تقارير غربية: الرياض بعد فشل سياساتها النفطية تسعى لإنهاء اعتمادها على النفط
تعيش الرياض أزمة إقتصادية خانقة، انعكست على مجتمعها الداخلي. فيما تستمر الكيدية السياسية للسعودية، حتى في آلياتها الإقتصادية، وذلك بهدف إغراق سوق النفط والقضاء عليه، عبر منع ارتفاع الأسعار. وهو الأمر الذي ينعكس سلباً عليها، لكنها سياسة تهدف الى ضرب اقتصاديات دولٍ أخرى، على الرغم من أن ذلك ليس في صالح المجتمع السعودي. وهنا خرجت الى الإعلام، تقارير تحدثت عن فشل الإستراتيجية القديمة للسعودية. فيما خرج تقريرٌ آخر نشرته بلومبرغ بيزنيس عن مقابلةٍ لها مع “بن سلمان”، أن السعودية تسعى لإستراتيجية جديدة تهدف لنقل اعتماد الدولة على النفط ومحاولة البحث عن بدائل أخرى. وهو ما يعني رفض سعي أوبك لتثبيت الأسعار، الأمر الذي أدى الى انخفاض الأسعار بعد هذا التصريح. فماذا في التقارير الغربية؟
الفاينانشيال تايمز: السعودية تخسر حصتها في الإستراتيجية القديمة
نشرت صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية تقريراً تحت عنوان “Saudi Arabia loses oil market share to rivals in key nations” أي “السعودية تخسر حصتها في السوق النفطية لصالح المنافسين”. وجاء في التقرير، أن السعودية فقدت حصتها في السوق النفطي في أكثر من نصف البلدان الأكثر أهمية التي تبيعها النفط الخام في السنوات الثلاث الماضية، حتى مع زيادة المملكة الإنتاج الى مستويات قياسية. وذكر التقرير أن السعودية التي تعتبر أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، فقدت الأرض لصالح منافسيها في تسعة أسواق من أصل خمسة عشر سوقاً من أكبر الأسواق العالمية بين عامي 2013 و 2015، بما في ذلك الصين وجنوب إفريقيا والولايات المتحدة، وفقًا لتحليل البيانات الجمركية.
وبحسب التقرير هدفت الرياض في أواخر عام 2014 للحفاظ على حصتها في السوق الخام وسط تخمة (زيادة عالية في العرض) أدت إلى انهيارٍ في أسعار النفط. ولكن معلومات جمعتها الهيئة الإستشارية (FGE) والتي تعمل في مجال الطاقة، تشير إلى أن استراتيجية السعودية عانت انتكاسات فيما يتعلق بحصتها لدى بعض العملاء الرئيسيين العام الماضي. وتظهر بيانات أخرى، رصدها التقرير، أن الرياض حققت زيادة محدودة في حصتها في السوق العالمية عام 2015 مقارنة مع عام 2014، على الرغم من أن الأرقام في العام الماضي كانت أقل من تلك التي سجلت في عام 2013.
بلومبرغ بيزنس: السعودية تسعى لإستراتيجية جديدة
من جهةٍ أخرى نشرت “بلومبرغ بيزنس” تقريراً تحدثت فيه عن استراتيجية السعودية لمرحلة ما بعد النفط. وهي عبارة عن خطة على مدى 50 عاماً، تسعى فيها الرياض الى التوجه لإقامة دراسات من أجل التحول إلى مصادر الطاقة المتجدّدة. ووفقاً لبلومبرغ، فإنَّ السعودية تُخطط لإنتاج 54 غيغا وات من الطاقة النظيفة بحلول العام 2040، خصوصاً أن استهلاك الطاقة المتجددة، يُشكِّل حالياً 14 في المئة من الإستهلاك العالمي، وسيرتفع، عام 2040، إلى 19 في المئة.
وذكر موقع بلومبرغ بيزنس الإقتصادي، أن ولي ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” قدم رؤيته بشأن صندوق للإستثمار العام، في حوار لمدة خمس ساعات. وناقش “بن سلمان” في نظريّة تقول إنَّ النفط “أصبح وراءنا”، وإنَّ الرياض بدأت خطة طويلة الأمد تُنهي اعتمادها حصراً على النفط، الذي شكّل لعقود طويلة 90 في المئة من إيراداتها، باعتبارها المصدّر الأكبر عالمياً.
وأشار الى سعي الرياض تأسيس صندوق سيادي ضخم بقيمة تريليونَي دولار، يُساعد على إنهاء اعتماد المملكة على النفط. وفي التفاصيل سيتم طرح ما يصل إلى خمسة في المئة من أسهم شركة النفط السعودية الحكوميّة “أرامكو” ضمن خطط إصلاح تهدف إلى تنويع مصادر الدخل بعد تراجع عائدات النفط بنسبة 70 في المئة، منذ منتصف العام 2014. وقال “بن سلمان”، بأنَّ الطرح العام الأولي لأرامكو وتحويل أسهمها إلى صندوق الإستثمارات العامة، سيجعلان الإستثمارات، من الناحية الفنيّة، مصدر الإيرادات للحكومة السعوديّة وليس النفط، مؤكداً على أن العام المقبل سيجري طرح الأسهم. وسيكون الهدف الأساسي تنويع الإستثمارات.
وهنا، فإن خطوات أخرى ستتبع ما سُمي بـ “الحلول السريعة”، كجزء من خطة شاملة سيُعلَن عنها في غضون شهر، لزيادة الإيرادات غير النفطية من خلال تدابير تشمل رفع الرسوم وفرض الضريبة على القيمة المضافة. وهو الأمر الذي يُشير محللون الى أنه سينعكس سلباً على المجتمع السعودي الذي اعتاد منذ عقود، تلقّي مساعدات حكوميّة، ولم يعتد على سياسة ترشيد الإنفاق، والتي تتبعها الرياض منذ سنتين تقريباً. وهو الأمر الذي برَّره “سلمان”، بالقول أن الحكومة كانت تتعدّى الإنفاق المسموح بموجب الموازنة بنسبة 40 في المئة في السنوات الماضية، لينخفض إلى 12 في المئة في العام 2015، الذي سجَّل عجزاً قياسياً في الموازنة بلغ 98 مليار دولار.
أما بالنسبة لسياسات “أوبك”، أكد “بن سلمان” أنه لا يعتقد وجود مشكلة حقيقية عندما يتعلّق الأمر بانخفاض أسعار النفط، مؤكداً أنَّ السعودية لن توافق على تثبيت إنتاج النفط، إلَّا إذا فعلت ذلك إيران وكبار المنتجين الآخرين. وهو الأمر الذي يعني تراجع الآمال بالتوصل إلى اتفاق خلال اجتماع سيُعقَد بين الأعضاء في منظمة “أوبك” والمنتجين خارجها في الدوحة منتصف الشهر الحالي، لمناقشة تثبيت إنتاج النفط.
تراجع أسعار النفط نتيجة التصريحات
بعد تصريحات “بن سلمان”، تهاوت أسعار النفط في الأسواق العالمية إلى ما دون 40 دولاراً للبرميل خاصة بعدما أشار الى أن المملكة لن تُخفِّض أو تُوقف إنتاجها النفطي إلا إذا أقدمت الدول المصدر الرئيسية الأخرى على الخطوة نفسها. ويرى الخبراء الإقتصاديون أن التصريحات التي أدلى بها ولي ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان” تُعتبر تحدياً مباشراً لإيران وروسيا.
إذن تمضي الرياض قُدماً في سياساتها المبنية على الكيدية والبعيدة عن مصالح الشعوب. فالمجتمع السعودي يعاني من سياسات دولته. فيما السوق النفطية بأسرها، أصبحت ضحية سياسات الرياض العنجهية. أما اليوم، فإن المسؤولين السعوديين أخذوا على عاتقهم الإعلان عن عدم حاجتهم للنفط في المستقبل والبدء في البحث عن بدائل. وهو الأمر الذي لا يمكن أن تكون نتائجه محسومة، بسبب علاقته بسياسات الدول الأخرى، الإقليمية والعالمية، والتي لم تعد تتماشى مع أهواء الرياض.