تقارير وتحليلات صحيفة الحقيقة العدد”442″
الهجمة السياسية الاستعمارية بعد فشل العدوان على اليمن
إيهاب شوقي – كاتب عربي مصري |
تشهد الساحات المختلفة للبلدان الحاضنة للمقاومة هجمة جديدة من الثورات الملونة، والتي تستغل الأوضاع الثورية وتستبق الثورات الحقيقية بثورات مخططة ومنظمة من قبل استخبارات غربية، تقود هذه الثورات لبوصلة مصالح الغرب الاستعماري بدقة.
وما عرف بـ”الربيع العربي”، كان نموذجا لهذا التوجيه، حيث رعا الاعلام الغربي والخليجي حركات واسماء بعينها باعتبارها قيادات الثورات، وقدمت المبادرات الدولية والخليجية لتوجيه مآلات هذه الثورات لأركان ضيقة بعينها، حتى تؤول الأمور في النهاية لصالح الغرب الاستعماري وبعيدا عن مرمى حركات المقاومة والتحرر الوطني.
واليوم ليس مصادفة ان نشهد موجة ربيعية جديدة تستغل سوء الاوضاع لأسباب متفاوتة الا انها متفقة في وقوف الغرب ورائها، اما بسبب الحصار على المقاومة، واما بسبب رعاية الغرب للفاسدين وتمكينهم من السلطة، وهو ما يقود في الحالتين لأوضاع ثورية حقيقية، يتم استغلالها استعماريا، باتجاه الفوضى وباتجاه تمكين ذوي الولاء الغربي.
الهدف الرئيسي الاستعماري هو حصار المقاومة وابعادها عن السلطة وفقا لنغمات مختلفة، تارة باسم الارهاب، وتارة باسم الديمقراطية والقضاء على الطائفية، رغم ان الغرب هو من كرس الطائفية واستخدمها سلاحا للتفتيت.
والمتابع للشأن اليمني يرى ان بدايات ثورة 2011 شهدت هذا النوع من التوجيه الملون، وخفتت ضغوط الغرب بعد المبادرة الخليجية التي رسخت لاستلام هادي للحكم، وكأن الحال يقول، ان الغرب اكتفى بذلك، ولكن ولأن احرار اليمن لم يرتضوا بهذه النتيجة التي اهدرت اشواق الثورة واشواق الثوار الحقيقيون، فإن الموجة اللاحقة من الاستهداف الغربي، كشفت خبايا الموجة الاولى، حيث سعت لتكريس حكم هادي بالقوة، وكأن الحال يقول ان الهدف هو حكومة كهذه والا الخراب والفوضى والدمار!
لماذا لم يترك الخيار لليمنيين ليرتبوا اوضاعهم، ولماذا التدخل الاستعماري ذو الواجهة السعودية التي تشكل بتحالفها حصان طروادة الاستعماري، ولماذا الدعم لتيارات بعينها والحرب على تيارات بعينها هي بالمصادفة تيارات المقاومة؟
ان الامور جلية وواضحة لكل ذي بصر وليس بالضرورة بصيرة، وان اهداف الاستعمار مكشوفة وواضحة، ولا يضر مع وضوحها ان نسوق تساؤلات مثل: لماذا لا تقوم ثورات جديدة في بلاد تابعة لأمريكا وخالية من حركات مقاومة فاعلة؟ لماذا الاحتجاجات قاصرة على العراق ولبنان وايران ولماذا الاستهداف الدموي مستمر في سوريا واليمن؟ ولماذا الاستهداف مستمرا لفنزويلا وبوليفيا واصابع الاستعمار تتحرك في هونج كونج؟
ان ما لا يناله الاستعمار بالثورات الملونة يحاول ان يناله بالاستهداف العسكري والتكفيري وفقا لظروف كل بلد ووفقا لتقدير القوة العسكرية، ثم يعاود الاستعمار الكرة عند فشله عسكريا، ليحاول نيل اغراضه عبر ثورات ملونة جديدة او ترتيبات سياسية معدة بعناية بغرض التقسيم او التمكين لحكومات عميلة.
لقد فوجئ الاستعمار بقوة اليمن وصمودها وبأنها ليست لقمة سائغة، وفوجئ بحنكة المقاومة وصلابتها، واليوم يحاول وضع ترتيبات سياسية بغرض التقسيم او التمكين لحكومات عميلة تحقق ما فشل العدوان العسكري الغاشم في تحقيقه في السنوات الأربعة الماضية.
ان المطروح اليوم على احرار اليمن هو المقاومة السياسية الى جانب المقاومة العسكرية، والوعي الشعبي الى جانب الصمود الوطني.
وهذه الموجة السياسية الجديدة والتي لا تقل دناءة ولا خطورة عن الموجة العسكرية، لن تحقق اغراضها اذا ما التزمت الشعوب بثقافة المقاومة، والتي هي ثقافة شاملة لما هو عسكري وما هو ثقافي وسياسي، وهي ثقافة تشمل كما ثقافة الميدان، ثقافة الوعي والفطنة.
صنعاء: الكيان الصهيوني سيكون مستهدفاً بحال ارتكب حماقة بحق اليمن
بإعلان المتحدث للجيش واللجان الشعبية العميد يحيى سريع، أن بإمكان الطيران المسير، والقوة الصاروخية ، ضرب أهداف حيوية للكيان الصهيوني يكون بذلك وجه تحذيرا جدي للكيان في حال ارتكب حماقة بحق اليمن والاعتداء عليها .
وقال سريع، في كلمة خلال ندوة بعنوان “الأطماع الإسرائيلية” في صنعاء، ، “القوات المسلحة اليمنية جاهزة للرد على أي عدوان إسرائيلي”.
وأضاف “القدرات الدفاعية للقوات المسلحة في مجال القوة الصاروخية والطيران المسير أصبح لديهما من الإمكانات ما يمكنهما من ضرب أهداف حيوية داخل العمق الإسرائيلي”
وكان قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي قد تحدث عن اتهامات رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته، بنيامين نتنياهو، لإيران بتزويد صنعاء بصواريخ دقيقة، متوعدا بتوجيه ضربات لإسرائيل في حال نفذت أي عمل عدائي ضد اليمن.
وقال “شعبنا لن يتردد في إعلان الجهاد ضد العدو الإسرائيلي، وتوجيه أقسى الضربات ضد الأهداف الحساسة في كيان العدو إذا تورط في أي حماقة ضد شعبنا”.
وأردف “موقف العداء لإسرائيل ككيان غاصب هو موقف مبدئي إنساني أخلاقي والتزام ديني”
وحذرت قوى المقاومة والممانعة العدو الصهيوني, وحلفائه بالمنطقة القيام بأي أعمال عدوانية تطال دولها وأبدت تأييدها المطلق لتحذيرات قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي للعدو الاسرائيلي اثر تهديداته بعمل عسكري يطال اليمن , كما طالب السيدالعدوان السعودي وقف عدوانه على الأراضي اليمنية .
ومن جانبه أشاد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بالموقف التاريخي الذي أعلنه قائد الثورة من الصراع مع العدو الإسرائيلي.واعتبر الرد على أي اعتداء إسرائيلي على اليمن يكتسب أهميته كونه صدر عن قائد لجبهة ما زالت تقاتل منذ 5 سنوات جيوشًا وقوى كبرى”.
وحسب تقييم السيد نصر الله لوضع الجيش واللجان الشعبية بالوقت الراهن قال “الآن الجبهة اليمنية باتت تمتلك أسلحة متطورة جدًا من صواريخ ومسيّرات وتمتلك شجاعة استخدام هذه الصواريخ والمسيرات وتحدت بها كل العالم، لافتًا إلى أن المقاتلين اليمنيين يحققون انتصارات نوعية مذهلة وأقرب إلى المعجزات وآخرها كان عملية نصر من الله.
وتشير مصادر رسمية الى أن العدو الإسرائيلي ولتحقيق أهداف متعددة للتسلل إلى المنطقة وإيجاد طريق إلى باب المندب أثناء العدوان على اليمن ، شارك في العمليات الجوية سراً، وفي وقت سابق، رغم أن الجميع يعلم أن طريق إرسال الأسلحة إلى اليمن مغلق، وحليف الكيان الصهيوني السعودي يحاصر الشعب اليمني المضطهد بشكل كامل”.
وبالنظر إلى توقّع محاصرة اليمن، بدأ الجيش واللجان الشعبية تعزيز قدراته الصاروخية من الداخل، وتعود القدرة الصاروخية اليمنية إلى فترة ما قبل الحرب ، في إعادة بنائها وتطويرها.
والدعم الاسرائيلي وعدوانه على اليمن لم يكن مجهولا، لكنه كان مستترا تحت المضلة السعودية والإماراتية حتى حان الوقت ليكشف عن نفسه بنفسه عبر التصريحات المتكررة حول اليمن والتحولات التي أجبرت أصدقاءه السعوديين والإماراتيين أن يعيدوا حساباتهم .
واثر تلك الرسائل القوية من قبل قائد الثورة السيد عبد الملك باتجاه الكيان الصهيوني سارعت السعودية لإرسال الأمير خالد بن سلمان إلى مسقط، كدليلٍ آخر على أنها تسير على خُــطى الإمارات باتجاه التسوية باليمن، ولا حل عسكري، بعد أن أدركتا أن الحل العسكري اُفشل ليس فقط بصمود الجيش واللجان الشعبية ،بل من شركاء هذا التحالف أنفسهم.
والأمر الذي اصبح معروفا بل وواضحا لدى قوى الممانعة أن أمريكا تستخدم الفزاعة الإيرانية لابتزاز الدول العربية، وإغراقها في حروب طائفية، ومن المؤلم أن هذه الدول تستلم لهذا الابتزاز، وترفع له الرايات البيضاء، ولا تتعلم مطلقا من الدروس السابقة التي تؤكد أن إيران تقوى وتتمدد، بينما ينتقل العرب و”المعتدلون” منهم أصدقاء أمريكا، من الضعف الى الهزال والإفلاس على الصعد كافة.
ومن المفارقة أن هذا التحالف الجديد الذي يعكف ترامب على تأسيسه، يأتي في وقت يقتل فيه حل الدولتين وقبره، ويعطي الضوء الأخضر لحليفه الصهيوني لتسريع عمليات الاستيطان، وابتلاع ما تبقى من أراضي الضفة الغربية.
ومما يجب التوقف عنده آن تهديدات ورسائل السيد عبدا لملك تعتبر من الرسائل القوية جدا والتي جاءت في مناسبة عظيمة وأمام ملايين اليمنين ،وأيقظت مضاجع العدو الاسرائيلي ، وتجلى ذلك في مخاوف إعلام العدو التي ترجمت الخطاب وبثته بكل الوسائل ، وقالت بأن هذه التهديد حقيقي ويجب أن يؤخذ بعين الاعتبار.
ومنذ الوهلة الاولي لقيام الكيان الصهيوني حتي وقتنا الحاضر لديه اطماعه في السيطرة على الجزر اليمنية ومضيق باب المندب لتحقيق اهدافها المتعددة
وما نشاهده اليوم من تعرض بلادنا من عدوان دولي منذ اربع سنوات ونيفا ما هو الا استمرار لأطماع استعمارية قديمة للسيطرة على اهم شريان بحري ومضيق دولي فكأن موقع اليمن الجغرافي واهميتها الأستراتيجيته جلب عليها تكالب الاعداء والجيران منذ فجر التاريخ و الى وقتنا الحاضر.
هكذا تبخرت الآمال الأمريكية في البحر الأحمر
منذ بداية الحرب على اليمن تسعى الولايات المتحدة الاميركية بسط سيطرتها ووضع يدها على الجزر اليمنية والمواقع الاستراتيجية في البحر الاحمر عبر أدواتها السعودية والامارات الذي تتجول اساطيلها في مياه البحر الاحمر منذ بداية الحرب وتضغط بقوة للاستيلاء على الشريط الساحلي اليمني .
وبالتأكيد فأمريكا تعرف وجود ثروات نفطية هائلة في المياه الاقليمية اليمنية بناء على معلومات لشركات أميركية قامت بعمليات استكشافية في مياه البحر الاحمر ومنها شركة “جون ميكوم الأميركية ” الذي قامت بعمليات استكشافية في الساحل الغربي للبحر الاحمر وكشفت عن وجود النفط وبكميات مساحة 10 آلاف كم مربع من السهل الساحلي الذي يمتد من أقصى الشمال حتى مدينة المخاء جنوباً وبعرض قدره 60ميلاً وذلك في اليابسة و12ميلاً في المنطقة المائية .
وإلى جانب السيطرة الاميركية على مضيق باب المندب والجزر اليمنية في البحر الأحمر المشرفة على ممرات الملاحة الدولية في حالة سيطرة السعودية والامارات واستحكامها على البحر الاحمر والمياه الاقليمية اليمنية تبقى الثروات النفطية المتواجد تحت مياه البحر الاحمر هدفاً أخر للأمريكيين .
ويبدو ان امريكا رأت الفرصة مواتية فدفعت بالسعودية لتحريك سفنها والتنقيب عن النفط في المياه الاقليمية اليمنية فتحركت السفن التي أعلنت صنعاء احتجازها يوم أمس على بعد ثلاثة أميال من جزيرة عقبان اليمنية داخل المياه الاقليمية اليمنية .
وكشفت صنعاء ان السفن الثلاث المحتجزة كانت تقوم بإعمال عدائية وقال عضو المكتبِ السياسي لحركة أنصار الله محمد البخيتي لقناة ” العالم” أن السفن الثلاث المحتجزة كانت تحمل حفاراً في اشارة واضحة لمحاولة هذه السفن عن التنقيب عن النفط في المياه الاقليمية اليمنية .
وباحتجاز هذه السفن تكون صنعاء قد قطعت الطريق على أمريكا في محاولاتها الاستيلاء على الثروات النفطية الكامنة تحت مياه البحر الاحمر ووضع يدها عليها وتبخرت آمال الامريكيين الذين ضلوا لفترات طويلة ينتظرون السيطرة والاستيلاء على هذه الثروات النفطية .
هل اقتربت ساعة الحل السياسي في اليمن؟
جمال الكندي
الأزمة اليمنية وبعد حرب متواصلة لأكثر من خمس سنوات، أزهقت فيها دماء اليمنيين، ودمرت بنيتهم التحتية المتهالكة أصلاً من أجل مصالح سياسية واقتصادية لهذه الدولة أو تلك، أخيراً أدرك صناع حربها أن الحل السياسي حانت ساعته، وأن صوت المدفع لابد أن يسكت ويتحدث صوت العقل، فكل الأطراف خاسرة إن لم تنته هذه الحرب العبثية.
فهل اتفاق الرياض الأخير الموقع بتاريخ 5 نوفمبر بين الرئيس المنتهية ولايته “عبد ربه منصور هادي، ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي “عيدروس الزبيدي” والذي وضع حداً للاقتتال الدائر بينهما في جنوب اليمن، كان المنطلق لبداية حل الأزمة اليمنية على أساس التقسيم؟ وماذا بعد هذا الاتفاق؟.
تغير قواعد الاشتباك في الشمال اليمني بين الحوثيين ومن معهم وقوات التحالف الخليجي بسبب دخول السلاح الاستراتيجي المؤثر اقتصادياً إلى ساحات المعارك الذي ظهر من خلال قصف الحوثيين لشركة “أرامكو” السعودية وقبلها خطوط نقل النفط السعودية وأخيراً العملية العسكرية الكبيرة التي قام بها الجيش اليمني واللجان الشعبية عندما قتلوا وأسروا آلاف من القوات المدعومة سعودياً مع عشرات من الجنود والضباط السعوديين والسودانيين عندما كسر زحفهم لتحرير بعض المناطق في الداخل السعودي.
هذه المعطيات وغيرها أقنعت من أشعل هذه الحرب على إنهائها بشروط مقبولة لدى الحوثيين وأنصارهم، خاصة وجبهتهم التي تقاتل الحوثيين أصابها التشقق والتصدع، فكان اتفاق الرياض المحاولة لتوحيد الجبهة الداخلية التي كان أساس بنائها ضعيفاً، وتحكمه المصالح الحزبية والمناطقية بعيداً عن مصلحة اليمن الموحد، والنتيجة ما دار من قتال في الجنوب اليمني، ولكن يبقى السؤال المطروح هل نحن أمام مشروع تقسيم اليمن بقبول الوضع في صنعاء كما هو والتراجع عن فكرة إرجاع شرعية “هادي” للحكم ؟!.
وصول نائب وزير الدفاع السعودي إلى سلطنة عمان ومقابلته السلطان قابوس يضع الكرة مرةً أخرى في الملعب العماني، والتسريبات الإعلامية تتحدث عن لقاء جمع الوفد السعودي الزائر مع الحوثيين برعاية عمانية لوضع اللمسات النهائية لتوقيع وثيقة إنهاء هذه الحرب بينهما، والأمور إلى الآن لم تظهر إعلامياً عند جميع الأطراف، ولكن مقدماتها بدأت بوقف التحالف السعودي قصف محافظات معينة في الشمال اليمني مقابل وقف قصف الجيش اليمني واللجان الشعبية العمق السعودي خاصةً المواقع ذات البعد الاقتصادي.
معطيات الجنوب اليمني وما يحدث في شمالها أوجد لنا معادلة جديدة أفرزتها حرب السنوات الخمس هي: إن جزءً من اليمن أصبح خارج السيطرة والتأثير الخليجي، وهذا يعني أنه خارج المنظومة السياسية التي تتناغم مع الرؤية الأمريكية والغربية، فالفكر السياسي لمن يحكمون صنعاء الآن يصنف ضمن تيار ما يعرف “بالمقاومة والممانعة” في المنطقة، فكيف سيكون الحل في اليمن وهذا الفكر موجود وشعاره “الموت لأمريكا والموت لإسرائيل”؟! فأمريكا لا تريد لمثل هذا التيار السياسي المشاركة في عملية إدارة اليمن، ولكن عدم قدرة التحالف السعودي إسكات هذا الصوت عبر الحرب جعلهم ومن معهم من الأمريكان يرضون بالواقع المر وهو وجود تيار سياسي عسكري يغرد خارج السرب السعودي والأمريكي؛ لذلك عندما اندلعت الاشتباكات العسكرية بين المواليين لهادي والمجلس الانتقالي في الجنوب كان القرار هو المصلحة بينهم لعدم خسارة الجنوب بعد فقدان الأمل في تحقيق أي نصر استراتيجي في الشمال اليمني وإزاحة أنصار الله من المشهد العسكري والسياسي هناك.
والسؤال المطروح ماذا بعد التوقيع على اتفاقية وقف الحرب بين أنصار الله والتحالف السعودي -إن حصلت- ؟!هل ستشكل حكومة توافقية تشارك فيها جميع الأطراف السياسية من الشمال والجنوب؟ وعلى أساسها تقام انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة، وهذا يعني قبول تيار سياسي في الدولة اليمنية يمثل امتدادا لسياسة حزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق والحكومة الإيرانية والسورية، وهو ما يعرف بتيار المقاومة والممانعة؟!
أم نحن أمام مشروع تقسيم اليمن بعد اتفاق الرياض وإنهاء الحرب مع الحوثيين؟. كل هذه السيناريوهات مازالت غامضة وغائبة عنا لما في الحالة اليمنية من تعقيد، ولكن المهم الآن هو وقف الحرب وإجراء مصالحة وطنية برعاية الأمم المتحدة تكون فيها مصلحة اليمن فوق كل شيء .
أطفال اليمن.. أوجاع الأرواح المنسيّة!!
علي الذهب
يتجاوز حدَّ الألم والوجع والكارثة أيضاً ذلك الحال الذي تسبب به العدوان السعودي وما رافقه من حصار جائر على واقع الطفولة في اليمن، اذ يحكي هذا الواقع جانباً من المعاناة والأزمات الانسانية التي لحقت باليمنيين شرائح وفئات مختلفة جراء ما فُرضت عليهم من حربٍ ظالمة.
واقع أطفال اليمن وما يُرتكب بحقهم من جرائم وانتهاكات لاينطبق عليه سوى توصيف “المذبحة” حسب مختصين بالحقوق الإنسانية، لأن فئة الأطفال تعد أشد الفئات تأثراً بالعدوان والحصار، ومنهم آلاف الضحايا الذين سقطوا نتيجة القصف الجوي والبري والبحري أو نتيجة الحصار الذي قتل الأطفال جوعاً أو مرضاً، ومن بقي من الأطفال حياً خلاف النوعين السابقين هم نوعان: الأول يتيم بسبب فقدانه لوالده الذي استشهد، والثاني فاقد لإحساس الطفولة إذ ليس بمقدور أسرته على منحه مايحتاجه نتيجة ظروف الحصار والتجويع وهؤلاء قرابة 90٪ من الآباء والأطفال، فيما 10% الذين لازالت ظروفهم المادية لابأس بها يعاني أطفالهم أيضا من حالات نفسية أو فقدان شعور الأمان نتيجة استمرار الغارات ليل نهار فلا مدرسة الطفل آمنة ولامنزل الطفل آمن أيضاً، غير الأصوات المفزعة لصورايخ مقاتلات الدول المعادية وقذائف المعارك الداخلية.
بلغة الأرقام تتحدث الجهات الرسمية المعنية ومنها وزارة الصحة اليمنية أن “5 ملايين و400 ألف طفل” يمني مصابون بسوء التغذية، منهم “مليونان و900 ألف طفل” دون الخامسة من العمر بما يعادل 55% من الأطفال، في حين أن 30% من المرضى المحتاجين للسفر بغرض العلاج من فئة الأطفال وقد توفي العشرات منهم، بينما نحو “7516 طفل” قتلوا وجرحوا بالقصف المباشر لطيران تحالف العدوان، والى جانب ذلك فإن ما لا يقل عن “مليوني طفل” خارج المدرسة، ونفس هذا العدد بين نازح ومشرد من شريحة الأطفال فقط.
الأرقام الصادمة لإحصائيات نحو ٥ سنوات من العدوان على اليمن تكشف أيضاً أنه يموت طفل كل 10 دقائق بسبب سوء التغذية، و6 مواليد يموتون كل ساعتين بسبب تدهور خدمات الرعاية الصحية نتيجة الحصار، بينما 65 طفلا دون سن الخامسة يموتون من كل 1000 طفل بواحد من الأوبئة المتفشية، ومن ذلك إصابة “مليونين و200 ألف طفل” بالكوليرا توفي منهم “3750 طفلا”، بينما 5 آلاف طفل يمني يصابون سنوياً بالأورام نتيجة استخدام تحالف العدوان لأسلحة محرمة دولياً، حسب مراكز الرصد المختصة التي أوضحت أن أكثر من 12 مليون طفل – تقريباً كل طفل – في اليمن ممن هم بحاجة للحصول على مساعدة إنسانية عاجلة، اذ تسبب العدوان على اليمن في تدمير آلاف المنازل والمدارس والمنشئات وازدياد انعدام الأمن الغذائي وتدمير المرافق الصحية ونقص المياه الذي أدى إلى تفشي الأمراض والأوبئة، وكل هذه المسببات كان لها انعكاسها الكارثي على فئة الأطفال التي كانت الأكثر تضرراً.
إذن الأرقام وحدها تكشف حجم الكارثة الإنسانية بحق الطفولة في اليمن، حيث يصنف حقوقيون الجرائم التي اُرتكبت بحق الأطفال اليمنيين ضمن الجرائم الثلاث التي حددها نظام روما لمحكمة الجنايات الدولية، فمعظم الجرائم ضد فئة الأطفال هي جرائم حرب، ولكون جرائم الحرب تُمارس بشكل ممنهج فهي جرائم ضد الانسانية، ما يعني أن السعودية وتحالفها مارست بحق اطفال اليمن جميعا بلا استثناء أكبر مذبحة في العصر الحديث بضوء أخضر ومباركة ورعاية دولية كاملة.
الصمت الدولي بدا مخزياً ومعيباً إزاء الانتهاكات التي مورست بحق الطفولة اليمنية، اذ تغيب المصداقية في تقارير المنظمات الدولية المعنية عن توصيف هذا الواقع بدقة أو تقديم الدعم الذي يستحقه هذا الوضع المأساوي او القيام بالدور المطلوب بحجم طبيعة المعاناة، كما أن هذه المنظمات وعلى رأسها منظمات الأمم المتحدة لا تدين بشكل كافٍ الجرائم المرتكبة بحق أطفال اليمن ولا تمارس الضغط لإنهائها وتقديم مرتكبيها للعدالة، وكأن العالم -كل العالم- لا يسمع أنين أطفال اليمن وآهاتهم وصراخهم، ولا يلتفت لمعاناتهم وبراءتهم المسلوبة وحقوقهم المنتهكة.. فمن ينقذهم إذن؟.. ومن ينقذ هذه الأرواح المنسيّة ويوقف أوجاعها؟!!.