب لمسنا فيها مدى رعاية الله بأوليائه الذين فضلوا حياة الرجولة والصمود على حياة المذلة والانكسار ومن أجل عزة شعبهم وكرامته وأن لا تدوس أقدام الغزاة أرضهم أرخصوا جماجمهم وجعلوا من متارسهم محرابا لدعائهم وصلواتهم وقربهم من الله فسلام الله عليهم وعلى جميع المجاهدين في جميع جبهات العزة والشرف والبطولة